ملتقى السماعلة
مرحبا بك بيننا زائرنا الكريم، تفضل بالانضمام الينا
https://smaala.forumactif.com/


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى السماعلة
مرحبا بك بيننا زائرنا الكريم، تفضل بالانضمام الينا
https://smaala.forumactif.com/
ملتقى السماعلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ننهي إلى علم الجميع أن الإشهار خارج عن سيطرة الإدارة
اسالكم الله أن تدعوا بالنصر لأهلنا في غزة

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

لنـربـــي أحســـن . بقلم : Etienne Villas . ( تعريب )

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

مبشور

مبشور
كبير مشرفي القسم التربوي
كبير مشرفي القسم التربوي

لنربــي أحسـن
إتيان فيلاس



ملخص :

تاريخ البيداغوجية تاريخ عجيب . إنه تاريخ السؤال الذي بعث فيها الحياة و لزمها منذ 2500 سنة : كيف نبني الإنسان عن طريق مجهوده الذاتي ؟
انطلاقا من بحثها البيداغوجي و في علوم التربية ، تحاول الكاتبة تبيان عما يشكل اليوم مادة البيداغوجية ، قانونها ، و ميدانها الخاص ، إن الأبحاث الاصيلة للكاتبة تسير في اتجاه مقاصد التربية . فهي تدافع عن الطرح مفاده أن البحث البيداغوجي ، اليوم ، يجب أن يكون معترفا به كمادة مساهمة في علوم التربية . حتى يمكن لإسهامات البحث من إنتاج المعارف المنبثقة من البحث التربوي بشكل أفضل . مدافعة عن هذا الطرح في استناد على التعاريف المقدمة حاليا للبيداغوجية في عالم البحث التربوي، ومقتحمة التاريخ بين الفينة و الأخرى لغرض استجلاء النقص الحاصل في الشرعية التي يعاني منها البيداغوجيون .
حددت البيداغوجية هنا على أنها التنظيم البطيء لنظرية الفعل التربوي Théorie de l’action pédagogique حينما تريد هذه النظرية ان تصبح علما للوسائل متمفصلة نحو هدف تربوي لا يفرض وسائله لكن عكس ذلك يوصي بالإبداع ويفترض الخلق .

باعة اليونانية! باعة اللاتينية ! خدام المدرسة ، كلاب الحراسة !
الظلاميون ، المعلمون ! إنني أكرهكم ، أيها البيداغوجيون !
فيكتور هوغو Victor Hugo ، التأملات ( 1856 )


مقدمـة

يحدثنا دانيال هاملين Daniel Hameline أن الاستعمال الحالي لكلمة « بيداغوجية » (1998 ) a ،ص: 227 ) مقرف و مقلق بسبب التغييرات الدلالية و القيمية الملحقة بهذه الكلمة طوال الوقت جعلت من الكلمة اليوم متصفة بلا حد بتعددية في المعانى والفهم ، بحيث أنها صارت شيئا فشيئا فاقفدة لكل معنى . لمن يرجع هذا السبب ؟ هل للتاريخ ، هل لتطور المدرسة و المعارف العلمية . هل للأسباب السياسية ، أم للأحداث الطارئة كما للمصادفات و الظروف أيضا. هل يرجع لخطأ في الموضوع ذاته ، لفضاء المشاحنات و التصدعات المختارة . إن كلمة بيداغوجية اليوم تملك دائما حدودا أكثر غموضا ، إلى حد أن هذا الغموض جعل يعصف بالبيداغوجية و يلعب بروحها . هل يجب التخلي عنها بكل بساطة ؟ لكن ما هو مصير هذا البيداغوجي إذن ؟ ما هي الوسيلة الذكية لإسكات هذا المنهك المهموم بمعنى الوسائل و الغايات التربوية . و نترك الأبحاث البيداغوجية في حال سبيلها ، من بيستالوزي Pestalozzi إلى ميريو Meirieu ، فمرورا بمونتسوري Montessori ، فدكرولي Decroly ، ففرينيFreinet ، ثم نيل Niel و اخرون ؟ و نواري في التراب ، بالمناسبة ذاتها ، جثمان إشكاليات البحث الراهنة في علوم التربية عندما يتجرأ هؤلاء العمال الذين يشتغلون في البيداغوجية .

ليس باستطاعتنا أن نكون قساة القلب و أعداء التقاليد إلى هذا الحد . إذن يبقى العمل رهن التشارك لكي نوضح أن كلمة " بيداغوجية " Pédagogie تحظى باستعمال حديث العهد في الفكر و في الممارسة التربويين و في التعليم بوجه خاص .
سأكون هنا براكماتية . سأحاول كشف خطوط ما يشكل اليوم مادة البيداغوجية ، قانونها ، وميدانها الخاص ، وخصوصية أبحاثها و ارتباطاتها مع قضية غايات و مقاصد المدرسة . مدافعين عن الطرح كون البحث البيداغوجي من الممكن له ، في الوقت الراهن ، أن ينال اعترافا يستحقه و هو جدير بالاهتمام من جانب علوم التربية . حتى تتمكن إسهاماته لعب الدور الاساسي في تكوين المعلمين ، و في أخذ قرارت تتعلق بإحداث أنظمة تربوية و منتوج معارفي نابع من البحث في التربية . سوف أدافع عن هذه الأطروحة مرتكزة على التعاريف المقدمة حاليا للبيداغوجية في عالم البحث التربوي . و كذلك سنقوم معا بإطلالة على التاريخ في بعض الاحيان . و السبب في ذلك كما قال هاملين ( ص : 227 ) : « أنه يستحيل الفهم الجيد لما يمكن ان تحمله البيداغوجية ايضا للفكر و للممارسة بدون وضع الكلمة و الشيء معا في سياق و صيرورة التاريخ و استخلاص من ذلك بعض العبر »

الرجوع إلى لأصول و تلمسات الفاعليـن

من حيث الاشتقاق اللغوي ، نعرف أن في اليونان ، « paido » [ بايدو] تعني الطفل و أن « paideia » [ بايديا ] يمكن ترجمتها إلى تربية أو ثقافة . ستكون البيداغوجية هو علم التربية . أما « pédagǒgǒs » (1779 )، فإن ديرو يستعمل Diderot ( 1777 ) هذا التعبير مشيرا إلى وظيفة البيداغوجي du pédagogue : » يسمي اللاتينيون و اليونانيون البيداغوجيين بالعبيد les esclaves حيث يتمكن هؤلاء العبيد قيادة أطفالهم إلى أي مكان ، و مراقبتهم و إرجاعهم إلى البيت « .
يذكرنا هذا العود إلى البدء بأن البيداغوجي في منشأه و أصله ، يقود الطفل من فضاء إلى فضاء اخر لكي تتحصل لديه تربية صالحة ، ثم بعد ذلك يقوده ، في سن المراهقة ، إلى المدرسة (skholé ) ، التي تعني » وقت الفراغ » باللاتينية . لكن ، كما أشار إليه ذلك ميشال فابرMichel Fabre (2000 ) ، لا يفهم من هنا ان وقت الفراغ "loisir " يعني الراحة او تلك العطالة أو الترفيه و إنما هو جهد و مقاومة في التفكير . جعل المنظرون اليونانيون للشأن التربوي من المدرسة التي بنوها بمثابة فضاء من واجبه التهيؤ و الاستعداد « لحياة الفراغ » . هكذا ، يكون البيداغوجي في الإغريق القديمة في خدمة الشاب الإغريقي حيث يعده و يكونه تكوينا راقيا و ذا مستوى رفيع .

لنسجل ، أن في هذا العصر ، الكائن الذي يخضع للتربية هو شخص في تحول و تغيير ، هذا الشخص الذي نجده اولا تحت نفوذ البيداغوجي ، ينتقل إلى وسط اخر (mi / lieu). «هل يمكن اعتبار ان هذا الأمر هو فقط من قبيل اللعب بالصورة ؟ سؤال يطرحه دنيال هاملين ( 1998 a) ص:1 ). « ربما أكثر و أعظم » يجيب دانيال هاملين . ثم ، باقتفاء أثر جاك ديريدا Jacques Derrida في نظريته الاستعارية ، فإنه يصرح بكل دقة أن : « الصورة لا حراك فيها فهي ميتة ، بل أن هذه الاستعارة في تغيير الوسط و استبداله تكشف ربما عن بنية في المخيال التي انبنى على أرضيتها الفكر الغربي في التربية ». فهذه الفكرة المرتبطة بتغيير الوسط ، و في قيادة سلوك ما ، تمنعنا ، ربما ، أن نتلمس الأشياء بشكل مختلف و مغاير . يستحضر دانيال هاملين أن بعض اللغات الافريقية لا يوجد لديها ما يعادل كلمة " بيداغوجية " . و يضيف : « ها نحن في حالة تأهب قصوى إزاء وسطنا المشترك مندهشين على الأرجح إن لم يقل الكوني حسب اعتقادنا في ذلك »

ها نحن في حالة تأهب قصوى . لكن هذا الإطار – أو هذا الاستغلاق للفكر الغربي – يمتاز رغم ذلك بخصلة واضحة كل الوضوح : تسمح لنا بالبقاء هنا ملتصقين لكي نستوعب الضغوطات التي تلتصق بالحوار الحالي للتربية و للمدرسة و للبيداغوجية في حضارتنا الغربية . و هنالك يتكشف لنا أن تقلب زماننا الحداثي المتعلق بمقاصد التربية ليس أبدا جديدا كل هذه الجدة . كما عمل على توضيحه كل من كوتية كليرمون Gauthier Clermont و موريس طارديفMaurice Tardif (1996 ) ، فهذا التقلب يكاد يشبه قطرتين من الماء مقارنة مع حيرة و قلق هذا الزمان الذي يقف حاضرا في بداية حضارتنا الغربية و يبدو ، منذ أكثر من 2500 سنة ، متواجد في قلب و صميم اهتمامات المؤسسة التربوية .

إن عدم الاستقرار و عدم الامان إزاء التربية ظهر هكذا في اليونان على ما يقرب من خمسة إلى ستة قرون قبل حقبتنا حينما قطعت مجموعة بشرية علاقاتها لاول مرة مع تربية المجتمعات التقليدانية و أيضا المجتمعات السلطوية و الطبقية على حد سواء . إن تقلبات الزمان و اللاستقرار و عدم وجود الأمن كل ذلك في ارتباط مع المقاصد و المناهج التربوية تمخض عنه بزوغ الديمقراطية في أثينا . هذا النظام السياسي الذي وقف في وجه التعددية ، عمل على تفكيك النماذج القديمة و البالية ، و قلَّب أوضاع التقاليد ، و الدين ، و الحكم . فسقراط Socrate ، أحد رموز بداية حقبة تاريخ التربية الغربية ، يصرح إذن أنه لا يعرف لماذا و كيف يعيش و يحيا ، يفكر و يتصرف . كل منهاجه La maïeutique [ المنهاج التوليدي للأفكار] انبثق من هذه الوضعية المأزومة إزاء النماذج التقليدانية .

أشار كوتية و طارديف كيف يصطدم الفكر البيداغوجي دائما مع نفس القضايا و الأسئلة منذ ذلك الحين « أي عالم نرغب العيش فيه ؟ أي مستقبل نريد تقديمه لأولادنا ؟ من بين جميع معارفنا الراهنة ، ما هي تلك المعارف الأساسية و المهمة التي يمكن تلقينها و إيصالها للأجيال الصاعدة ؟ أو كذلك : أي الثقافات التي نفضل : هل نفضل ثقافة علمية ، أم ثقافة أدبية ، أم ثقافة تقنية ، أم ثقافة فنية ، أم ثقافة شعبية ؟ » و بشكل أعمق : « أي من المستويات نريد إعلاء رتبتها من خلال التربية : الفرد أم الجماعة ؟ »

منذ أكثر من 2500 سنة ، و التفكير في شأن الغايات و مقاصد التربية يتلمس طريقه يقول دانيال هاملين . « طرأ ذلك مذ ذاك أن أحدث في اليونان القديمة : « التحلل البطيء لكنه قوي من النماذج التقليدية ، الدينية منها و السلطوية اللتان قادتا الحياة الإنسانية في العالم العتيق » ( كوتية و طرديف ( 1966 ) ، ص : 11 ).
ظهرت كلمة البيداغوجي في خضم هذا الإعصار : في الوقت الذي حيث معنى الحياة و الأشياء و الثقافة كل هذا لم يعد مسبقا يصدر من طرف إله ، و قدرية ، وشيخ وقور ، وعجوز ، و سلطة حكم لكن الأمر أصبح متعلق و موكول بالناس ، كل واحد باسمه الخاص على وجه التحديد . في عراك مع سلوك الشاب الإغريقي أثناء تربيته ، يمسك به البيداغوجي ويقوده إلى حيثما يشاء من الأماكن قصد التعرف عليها و ليغدو إنسانا . الكائن البشري الموصوف بالاكتمال مضطر لمعرفة ذاته لو أراد معرفة الحقيقة . بهذا الشكل تجاوز اليونانيون كانط Kant بعشرين قرنا الذي كان يقول دائما و أبدا : « حاولوا أن تفكروا بأنفسكم ! » و روسو الذي يصدح بصوته ببناء الإنسان عن طريق العمل الذاتي و بيستالوزي الذي أدرك أنه من الواجب على كل فرد « العمل بنفسه » و بياجي Piaget الذي سوف ينظر للبنائية Le constructivisme .

الوعي و الشعور بالحرية الإنسانية قد تولد عنه في اليونان الديمقراطية و ، مباشرة ، ضروة التفكير في نماذج تربوية حديثة قادرة على جعل من الإنسان كائنا مسؤولا عن حياته و عن مجتمعه . لهذا اقتضت هذه الضروة خلق و إبداع البيداغوجية ، هذه القيادة النوعية للطفل ، موجهة إياه نحو ما يبدو هو الأفضل و الأحسن لحياته و للمجتمع بصفة عامة . مذ ذاك الزمان ، و البيداغوجي يتصارع مع قضية طرح الأسئلة و العمل على طرحها على الطفل ( موليني Maulini 97 – 89 – 2000 – 2002 ) ليتمكن من أن يصير إنسانا . إنه يوظف اليوم هذه المأمورية ، في مجتمع غربي Occidentale مطبوع بالاستخفاف و عدم الاكثرات . اللامبالاة بعلم طرح الاسئلة ( فابر 1999) حيث سقراط لا يزال لحد الساعة هو أحد أعلامها .


البيداغوجيون الكبار و البحث المتواصل عن تعريف للبيداغوجية

من الأفضل أن نشير أن بعد ألفي سنة من ظهورها في اليونان ، لقد عنت كلمة " بيداغوجية" المدرس بالمعنى الفرنكوفوني . فلتكن اللحظة حيث أن هذا الجزء الذي لا يتجزأ من العالم اكتشف ، بدوره ، حرية الإنسان بتنحية غطاء الدين ، و التقاليد و السلطة التي تعفي ، بل تمنع ، الناس من مناولة الأسئلة حول معنى و حقيقة تربيتهم .

كل عصر مأزوم قيميا و مباشرة في مواجهة و صراع مع مقاصد التربية يبدو نتيجة ذلك مطالب بالبحث عن البيداغوجية حتى يتسنى له الإقدام ، في تمام الوضوح الغامض و الملتبس ، أن يقترح بعض البرامج العملية و النهوج المتعلقة بالتربية .
إن قلق و انزعاج فيكتور هوغو Victor Hugo ، المثتبت بأعلى الصفحة الأولى من هذا النص بشكل بارز ، يوضح لنا في منتصف القرن 19 م ، أن استخدام كلمة « بيداغوجي» يمكن لها أن تدل على جميع مهن و حرف التربية المدرسية . امتزجت الكلمة في ذاك العصر بالتسمية للمعلم ، وللمدرس ، سواء أكان هؤلاء المعلمين ينظر إليهم كبيداغوجيين أم لا .

تماما إن هذا الأمر لا يدفعنا إلى التقدم خطوة إلى الأمام لو أردنا الاستيعاب الجيد لخصوصية البيداغوجية إزاء التدريس ، ما عدا فقط ربما اقتطاع جزء من الغموض للكلمة ، لكن أيضا لنظام قانون البيداغوجية .
إن صفة « البيداغوجي» المستعملة في اللغة العادية في عصرنا ، تجيز لنا مقاربة أكثر تحديدا و تميزا للكلمة . فلنسلك وجهة هذا المنعطف .

« هذا الأستاذ ليس بيداغوجيا !» « وذاك الاستاذ ، بيداغوجي ممتاز !» الامر الذي لا جدال فيه هنا ، « هذا الكلام له وزن » من الجائز أن تكون مدرسا و لا تكون بيداغوجيا . و أن تكون بيداغوجيا بدون أن تصير مدرسا . إذن جُعِلَ من الكلمة كحلوة بروست الخفيفة Proust . إنها تذكر الناس بمواجهتهم مع مشروعهم التربوي ، محللين ممارسة عصرهم ( عصورهم و عصور الاخرين ) ، طارحين المشاكل الحقيقة فيما يخص تأثيرات تلقين الثقافة للشباب و مقترحين الوسائل و المذاهب في محاولة بدء العمل بشكل أفضل . لهذا فصفة « البيداغوجي» تأخذ أشكال مسميات . و يمر أمام أعيننا كل هؤلاء الذين نصفهم بالبيداغوجيين « الكبار » : كومينيوس ، رابلي ، مونتين ، روسو ، بيستالوزي . و أكثر قربا منا ، نجد نيل ، فرايير ، ديكرولي ، فريني ، أوري . ثم ، في الوقت الحالي ، البيداغوجيون الحداثيون ، فيليب ميريو ، أبحاث التيار او الحركة البيداغوجية .
يجعلنا هذا المنعطف نتعرف على أناس ، مجموعة من الناس بمشروعاتهم ، الذين يبحثون ، من خلال التفكير الخاص جدا ، بغية تجاوز التلمسات الامبريقية في التربية سعيا وراء تربية فضلى .

محللين التربية العصرية و نتائجها ، فإنهم يهتمون بالأوساط ، و بالأفكار ، و بالمسلمات ، و بالوسائل ، و بالِوضعات ، وبأقل إشارة تؤثر في تربية الأطفال . ينتهون دائما باقتراح البرامج الفعلية ، تتعدى هذه المقترحات البحث عن الوسائل و المعدات الجديدة بشكل واسع . في تصادم واصطدام مع المؤسسات التربوية التي تخضع للجو السياسي العام و للوسط الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي لعصرهم ، هؤلاء البحاث الحالمين أصحاب الرؤى و الملتزمين قد طبعوا مسيرة تاريخ التربية بدون مناقشة او جدال واضعين ، كلا حسب طريقته ، قضية التربية . قد أجازوا معقولية الفعل التربوي عندما رفض هذا الأخير بتبصر و وعي الرجوع القهقري إلى الوارء في اتجاه طبيعة الحيوان و التدجين المتحضر للإنسان . تم تأسيس الفكر البيداغوجي وفق هذه النمط على إرادة إنسانية . يولَد اختيار تربوي من الشعور بالوعي لحضارة منفتحة على حرية إنسانية لا متناهية . لهذا السبب نجد فلاسفة من أمثال ميشال سويتار Michel Soetard ، و هو أحد المختصين في تاريخ الفكر البيداغوجي يجعلون من ولادة « البيداغوجية » تقترن بظهور حرية الإنسان كما نَظَّرَ لها كانط و روسو . و لهذا السبب نجد بيستالوزي ، أحد أتباع روسو ، أصبح بالنسبة لهم المثال البيداغوجي المتبع الذي يبحث في تكوين الإنسان المتحرر من القيود والحتميات القديمة و ، مباشرة ، منطلقا بالضرورة من ظروف الحياة الأكثر إلتصاقا بالواقع المعيش حيث نجد المغامرة الإنسانية و قد ألقت بكل واحد في هذه الظروف . إن نظرة البيداغوجي ، إذا كانت تهدف أفضل ما يوجد في المعرفة الإنسانية بالنسبة للجميع فهي محكومة عليها ، كما يقول سويتار (2000 ) ، بأن تتمعن كثيرا في « هذا الصبي » الذي يتواجد أمامنا .

لنسجل من هذا اللقاء مع البيداغوجيين الكبار أن ما يسمح لنا بتصنيفهم في خانة « البيداغوجي » ليس هو انتماؤهم و مزاولة نفس الحرفة أو المهنة ، لكن هي طريقتهم الخاصة و الشخصية في التفكير و التدبر في شأن التربية . لو كان بعضهم من الفلاسفة ، و علماء نفسانيين ، و مدرسين أو أطباء ، فالكل يطرح إشكالية التربية قبل الاجابة عن سؤال بحثهم المشترك : ما العمل ؟ كيف نربي انطلاقا من حقيقة الطفل و من واقع كل طفل على وجه الخصوص ؟



التربية الفعليـة : ميدان البحث

لكي نفهم الرهانات التي ترتبط بمشروعية البيداغوجية ، فلنرجع إلى الوارء . ليس إلى العصور الوسطى ، حيث اعتبر البيداغوجيون كهراطقة أو منشقين و احيانا يتم حرقهم بالنار . لننطلق من القرن 19 م ، و على وجه التحديد النصف الثاني منه الذي يمثل اللحظة هاته ، مع بداية القرن 20 م ، العصر الذهبي للبيداغوجية .
في النصف الثاني من هذا القرن 20 م ، اتخذت المدرسة الشعبية لونا عصريا و ذلك في كل البلدان المتقدمة . الجو الاجتماعي العام خُصص للترويج الهائل عن حكاية التقدم و التبشير بحلول راية الديمقراطية . أصبحت التربية ميدانا للبحث المركز و المتواصل .

من جانب البحث العلمي ، دوركايم Durkheim ، الأب الروحي المؤسس لسوسيولوجية التربية بفرنسا ، هو أول الباحثين المهتمين بالتربية على أساس أنها تشكل ميدانا خاضعا للملاحظة الموضوعاتية . ستنانلي هالStanley Hall بجامعة كلاك الامريكية نظم أولى التحريات حول الاطفال و المراهقين .جون ديوي John Dewey ، أستاذ الفلسفة بجامعة شيغاغو ، أحدث أول مدرسة تجريبية حيث أطلق أنذاك قولته المشهورة «التعلم عبر العمل » « Learning by doing « .

في اتباع أثر خطوات الطريق المفتوح من قبل المفكرين إزاء تربية تقطع مع التقاليد ، قوالب و صيغ من التربية حديثة العهد بدأ التفكير فيها في جميع أقطار أوروبا تقريبا . أصبح روسو و إميل معلمتين بارزتين تتصدرا مقدمة كل تربية حديثة تتوخى الخلق و الإبداع . المحاولات التحررية للتجمعات ، « للحكامة الذاتية » ، للمعارف الفعالة تضاعفت في محاولة لاستعادة حرية الطفل المبدعة و انتشالها من مخالب قدرية الضغط والإكراه الاجتماعيين . إن بيداغوجية إميل Emile ، ملموسة لكن مصطنعة لخدمة أغراض الاستدلال النظري فحسب ، تقود الأبحاث البيداغوجية و توجهها «وفق النمط البيستالوزي» : تتوطن بداخل النظرية غير أنها تواجه الواقع الاجتماعي الحقيقي . حينذاك يكتشف البحث البيداغوجي عدة ميادين جديدة و يحقق تطبيقات و تنظيرات مختلفة الانواع لأن البحث وجد نفسه مضطرا بأن يأخذ بعين الاعتبار الظروف اللامتوقعة ، وعلاقات إنسانية طارئة ، ومعيقات مهمة من النوع التطبيقي و من التنوع الملفت للنظر . وجد نفسه مضطرا لكي يتأمل مليا في هشاشة أي تعلم كيفما كان ، في اللاتوقعية و رجحان الفعل ، في انتقاد النظريات و المعتقدات و القيم المرجعية . كثيرون هم من سلكوا في خضم تيار التربية الحديثة لمواجهة المصاعب و المشاكل القريبة نسبيا من تلك التي عاشها بيستالوزي الذي ظل مجهولا في ذلك العصر بالنسبة إليهم . سوف يعيدون من جديد أولى تجاربه البيداغوجية التحررية في غمرة من الفرح والأمل و الطمع في كل شيء و في الطبيعة الإنسانية كما فعل هو بنفسه ، لكن من غير أن يتمكن من فهم المتناقضات الموجودة كما ادرك بيستالوزي فعل ذلك (1797 ) ، و من غير مساءلة مفاهيميها في الغالب . و لا في الحقيقة ، بالنسبة لذات المفاهيم ، العمل على طرح مشكل التربية من خلال تناقضاتها .

لا نقدف مع ذلك رواد « التربية الحديثة » بالحجر نظرا لكونهم لم يستوعبوا التساوق الداخلي للتربية المنمذجة في إميل . من ذا الذي اشتغل بالضبط إلى حد الآن و بعيدا عن متخصصي روسو و بيستالوزي ، حول المعالم الطلائعية المجددة للتربية التي اقترحها إميل ؟ لعل هذه البرهة من الزمان تمتلك لا شعوريتها . مغترفين من إميل L’Emile مثلما نغترف من مقلع ، لقد حكموا بجرأة كبيرة على المتناقضات حسب أفكارهم المسبقة ، و أعادوا تجميدها و ثتبيتها إذن في متناقضات كلاسيكية لكن بلا حل . رغم أن الأغلبية قد تأرجحت من تربية مملاة من طرف تعهدات حددت السبيل الواجب اتباعه لتكوين أي إنسان يصب في نتيجة دع الطفل يعمل ، لا علاقة بذلك إطلاقا مع القطيعة الايبستمولوجية المعلنة في التربية التي نادى بها إميل ، فلنقدم اعترافنا بكل حرارة لهذه الحركة التي انطلقت و الرغبة تحدوها بكل تأكيد في تربية حديثة . آلاف المربين و جدوا أنفسهم يواجهون مشكلة التربية و انغمسوا في البحث البيداغوجي .



حلم البيداغوجية بأن تصير علما للتربية

إن الأبحاث البيداغوجية و الملاحظات الموضوعية في العلوم الإنسانية تلتقيان وتتقاطعان ، بل إنهما تكونان لحمة و نسيجا واحدا في بداية القرن 20 م . لقد عرفت هذه الحقبة بالدينامية القوية على مستوى البحث التربوي يمكن النظر إليها كرؤية مُوجَّهة من قبل موضوع البيداغوجية المطروح في زمان عصر مجتمعاتي حديث : كيف نعمل من أجل القضاء على التربصات و المحاولات الامبريقية في التربية و للحد منها على الاقل كما ينبغي ، في الوقت الذي يؤكد العلم بأن كل إنسان يتعلم حسب مبدأ التعلم الذاتــي .

طلاب جامعيون في المانيا ، و الساهرون المتتبعون خطى مؤسسة هربات Herbart البيداغوجية ، و آخرون مثل سبنسر ؛ أناس آخرون مثل ألكسندر داكيت في سويسرا النورماندية ، او ماريون في فرنسا ، كل هؤلاء يبحثون إذن في جعل البيداغوجية تكون علما . يعتقدون أنه إذا كان البحث البيداغوجي من الواجب عليه أن يقيم علاقة متينة مع السيكولوجية ( كما قام الطب بذلك مع البيولوجية ) ، فإن البيداغوجية لا تؤسس علما خاصا ممكنا مع ذلك ، إنها توضع في خانة العلوم الاخلاقية . بالنسبة لجمهور هذا العصر ، يمكن أن ننعت البيداغوجية بالعلم دونما أية صعوبة تذكر ، بالرغم من أن وظيفتها المعيارية تجعلها تنفلت من القواعد الضابطة الحجاجية و البرهانية . و سبب ذلك ، بالنسبة إليهم ، هو أن المعايير العلموية [ العلمية] للبيداغوجية هي من نوع اخر غير تلك المتخذة في حق العلوم الصورية . لقد وضح هنري ماريون Henri Marion ذلك في السربون أثناء افتتاح درس في البيداغوجية كعلم من علوم التربية قائلا : « يوجد علم في أي مكان حيث يوجد بجانبه نظام متراص من الأقوال الواضحة و العامة ، و من المفاهيم و التأويلات الملموسة التي تفضي إلى اعتقاد مساند بالحجج البليغة و القوية ، يعني معقولة ، مراقبة و مبنية على العقل »

يقدم دوركايم (1911 ) إذن ، في القاموس البيداغوجي لفردناند بويسون ، تعريفا لهذه البيداغوجية التي أصبحت كعلم للتربية و هو علم ما زال في طور النشأة و البناء و من الواجب على البيداغوجية أن تكون : « العلم الذي يجيز معرفة ما يلزم على التربية أن تكون [ التشديد من عندنا] ، معرفة طبيعتها ، و الشروط التي تخضع لها ، و القوانين التي بمقتضاها نهجت نهجا تطوريا في التاريخ »




البيداغوجية ورقة ضمان مشروع مشترك

العلم الذي اقترحه دوركايم من قبل يقضي بأن تتمفصل هناك النظرية و التطبيق ، التربية و النظام السياسي . فقصده كان أبلغ و أشمل : العمل الجاد والسوي . إن السؤال : « كيف نبني إنسانا بدون نمذجته ؟ » هو جزء من الأجوبة للسؤال المقدم . يمثل هذا البرنامج البحثي في بداية القرن 20 م ، و يمثله في يومنا هذا ، المشروع الحق للمجتمع الذي انخرط بداخله رجال المؤسسات المختلفة ( مدرسة ، معاهد ، جامعات ) . و أنه بالضبط هو ذا العصرالذي ظهر فيه الضامن لهذا المشروع المشترك الجماعي في البحث لأنه هو الذي منح للبيداغوجية في الحقيقة ، لكن للسيكولوجية الجديدة أيضا ، مشروعيتها العلمية و مصداقيتها الاجتماعية .

لقد أصاب هذا التقنين للبيداغوجية التصدع و الانشقاق منذ زمان بعيد و ظل عديم التساوق إلى حد الساعة . لنعترف أنه كان مدعاة حلم – لا نجرؤ على قول ذلك – لكل بيداغوجي يعمل اليوم . لكن ربما أيضا لكل الذين قاموا بمعاينة النقص الحالي في التوجهات التربوية داخل عالم بدأ يشعر بالخطر اتجاه الحرية المطلقة لكل واحد بلا قيد و بلا شرط .



البيداغوجية تحت وصاية السيكولوجية ؟ ليس يقينا !

لنمسك بالأمور منطلقين من هذه الحقبة لكي نفهم كيف ضاع هذا المشروع المشترك الجماعي: هل حاولت السيكولوجية ، سيكولوجية كلاباريد الوظيفية بسويسرا مثلا ، أن تمأسس كمادة مرجعية أساسية للبيداغوجية ؟ سيكون الحدث من الروعة بمكان و مدويا في الآفاق ، لأن البيداغوجية تتغذى من الفلسفة إلى يومنا هذا ، والتي ما زلنا ننظر إليها إلى حدود القرن 20 م كعلم العلوم . الأطروحة التي أدافع عنها ليست من قبيل أطروحة سيكولوجية تبحث عن السيطرة على البيداغوجية ، و لا أطروحة بيداغوجية تظل تحت وصاية السيكولوجيين . الأمور هي أكثر تعقيدا. موشومة من أثر البحث عن إنسان يبني ذاته بفضل نشاطه الخاص، انطلق البيداغوجيون يبحثون من وراء ذلك عن تربية جذرية حداثية ، لفائدة عصر حديث ، تعلقوا بالسيكولوجية حيث بإمكان نتائجها أن تمدهم بالعناصر و اللوازم قصد التمكين من طرح قضيتهم بالشكل المرغوب : كيف نسهل للطفل بناء نفسه بذاته ؟

لكن البيداغوجيين المهتمين بأبحاثهم في الميادين عن قرب لا يشتغلون في هذه الحقبة إلا مغترفين من العلوم الانسانية حديثة عهد الولادة من أجل تنظيم أعمالهم و مقترحاتهم . أبحاثهم الخاصة تطعم أعمال السيكولوجيين بشكل قاطع إلى درجة التوحد معها و الاختلاط بها في الغالب. ربما قد يجدون لهذا الأمر تبريرا في بعض الأحيان . أساتذة ، و أطباء ، و سيكولوجيون ، انطلقوا كذلك في اكتشافات كبيرة و هم يخلطون بقوة إسهامات السيكولوجية مع البحث البيداغوجي القريب من الفلسفة دائما و التواق إلى السوسيولوجية الحديثة .

إذا كانت الأغلبية تقوم بالبحث في جميع الأمكنة المختلفة ، فإن البعض ترك بصماته بشكل جلي اكثر من غيره. بتحديد موضوعاتها البحثية وطرائقها المنهاجية و تخومها ، نرى السيكولوجية الحديثة تجتهد في تطويق ميدانها و تحصره بإمعان بينما هذا الهم الشاغل لا يبدو أنه قد أصاب البيداغوجيين . مع ذلك فإنه توجد لدى هؤلاء طرائقهم البحثية الخاصة بهم إلا أن البيداغوجيين لا يستوضحونها البتة . أو لا يقيمون لها وزنا لنشرها بالضرورة . بل حتى أكثر من ذلك ، ليس لديهم وعي بالوسائل و المعدات التي يستعملونها .



بدون تدقيـق في النوافــل

نركز حاليا على ميزان القوى الذي كان موجودا بين الباحثين العاملين في إطار التربية الحديثة ، في الثلث الأول من القرن 20 م . قوى مرتبطة بالبحث و التقصي عن الشرعية ، التي تارة من جهة علم النفس ، و التي تارة أخرى من جهة العلم البيداغوجي . هذه الإكراهات كانت موجودة . لكن لا يجب على الدراسات التحليلية أن تخفي هذه الحالة عن الناس – و هذا بالضبط ما تفعله أحيانا بصورة مقصودة أو غير مقصودة – يعني هذا الصراع المشترك لهذا العصر الذي يتقابل فيه الباحثين السيكولوجيون مع الباحثين البيداغوجيين في الميدان و في المختبر معا للإجابة عن هذه الغاية التربوية الملحة : بناء النظريات و الأدوات التي تجيز البناء الذاتي الانساني للطفل . التواطؤ و صراع الأفكار بين السيكولوجيين و البيداغوجيين ما كان يعني ، في البدء ، هذا الجري الحثيث وراء الشرعية المتبادلة التي تفرحنا و تسرنا بوضعهما في قفص الاتهام اليوم ، لكن إنما هو التأكيد لبزوغ أو انبثاق فرصة التلاقي بين باحثين متعطشين ، مثل بحاث اليوم ، لتقوية و دعم نظرياتهم و ذلك عن طريق الاختلاس و بالاختلاس المتبادل أكثر أقل وضوحا و معقولية . مثلما يحدث للباحثين الأكثر خلصا يحدثونه اليوم من أجل أبحاثهم الأكثر علمية . و هذا العمل من البحث يؤدي إلى بناء النظريات العظيمة حول سيكولوجية الطفل ، و نموه المعرفي و الاجتماعي، كما أيضا حول دور المدرسة و مناهجها . لنأخذ على سبيل المثال جان بياجي Jean Piaget (1998 ) و هنري فالون Henri Wallon ( 1999 ) و أعمالهما العظيمة ، فهما معا يعدان مناضلان قويان قد اشتغلا من أجل التربية الحديثة . هذا البحث قاد أيضا إلى إبداع نماذج و مذاهب بيداغوجية رائعة تستجيب لرؤية مختلفة فيما يخص طرح مسألة الغايات و الوسائل التربوية ( انظر إلى مجموعة الاعمال التربوية الحديثة و للمدرسة الفعالة بأوروبا )

يبدو لي من الضروري جدا أن نفهم ماذا حدث في هذه الحقبة المتميزة : عمل متعدد المداخل مواده من النوع الرفيع ما زال مجهولا . البحوث لحركة التربية الحديثة لهذه الحقبة ما كانت تبتغي او تفهم على أساس هذا النضال الأعمى ، بل الأخرق من أجل الطرائق و التقنيات و الوسائل التي غالبا ما نختزلها فيها . القصد أولى كان ، للجميع ، بيداغوجيون ، وسيكولوجيون ، وسوسيولوجيون ، وفلاسفة ، وممارسون بشتى أنواعهم وفصائلهم ، هو الوقوف أمام تحد ألا و هو اكتشاف البنائية Constructivisme و استتباعاتها الملزمة على مستوى التربية ، و الانخراط في صراع من أجل التفاهم و التواصل بين الناس في زمان أصبحت فيه العلاقات الدولية أكثر ضبابية . من هنا بزغت غزارة إبداعية الوسائل و النظريات للوصول إلى غاية تربوية غير متحققة كلية ابتدءا من الآن ، في تحسن و تصويب دائمين و ممكنين على وجه التنظير .

إن البحث عن الوسائل جوابا على سؤال غايات تربية بنائية ، فسوسيو – بنائية ، و اليوم أصبحت سوسيو – بنائية ذاتية ( باسيس Bassis (1998 ) ، لا يمكنه إلا أن يستند على العلم و على تربية حالمة . لعل تعبير بـ طوباويين او مناضلين ، واصفين به كل بحاث التربية الحديثة اليوم بشكل ممنهج تعترض طريق التحليل الدقيق للدور الاساس لهذه التربية الحالمة و التي نحلم بها داخل البحث التربوي في الزمن الماضي – و الحاضر فضلا عن ذلك . التربية التي نحلم بها ، هذا التغيير للمجتمع الذي نتمناه ، محكوم من طرف العلـم الحالي كمواربة للبحث و متوقفة عليه ، في صميم البحث البيداغوجي ، مثلها كبراعة الأسلوب البلاغي المشار إليه اعلاه ، هو وسيلة للبحث و عنصر من منهجية البحث ذاته و صيغة لطرح مسألة التربية في الوقت حيث تلاشت واضمحلت فيه كل المعالم التقليدية .


الانفجار الأول لعلوم التربية Big – bang

فالعمل في البحث التربوي ، المُوَجَّه في بداية القرن 20 م من قبل السؤال الأوحد و المُوحِّد : « ما هي الطريقة الفضلى في تربية الأطفال ؟ » ، سوف ينفجر و يتفتت إلى أسئلة ذرية مستقلة مع ظهور علوم التربية Science de l’éducation .
سيكون القرن 20 م هو بمثابة ذاك المعبر من علم التربية – بالمفرد و هو على وشك البناء و الاكتمال – إلى علوم التربية ، مادة تعليمية فريدة و متعددة ، مؤلفة من عدة مواد تعليمية مساهمة ، تقبع بداخل الجامعة في السابق ( مثال : السيكولوجية ، السوسيولوجية ، الفلسفة ، الخ ) . التغيير الذي سوف ينطبق على القرن كله ، قد يقل أو يزداد بسرعة حسب البلدان . إلا أنه من الأكيد أن « علم التربية الموحِّد لمجموعة من الأفكار ، سوف يترك مكانته للدراسة العلمية للوقائع و الأحداث التربوية المجزأة إلى ما لا نهاية » . لهذا نرى دانيال هاملين Daniel Hameline (1998 /b ) يعلق عن هذا الميلان و التأرجح الذي يعرف أنه ليس حدثا لغويا . إن حسن النكثة و الدعابة عند هاملين لا تخفي جيدا مدى بعض الحسرة و خيبة الأمل ، و أن هذا الأمر لقد سبق أن اقتسمه بعض الباحثين إزاء الصعوبة الحالية في منح للمادة التعليمية « علوم التربية » تساوقا لأبحاثها . فلتكن قضية رئيسية . وحيدة و مُوَحِّدة .


البيداغوجية خارج العلـم

بصورة مضخمة ، هكذا تغير ميدان البحث في التربية طيلة النصف الأول من القرن 20 م بداخل و خارج الجامعة .أصبح البحث العلمي في التربية على ممر الازمان أكثر فأكثر تعددية . انتظم ميدانه بشكل مختلف و بقوة تباعا للسياقات الوطنية و الثقافية . هذه التباينات و الفروقات المتعلقة بتحديد الحقل ما زالت كبيرة جدا حسب البلدان و الجامعات . لكن بشكل عام ، التبدل العميق La mutation للأنظمة التربوية في الستينات من القرن العشرين صاحبه تقدم مؤسساتي ملحوظ في خلق التربية ، الشيء الذي سمح للبحث في التربية إرساء و تدعيم مكانتها الجامعية ، و من تم العلمية . المواد التعليمية المساهمة في علوم التربية اتخذت مقرا لها في حرم كليات علوم التربية . وهكذا بدأت تتكون جمعيات للباحثين في علوم التربية في جميع البلدان ، و أيضا مجلات متخصصة و منتخبات و مجموعات إهداء لعلوم التربية . بتغييرها إذن ، تقدمت و ازدهرت ميادين البحث . تخاطب العلماء فيما بينهم تاركين البيداغوجيين على الهامش .عبر سيروة بالغة التعقيد ، انتهى بالبيداغوجيين ، في جامعات عدة ، التنحي تلقائيا من لعب الدور في علوم التربية . هذا ما حدا بسطوة العلم إنتاج تأثيره على هؤلاء المترددين الحيارى بأن يكونوا رجالات العلم أو يرفضون كون ذلك . إنها سخرية تاريخ البيداغوجية : ظاهرة الانتظارات نتجت تأثيرها المشل على هؤلاء الذين كانوا هم السباقين أكثر للانتباء إلي هذه الظاهرة . حينذاك شرع البيداغوجيون في التحدث مع إخوانهم البيداغوجيين . و أحيانا ، ضد العلماء . إحدى النكث تبين جيدا هذا الجرح : بعد ظهور التربية في فرنسا ، نظمت بعض الحركات البيداغوجية " جامعة – لا صيفية ".

هذه الصيرورة التي تفصل البحث البيداغوجي عن البحث في التربية لم ينقطع أثره اليوم و يستحق المساءلة و المراجعة ، ليس من أجل " إنقاد " البيداغوجية ، لكن باسم البحث في التربية الذي يحرم نفسه حاليا من أحد أقطابه المهمة . ما هو إذن هذا الحقل المسمى بـ بيداغوجية ؟



محاولة تعريف البيداغوجية

هل البيداغوجية ممارسة ؟ هل هي فن من الفنون ؟ هل هي علم ؟ هل هي مادة تعليمية ؟ هل هي نظرية ؟ أم نظرية تطبيقية ؟ هل هي مادة تعليمية علمية ؟ هل نقول عنها على أنها براكسس "praxis "؟ أم هي شيء اخر؟ و ، البيداغوجية هي قضية من ؟

وها نحن قد وصلنا إلى الإشكالية التي نشطت حوارا قديما عمره يناهز قرن من الزمان . الجواب على هذا السؤال يحتم علينا اليوم أن نقبل أن دانيال هاملين (1998 a- b ) و بيير كريكو( 1998 ) ، لديهم الحق في القول أن التيقن الوحيد لهذا الحوار بالقرن 21 م فيما يرجع للقانون المنظم للبيداغوجية هو أن هذا الأخير ، طبعا مائة عام اخرى بأسرع وقت ممكن ، لا يمكن حدوثه بسهولة انطلاقا من الآن ، لا على مستوى المفهوم و لا على مستوى المادة . هل مرت مائة عام على البيداغوجية كانت على وشك المرور و الانتقال لتصبح « العلم » للتربية ؟ و ماهو مصيرها الآن؟ و من يكون هؤلاء البيداغوجيين ؟

ميشال فابر ( 2000 ) يذكر، لمن أراد الحقيقة فعليه أن يعرف – الأمر الذي لا بد من توضيحه في هذه الساعة حيث ان محتوى « بيداغوجي » قد نجده يختلط في الغالب مع محتويات النقاش المقترب منه – أن البيداغوجية حاليا تطلق في ثلاث معاني رئيسية : 1- أن البيداغوجية يمكن أن يكون القصد منها هو التفكير حول الفعل التربوي لغرض تحسينه ، ما ينعته دروكايم « بالنظرية التطبيقية » 2 – يمكن أن يكون القصد منها هو المذهب ( مثلا : بيداغوجية فريني ) 3 – و، تجاوزا ، قد تكون البيداغوجية فن التربية أو التعليم .

ما يبدو ضروري اليوم هو عدم الخلط بين هذه المستويات ، و العمل على توضيحها و تبيان علاقاتها . لكن الجانب الأعظم في العمل مع ذلك هو الاشتغال المتجدد حول المعنى الاول للكلمة ، حيث أن المستويين الآخرين يعتبران أحد مشتقاتها : ما نوعية الأفكار المنصبة حول الفعل التربوي التي تمكننا بوصفها بالبيداغوجية ؟ فلنحاول إعطاء جواب أولي مستندين على هؤلاء الذين يشتغلون اليوم حول القضية .

بيداغوجيون، وفلاسفة وعلماء اتفقوا على تحديد البيداغوجية كخطاب للممارسة Discours هدفه هو تحسين هذه الممارسة . « خطاب بين القول و الفعل ، غير مكتمل أحيانا ، لكنه خطاب يأخذ بالرغم من كل هذا الاعتبار الأكثر صوابا للحقيقة التربوية » هكذا يقول فيليب ميريو ( 1995 ، ص : 240 ) .هو خطاب أدباء ، و مفكرون ، و كتاب مقالات ، و فلاسفة ، و إيديولوجيون في استطراد واضح لفيليب بيرنو ( 2001 ، ص : 20) . وعليه عُرفت البيداغوجية على أنها التربية التي تعقل ذاتها ، أي تتكلم ، و تقيم اعتبارا لذاتها و تتخيل . البيداغوجي من خلال هذا المنظور هو إذن « متحدث شارح ، بشكل تصحيحي و استباقي ، للنظريات التطبيقية الضمنية لمتحديثه و لنظريته الخاصة في آن واحد » هاملين ( 2000).

فرانسيس امبيرت Francis Imbert )(2000 ) الذي ينتمي إلى هؤلاء الذين يحددون البيداغوجية على أساس البراكسس praxsis ، البيداغوجي هو من يقرن النظرية بالتطبيق و التطبيق بالنظرية . في هذا التصور ما عاد البيداغوجي هو ذاك الانسان / الخطاب أولا و إنما هو إنسان الفعل الذي تحول مُنَظِّرا لنفسه أو للاخرين . إذن أصبح ذلك « الممارس – المُنظِّر للفعل التربوي » الذي تكلم عنه عنه جان هوساي Jean Houssaye ( 1993 ، ص : 13 ) . هذا « الممارس – المُنظِّر الذي أمتلك الوقت الذي استنزفه و استغرقه ، محاولة منه لفهم ما يصنع » هاملين (1998 ، ص : 10 ) . تدقيق مهم لنفهم جيدا أن البيداغوجية لا يمكن أن تمتزج و تختلط مع الممارسة الوحيدة ، و لا أيضا مع الممارسة التعقلية réflexive . على البيداغوجية أن تتيقن أنه من الواجب عليها التنظير للممارسة التربوية ، و ليس بالضرورة لتنظيراتها الخاصة . و لهذا نرى أن دانيال هاملين ( 2000 )ً ص : 700 )) لا يتردد في إلصاق إشارة « بيداغوجية » للأعمال الحديثة للسوسيولوجيين و الفلاسفة و علماء التحليل النفسي و أنه يقترح أن نعتبر كـ « تغير مفاجئ لرجال العلم » و هم من مقربة رجال الميدان و أن ينظر إليهم كما يجب أن يكون . و لهذا فهو يذكر على سبيل المثال أعمالا حيث يصفها بالبيداغوجية ، كأعمال ميريال سيفالي Mireille Cifali ، كفيليب بيرنو Philippe Perrenoud ، كجان هوساي Jean Houssaye ، كشارل حجي Charles Hadji و كفرنسيس إمبيرت Francis Imbert ، لأن هذه الأعمال هي بطبيعة الحال توصيفية ، لكن تقريرية فوق ذلك و زيادة . إن هذا الاقتراح لهو فظ و خيالي و السبب ، لو كان بعض من هؤلاء الكتاب مطالبين بأن يكونوا بيداغوجيين حتى ، فإن البعض الاخر لا يتقدم بوصفه كباحث في الميدان . لنسجل رغم ذلك من مقترح هاملين أن الصفة التقريرية هي التي تجعل من الباحث في علوم التربية ينتقل إلى قسم البيداغوجية . الشيء الذي يعني أن المنظرين من كل نوع و فصل بإمكانهم المزاولة ، في أوقاتهم ، كبيداغوجيين . فتوظيف فرضية هذا المقترح كمحك أو كمعيار للفصل في البحث التربوي سيكون لديه الفضل في توضيح عدة إلتباسات و أخطاء.
سوف تصير البيداغوجية تبعا لذلك خطابا بحيث انسجام و تساوق الخطاب لا ينتمي أبدا لا إلى الممارسة البيداغوجية ، و لا إلى فلسفة التربية ، و لا إلى العلم إنما إلى حقل التفكيـر الخاص المتوقف على الباحثين الذين لا يرفضون الإقرار و العمل بالتعليمات و بالتوصيات الآمرة . هيا لنرى عن كثب حول ماذا قد يحمل هذا الخطاب في ثناياه ، سواء كان هذا الخطاب مكتفيا بذاته او كان شكلا للبحث العلمي .



موضوع البيداغوجية

تحليل مركز و دقيق حول مقاصد و غايات لكبار البيداغوجيين – الذي لا يجب خلطه أبدا مع الخطابات التربوية المتصفة بالإطناب و ما أكثرها – دفع بدانيال هاملين ( 1998 b/ ، ص : 1 /2 ) إلى أن يقترح تعريفا للبيداغوجية مقدما من طرف إميل دوركايم Emile Durkheim في سنة 1911 و هو تعريف لا يزال يحتفظ بفعاليته الراهنة :
البيداغوجية هي مجموعة من الاستخدامات الموظفة في المجتمع من قبل الذكاء ، قصد إلغاء عمل تربوي اعتباطي جيد أم سيء لفائدة قرار معقول و صائب من أجل عمل أفضل .

لنقبل هذا التعريف الواضح النسبي ، المعروض منذ بداية القرن 20 م . من الممكن إذن للخطاب البيداغوجي أن يصبح منظورا إليه كحامل لهذه المجموعة من الاستخدامات . لنسطر منذ البداية ، رفقة هاملين ، على العبارة المتساوية الحدين « العمل الأفضل » . إنها تمظهر الإطار القانوني للبيداغوجية . و تملك مفتاحا لفهم أن الخطاب البيداغوجي يحمل في طياته تعقيدات الفعل التربوي . سواء أكان ذلك عبر المتناقضات الوهاجة و معارك الافكار التي يتضمنها من قبل أم عبر الاختيارات الصعبة ، و المخاصمات الكلامية و التضاد التي يشتغل عليها اليوم ، فليس لغرض طرد ذلك و استبعاده لكن بالعكس من أجل تمفصله . التفكير في التعقيد و صدام الثقافات أصبحا ماثلين أمامنا اليوم داخل البيداغوجية ، و يعملان على تغييرها و جعلها أكثر إحساسا و شعورا بالمسؤولية اتجاه غايات تربية خرجت لتوها منذ الآن من كل تعميـم .

لنحاول المزيد من تطويق حقل البيداغوجية الحالي أكثر فأكثر و بكل دقة و إمعان ، موضوعاتها المفضلة .
كما سبق أن رأى دوركايم ذلك ، فإن التربية ليست ذات الموضوع الوحيد . فهي موضوع و مشروع تربوي على الدوام تُشَغَّـلُ فيه فكرة إنسانية بالضرورة و التقييد . مع افتراض أن التربية في آن واحد هي « حصيلة مشروع » و « المشروع ذاته » مع استدعاء و طلب في المعدات والوسائل ( نظرية ، تطبيقية ، قيمية ) لضمان الصيرورات التربوية للأفراد و المجتمعات ، من الممكن القول أن البيداغوجية هي طريقة خاصة و متميزة في التفكير حول التمفصلات و التوليفات ، و الجدلية التي تحل بين هذين القطبين للتربية من خلال الوسائل و العتاد التي تقدمها تلك الجدلية.

هذا التفكر حول الوسائل و المعدات خدمة للتربية لديه خاصية في البحث عن أفضل الوسائل لأحسن و أنبل غاية في التربية ، القريبة جدا من فعل التربية . غاية تربوية غير محدودة ، التي لديها ارتباط مع « واجب إنساني خال من أي مرتكز أنطولوجي ، او ميتافيزيقي ، او علمي أو اجتماعي بصريح العبارة ، لكن حيث ماهيتها تعبر بعد الآن بتعابير الحرية و المسؤولية : تعبير الكرامة » انتهى كلام ميشال سوتار Michel Soetard ( 2001 ، ص : 121 ). لنتذكر جيدا أن مسألة بناء الإنسان و ليس نماذج إنسانية مقولبة بداخل أشكال محددة من قبل هي التي أيقظت البيداغوجيين من سباتهم طيلة الحقبة . قضية هذا الإنسان لكي نجعل منه « أن يبني ذاته » هي منذ انطلاق البيداغوجية و نشأتها تعتبرعقدة رئيسية و محورية في تفكيرها . إنها تنفتـح على لامحدودية أسلوب كل شخص على حدة . و على لا محدودية هذا البحث عن الوسائل و البرامج الفاعلة المعقولة حتى يتسنى لكل واحد قدرة البناء الذاتي في جو يتسم بالكرامة و بروح المسؤولية و ذلك انطلاقا من خصوصية الظروف التي يجد نفسه بداخلها .

مشروع ضخم و هائل بحيث يلزم البيداغوجي القيام باختيارات عقلانية التوكيد من عند دوركايم – فيما يخص الوسائل و المحيط البيداغوجي .

و السبب لأن البيداغوجية مجبرة و ملزمة ان تشكك في أهدافها و مراميها ( ما معنى أن يبني الإنسان ذاته ؟) و لا تناه في أبحاثها ( هي اليوم أبحاث صريحة و معلنة ) ، و نشاط برنامجها من الواجب أن يكون مبني و مستند على الواقع . لذلك فالبحث البيداغوجي من الواجب عليه أن يعطي الدليل على التساوق و الانسجام . هذا الأخير يمر عبر توضيح لـ « باسم ماذا هذه التبريرات » التي توجه و ترشد أبحاثنا . و أيضا نتائجنا ( مقدمة من حيث هي برامج مهيأة للتفعيل ) . يمكن لهذه الأسس أو المرتكزات أن تشتمل على عدة عناصر متنوعة و أنواع مختلفة : نظريات التعلم ، معارف العلوم الإنسانية ، اشتغال في القيم ، تأملات و أفكار فلسفية ، معاينات في الملاحظة ، معارف تجريبية ، توافقات أم اختلافات مع المعايير و قيم المجتمع ، إكراهات الواقع ، مسلمات شخصية و ذاتية ، الخ . إنه عرض شاسع ومستفيض من الامكانيات : وضوح لـ « باسم ماذا هناك اقتراح في الوسائل و الغايات » - أسس تظل مؤقتة ، ومشروطة ، نسبية و ظرفية – الذي يجعل من البحث البيداغوجي بحثا حقيقيا و موضوعيا ، و خاصة يجب أن لا يصير مذهبيا . « الانضباط و التقصي في مناولة الافكار و الاخلاص و الالتزام في الشعور والوعي والاحساس استوجب كل ذلك أن يكون في تمام الوضوح و التجلي حيال هؤلاء الذين سوف يستقبلون القول » يقول هاملين . مفاد ذلك : أي نتائج البحث .

لنعترف و نتفهم أن البيداغوجي قد وجد في السابق – و يجد دائما – صعوبات للاقتراب من هذا المستوى العالي من الاقتضاء و متطلبات ترتيب أبحاثه الموصفة من قبل هاملين ( 1998 a/ ، ص : 238 ) . إن نسج خطاب من هذا الطراز يضع بالفعل ألف مكيدة و مشكلة في وجه البيداغوجيين . فلنلتفت إلى هذا الجانب



الخطاب البيداغوجي : معاودة ترتيب البحث أم التأمل في الفعل ؟

[size=18]من المفروض على البيداغوجي أن ينطلق التقويـم لديه من الفعل ( فعله و / أم فعل الاخرين ) لكي يقترح برنامجا . في الواقع ، « بدون تمذهب أو تيار فكري مثلا ، من الصعب القول باسم ماذا يقام الحكم على التصديق أم عدم التصديق الذي قد يكون سديدا ، أي بمعنى بتبصر و بحكمة و ليس عن طريق رعب أو خوف من مجهول» هامليـن (2000 ، ص : 761). لنتذكر جميعا إنما تلك « باسم ماذا » التبريرية لبرنامج فعلي هي التي تعمل و تباشر البيداغوجيين . غير أن هذا الإلزام الملح في بناء أقوال و مقترحات البيداغوجي قاده فيما مضى – و لا يزال يقوده في الأغلب الأعم – إلى أن يكون خطيبـا .

صعوبة اخرى : ثم أن البحث البيدغوجي هو السعي نحو وسائل جديدة ( التي تبقى دائما تطلب التبرير ) . هذا التبرير La justification غالبا ما يحدث بداخل مقار



عدل سابقا من قبل مبشور في 6/10/2012, 14:08 عدل 1 مرات (السبب : النص غير مكتمل بسبب الارسال . سيتم إلحاق الجزء الاخير عما قريب .)

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى