الأشباح على الشاشــة
[rtl]عندما رأيت أن « الحاسوب » في القسم يمكن أن يجلب الفائدة الكبيرة في المتابعة و التحصيل لدى التلاميذ و أنه يمكن أن يعوض بعض الوسائل التعليمية المتداولة و يساهم بشكل فعال في تقديم بعض الدروس و البرامج مع ربح الوقت و المتعة في آن ، حينئذ قلت في نفسي أنه لا بد من استخدامه و استغلاله أحسن الاستغلال راكبا الموجة الرقمية بكل ما تحمل من مخاطر و مفاجآت . فلم أتردد لحظة واحدة و عقدت العزم على تحديث الممارسة الصفية وفقا لهذه الرؤية مما جعلني أزداد تعلقا بالحاسوب الذي سوف أتحدث عنه اليوم و لقد كبر رهانه في عيني إلى حد لا يصدق .. فهل سأربح الرهان ..؟!
[/rtl]
[rtl]من عجائب القدر أن يستقر قرار الحاسوب في نهاية المطاف ، بعد سلسة من المفاوضات و الأحداث المؤسفة ، على اختيار القسم و ليس قاعة الاعلاميات التي كانت وفق تصور الادارة أكثر جاذبية و انسجاما ، و لكن السياسة التربوية كانت قاصرة بعدما أدركت أن التكوين الذاتي أو المستمر في مجال الاعلاميات هو أمر مستعجل و غير محسوب بتاتا أهدافه غامضة . كما أنه لا يوجد هنالك حقا ما يشجع من أجله إدماج « تكنولوجية حديثة » في التدريس ما دام الكل كان بعيدا منذ فترة عن هذا الموضوع الجديد / القديم : عالم السييرنطيقا و الافتراضية . فما كان علي إلا أن أخوض لوحدي هذه التجربة المليئة بالأحدات كما قلت ..، لكنها مصحوبة ببعض التصرفات غير المقبولة من قبل الادارة والتي كانت محل استغراب و سخرية .. أتمنى أن أكون مخطئا في ذلك .
[/rtl]
[rtl]انطلقت تجربتي مع الحاسوب كمكون أساسي في عملية التدريس منذ شهر مارس الماضي 2013 ، و هي تجربة محتشمة في البداية كان بطلها هاتف نقال ذكي . غير أن الأمر عرف تقدما ملموسا و قفزة نوعية عندما بدأنا نتربص بحاسوب المدرسة و معداته من تلفاز ، و من شاشة و مسلاط ضوء ، الخ . كان بودي ان أصف لكم مدى الفرحة التي عمت في القسم و إعجاب التلاميذ بالتلفزة و حينما كنا نقبض الفأرة بأعجوبة فتظهر لنا « الصورة » و « الحدث » في سحرهما و تجلياتهما ؛ أعتذر ، هنا ، عن الحديث الجميل الحاصل بلا ريب في القسم بمعية التلاميذ و في حضرة الحاسوب و فضائله و كيف تم استقبال هذا الضيف الجديد من طرف الاطفال الصغار الذين ، اعتقادا منا ، كنا نقلل من قدرتهم الاستيعابية و أنهم غير قادرين على الانخراط في عالم التكنولوجية الرقمية . هذا غير صحيح إلى حد ما .. مادام البعد التفاعلي الهام في العملية كما يلزم لا نجد له أثرا لحد الساعة في أقسامنا . و لهذا الحديث أيضا .. شجون ! على أي حال ، و أنا أخوض هذه التجربة الفريدة على الأقل في مؤسستنا ، لم أكن أرغب في ان يُحكَم على أخلاقيا أو أكون عرضة للضحك . لذا ، كان من الضروري التشبت بالمشروع و الدفع به إلى الأمام مهما كانت النتائج فالتصقت بمشروعي كأنه أعز ما أملك . لكن للآسف الشديد ، تابعت سيري حتى وصلت إلى الباب المسدود . كانت الصدمة قوية : اتهمت بالسرقة : ( تهريب) مسلاط الضوء Data Chow . مجرد افتراء .
[/rtl]
[rtl] ماذا يعني كل هذا ؟ هذا غير صحيح . شعرت بعدم ارتياح إزاء الجميع و ندمت على إقدامي اتجاه هؤلاء التلاميذ الذين لا يعلمون ماذا يدبر خلف الكواليس . من المؤكد أن هذا الشعور بالواجب لن يدوم طويلا مآله الاحباط في ظل رد الفعل و الفعل المضاد و التشنجات و الأحكام المسبقة . لم تقف الادارة عند الحد مع الآسف الشديد ، بل التجأت إلى منطق القانون فأصدرت في حقي « الانقطاع عن العمل » الذي هو انقطاع به شطط في استعمال السلطة و مس بالكرامة و تحطيم للمعنويات ( من 17 يونيو 2013 إلى 27 منه) . و حال المدرسة كما نرى يكاد ينطق ، طويت الصحف و جفت الاقلام . هل أخطأت في التقدير ؟ لكن الضربة كانت قوية و موجعة .. كنت أعتقد أنني أخالط رجلا يتفهم قضيتنا جميعا و يقدم لنا أسباب النجاح . و لكنني أخطأت الحساب . كان الأمر صفقة عمل مدبرة بوعي أو بغير وعي . أتوقع أني لا أعمل ليل نهار فقط و لكن عملي يمتد بكل صدق إلى اللاوعي و الأحلام . فإذا كان العمل هو آخر رذيلة تبقت لنا كما يقال ، فلنتذكر بتلك الايام التي كنا فيها نؤمن بالمستقبل و يتحمل بعضنا البعض . لا أجد في هذا رومانسية عالية . فقط الاعتدال و الاحترام . للادارة دائما .. رأي أخر ! أتمنى أن يكون على صواب .
[/rtl]
[rtl]هدأت العاصفة كالمعتاد.. بدون خسارة تذكر . كان مصير الكتابة هو الاهمال بعدما تبين للقائمين زيف القضية و لعبة المصيدة . و لم يبق لي إذاك سوى إنقاذ مشروعي الكبير من الضياع لكي أمشي و أنا أحمل حاسوبي على كتفي من جديد . إن كل هذه التربصات و المناولات السابقة في الشهور الثلاث الاخيرة من السنة لم تكن في الواقع إلا محض أوهام و حسابات مغلوطة . لأنه لا يمكن للادارة أن تحتمل نزق البيداغوجية رغم مناشدتها للاصلاح و التغيير في بعض الأوقات فهي كاذبة او عاجزة ؛ و تشعر بالضيق و الخوف و الحرج كلما كان هنالك حديث عن الوسائل و المعدات و الميزانية و البنية المدرسية و دفاتر الصرف الحساب و غير ذلك من المهام الروتينية البيروقراطية الضيقة التي تتقنها . أما البيداغوجية فهذا حديث مطلسم غير قابل للنقاش ! فلا أعرف لماذا كلفت الدولة نفسها كل هذا العناء في تأثيت الفضاء المدرسي بالحواسب ثم أقفلت الباب . فمتى يفتح الباب للتصدي للمشاكل الحقيقية و تكوين الأشخاص في القيادة ؟؟ سأقوم بالطبع بكل ما في وسعي من أجل استرجاع حاسوبي الضائع . سأكتب رسالة في الموضوع إلى السيد مفتش المقاطعة أخبره عن كل تفاصيل القضية .
[/rtl]
[rtl]لا توجد مشكلة عندي في العموم . فأنا أمتلك حاسوبا و شاشة صغيرة أتيت بها من البيت و لكن أود الظفر بما هو أكبر من ذلك ، أريد شاشة حائطية بحروف بارزة أعدت للمشاهدين القراء .. بالصوت و الصورة . فهل يمكن تحقيق هذا الأمر في غياب المسلاط الضوئي Data Chow أو ما شابه ذلك ؟ ألا يمكن أن نعتبر أن التعويل على التكنولوجية الحديثة في التدريس إنما هو مضيعة للوقت – كما يعتقد البعض – و عمل غير موفق قد يؤدي إلى نتائج عكسية . هل من الضروري المرور بصفة دائمة و مستمرة على بوابة الانترنيت و تخصيص دروس رقمية في جميع الحالات و المواد المدرسة بلا تمييز؟ كل هذه الأسئلة الحرجة و اخرى و كذا التخوفات المشروعة قد تم مناقشتها بأسلوب هادئ و بناء مع السيد المفتش الذي زارني ملبيا الدعوة و مقدما أياي النصح و الارشاد و المساعدة و إصلاح ذات البين . أشكره جزيل الشكر لما قدمه لنا من مساعدة .. و أتمنى زيارته مرة أخرى في أخر السنة للوقوف على النتائج المحصل عليها من جراء إدماج التكنولوجية الحديثة البسيطة في مسار التعلم . لحد الساعة فإن الأمور تسير بخير لفئة قليلة من التلاميذ الأقوياء طبعا ، أما التلاميذ الضعفاء فهم يحتاجون للمزيد من الرعاية و الدعم . لقد قيدت نفسي بالاشتغال وفقا لهذا الأساس و المنظور البيداغوجي الجديد على مستوى الوسائل و الادوات لا غير ، واضعا كل الاعتبارات و التحفظات بجانبي و متمسكا في ذات الوقت بالخط الرسمي للبرامج و التوجهات الجاري بها العمل دون مساس . فكيف تم ذلك ؟
[/rtl]
[rtl]أولا ، فحينما نقارن الصور اللفظية الأكثر تجريدا و ربما غموضا ، أو عملية التفكير التقليدية من خلال اللغة و الكلمات ، فإننا نجد أن « الصورة » تتيح للتلاميذ طبيعة اكثر حرية و مرونة لتكوين الأفكار الجديدة ، طبيعة مجسدة ، أي ترتبط بالواقع و أحداثه و أشخاصه و تفاصيله مما يساعد التلاميذ على التعبير عن ذواتهم و التواصل مع غيرهم و كذا التغلب نسبيا على فهم المقروء و المعنى . إن التفكير البصري وسيلة مهمة لجعل الافكار و المفاهيم مرئية ، و هي كذالك إحدى الادوات المعرفية الأساسية التي يمكن أن يستخدمها الممارس للوصول إلى معظم الأداءات التعلمية المطروحة في الكراسة . من خلال هذا الطرح ، لا بد من الكشف عن الطاقات الابداعية داخل مجموعات الضغط لتصحيح المسار . لأنه من الصعب جدا البحث عن المعلومات باستخدام محركات البحث في المدرسة و السبب في ذلك يرجع إلى عدم أداء المستحقات . جميع المدارس و الثانويات تعيش الآن حالة من الفوضى و الترقب لإصلاح العطب على مستوى الربط بشبكة الانترنيت ( انظروا إلى حالة مسك النقط ؟؟ ) . هناك تجديد لا يمكن نكرانه و لكن مفهوم « الحداثة » كما يقول بعض المفكرين العرب هو : التجديد الواعي . في غياب البعد الاستراتيجي المضطرب دوما بفعل السياسات الحكومية المتعاقبة غير المتبصرة ، فإنه يتم القفز هكذا على هذا «الوعي » و تبقى دار لقمان على حالها . [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]ثم كانت مادة « القراءة » التي أوحت لي بأسلوبي حول القراءة الالكترونية ، أسلوب يمكنني من خلاله أن أهندس النص القرائي حسب هندسة خاصة ، و أكتفي بنص واحد طيلة الوحدة الديداكتيكة ، أو فقرة بشكل سريع على الشاشة ، و يكون هذا النص عاملا مساعدا في عمليات تحديد قواعد تعلم اللغة الفرنسية التي تظل دائما لغة مستعصية و مغلقة . بالفعل فإن الحاسوب يقدم هنا هامشا مهما للتحرك و المناورة في فنون التقنيات ( ألوان ، حروف مختلفة ، صور معبرة ، تكبير الحجم ، تخزين المادة ، الخ) . و يختلف هذا النوع من التدرب على القراءة عبر الشاشة الذي يقوم على أساس شكل من أشكال الفرجة المطلوبة لدى الصغار ، فيما يشبه المفاجأة أو الاكتشاف النص لأول مرة . و عندما يعود الطفل إلى بيته يقوم بتعزيز هذا الرصيد و تتم ملاحقته بلا هوادة من خلال المراجعة الدائمة المثبتة في ذاكرة الحاسوب.
[/rtl]
[rtl]على مستوى آخر – إذن – التحضير الالكتروني للدرس هو مفتاح نجاح المشروع . فالدرس ينبغي ان يحدث في جهاز الكمبيوتر العجيب . و هو ينبغي أن يحتوي كذلك على موارد رقمية ( مثل الاقراص المدمجة الموزعة مؤخرا – برنامج GENIE 2013 ) و برامج ذكية أخرى . الامر هنا قريب من الخيال كمعجزة و كقوة إضافية تحررية من المعاناة اليومية و الرتابة و الارهاق فيما يتعلق بتدبير القسم و إعداد الدروس التقليدية . قد يكون الامر مخيفا منذرا بالكارثة ، أي درسا عجائبيا ( أو غير مقبول رسميا ) ، و قد يكون درسا شيقا متفائلا محققا للأمنيات ، أي درسا حداثيا..!! ثم ماذا يعني أن تغرد خارج السرب .. ؟ أليس هناك مشروع أقوى من هذا المشروع ؟ ألم تكن بيداغوجية الادماج فيما مضى مشروعا عظيما .. فقد بريقه في لحظة من اللحظات ؟ و اين اختفى مشروع المؤسسة الذي عاد للظهور من جديد في حلة جديدة معززا بترسانة من القوانين و التكوينات من كل نوع .
[/rtl]
[rtl]نعم ، المهم هو أول خطوة ، هو فتح اوراش الاصلاح بكل جدية مستفيدين من تجارب الغير الذين سبقونا في هذا الميدان . لقد اطلعنا مؤخرا على مشروع دعم تدبير المؤسسات التعليمية PAGESM ( مؤازرة كندا ) الذي يقضي بإرساء مفهوم « مشروع المؤسسة » و كل ما يتعلق بالأمور اللوجيستكية للعملية التعليمية وإنجاح تدبير المؤسسسة عوض مفهوم إدارة « المدرسة » كما هو معروف . المؤسسة لا تعني المدرسة التي يظل وجودها قائم بدون مشروع يضفي عليها طابع المشروعية . وجود المؤسسة قائم على « المشروع » من حيث استشراف الواقع و الانفتاح على المحيط و اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الصعوبات . حسب الاستراتيجية الوطنية لتعميم مشروع المؤسسة ، « يعتبر مشروع المؤسسة الإطار المنهجي لتوجيه جهود جميع الجهات الفاعلة.. و أيضا يعد آلية عملية ضرورية لتنظيم وتنفيذ وإدارة العمليات المختلفة في التدبير و البيداغوجية لتحسين نوعية التعلمات وتنفيذ السياسات البيداغوجية الخاصة بكل مؤسسة مدرسية على حدة مع الأخذ في الاعتبار خصوصياتها ومتطلبات انفتاحها على محيطها » مذكرة 125 شتنبر 2011 . من المؤكد أن هذه الاستراتيجية الوطنية الهادفة إلى إعادة الثقة في المدرسة العمومية أن تبعث الروح من جديد و تؤسس نقطة انطلاق حقيقية للفعل التعلمي و التعليمي و ذلك بتفعيل مبادئ العقلانيىة و الشفافية و الديمقراطية و ترسيخ اللامركزية و اللاتمركز . فما علينا إلا توحيد الصفوف و التصالح مع الذات لكي ننخرط في المشروع و إنجاحه . هناك على الأقل أربعة رهانات و تحديات للمشروع يجب التصدي لها :
[/rtl]
[rtl]1) – التجنيد حول مشروع المؤسسة : لقد أكدت التجربة على أن مشروع المؤسسة هو أسلوب عمل منبثق أكثر من الوسط و ليس من وثيقة إدارية . [/rtl]
[rtl]2) – ظهور مهنة إدارة المؤسسات التعليمية : هذا تحد كبير ينتظر PAGESM بحيث سيركز على التكوين المستمر للمدرسات و المدرسين الذين يديرون حاليا شؤون الادارة ، في انتظار خلق نظام قانوني جديد لإدارة المؤسسة التي تستجيب للمعايير العامة للمقاولة .[/rtl]
[rtl]3) - ظهور مجموعات العمل المهنية : هو نوع من القضاء على العزلة المهنية لمدبري المؤسسة . يعني توسيع فرص اللقاء مع الزملاء الذين يشتغلون في نفس الوظيفة قصد تبادل الخدمات و تقديم المساعدات فيما بينهم . الأمر الذي يسير في اتجاه تغيير العقلية ، و تطوير العمل الجماعي ، و مقاسمة الخبرات .[/rtl]
[rtl]4) – تطوير ثقافة المصاحبة و تطوير الاحترافية : تنكب وزارة التربية الوطنية على تطوير العقليات من أجل خلق ثقافة المواكبة و التمهير العمل المهني . من هم هؤلاء الأشخاص المؤهلين لتقلد هذه الوظائف ؟ كيف يتم تكوينهم ، تعيينهم في المهمة و تدريبهم أثناء فترة المشروع .. ؟[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] 13 يناير 2013 - وادي زم
[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]