ملتقى السماعلة
مرحبا بك بيننا زائرنا الكريم، تفضل بالانضمام الينا
https://smaala.forumactif.com/


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى السماعلة
مرحبا بك بيننا زائرنا الكريم، تفضل بالانضمام الينا
https://smaala.forumactif.com/
ملتقى السماعلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ننهي إلى علم الجميع أن الإشهار خارج عن سيطرة الإدارة
اسالكم الله أن تدعوا بالنصر لأهلنا في غزة

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

التلقين و التعلم ."Transmettre, apprendre" - recension de l'ouvrage de Marie-Claude Blais, Marcel Gauchet et Dominique Ottavi

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

مبشور

مبشور
كبير مشرفي القسم التربوي
كبير مشرفي القسم التربوي

" التلقين ، التعلم " - استعراض أعمال ماري كلود بليس، مارسيل جوشيه ودومينيك أوتافي
Marie-Claude Blais, Marcel Gauchet et Dominique Ottavi


بعد من أجل فلسفة سياسية للتربية (2002) وشروط التربية (2008) ، ينشر ماري كلود بليس ، ومارسيل جوشيه ودومينيك Ottavi  عملهم الثالث المشترك ، الذي سوف يعمق عملا عظيما لغرض التفكير في التربية  في العصر الحديث ، و الذي يجب الاعتراف  بأهميته و بوجوده .

هذا الكتاب ، بعنوان التلقين و التعلم ، المدرج في حلقة دراسية لمدة سنتين في إعدادية بيرنارداين ، يقترح بتكثيف هذين الفعلين الاثنين وعلاقتهما في " المشكل الفكري " لمدرسة اليوم .  " التقلين" transmettre يشير هنا بصفة عامة إلى العملية التي تكمن في ضمان نقل بعض المكتسبات من جيل إلى آخر، و إرث الماضي ، وتحديدا مجموعة من الرموز والمعارف ، القصد أولا هو التلقي : التربية منظورا إليها من وجهة نظر التقليدانية . " التعلم "، من جانبه ، يشير عكس ذلك إلى فعل التعلم باعتبار وجهة الفاعل الذي يتعلم ، ويشير بداية في الكتاب إلى بعض المفاهيم وتوجهات التعليم التي تركزعلى البناء الذاتي الفردي للمعارف ، و ترفض فكرة الانطباع . التلقين في مقابل التعلم ، هو ذا المعنى الأول من العنوان . ولكن ما يسعى الكتاب في نهاية المطاف إلى إقامته ، هو ضرورة التفكير معا في هذين البعدين من التربية الانسانية ، و إعادة النظر في علاقتهما الأساسية ، مع الاشارة مرة واحدة للفشل النظري والعملي لمعارضتهما من جانب واحد . وفي هذا الصدد ، فإن هذين المصطلحين يكثفان " المشكل الفكري " للمدرسة اليوم ، وأيضا ، بطريقة أو بأخرى ، سبل حلهما .

مشكلة التحليل أولا : الأزمة الحالية للمؤسسة التعليمية يمكن تفسيرها من خلال الحقيقة أن لو كان عالم التلقين" مات و قد مات تماما "، فإن عالم التعلم الذي خلفه ، على الرغم من نواياه وانتصاره ، لم يستطيع إلى حد الآن إنشاء مدرسة محفزة ، فعالة ونزيهة . عالم التلقين هو عالم ميت ، ولكن ليس التلقين في حد ذاته (و لا واقعيته ، و ضرورته) ، وعالم التعلم يهيمن لكن لا يفي بوعوده و يئس ، مبرهنا في ذلك على ضعفه ( من حيث الفعل والحكم ) . و كما نعلم فهذا صحيح في المدارس ، ولكن واحدة من فوائد الكتاب هو محاولة الفهم لهذه الظواهر في خلفية أوسع من ذلك بكثير . أزمة المدرسة لا ترجع في المقام الأول إلى الأخطاء التربوية في السنوات الثلاثين الماضية ، ولكن إلى اتجاهات أكثرعمقا تشتغل على الحداثة منذ بداياتها والتي سيتم تحديثها بشكل كامل في النصف الثاني من القرن العشرين : الانتقال " النهائي" ولكن هناك إشكالية من " مجتمع التقاليد " إلى " مجتمع المعرفة " . ثم هناك مشكلة المنظور : ما يدل أيضا على هذه الأزمة - الانتصار المتناقض للتعلم ، المثابرة او الاصرار المكبوت للتلقين - ، كلنا في حاجة إلى إعادة النظر في كل هذه الأبعاد غير القابلة للاختزال واحدة تلو الاخرى للتربية الانسانية وتحثنا في هذا إلى ايجاد وسائل و أدوات  لمفصلتها إجرائيا . إنها تسمح برسم الخطوط العريضة لبرنامج نظري وعملي لتجديد المؤسسة المدرسية و البيداغوجية التي تقتضيها . هذا "المشكل الفكري" للمدرسة يطرح من خلال خمسة أجزاء سلسلة من الإضاءة من عدة زوايا و بؤر، التي تجعل من هذا العمل ثروة في عدة مناحي ، والذي نود الآن تقديم أهم أبعاده في عيوننا . يتمفصل فيه بالفعل مقاربة تاريخية و أنثروبولوجية في نطاق واسع ، ومقاربة أكثر سوسيولوجية للظروف المعاصرة للتربية (دور الأسر و الحضور الوازن للأشكال " النموذجية "، تكنولوجيات حديثة) ، وعناصر لـ التاريخ الفكري الخاص بالأفكار التربوية في القرن العشرين ، و أخيرا ، تفكير فلسفي إيبستيمولوجي ، مفاهيمي و ظاهراتي  حول طبيعة التعلم . سوف نركز بشكل أساسي  على الأول والأخير .


مفارقة تحديث المدرسة
يبدأ الكتاب بتحليل لجذور التحول العميق الذي عرفته الأنظمة التربوية منذ السبعينات 70، التحليل الذي إطاره العام هو تحليل لجزء من تاريخ " الحداثة "، منظورا إليه أساسا كسيرورة طويلة في آن واحد سوسيوـ سياسيا و إيبستيميا (معرفيا) " ضد التقليدانية " و " الفردانية " : على هذا النحو ،  التلقين ، و التعلم يتموضع بوضوح في استمرارية عمل مارسيل جوشيه الذي ، منذ خيبة الأمل من العالم (1985) ، طور تحليلا موسعا ومعقدا للحداثة مفاده " الخروج من الدين " و قدوم - إشكالية - عالم حيث يتطلع فيه الناس إلى الحكم بأنفسهم . في هذا الإطار، ولادة وتطور المدرسة الحديثة كُتِبت بخطوط عريضة تنشدان " تسوية " تاريخية ، غير مستقرة ولكنها مقاوِمة دائما ، بين رغبة واضحة في بناء نظام تعليمي جديد مُكَوِّنا أفراد مستقلين يعتنقون العقلانية المنهجية و النقد ، و الحفاظ الضمني لمتطلبات التقاليد وسلطة الماضي ، من خلال المضامين المُدرَّسة وأساليب التدريس . في العمق ، لقد كانت المدرسة حتى أواخر القرن العشرين المؤسسة الحديثة المتناقضة التي ،  بتعزيزها و الرفع من منزلة الأفكار الحديثة للمعرفة المنهجية والفرد العقلاني ، " كانت تصل حتى في الحداثة المتقدمة إلى روح المجتمعات التقليدية القديمة " : " التعلم " و" التلقين  " يتمفصلان بطريقة أو بأخرى . انطلاقا من السبعينات 70، هذه التسوية سوف تنفك و" تتلاشى نهائيا "، لفائدة الاتجاه الحديث حصريا ، متبثين بذلك  قدوم " مجتمع المعرفة " متحررا بدءا من الآن من " المجتمع التقليدي" . أصبحت المدرسة في أوائل القرن العشرين ، مع تطوير " بيداغوجيات جديدة " و " التربية التقدمية "، موضوعا للنقد السياسي والتقاني ، و تحت الضغط بشكل عام لموجة جديدة من الفردانية الديمقراطية ، ان المدرسة الحديثة ، التي كانت في الواقع ولا يزال لحد الساعة " تقليدية " في العمق في روحها و ممارساتها ، انتهت في الأخير إلى تغيير النموذج الارشادي : المأمورية الرئيسية للمدرسة ، الآن ، لن تكون أبدا الضمان الأول للتنشئة الاجتماعية عن طرق تكريس الماضي ، إرث الذاكرة الاجتماعية ، ولكن المساهمة في تطوير الأفراد ، و لهذا  السبب فإن " فعل التعلم غلب على طريقة التلقين المحكومة بالتخلف و التراجع ، سواء من وجهة نظر السياسيين أو نظرتها في اكتساب المعرفة ".

ولكن الأطروحة الأصلية  للتلقين ، التعلم يكمن في تسليط الضوء على المفارقة لهذا الانتصار من الأفكار الحديثة للتربية و" قدسية المتعلم" التي تلازمه ، انتصار خادع بحيث يحاول معظم الكتاب عرض حدوده : ما تكشفه و تعنيه " الأزمة " المستمرة للمدرسة المعاصرة ، في مختلف جوانبها، هو أنه في النهاية فشل واضح ، وإلى حد ما لا مفر منه ، للمؤسسة التربوية التي تسعى جاهدة للقضاء ، ولكن دون جدوى ، على أي بعد لـ " التلقين " . من جهة ، أربعون سنة من بعد منعطف السبعينات 70 ، لا بد من  مواجهة الحقائق : تُظهرالحقائق التي ، على عكس الأهداف التي رسمتها وعلى الرغم من الإصلاحات المتعاقبة الموضوعة للتنفيد ، فإن المدرسة لم تتمكن لا من إعادة تجنيد فاعليها و لا أن تعيد إعطاء معنى لمحتوياتها المدرسية ، ولا أن تقضي بفعالية على الفشل الدراسي ، و بالأخص عدم القدرة على الحد من عدم مساواة التمدرس و نتائجها فيما يعود للاستنساخ الاجتماعي . لتفسير هذا التناقض ، يشير الكتاب بحق إلى الواقع الثابت والمستمر وأهمية الميكانيزمات غير الرسمية وغير المرئية  للتلقين التي ، حتى نقول ذلك أبعدت من المدرسة ، لا تزال تنتج مع ذلك آثارها على الأجيال الشابة ، و خاصة بطريقة أكثر قوة مما جعل النظام المدرسي ينصرف رسميا عنها : في إطار الأسرة على وجه الخصوص ، ولكن أيضا من خلال وسائل الإعلام العلاقات بين الأقران ، سلسلة كاملة من التلقينات " السرية " تشتغل ، على  المستويات النفسية ، الأخلاقية والمعرفية ، خارجة عن سيطرة المؤسسة ولكن محددة على نطاق واسع ، عملياتها الخاصة .  وهكذا ، فإذا كان التلقين قد استبعد بطريقة أو بأخرى من المدرسة ، فإن هذا الأمر لم يحدث في المجتمع نفسه : و النتيجة هي أن المدرسة نفسها حرمت من وسائل للعمل على هذه المحددات الاجتماعية و التباينات و الفروقات التي تميزها : " و بالتالي ، إذا فشلت المدرسة  في تقليص الفوارق ، فلأنها تعثرت أمام قوة و صلابة التلقين غير النظامي (...) الذي يؤثر بخاصة على أداءات التلاميذ بحيث يتم التركيز على طرقهم الفردية ". من هنا ينجم الردب المؤلم و الارتباك الشديد الذي تتواجد فيه الآن ، دون أن تكون تماما على علم . ولكن ما يدافع عنه الكتاب من جانب آخر هو أن هذا الاستمرار للواقع يشهد ، بشكل عميق ، للضرورة الأنثروبولوجية للتلقين والتي ، في هذا المعنى ، لا يمكن الاستغناء عنها أو القضاء عليها في التربية الانسانية  لفائدة نشاط واحد للتعلم صمم ليكون بناءا فرديا ذاتيا : لأن الإنسان بحد ذاته هو كائن من الثقافة والتاريخ ، كائن بالميراث ، فإنه لا يمكن أن يبنى ذاته على انفراد ويتوجه نحو المستقبل من غير اتصال بالماضي الجماعي ، لـ " أسبقية " اجتماعية يجب ان يتبناها لكي يجد ذاته . وهذا يعني أيضا ، على ما يبدو، أن عملية " الحداثة " في حد ذاتها لا يمكن أن تتحقق تماما ، بقايا من " التقليد " – وبالتالي من " الدين " ؟ - يبدوان  متعذرين إستئصالهما من العلاقات الإنسانية ، بحيث ان المهمة التربوية ، و ان لا أحد حتى الآن لم يجرؤ على إعلان أن الزمن قد عفا عنها ، تؤسس بمعنى من المعاني النواة الصلبة .


معنى التعلم
هذا التفسير التاريخي للحالة الحرجة للمدرسة المعاصرة أدى بمؤلفي الكتاب إلى رغبة إعادة على هذا الأساس طرح قضية التربية المدرسية ، من خلال تحليل أساسي فيما يكمن وماذا يعني أن " نتعلم" ، تحليل يعطي للكتاب كثافة فلسفية و أيضا بعدا برمجيا : " إعادة الكل من جديد ، بدءا من المعارضة المفترضة بين نشاط التلميذ وتلقين المعرفة ". الجزء الرابع من الكتاب على وجه الخصوص ، فضلا عن الفصل المخصص للمعلمين والتلاميذ ، يهتم بتطوير مقاربة في آن واحد ظاهراتية ، إيبستيمولوجية و مفاهيمية ، و التي تؤدي إلى إقامة تكامل من حيث الواقع و المبدأ بين التعلم و التلقين . كيف تقدم فعلا المعرفة للطفل ، مثل ما هو عليه في المضامين الدراسية من الأكثر بساطة و تسهيلا إلى الأكثر تعقيدا ، هذه هي نقطة الانطلاق والقضية الرئيسية للجزء الرابع من الكتاب تحت عنوان « من أجل ظاهراتية التعلم »« Pour une phénoménologie de l’apprendre »

ما يستنتج عامة من هذا التحليل ، هو أن الطبيعة " المُقاوِمَةُ " للموضوع الذي نجري من ورائه - المعارف المتوافرة في المدرسة – تجعل من فعل التعلم نفسه " صعب " ، في الواقع تجربة " متفردة "  لن تنطلق هكذا كأمر مسلم به ، في سير متقطع اتجاه التجربة الطبيعية للطفل : " هذا الموضوع لا يخضع في انضباط و تلقائية لمنطق التملك الشخصي .  فهو يتحدى هذا المنطق بل يعارضه. "  غير أن هذا  يَستبعد من حيث المبدأ إمكانية تعلم هذه الأشياء بشكل طبيعي في حد ذاتها ولذاتها - فكرة البناء الذاتي للمعرفة من قبل التلميذ - ويظهر بدلا من ذلك الضرورة الحاسمة و الملحة لفعل التلقين . إن الظاهراتية للتعلم تشير فعلا إلى الملامح الرئيسية التي تجعل من الصعوبة بمكان إدخال الفرد في عالم المعرفة ، الملامح والصعوبات التي أدت بالتصور الحديث للمعرفة (تأكيد صدارة الفرد العارف ) والنظرية البيداغوجية السائدة في القرن العشرين (وخصوصا نظرية جان بياجيه) إلى إهمالها أو حتى إلى قمعها . تعلم القراءة ، و تعلم الكتابة والعد ، كما في وقت لاحق ، تعلم حقول التخصصات الدراسية (الفيزياء ، والتاريخ ، والجغرافيا ، وغيرها ) ، يعني في كل مرة محاولة اختراق مجموعات شمولية مُشَكَّلة مسبقا ، عبارة عن" متاهات " من المعاني المترسبة ، التي تُقَدَّمُ في بداية الأمر بالضرورة إلى الفرد الذي يعالجها مجردة بغرابة ،  مصطنعة و حتى" باطنية " و التي تستدعي من جانبها شكلا من أشكال الازاحة عن المركز مقارنة مع باقي تجربته الشخصية – هذه المجموعات الشمولية لا تفرز المعنى على الفور : " التعلم ، هو وجوب الدخول في منظومة من المعاني المتماسكة و يلزم القدرة على امتلاكها في لمحة من البصر– لأنها منسجمة ، بالتحديد ، وأن هذا البعد الكلي أو النظرة العامة هي التي تمنحها إمكانيتها. وبالتالي أي ولوج من هذا النوع ينتهي عند الحائزين  بفتور الهمة بأن الدخول مستحيل . الجزء الذي أمسكنا به ضئيل و الكل بعيد المنال . لما نصل عند سفح القلعة ، فإنها تبدو منيعة . " لن أتمكن أبدا ": هذا الانطباع الصراعي الميئوس منه هو هيكلي . سببه لا يعتمد على السيكولوجيا الفردية ، ولكن يعود لطبيعة المهمة . " وهكذا ، التعلم ( المدرسي بخاصة ، ولكن ليس فقط ) يكمن بالضرورة ، يمكننا قول ذلك ، في تجربة شكل من أشكال " التعالي transcendance  " ، أشكال موضوعات المعرفة التي يجب أن تكون ، إذا كنت تريد أن تتعلمها ، قادرا على المكابدة و تحمل الموضوعية - عواملها الخارجية ، و سوابقها ، و حقيقتها و شموليتها غير قابلة للحجز أو الادرك تماما - ، و أشياء و موضوعات التي يتم استبعادها إذاً مسبقا من أن الفرد يستطيع بناءها على الفور وبشكل كامل من طرفه بالذات . اللغة ، بامتياز ، تمثل مثل هذا الموضوع المتعالي ، باعتبار أنها تسبق و تتجاوز الفرد المتكلم ، الذي يجب أن يستقبلها أولا و يندمج فيها  ليتحدث بها بنفسه بصيغة المتكلم ، الأمر الذي لم يحصل بعد في أي مكان بالمعنى الدقيق للكلمة " نحن لم ننته بعد من تعلم الكلام أبدا ".  ولكن ما هو صحيح في اللغة المحكية هو صحيح أيضا ، في أشكال مختلفة وبدرجات متفاوتة ، في كل موضوع  خاضع للتعلم ، سواء كان ذلك معارف الفعل الخاصة بالحرف أو كذلك عالم الرموز المكتوبة ، الذي يعتبر المجال المميز للتربية المدرسية . و لهذا السبب يتضح في كل مرة ضرورة الوساطة التوجيهية ، نوع معين من  التدريبات ، شكل من التلقين : " فهو في حاجة إلى من يقود ..للعبور .. الذين يبنون قنطرة مع تلك الضفة الاخرى التي تبدو متعذرة البلوغ . يجب القدرة على الاعتماد على المتواطئين الذين يجلبون لك على حد سواء السلامة بسبب سيطرتهم على نقطة النهاية وفهم الطرق و المسلكيات . " لكي يتحقق التعلم وحتى يكون الفرد" نشطا " في تعلمه ، فإنه يجب أولا أن يكون مدعما و مصاحَبا من طرف " معلم " قادر على ايجاد الأدوات و الوسائل للتقديم بداخل الأشياء والحقول والتي على خلاف ذلك تبقى غريبة إلى حد كبير ، و قادر من أن يجعل من التلميذ يتمتع و يستفيد من السهولة الشخصية التي كانت لديه ، وبنفس الطريقة ، مكتسبة .  التلقين ، حسب هذا المعنى ، ليس هو غرس في الذهن بطريقة سلطوية مضامين و محتويات  موحد مرة واحدة وإلى الأبد لتقليد مقدس ، والكتاب يصر على أن لا نخلط بين فكرة التلقين مع الأنماط الخاصة التي تبنتها في التاريخ . التلقين هنا ، هو أولا التغلب على صعوبة التعلم ، هو انعتاق و تحرير المقدرة على التعلم من خلال التنظيم بحدق و بمهارة استدخال في العالم مواضيع المعرفة ، و جعلها مألوفة تدريجيا . و هكذا في حالة من الفهم الجديد فإن التلقين والتعلم لا يتعارضان فيما بينهما في الواقع كثيرا ، تحالف جديد بينهما يمكن تصوره ، و بيداغوجية جديدة يمكن تخيلها ، هذا هو الاتجاه العام الذي يشير إليه الكتاب - إمكانية وتسهيل فعل التعلم : " هدفها الاستراتيجي هو بناء التدرجات المساعدة للتغلب على الفجوة الهيكلية الموجودة بين المعنى العام و الطبيعة المجزأة لا محالة للمكتسبات . هذا هو معنى " التلقين ". مهمة صعبة للغاية التي تكمن في إيجاد ترتيبات للمراحل التي تعطي فكرة شاملة للمجال المعني في حدود المعرفة المجزأة . لأنه على هذا التوتر الداخلي ما يتعثر و يصطدم في كل لحظة فعل التعلم . إنه عقبته الدفينة ، إثارته الأصلية للرفض و التخلي : تجعل أن ، كلما تعلمت كثيرا ، كلما أدركت اتساع و مدى ضعفك و ما ينقصك ، و أيضا يحصل لديك الانطباع بالتراجع  كلما تتقدم .

مهمة البيداغوجية هو قلب هذا العامل المثبط إلى عامل دعوة أو نداء ، وذلك بفضل مسارات مصممة تصميما جيدا ، التي تعرف كيف تعطي فكرة للهدف في أي مستوى من المستويات المتواضعة مهما كان الأمر. " هذا الاستنتاج المبرمج لديه الأفضلية في تقديم طريق للخروج من المآزق للنقاش الأبدي بين الأنصار" التقليديين " للمعرفة والتعليم و المروجون " التقدميون " لنشاط التلميذ . لدى المدرسة " التقليدية " ميل في إدراك التلقين كأنه إنطباع  وغرس في الذهن بشكل مستبد لماض غير قابل للتغيير ومقدس ، دونما الاهتمام بمعرفة كيف  لهذه المحتويات قد تكون حقيقة مكتسبة فرديا من طرف أفراد المدرسة : فهي مدعوة للنقد ،  ومن وجهة النظر هاته البيداغوجيات الحديثة و نظريات نمو الطفل في القرن العشرين لهما دور ملائم و شاف يظل في هذا الصدد أمرا مكتسبا . ولكن ، لأن هذه الأخيرة غالبا ما أخطأت أيضا بسبب نظرتها الأحادية ، فإنها تجعل اليوم من " نقد النقد " حاجة ضرورية ، مرحلة جديدة من الفكر التربوي الحديث " خطوة من شأنها مفصلة هذه المصطلحات ، التلقين و التعلم ، المطروحة منذ زمن طويل في عداء الذي أعفى بجدية عن مساءلة المحتوى و المضمون .

إذن فهو كتاب مكثف و مثير يقترحه علينا ماري كلود بليس ، و مارسيل جوشيه ودومينيك اوتافي ، و يستحق ليس فقط إلى أن يُقرأ ولكن أيضا ليستمر و يناقَش من قبل جميع أولئك الذين ، كانوا فلاسفة أم لا، يرغبون في تعزيز التفكير الجماعي للمدرسة اليوم وغدا . على المستوى التحليل التاريخي للحداثة ونتائجها التمدرسية ، الأطروحات هي واضحة و مدعمة بقوة ، ولكن يمكننا مع ذلك من أن نتأسف من عدم وجود مساحة كبيرة مخصصة لمقاربة  سوسيو ـ اقتصادية : و لنقولها بصراحة كل ما يوجد هنا من تفكير كعلامات لـ " الحداثة " و تناقضاتها الداخلية ( " القضاء على التقليدانية " ، و" الفردانية " ، و" خيبة الأمل " ، و حاضر/ مستقبل ، و هيمنة  العقلانية الأداتية ، و فقدان معنى المعارف ، وسلطة وسائل الإعلام ، وما إلى ذلك) أليس هذا له علاقة ، بشكل أساسي ، مع الرأسمالية وتطورها ؟  وبشكل أكثر تحديدا ، لفهم التطور النقدي والحاسم  للأنظمة المدرسية في النصف الثاني من القرن العشرين أليس من الضروري الأخذ بعين الاعتبار أيضا الانتقال إلى " رأسمالية معرفية " التي تدمج بداخلها الحياة الرمزية الإنسانية كلها في منظومة الإنتاج ، نفسها متورطة في الابتكار المستمر والنزعة الاستهلاكية ؟ من جهة أخرى على المستوى فلسفة التربية و نتائجها البيداغوجية ، فإنه يمكننا أن نجد مفرطا في بعض الأحيان التشديد على الجانب " الباطني " و " المتعالي" للمعرفة ، وبالتلازم حول الصعوبة وأسرار فعل التعلم ، في خطر ربما للمجازفة بالتركيب النظري و العملي المبحوث عنه بين الحداثة و التلقين : على نطاق واسع ، إن فكرة " معرفة " ألم يتم تقديمها في الكتاب بطريقة مجردة جدا بعض الشيء ، مركزية و" أثرية " دون أن يكون بما فيه الكفاية توضيحا و تحديدا لمضموناتها لمدرسة اليوم ، ولا الأخذ في الاعتبار بشكل كاف القدرات التي تتمنى تشكيلها ، أي ما يقدر عليه تلاميذ اليوم من اكتسابه بأنفسهم ؟ لا يمكننا مواصلة البحث في هذه القضايا هنا، ولكن ربما أنها ستكون موضوع المناقشة على طاولة مستديرة يوم الثلاثاء 3 يونيو القادم ، تنظيم حول الكتاب بحضور المؤلفين .

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى