التقويم و الكفايات
حوار مع فيليب بيرنو
تقديم ليليان بورتلانص
ترجمة : محمد مبشور
فيليب بيرنو ، سوسيولوجي ، دكتور في علم الاجتماع و الانتروبولوجيا ، أستاذ في جامعة جينيف ، مختص في حقل المناهج ، و الممارسات البيداغوجية و مؤسسات التكوين . يعتبر احد منشطي مختبر الابحاث حول مستجدات التكوين و التربية Life .
سؤال : نسجل أولا أن اهتماماتك بتنمية الكفايات في المدرسة و تقويم الكفايات ليس امرا جديدا . هذا الاهتمام معروف في كيبيك لأن كتاباتك مقرؤوة بشكل موسع و منتشرة في مدارس تكوين المدرسين . بعد مرور سنوات قليلة أشرتم إلى الصلات و الروابط الموجودة بين التقويم التكويني و التعديل القوي للتعلمات . لا بد من توضيح للسياق التربوي الحالي المقدم من طرفكم و الذي حرر مؤخرا و ظهر في مجلة المربي l’éducateur . أشرتم إلى أن البرامج الآن تسير نحو تنمية الكفايات و ليس فقط نحو كسب المعارف . في النص الذي يحمل عنوان « تقويم الكفايات » أقمتم حدودا دقيقة بين تقويم المعارف و تقويم الكفايات . قلتم أن تقويم الكفايات لا يطرح أية مشكلة جديدة . فما هي التباينات التي يمكن إقامتها بين تقويم المعارف و تقويم الكفايات ؟
فيليب بيرينو : كل شيء يتوقف على التحديدات الممنوحة لهذين المفهومين . سيرا على خطى بعض ديداكتيكي المواد التعلمية أمثال جان – بيير اصطولفي من الممكن أن نستغني عن مفهوم الكفاية شريطة أن نحدد المعارف كموارد تستعمل ليس فقط لكي تجيب على أسئلة الامتحان بعيدة عن أي سياق واقعي و طبيعي ، و لكن الهدف منه هو إيجاد حلول للمشاكل و اتخاذ قرارت و قيادة المشاريع ،الخ . أتفق مع هذا الطرح : إذا كانت المدرسة في واقع الأمر تنمي المعارف المستعملة ، و إذا كانت تقوم القدرة la capacité بكل جدية و تعمل على تحويلها ، من باب التعبئة و الاستخدام في الوضعية ؛ على التو يمكن القول أن المدرسين يعرفون جيدا ما معنى تقويم الكفايات . غير أن المشكل المطروح ، كما يقول اصطولفي نفسه في « المدرسة من أجل التعلم » ، هو أن طبيعة المعارف المدرسية « لا هي بالنظرية و لا هي بالتطبيقية » مما يسمح بتقويم هذه المعارف بصورة مستقلة عن حقل استعمالاتها في حل المشاكل الحقيقية و اليومية و اتخاذ القرارات المناسبة . إن التقويم المدرسي المنتشر و المعروف لا يقدم أي توضيح فيما يرجع لقدرة المتعلمين الخاصة في استخدام معارفهم خارج السياق أي في وضعية معقدة . لو تبنت كيبيك برنامجا كفائيا ، فلأن من الممكن تخيل هذا الأمر ينطلق من كون المعارف تظل غير مفهومة و غير مدمجة من قبل التلاميذ مسوغة لهم استخدماتها في الحياة . لو كانت المعارف تمثل أدوات من اجل اتخاذ القرار و التصرف فيما مضى لما كانت هنالك حاجة أو دعوة للاصلاح في المنهاج . ليكن ما كان المعجم المستعمل ، فإن صلب الموضوع او المشكل هو : تعلم استخدام المعارف من أجل البقاء في الحياة .
سؤال : في كتابات سابقة لقد تم التأكيد على أن المدرسة تنتج الفشل و خاصة فيما يرجع لتقويم التعلمات . هل من الممكن أن ننهج التقويم الفردي لتعلمات التلاميذ ؟ و بأي شروط يمكن أن يتم ذلك ؟
فيليب بيرينو : الروائز و وضعيات التقويم على ما يبدو لي داخل نفس مجموعة القسم أو بداخل نفس قاعة الدرس في الجامعة كلها متشابهة . نتائج هذه الروائز أو الاختبارات المعيارية تظل في معظم الأوقات فردية لأن الجميع لا يحصل على نفس النقطة. لا يملك الجميع نفس النتيجة . حسب المنظور الاشهادي في نهاية البرنامج أو في آخر مرحلة ليس هنالك ما يدعو للاستغراب او الدهشة بأن تقاس المكتسبات بشكل متشابه . في المقابل ، من غير اللائق الاكتفاء بوضع التلميذ داخل مقياس و نقارنه مع تلاميذ آخرين عوض جرد معارفه و كفاياته . و هذا أيضا يعتبر قضية مهمة و أساسية حسب المنظور التكويني . الشيء الذي يستوجب معرفة جيدة تخص تعلمات التلاميذ و كيفية تعلمهم و مساعدتهم و الدفع بهم نحو الامام بغية تحسين ظروف التعلم . إن التقويم التكويني على مستوى الفرد يفرض ذاته بكل بساطة حيث أنه يساهم في التشخيص و حل المشكلات . أصناف من البيداغوجية الفارقية تستلزم بالطبع أكثر من التشخيص . تستلزم إذا تدخلا شخصيا من نوع آخر في تنظيم العمل . و كل هذا سواء أكان هدفنا هو المعارف أم الكفايات أو الاثنين معا .
سؤال : رغم ذلك ألا يطرح تقويم الكفايات بعض المشاكل و الصعوبات الخاصة ؟ لقد أشرتم بقوة على أنه يجب على التقويم أن يمر عبر أنشطة القسم الاعتيادية . أعتقد أن هذا الكلام غير مستوعب من طرف المدرسين و المؤطرين العاملين بالقطاع . ما هي الوضعيات التعلمية الواجب استيعابها و تنظيمها من قبل المدرسين في القسم من أجل السماح لهم بتقويم كفايات التلاميذ عبر أنشطتهم الاعتيادية هاته ؟
جواب : أولا لنحاول جميعا تفسير لماذا يجب تقويم الكفايات بواسطة الوضعيات . و أضيف : الوضعيات ذات الاشكالية التي تحتوي على أمر ننجح فيه . بالطبع ، هناك اختبارات تضع التلاميذ في وضعيات و أنواع تقليدية أخرى لأنظمة مصحوبة برهانات النجاح . أتحدث هنا عن وضعيات من نوع مختلف أي تلك التي يكون النجاح فيها يحدث عبر موبلة المعارف و الدرايات المكتسبة لحل مشكلة معقدة . لماذا نربط هذه الفكرة بهذا المفهوم للكفاية ؟ بكل بساطة لأن الكفاية قد استنفذت . فإذا تتبعنا مثلا تصور لوبطرف الذي يساير كثيرا التعاريف الأخرى للكفايات في السيكولوجيا المعرفاتية و سيكولوجيا العمل – نجده يتحدد من عنصرين : من جهة هناك ، الموارد ، والمهارات ، و المعلومات ، والمعارف ، والمواقف ، والقيم ، والموارد المتاحة و الحاضرة بالذاكرة القصيرة الأمد ؛ و من جهة أخرى توجد القدرة ؛ مكتسبة ؛ الاغتراف من معين هذه الموارد في الوقت المناسب و تفعيلها بصورة تآزرية للحصول على كفاية من أجل اتخاذ قرار ملائم وتصرف عادل ،الخ.
من الضروري على المدرسة مقاومة إغراء قوي حينما تريد تقويم الكفايات . فهي تحسن تقويم المهارات ( مثل العمليات الحسابية او اللغوية ) أو تقويم المعارف ؛ و قد تحيد عن الخط و تختزل تقويم الكفاية في مكان الموارد الضرورية لتلك الكفاية تحديدا . كمن يراقب مثلا جميع بهارات أكلة كونها مجتمعة لديه ، يخاطر إذن بأن الوجبة قد تصبح جاهزة . لكن هذا هو المشكل عينه بالذات . إن الكفاية تذهب إلى أبعد نقطة إلى ما وراء الجاهزية التبسيطية للموارد الضرورية . إنها الفن الأكثر أعجوبة ، خيمياء عجيبة Alchimie étrange كما يقول لوبطرف ؛ تحدد ، تجند ، تجمع الموارد المناسبة بمهارة فائقة . لا نعرف كيف يتم هذا التجميع أو التوليف غير أن القصد منه هو ليس التطبيق لإجراء أو لمنهجية بأي حال من الأحوال . إن موبلة المعارف تتطلب عمليات عقلية معقدة أكثر ، جزء من هذه العمليات لا شعوري على الأقل عند الخبير طالما أن هذا الجزء ملتصق بعاداته وطابعه الثقافي son habitus .
ليس هناك أي برهان عقلي يدعو للتفكير في ان مجموع الموراد يشهد على وجود كفاية . بعض الدراسات الحديثة المقامة في بلجيكا على يد دو كيتيل De Ketele تبين بالاضافة إلى ذلك أن الكفاية الحقيقية و الواقعية لا تضمن ، فوق هذا كله ، الحضور لكل المعارف و المهارات المفترضة اكتسابها . هناك تلاميذ ينجحون في وضعيات معقدة دونما الحصول على كل الموارد « القانونية » ، إنهم يتدبرونها بطرق أخرى . أو بعبارة أخرى « سلة » الموارد لم تتحدد بشكل معياري . من الممكن أن نعثر على كفايات بسلات مواردها مختلفة و من ذات المستوى . عكس ذلك ، قد نجد بعض التلاميذ الحاصلين على كل الموارد التي تم ضبطها و تقويمها اتباعا عبر روائز المعارف و المهارات و لا يقدرون على عملية التحويل أو تعبئة هذه الموارد في وضعية.
استخلص من ذلك أنه في حالة ما إذا أردنا حقا و حقيقة تقويم الكفايات في المدرسة ، فإنه من الواجب قياس ليس مخزون الموارد فحسب لكن قدرة استخدام هذه الموارد في وضعية معقدة بصورة متضامنة و متآزرة . إذن لا بد من وضع التلميذ في حالة و هو يواجه هذه الوضعيات التي ستكون ، في التربية الأساس ، شبيهة لما يحدث في العمل بالتكوين المهني .
سؤال : هذه الوضعيات التعلمية يجب ان تكون معدة من طرف المدرسين . بصفة عامة ، ننتظر منهم بناء هذه الوضعيات و يستخدمونها في القسم . ألا يشكل هذا الأمر عملا إضافيا ؟ ألا يثقل كاهل المدرسين أثناء مزاولة مهامهم ؟
فيليب بيرينو : لا أحد يشك في ذلك . لكن الكل متعلق بالطريقة التي نستخدمها و نفهم بها المنهاج و التقويم في ذات الوقت و بالأخص علاقتهما مع أنشطة التكوين . لو أردنا تنمية و تقويم الكفايات و لا نرغب إطلاقا في تقنين او الحد من كم المعارف المستعملة و المطلوبة ، فإننا سوف نسقط في ردب منهاجي لأن تعلم و تقويم موبلة هذه المعارف و الدرايات لن يكون سوى العنصر الغائب عن مسرح الأحداث . منهاج كفائي متقن و مستحكم البناء يجب ان يضحي ببعض المعارف و يقيم عليها الحداد . مع الآسف العديد من الأنطمة لا تريد التخلي عن أية معرفة و تنظر إليها و كأنها ضرورية بالكامل . نتمنى إنماء و تطوير الكفايات بشكل من الأشكال من قبل التلاميذ « زيادة من السوق » . إن هذا الرفض و كل هروب و تخلي هو بكل وضوح عامل الابهاظ .
لو أعدنا التوازن للمنهاج حيث نخصص وقتا لإنماء الكفايات مسهلين و مقومين فعل ذلك هذا يعد إذا تحديا جديدا و حملا ثقيلا يمارس على المدرسين غير أن ثمن هذا التقويم يتماشى و الطريقة التي بموجبها سيدمج في العمل المدرسي الاعتيادي . لو كان من اللازم و الضروري إحداث وضعيات خاصة بالتقويم ، وضعيات معقدة و غالية الثمن في المعدات و الوسائل و الزمن وضعيات صعبة الملاءمة و المراس ؛ فإن تقويم الكفايات سيأخذ وقتا كبيرا بكل تأكيد الشيء الذي يتعذر معه تنظيم اختبارات في المعارف . إذن لا بد من تخصيص أغلافة زمنية ذات أهمية كبيرة للتقويم و وضع أليات مكلفة جدا في عين المكان : مسائل ، سيناريوهات ، لعب الأدوار ، مشاريع . الحصيلة ستكون وضعيات بحسب المناسبات قصد إظهار الكفايات المراد تقويمها . في هذه الحالة ، سوف نصل بسرعة إلى حدود الزمن المدرسي ، إلى حدود طاقات المدرسين ، إلى التعاون الفعلي بين التلاميذ . من هنا تلوح ضرورة دمج التقويم في العمل المدرسي الاعتيادي . بعبارة أخرى ، لا نخلق أوضاعا من اجل التقويم تكون أوضاعا استثنائية . وإنما التقويم و التطوير للكفايات يتم في الآن نفسه من خلال و عبر نفس الأنشطة و الوضعيات و هذا هو مااقترحته في مقال حديث ظهر في مجلة المربي l’éducateur ؛ لكن بطبيعة الحال هذا الامر ليس سحريا . لكي ننمي الكفايات على وجه الخصوص ، من المفترض أن نجعل التلاميذ يواجهون ، أحيانا او على الدوام ، وضعية معقدة .
سؤال : هكذا يتم تقويم التلاميذ وهم يشتغلون .لقد كتبتم : « تعد الممارسة المكثفة للحوار الميتامعرفي ( التعقلي ) ورقة رابحة في تقويم الكفايات .. ربحا مؤكدا » هل من الممكن توضيح هذه الممارسة التعقلية ؟ و أيضا كتبتم : « معظم الوظيفة الفكرية غير مرئية » فكيف يمكن إذا ربط الحوار الميتامعرفي باختفاء الوظيفة الفكرية ؟
جواب : إذا كانت الوظيفة الفكرية لا ترى ، فإن الحوار الميتامعرفي لن يكون مفروضا أو الزاميا . بالضبط فالوظيفية تسمح بالوصول أو بالاقتراب إلى الاختفائية . من هنا نقول أن الأمر سهل .. نحن هنا نتواجد في آن واحد عند تخوم معارفنا التنظيرية و الأليات الملموسة التطبيقية التي يمكن استخدامها . ما أقدمه هنا هو نقطة توجيهية في البحث و الابداع و ليس امرا يمكن معايشته و نكتفي يتطبيقه . في الوقت الراهن لا أحد يحسن حقا و حقيقة تقويم الكفايات ما عدا في التكوين المهني بلا شك . إن الصعوبة بادية أقل في هذا الميدان الأخير بسبب تملكنا وضعيات في اليد بيد أن في المدرسة الاساس ، يظل هذا المشكل قائما بالفعل بحيث ان المدرسة إلى حد ما تشكل في حد ذاتها عالما مستقل الذات .
إننا نعاني من التهور النسبي بداخل الانظمة التربوية التي تصنع المقرارت و البرامج الخاصة بالكفايات و تتجاهل معرفة تقويمها. يتبنى النظام التربوي المناهج بعملياته و إجراءاته التقويمية الكلاسيكية المأزومة ثم يلتفت بسرعة جهة المختصين في التقويم مطالبا إياهم : « قولوا لنا كيف نعمل لتقويم المكتسبات في المنهاج الجديد » . كان من الأفضل طرح السؤال من ذي قبل أي وقت بناء المناهج و قبل الشروع في العمل . لكن سوسيولجيا المناهج توضح ان قضية التقويم هي آخر ما يفكر فيه بعدما نتبنى البرامج الجديدة . من الممكن أن نتصور الأمر ضربا من الخيال : لو فكرنا في التقويم منذ البداية ، سوف نؤخر تفعيل البرامج الجديدة في انتظار جواب شاف و مقنع لقضية التقويم ، و نتأكد بأنفسنا من هذا الفراغ لما نطلب من المدرسين تفعيل التقويم حسب ما يقتضيه البرنامج الدراسي الجديد .. يقولون : نعم ، لكن كيف نعمل ؟ نفهم إذن أنه كان من المفروض علينا التفكير في التقويم منذ البدايات الاولى .
أغلق هذه المزدوجتين و أعود لسؤالك بشأن الحوار الميتامعرفي . بالنسبة لمواد التعلم / فعل – تصرف كالرياضيات و بعض الحرف اليدوية و الممارسات الفنية ، فإن الكفاية تترجم إلى إنجاز يمكن ملاحظته نسبيا و تصويره بالفيديو لأن الانجاز يتحول إلى إشارات و أفعال حسحركية بحيث من الممكن من خلالها الاطلاع و الوقوف على درجة نجاح الكفاية او فشلها . فالبهلواني قد يفقد توازنه أم يتفوق في حركاته ، يسقط أم لا يسقط . بإمكاننا بصورة ما أن نستقرأ من الحدث كون الكفاية موجودة و يتحقق التوازن .
وعلى الرغم من ذلك تظل الوظيفة الذهنية الضامة للانجاز غربية جدا . لا احد من المدرسين هو بقادر على أن يعفي نفسه من فهم و تفهم ما يدور في عقلية الرياضي و المغني و الطباخ . بالنسبة لتلاميذ المدرسة سوف لن يكون الانجاز معروفا و محددا بكل يسر . فمن جهة ، يتواجد التلاميذ في صميم حركية التعلم ؛ و من جهة اخرى ، ستختفي و تزول الملاحظة خلافا لما يحدث في الانجاز الرياضي و التعبير الفني او المنتوج الحرفي . إن تقويم الكفايات فقط بواسطة ملاحظة التلاميذ و ما يفعلون يستنفد حدوده بسرعة كبيرة و بالاخص في إطار التكوين حينما نقول للتلميذ : « بإمكانك أن تعمل أكثر » فهذا الكلام لا يساعد المتعلم فيما يخص الطريقة او الكيفية . من اجل منفعته ، لا بد للملاحظ من تحديد و عزل الوظائف أو السلوكات الخاصة و إبراز نقط ضعفها . إن هذا الامر يستحيل في غياب محاورة الفاعل . جزء من التقويم التكويني يمر عبر نوع تصوري مماثل لما يمكن تسميته في الطب بالمنطق السريري ( الاكلينيكي ) : الشيء المنضوي في الفعل ، الاسئلة التي نطرح ، الفرضيات التي نصوغها، الاستراتيجيات المرفوضة لأنها غير واقعية أو أقل طموحا ، الخيارات التي ننظر فيها و المراقبة التي نقوم بها قبل بدء أي عمل أو حراك . كل هذه البراهين و الحجج تبقى بعيدة المنال أثناء الملاحظة المباشرة . لإعادة بنائها و إقامة الدليل على حضوريتها و ربما على جودتها من الضروري استجواب الفاعل . المقصود هنا هو التلميذ . نحاول أن نفهم كيف يفكر . الحوار الميتامعرفي يقتضي من الملاحظ أن يكون قادرا على مساءلة الفرد لكن الفرد من جانب آخر يفسر كيف يفكر و كيف يرسم و لماذا يختار هذا و ذاك و فيما يفكر الآن . إذا لم تكن هذه الكفاية المنعكسة و الميتامعرفية قد تطورت منذ التمدرس فإن وظيفتها الذاتية و الشخصية ستبقى متحجرة و معطلة بالنسبة إليه و من تم يصبح عاجزا عن تقديم مساعدة إفهام المدرس عن كيفية اشتغال المدرس الذي نفسه هو غير عارف بذلك . التمرن الاستبطاني التأملي هو حواري بمعنى أن حيث الذي يسائل يساهم في التساؤل و يحاول اتخاذ موقف واع بخصوص الطريقة التي يوظفها و يعبر عنها . إن هذا البعد يبدو أداة حاسمة في تقويم الكفايات المعقدة .
سؤال : هذا الأمر ليس سهلا بدون شك حتى بالنسبة لمن تصفونه بالمدرس الخبير في تقويم التعلمات . فيما يتعلق بهذه الخبرة ، هناك أسئلة تطفو على السطح : المدرسون متهمون بالذاتية la subjectivité حتى في الصيغة الجديدة لتقويم التعلمات . إذن ، عندما لا يقوًَم المدرس بواسطة الروائز و الامتحانات الكتابية ، هذه الشبهة أو الاتهام الصادر من الآباء و المجتمع ، هل سوف يستمر و يدوم بل وقد يستفحل ؟ هل يمكن اعتباره حاجزا قابلا للتجاوز ؟ هل يستجيب المدرسون لهذا المطلب ألا و هو التحول إلى « ملاحظين أثناء عملهم » دون إصدار حكم من الاحكام ؟ هذه قضية تخص تكوين المدرسين أيضا .
فيليب بيرينو : لا أدري إن كان قابلا للتجاوز ام لا . لكن فعلا هناك مشكل يستعصي عن الحل . أول شيء يمكن ان أقوله ، على كل حال ، هو أنه من اللائق و الطبيعي أن يصبح المدرسين خبراء في الملاحظة أثناء اشتغالهم و أثناء الحوار الميتامعرفي . لا بد أن نكون متفائلين من اجل القول اليوم أن كل المدرسين هم الآن كالخبراء . صحيح أنهم لم يتلقوا تكوينا في هذا المجال ، يشكلون أقلية في الاعدادي مقارنة لما يحدث في الابتدائي . و اليوم بالرغم من كل ذلك ، فإن شكوك و اتهامات الآباء مقبولة و متفهمة . يعلم الآباء جيدا أن خبرة المدرسين في التقويم عامة و في تقويم الكفايات على وجه الخصوص لا ترقى إلى المستوى المطلوب . بإمكان المدرسين الوقوع في الخطأ ، يرزحون تحت الأحكام الجاهزة ، يصبحون أداة استمالة في يد بعض التلاميذ الاذكياء لإنقاد ماء وجوههم ملتفين حولهم و ذلك بلفهم في الطحين . الثقة ؛ ذلك هو الوجه الآخر للشك و الريبة ؛ تبنى الكفاية عندما تلقى تأكيدا من الخبير و هي تتشكل و تبنى و لا تحمل العيب و نقائص كثيرة . يطالب الآباء بقوة بأسئلة من اختيار متعدد أو بإجراءات أخرى أكثر موضوعية مظهريا بسبب عدم منح الثقة في الحكم المهني للمدرس . لو قال الآباء : « يعرف المدرس ما يقول . لقد لاحظ ابني عن قرب . يدرك حقيقة ابني و انا أثق فيه » لو كان الآباء يحملون إزاء المدرس ذات العلاقة المتواجدة لدى الطبيب حينما يقوم بالتشخيص سيكونون بدون شك مخدوعين في الغالب لأن لا أحد معصوم من الخطأ غير ان عدد ساعات العمل و الجهد والطاقة ستكون موفرين في أغلب الحالات . في الطب نفسه ، من الممكن ان يحصل المريض على طلب تشخيص آخر في حالة وجود رهانات كبيرة مثلا في عملية جراحية مهمة و الطبيب نفسه يطلب رأيا أخر . من الطبيعي أن لا نثق دائما في الخبراء . من هنا ينبثق الحذر و الاحتراس . توجد هنا خطوة لا يمكن تجاوزها . الالحاح و توخي المزيد من الموضوعية بتفويض التقويم إلى إجراءات أوتوماتيكية قد يؤدي إلى الباب المسدود . البديل هو منح الثقة للمدرسين الذين يمتلكون رؤية بناءة و الذين يعرفون استقراء الكفايات و المعارف انطلاقا من مؤشرات واضحة . فإذا كان النظام التربوي يريد تقوية و غرس الثقة و وضعها في يد خبرة المدرسين بشأن موضوع التقويم ، يجب وضع المزيد من الموارد ، المزيد من الوسائل و المزيد من التكوين تحت رهن إشارتهم .
الوجه الآخر للقضية كما أرها هو رهانات التقويم . للنظام بعض التبعات يتحملها لو استطاع وضع الثقة في المدرسة الأساس . لا أتحدث عن الدراسات العليا حيث الاصطفاء هناك يأخذ معنى مختلفا . أن يكون الهدف الرئيسي هو تكوين الجميع ، معنى ذلك أن التقويم لن يصبح منظورا إليه كأداة تختار و تصطفي لكن تساعد في التعلم و يقل الاحتدام والتصادم . جزء من مستهلكي المدرسة الذين هم الآباء لديهم إحساس بصراع المصلحة بين التقويم و المهن المدرسية المخصصة لأولادهم . شكوكهم إزاء أحكام المدرسين هي جزء من الدفاع ضد سلطة المدرسة التي ترغب في إبعاد أولادهم من بعض الشعب أو الأسلاك التكوينية . باختصار ، لا يمكننا في آن واحد تهديد الاطفال والأسر بالتهميش و بالاقصاء و بالتنحي دون معاقبة ، و من جهة أخرى وضع ثقة الآباء في رجال المؤسسة التي تهددهم . يوجد هنا فضاء للعمل بالنسبة للمدرسة في حالة ما إذا رغبت التموقع بجانب التكوين بكل صدق و وضوح بدل الانتقاء la sélection .
سؤال : في مستوى أخر ، في إشارة إلى ما يجري في الابتدائي و في الاعدادي فإن الأمر لا ينطلق تماما بنفس الوتيرة . و نفس الخطاب يمكن قوله بالنسبة لكيبيك . إن ظروف العمل لا تتشابه في مدارس الاعدادية و في مدارس الابتدائية . فالصورة التي يحملها المدرسون عن أنفسهم هي في تغيير مستمر ! من إطار إلى إطار آخر . و أيضا المهمات ليست ذات المهمات . إذن ، هل يجوز لنا أن نعتقد بأن مدرسي الابتدائي و الاعدادي لا توجد لديهم نفس الاستعدادت لتقويم الكفايات ؟ من المؤكد أن لديكم علما بالسياق الكيبيكي لكن تعرفون جيدا السياق المدرسي بسويسرا على وجه التحديد . هل قمتم بمعيانات تتعلق بالتقويم لأساتذة الابتدائي و الاعدادي ؟
جواب : أعتقد أنني أشاهد نفس الاختلافات النوعية في كل مكان مع تباينات مرتبطة بمفهوم التمدرس الاعدادي و تكوين أساتذة الاعدادي . إنني أرى التشابهات المتزايدة بكثرة بدل الاختلافات الهائلة من بلد إلى بلد أخر كما أعرفه . بصورة حصرية ، هذا الامر ناتج عن ظروف العمل في التعليم الاعدادي و خاصة أثناء تقسيم الزمن المدرسي للمواد التعلمية . كما انه من الصعب جدا القيام بالتقويم التكويني و إنماء الكفايات عندما نشتغل في ست ، ثمان او عشرة حجرات بمعدل ساعة واحدة ، ساعتان أو أربع ساعات داخل قاعة الدرس . فالتقويم التكويني و الملاحظة المستمرة تفترض بالحري نوعا من التعايش الدائم بذات المكان المخصص للانشطة . يشق على الاستاذ ملاحظة التلاميذ أثناء عملهم في مادة التاريخ ، و في مادة الرياضيات أو في مادة البيولوجيا عندما يقضي معهم ساعة في يوم الاثنين صباحا و ساعة في يوم الخميس بعد المساء . هذا تحد مستحيل مواجهته و صعب التطبيق . كأن نتعرف بكل دقة على عدد من التلاميذ الذين نقابلهم إلا قليلا . إن ظروف العمل و استعمال الزمن و اختصاصات أساتذة التعليم الاعدادي كل هذا يمثل عوائق رئيسية في وجه تقدم ونمو و تقويم الكفايات ما عدا ربما في المواد الأساسية تلك التي على الأقل تتوفر على 4 أو 5 ساعات من العمل أسبوعيا داخل القسم . الحل ، إذا ما كان هنالك حلا لكن سوف يحدث اضطرابا و بلبلة لعدد من الناس و في مقدمتهم المدرسين طبعا ، هو على الأرجح نتجه نحو الحد من تخصصات عمل اساتذة الاعدادي و القطع مع استعمال الزمن الاسبوعي . لو اشتغل أستاذ البيولوجيا أسبوعا كاملا مع نفس التلاميذ سيتمكن من مساعدتهم في تنمية الكفايات و مراقبتهم أثناء العمل بصورة مغايرة تماما بدل تقديم نفس عدد ساعات التدريس المتشعشعة بمعدل ساعتين في الأسبوع طيلة منتصف السنة . إن الاصلاح المنهاجي يطرح مشكلا بنيويا و تنطيميا في العمل بالتعليم الاعدادي إلا أن لا أحد لديه الفائدة في قول هذه الأمور بفظاظة . في اعتقادي أننا سائرون نحو تناقضات من الصعب التغلب عليها .
ثم أيضا هناك قضية أخرى تخص تكوين مدرسي الاعدادي بسويسرا و في العديد من البلدان الأوروبية و هذا التكوين ليس في المستوى المطلوب على كل حال إذا ما قارناه بنظيره في الابتدائي و المتعلق بالعمليات التعلمية للمعارف و كفاءة التقويم في النهاية . طالما أن مدرسي الاعدادي يتلقون تكوينا أغلبيته مواد تعلمية des disciplines أي تكوينا متمركزا حول المادة المراد تدريسها و ليس على العمليات التعليمية – التعلمية ، فإن قدرتهم في التقويم ستظل ناقصة لأن الأفكار و المفاهيم الضرورية و المساعدة لفهم العوائق التي تعترض طريق التلاميذ سوف لن تصبح لا معروفة و لا مستوعبة . لنأخذ أحد الامثلة الأكثر استعمالا و تطبيقا . اليوم يدرك مدرسي الابتدائي لماذا تظهر بعض العوائق الكلاسيكية على مستوى العد الحسابي ، و بناء الفضاء ، و بعض عمليات الجبر او دراسة المجموعات . لست متيقنا من ان أستاذا و هو يدرس التلاميذ عمرهم 14 سنة يمتلك من الوسائل و الأدوات المفاهيمة المتكافئة ( في الديداكيتيك ، في نظرية التعلمات ) ما يجعله قادرا على فهم فكرة العدد السالب و الجذر المربع أو التماس المتعذر لفئة من تلامذته . لا أعتقد ان ثقافة رياضياتية موسعة تكفي لاستيعاب صعوبات التعلم ؛ فهي احيانا تضع ستارا و سدا منيعا حيال هذا الفهم و الاستيعاب و لماذا لا يفهم التلاميذ . جميع المناهج التي تتبنى الكفايات ، جميع المقاربات البنائية و جميع الالحاحات على التقويم التكويني تقتضي التوجه نحو إعطاء المزيد من الأهمية للتكوين الديداكتيكي و السيكوبيداغوجي للأساتذة .
سؤال : و الآن في نهاية هذا الحوار ، أود أن أستبق المستقبل ، مستقبل التقويم بكل واقعية . ما هي الأفخاخ ؟ لأن هذه الأفخاخ موجودة بكل تأكيد ؛ أفخاخ تقويم الكفايات ؟ ما هي الأفخاخ الرئيسية التي تنصحوننا باجتنابها ؟
فيليب بيرينو : لا أدري إن كان لدي جواب محدد بشأن ذلك . قبل تجنب الأفخاخ من الضروري أن ننتقل إلى الفعل ! ما أراه في تقويم الكفايات بالأحرى هو الموانع و المعيقات . سيكون الفخ إذن هو الرجوع إلى الوراء و القهقري صوب التقويم لأننا لا نحسن أي شيء أفضل و انفع من التقويم . في الحقيقة ليس ذلك بسبب التقويم ذاته لكن على الأرجح مكمن الخلل راجع للصعوبات في تنمية الكفايات و تدبير المشروعات و خلق وضعيات حبلى بالاشكاليات و في خلق فضاءات للقرار و العمل بداخل القسم . بيد أن لا التمدرس و لا تكوين المدرسين يتمتعان بصحة جيدة .
إذا كان إنماء الكفايات يعني التغيير في نظام « تدبير القسم » ، الشيء الذي تزداد صعوبته في الاعدادي أكثر مما في الابتدائي؛ و إذا فشلنا في الأمر إما لأن الأساتذة لم يتفقوا ، وإما لانعدام تكوينهم ، و إما بسبب تنظيم العمل الذي يستحيل معه التقدم ؛ إذن سوف نختزل مفهوم الكفاية في بعض الدرايات les habiletés و نختزل تقويم الكفايات في تقويم هذه الدرايات . سنقوم بذلك لأول وهلة و لسوف ينطلق التقويم مظهريا لكنه سيجانب طموحات المنهاج المتوجه نحو الكفايات . ربما هذا هو الفخ الرئيس . و أجده ينطبق على أنطمة عدة لأن في الأخير هذه الانظمة تفتقد للوسائل لبلوغ مراميها و طموحاتها و تتسرع كثيرا . بطبيعة الحال ، إن البحث عن الوسائل غير مرحب به في ظل الأزمة المالية و انتظار الوقت لا يسمح بالحصول على النتائج قبل الانتخابات المقبلة .
منعطف خطير جدا تعرفه هذه الانظمة التربوية ؛ هذا تشاؤم أحمله كسوسيولوجي ؛ أن نشاهد جميعا هذه الطموحات و هي تتقهقر بدون أن نصرح بذلك هذا يعنى اللعب بالكلمات . في مثل هذه الظروف ، لا يعد ضربا من المستحيل كون البرامج المتبناة عبر الكفايات تنمي الدرايات منزوعة السياق و ذات صلة ضعيفة بالوضعيات المعقدة : هذا هو ما تتقنه المدرسة لأنها لم تجد الوسائل أو لم ترغب في ركوب المخاطر لفعل شيء آخر بسبب غياب تام و كلي للتساؤل بصدد الادوات والوسائل . إذا كان لا بد من الاشتغال بالمشروعات ، إذا كان من اللازم العمل بواسطة المسائل ، إذا كان استعمال الحوارات و الانشطة الاجتماعية يعد حاجة ملحة و عملا مطلوبا ، فإنه من الواجب التحلي بالشجاعة و مواجهة نظرة الآباء . لا بد من الخروج من المدرسة . الأمر الذي يحدث فوضى في عالم يمتاز بالتنظيم البالغ . إننا نطالب من التلاميذ بالمزيد من العمل في بعض الأحيان و أيضا من الأساتذة على أكبر تقدير لأن طريقة المشروع على سبيل المثال لا تتلاءم بالكامل و لا تتماشى و العمل الاعتيادي في القسم . في حالة ما إذا وقع تراجع أمام هذه التحديات من الممكن أن نبتعد تدريجييا و بدون وعي عن وحي البرامج المعتمدة على الكفايات و لا نستبقي سوى المفرادات المعجمية . إن ما أتيت على ذكره بعد حين هو فخاخ الاصلاح . فهو لا يهتم بالتقويم أصلا . من المؤكد أننا لو اتجهنا نحو التقويم الحقيقي للكفايات من خلال نوع من الملاحظات المستمرة أي وفق نهج التدريب coaching الخاص بالشخص الرياضي المتدرب ، بأستاذ الموسيقى الذي يشتغل مع ، يلاحظ كيف ، يناقش و يصدر حكما صائبا و سديدا بشأن الكفايات و طبيعتها و نموها ؛ فإن فخ الاعتباطية l’arbitraire سيظل يشكل خطورة لدى بعض عدد من المدرسين الذين سوف يبالغون في التقدير اتجاه قدراتهم التقويمية و يقترفون بعض التظلمات . لا بد من التحلي بأخلاق تقويم الكفايات و ذلك بفضل التكوين و اتخاذ إجراءات المراجعة و المساعدة . نرجع لموضوع الاتهام . لا يجب تغذيته أكثر من اللازم و ندافع عنه لكن لا بد من التكهن بحقوق الطعن و المراجعة في حالة حدوث الشطط مهما كان الأمر .
هناك فخ آخر : إننا نختصر ما نقوم بتدريسه حتى نمهر في تقويمه أو بعبارة أخرى ، إن الدرايات سوف تضعف مفهوم الكفاية شيئا فشيئا . يوجد تناقض حقيقي بين العمل بالكفايات المعقدة حيث لا يدري المدرس أثناء سيرورتها مسبقا فيماذا يفكر أو يقوم به – سوف يكتشفه بمعية التلاميذ – موفرا بذلك الوقت و الوسائل . بإمكاننا وضع الثقة في دور النشر و التوزيع و منتجون آخرون ينتمون للطبقة الايديولوجية لينتجوا فهرسا من 127 وضعية معيارية قابلة للتصدير في أخر الأمر . ستكون هذه الوضعيات كذلك ملقنة مثلها مثل التمارين مع المغاطس و القطارات ! الفخ الاساسي الذي يترقب إشكالية البنائية كلها هو : كيف نصنع وضعيات حية وضعيات تدوم مع ذلك أربعون أسبوعا في السنة ، ثلاثون ساعة في الأسبوع ؟
آخر فخ : هو الاستسلام للاغراء إزاء التقكير التبسيطي . مثلا أن نستقرأ من كلامي عبارة قد توحي أو يفهم من خلالها أنني ضد الاصلاحات ، ضد منهاج الكفايات أو ضد البنائية لأنني أحاول وضع المشاكل و حدود المقاربات بشكل جلي و واضح . فإنه لا يوجد أكثر سوءا اليوم من الرجوع إلى الفكر الأبيض و الأسود حول التربية و لا يوجد أكثر حزنا من أن نشاهد بعض الباحثين و هم يساهمون في ذلك .
حوار مع فيليب بيرنو
تقديم ليليان بورتلانص
ترجمة : محمد مبشور
فيليب بيرنو ، سوسيولوجي ، دكتور في علم الاجتماع و الانتروبولوجيا ، أستاذ في جامعة جينيف ، مختص في حقل المناهج ، و الممارسات البيداغوجية و مؤسسات التكوين . يعتبر احد منشطي مختبر الابحاث حول مستجدات التكوين و التربية Life .
سؤال : نسجل أولا أن اهتماماتك بتنمية الكفايات في المدرسة و تقويم الكفايات ليس امرا جديدا . هذا الاهتمام معروف في كيبيك لأن كتاباتك مقرؤوة بشكل موسع و منتشرة في مدارس تكوين المدرسين . بعد مرور سنوات قليلة أشرتم إلى الصلات و الروابط الموجودة بين التقويم التكويني و التعديل القوي للتعلمات . لا بد من توضيح للسياق التربوي الحالي المقدم من طرفكم و الذي حرر مؤخرا و ظهر في مجلة المربي l’éducateur . أشرتم إلى أن البرامج الآن تسير نحو تنمية الكفايات و ليس فقط نحو كسب المعارف . في النص الذي يحمل عنوان « تقويم الكفايات » أقمتم حدودا دقيقة بين تقويم المعارف و تقويم الكفايات . قلتم أن تقويم الكفايات لا يطرح أية مشكلة جديدة . فما هي التباينات التي يمكن إقامتها بين تقويم المعارف و تقويم الكفايات ؟
فيليب بيرينو : كل شيء يتوقف على التحديدات الممنوحة لهذين المفهومين . سيرا على خطى بعض ديداكتيكي المواد التعلمية أمثال جان – بيير اصطولفي من الممكن أن نستغني عن مفهوم الكفاية شريطة أن نحدد المعارف كموارد تستعمل ليس فقط لكي تجيب على أسئلة الامتحان بعيدة عن أي سياق واقعي و طبيعي ، و لكن الهدف منه هو إيجاد حلول للمشاكل و اتخاذ قرارت و قيادة المشاريع ،الخ . أتفق مع هذا الطرح : إذا كانت المدرسة في واقع الأمر تنمي المعارف المستعملة ، و إذا كانت تقوم القدرة la capacité بكل جدية و تعمل على تحويلها ، من باب التعبئة و الاستخدام في الوضعية ؛ على التو يمكن القول أن المدرسين يعرفون جيدا ما معنى تقويم الكفايات . غير أن المشكل المطروح ، كما يقول اصطولفي نفسه في « المدرسة من أجل التعلم » ، هو أن طبيعة المعارف المدرسية « لا هي بالنظرية و لا هي بالتطبيقية » مما يسمح بتقويم هذه المعارف بصورة مستقلة عن حقل استعمالاتها في حل المشاكل الحقيقية و اليومية و اتخاذ القرارات المناسبة . إن التقويم المدرسي المنتشر و المعروف لا يقدم أي توضيح فيما يرجع لقدرة المتعلمين الخاصة في استخدام معارفهم خارج السياق أي في وضعية معقدة . لو تبنت كيبيك برنامجا كفائيا ، فلأن من الممكن تخيل هذا الأمر ينطلق من كون المعارف تظل غير مفهومة و غير مدمجة من قبل التلاميذ مسوغة لهم استخدماتها في الحياة . لو كانت المعارف تمثل أدوات من اجل اتخاذ القرار و التصرف فيما مضى لما كانت هنالك حاجة أو دعوة للاصلاح في المنهاج . ليكن ما كان المعجم المستعمل ، فإن صلب الموضوع او المشكل هو : تعلم استخدام المعارف من أجل البقاء في الحياة .
سؤال : في كتابات سابقة لقد تم التأكيد على أن المدرسة تنتج الفشل و خاصة فيما يرجع لتقويم التعلمات . هل من الممكن أن ننهج التقويم الفردي لتعلمات التلاميذ ؟ و بأي شروط يمكن أن يتم ذلك ؟
فيليب بيرينو : الروائز و وضعيات التقويم على ما يبدو لي داخل نفس مجموعة القسم أو بداخل نفس قاعة الدرس في الجامعة كلها متشابهة . نتائج هذه الروائز أو الاختبارات المعيارية تظل في معظم الأوقات فردية لأن الجميع لا يحصل على نفس النقطة. لا يملك الجميع نفس النتيجة . حسب المنظور الاشهادي في نهاية البرنامج أو في آخر مرحلة ليس هنالك ما يدعو للاستغراب او الدهشة بأن تقاس المكتسبات بشكل متشابه . في المقابل ، من غير اللائق الاكتفاء بوضع التلميذ داخل مقياس و نقارنه مع تلاميذ آخرين عوض جرد معارفه و كفاياته . و هذا أيضا يعتبر قضية مهمة و أساسية حسب المنظور التكويني . الشيء الذي يستوجب معرفة جيدة تخص تعلمات التلاميذ و كيفية تعلمهم و مساعدتهم و الدفع بهم نحو الامام بغية تحسين ظروف التعلم . إن التقويم التكويني على مستوى الفرد يفرض ذاته بكل بساطة حيث أنه يساهم في التشخيص و حل المشكلات . أصناف من البيداغوجية الفارقية تستلزم بالطبع أكثر من التشخيص . تستلزم إذا تدخلا شخصيا من نوع آخر في تنظيم العمل . و كل هذا سواء أكان هدفنا هو المعارف أم الكفايات أو الاثنين معا .
سؤال : رغم ذلك ألا يطرح تقويم الكفايات بعض المشاكل و الصعوبات الخاصة ؟ لقد أشرتم بقوة على أنه يجب على التقويم أن يمر عبر أنشطة القسم الاعتيادية . أعتقد أن هذا الكلام غير مستوعب من طرف المدرسين و المؤطرين العاملين بالقطاع . ما هي الوضعيات التعلمية الواجب استيعابها و تنظيمها من قبل المدرسين في القسم من أجل السماح لهم بتقويم كفايات التلاميذ عبر أنشطتهم الاعتيادية هاته ؟
جواب : أولا لنحاول جميعا تفسير لماذا يجب تقويم الكفايات بواسطة الوضعيات . و أضيف : الوضعيات ذات الاشكالية التي تحتوي على أمر ننجح فيه . بالطبع ، هناك اختبارات تضع التلاميذ في وضعيات و أنواع تقليدية أخرى لأنظمة مصحوبة برهانات النجاح . أتحدث هنا عن وضعيات من نوع مختلف أي تلك التي يكون النجاح فيها يحدث عبر موبلة المعارف و الدرايات المكتسبة لحل مشكلة معقدة . لماذا نربط هذه الفكرة بهذا المفهوم للكفاية ؟ بكل بساطة لأن الكفاية قد استنفذت . فإذا تتبعنا مثلا تصور لوبطرف الذي يساير كثيرا التعاريف الأخرى للكفايات في السيكولوجيا المعرفاتية و سيكولوجيا العمل – نجده يتحدد من عنصرين : من جهة هناك ، الموارد ، والمهارات ، و المعلومات ، والمعارف ، والمواقف ، والقيم ، والموارد المتاحة و الحاضرة بالذاكرة القصيرة الأمد ؛ و من جهة أخرى توجد القدرة ؛ مكتسبة ؛ الاغتراف من معين هذه الموارد في الوقت المناسب و تفعيلها بصورة تآزرية للحصول على كفاية من أجل اتخاذ قرار ملائم وتصرف عادل ،الخ.
من الضروري على المدرسة مقاومة إغراء قوي حينما تريد تقويم الكفايات . فهي تحسن تقويم المهارات ( مثل العمليات الحسابية او اللغوية ) أو تقويم المعارف ؛ و قد تحيد عن الخط و تختزل تقويم الكفاية في مكان الموارد الضرورية لتلك الكفاية تحديدا . كمن يراقب مثلا جميع بهارات أكلة كونها مجتمعة لديه ، يخاطر إذن بأن الوجبة قد تصبح جاهزة . لكن هذا هو المشكل عينه بالذات . إن الكفاية تذهب إلى أبعد نقطة إلى ما وراء الجاهزية التبسيطية للموارد الضرورية . إنها الفن الأكثر أعجوبة ، خيمياء عجيبة Alchimie étrange كما يقول لوبطرف ؛ تحدد ، تجند ، تجمع الموارد المناسبة بمهارة فائقة . لا نعرف كيف يتم هذا التجميع أو التوليف غير أن القصد منه هو ليس التطبيق لإجراء أو لمنهجية بأي حال من الأحوال . إن موبلة المعارف تتطلب عمليات عقلية معقدة أكثر ، جزء من هذه العمليات لا شعوري على الأقل عند الخبير طالما أن هذا الجزء ملتصق بعاداته وطابعه الثقافي son habitus .
ليس هناك أي برهان عقلي يدعو للتفكير في ان مجموع الموراد يشهد على وجود كفاية . بعض الدراسات الحديثة المقامة في بلجيكا على يد دو كيتيل De Ketele تبين بالاضافة إلى ذلك أن الكفاية الحقيقية و الواقعية لا تضمن ، فوق هذا كله ، الحضور لكل المعارف و المهارات المفترضة اكتسابها . هناك تلاميذ ينجحون في وضعيات معقدة دونما الحصول على كل الموارد « القانونية » ، إنهم يتدبرونها بطرق أخرى . أو بعبارة أخرى « سلة » الموارد لم تتحدد بشكل معياري . من الممكن أن نعثر على كفايات بسلات مواردها مختلفة و من ذات المستوى . عكس ذلك ، قد نجد بعض التلاميذ الحاصلين على كل الموارد التي تم ضبطها و تقويمها اتباعا عبر روائز المعارف و المهارات و لا يقدرون على عملية التحويل أو تعبئة هذه الموارد في وضعية.
استخلص من ذلك أنه في حالة ما إذا أردنا حقا و حقيقة تقويم الكفايات في المدرسة ، فإنه من الواجب قياس ليس مخزون الموارد فحسب لكن قدرة استخدام هذه الموارد في وضعية معقدة بصورة متضامنة و متآزرة . إذن لا بد من وضع التلميذ في حالة و هو يواجه هذه الوضعيات التي ستكون ، في التربية الأساس ، شبيهة لما يحدث في العمل بالتكوين المهني .
سؤال : هذه الوضعيات التعلمية يجب ان تكون معدة من طرف المدرسين . بصفة عامة ، ننتظر منهم بناء هذه الوضعيات و يستخدمونها في القسم . ألا يشكل هذا الأمر عملا إضافيا ؟ ألا يثقل كاهل المدرسين أثناء مزاولة مهامهم ؟
فيليب بيرينو : لا أحد يشك في ذلك . لكن الكل متعلق بالطريقة التي نستخدمها و نفهم بها المنهاج و التقويم في ذات الوقت و بالأخص علاقتهما مع أنشطة التكوين . لو أردنا تنمية و تقويم الكفايات و لا نرغب إطلاقا في تقنين او الحد من كم المعارف المستعملة و المطلوبة ، فإننا سوف نسقط في ردب منهاجي لأن تعلم و تقويم موبلة هذه المعارف و الدرايات لن يكون سوى العنصر الغائب عن مسرح الأحداث . منهاج كفائي متقن و مستحكم البناء يجب ان يضحي ببعض المعارف و يقيم عليها الحداد . مع الآسف العديد من الأنطمة لا تريد التخلي عن أية معرفة و تنظر إليها و كأنها ضرورية بالكامل . نتمنى إنماء و تطوير الكفايات بشكل من الأشكال من قبل التلاميذ « زيادة من السوق » . إن هذا الرفض و كل هروب و تخلي هو بكل وضوح عامل الابهاظ .
لو أعدنا التوازن للمنهاج حيث نخصص وقتا لإنماء الكفايات مسهلين و مقومين فعل ذلك هذا يعد إذا تحديا جديدا و حملا ثقيلا يمارس على المدرسين غير أن ثمن هذا التقويم يتماشى و الطريقة التي بموجبها سيدمج في العمل المدرسي الاعتيادي . لو كان من اللازم و الضروري إحداث وضعيات خاصة بالتقويم ، وضعيات معقدة و غالية الثمن في المعدات و الوسائل و الزمن وضعيات صعبة الملاءمة و المراس ؛ فإن تقويم الكفايات سيأخذ وقتا كبيرا بكل تأكيد الشيء الذي يتعذر معه تنظيم اختبارات في المعارف . إذن لا بد من تخصيص أغلافة زمنية ذات أهمية كبيرة للتقويم و وضع أليات مكلفة جدا في عين المكان : مسائل ، سيناريوهات ، لعب الأدوار ، مشاريع . الحصيلة ستكون وضعيات بحسب المناسبات قصد إظهار الكفايات المراد تقويمها . في هذه الحالة ، سوف نصل بسرعة إلى حدود الزمن المدرسي ، إلى حدود طاقات المدرسين ، إلى التعاون الفعلي بين التلاميذ . من هنا تلوح ضرورة دمج التقويم في العمل المدرسي الاعتيادي . بعبارة أخرى ، لا نخلق أوضاعا من اجل التقويم تكون أوضاعا استثنائية . وإنما التقويم و التطوير للكفايات يتم في الآن نفسه من خلال و عبر نفس الأنشطة و الوضعيات و هذا هو مااقترحته في مقال حديث ظهر في مجلة المربي l’éducateur ؛ لكن بطبيعة الحال هذا الامر ليس سحريا . لكي ننمي الكفايات على وجه الخصوص ، من المفترض أن نجعل التلاميذ يواجهون ، أحيانا او على الدوام ، وضعية معقدة .
سؤال : هكذا يتم تقويم التلاميذ وهم يشتغلون .لقد كتبتم : « تعد الممارسة المكثفة للحوار الميتامعرفي ( التعقلي ) ورقة رابحة في تقويم الكفايات .. ربحا مؤكدا » هل من الممكن توضيح هذه الممارسة التعقلية ؟ و أيضا كتبتم : « معظم الوظيفة الفكرية غير مرئية » فكيف يمكن إذا ربط الحوار الميتامعرفي باختفاء الوظيفة الفكرية ؟
جواب : إذا كانت الوظيفة الفكرية لا ترى ، فإن الحوار الميتامعرفي لن يكون مفروضا أو الزاميا . بالضبط فالوظيفية تسمح بالوصول أو بالاقتراب إلى الاختفائية . من هنا نقول أن الأمر سهل .. نحن هنا نتواجد في آن واحد عند تخوم معارفنا التنظيرية و الأليات الملموسة التطبيقية التي يمكن استخدامها . ما أقدمه هنا هو نقطة توجيهية في البحث و الابداع و ليس امرا يمكن معايشته و نكتفي يتطبيقه . في الوقت الراهن لا أحد يحسن حقا و حقيقة تقويم الكفايات ما عدا في التكوين المهني بلا شك . إن الصعوبة بادية أقل في هذا الميدان الأخير بسبب تملكنا وضعيات في اليد بيد أن في المدرسة الاساس ، يظل هذا المشكل قائما بالفعل بحيث ان المدرسة إلى حد ما تشكل في حد ذاتها عالما مستقل الذات .
إننا نعاني من التهور النسبي بداخل الانظمة التربوية التي تصنع المقرارت و البرامج الخاصة بالكفايات و تتجاهل معرفة تقويمها. يتبنى النظام التربوي المناهج بعملياته و إجراءاته التقويمية الكلاسيكية المأزومة ثم يلتفت بسرعة جهة المختصين في التقويم مطالبا إياهم : « قولوا لنا كيف نعمل لتقويم المكتسبات في المنهاج الجديد » . كان من الأفضل طرح السؤال من ذي قبل أي وقت بناء المناهج و قبل الشروع في العمل . لكن سوسيولجيا المناهج توضح ان قضية التقويم هي آخر ما يفكر فيه بعدما نتبنى البرامج الجديدة . من الممكن أن نتصور الأمر ضربا من الخيال : لو فكرنا في التقويم منذ البداية ، سوف نؤخر تفعيل البرامج الجديدة في انتظار جواب شاف و مقنع لقضية التقويم ، و نتأكد بأنفسنا من هذا الفراغ لما نطلب من المدرسين تفعيل التقويم حسب ما يقتضيه البرنامج الدراسي الجديد .. يقولون : نعم ، لكن كيف نعمل ؟ نفهم إذن أنه كان من المفروض علينا التفكير في التقويم منذ البدايات الاولى .
أغلق هذه المزدوجتين و أعود لسؤالك بشأن الحوار الميتامعرفي . بالنسبة لمواد التعلم / فعل – تصرف كالرياضيات و بعض الحرف اليدوية و الممارسات الفنية ، فإن الكفاية تترجم إلى إنجاز يمكن ملاحظته نسبيا و تصويره بالفيديو لأن الانجاز يتحول إلى إشارات و أفعال حسحركية بحيث من الممكن من خلالها الاطلاع و الوقوف على درجة نجاح الكفاية او فشلها . فالبهلواني قد يفقد توازنه أم يتفوق في حركاته ، يسقط أم لا يسقط . بإمكاننا بصورة ما أن نستقرأ من الحدث كون الكفاية موجودة و يتحقق التوازن .
وعلى الرغم من ذلك تظل الوظيفة الذهنية الضامة للانجاز غربية جدا . لا احد من المدرسين هو بقادر على أن يعفي نفسه من فهم و تفهم ما يدور في عقلية الرياضي و المغني و الطباخ . بالنسبة لتلاميذ المدرسة سوف لن يكون الانجاز معروفا و محددا بكل يسر . فمن جهة ، يتواجد التلاميذ في صميم حركية التعلم ؛ و من جهة اخرى ، ستختفي و تزول الملاحظة خلافا لما يحدث في الانجاز الرياضي و التعبير الفني او المنتوج الحرفي . إن تقويم الكفايات فقط بواسطة ملاحظة التلاميذ و ما يفعلون يستنفد حدوده بسرعة كبيرة و بالاخص في إطار التكوين حينما نقول للتلميذ : « بإمكانك أن تعمل أكثر » فهذا الكلام لا يساعد المتعلم فيما يخص الطريقة او الكيفية . من اجل منفعته ، لا بد للملاحظ من تحديد و عزل الوظائف أو السلوكات الخاصة و إبراز نقط ضعفها . إن هذا الامر يستحيل في غياب محاورة الفاعل . جزء من التقويم التكويني يمر عبر نوع تصوري مماثل لما يمكن تسميته في الطب بالمنطق السريري ( الاكلينيكي ) : الشيء المنضوي في الفعل ، الاسئلة التي نطرح ، الفرضيات التي نصوغها، الاستراتيجيات المرفوضة لأنها غير واقعية أو أقل طموحا ، الخيارات التي ننظر فيها و المراقبة التي نقوم بها قبل بدء أي عمل أو حراك . كل هذه البراهين و الحجج تبقى بعيدة المنال أثناء الملاحظة المباشرة . لإعادة بنائها و إقامة الدليل على حضوريتها و ربما على جودتها من الضروري استجواب الفاعل . المقصود هنا هو التلميذ . نحاول أن نفهم كيف يفكر . الحوار الميتامعرفي يقتضي من الملاحظ أن يكون قادرا على مساءلة الفرد لكن الفرد من جانب آخر يفسر كيف يفكر و كيف يرسم و لماذا يختار هذا و ذاك و فيما يفكر الآن . إذا لم تكن هذه الكفاية المنعكسة و الميتامعرفية قد تطورت منذ التمدرس فإن وظيفتها الذاتية و الشخصية ستبقى متحجرة و معطلة بالنسبة إليه و من تم يصبح عاجزا عن تقديم مساعدة إفهام المدرس عن كيفية اشتغال المدرس الذي نفسه هو غير عارف بذلك . التمرن الاستبطاني التأملي هو حواري بمعنى أن حيث الذي يسائل يساهم في التساؤل و يحاول اتخاذ موقف واع بخصوص الطريقة التي يوظفها و يعبر عنها . إن هذا البعد يبدو أداة حاسمة في تقويم الكفايات المعقدة .
سؤال : هذا الأمر ليس سهلا بدون شك حتى بالنسبة لمن تصفونه بالمدرس الخبير في تقويم التعلمات . فيما يتعلق بهذه الخبرة ، هناك أسئلة تطفو على السطح : المدرسون متهمون بالذاتية la subjectivité حتى في الصيغة الجديدة لتقويم التعلمات . إذن ، عندما لا يقوًَم المدرس بواسطة الروائز و الامتحانات الكتابية ، هذه الشبهة أو الاتهام الصادر من الآباء و المجتمع ، هل سوف يستمر و يدوم بل وقد يستفحل ؟ هل يمكن اعتباره حاجزا قابلا للتجاوز ؟ هل يستجيب المدرسون لهذا المطلب ألا و هو التحول إلى « ملاحظين أثناء عملهم » دون إصدار حكم من الاحكام ؟ هذه قضية تخص تكوين المدرسين أيضا .
فيليب بيرينو : لا أدري إن كان قابلا للتجاوز ام لا . لكن فعلا هناك مشكل يستعصي عن الحل . أول شيء يمكن ان أقوله ، على كل حال ، هو أنه من اللائق و الطبيعي أن يصبح المدرسين خبراء في الملاحظة أثناء اشتغالهم و أثناء الحوار الميتامعرفي . لا بد أن نكون متفائلين من اجل القول اليوم أن كل المدرسين هم الآن كالخبراء . صحيح أنهم لم يتلقوا تكوينا في هذا المجال ، يشكلون أقلية في الاعدادي مقارنة لما يحدث في الابتدائي . و اليوم بالرغم من كل ذلك ، فإن شكوك و اتهامات الآباء مقبولة و متفهمة . يعلم الآباء جيدا أن خبرة المدرسين في التقويم عامة و في تقويم الكفايات على وجه الخصوص لا ترقى إلى المستوى المطلوب . بإمكان المدرسين الوقوع في الخطأ ، يرزحون تحت الأحكام الجاهزة ، يصبحون أداة استمالة في يد بعض التلاميذ الاذكياء لإنقاد ماء وجوههم ملتفين حولهم و ذلك بلفهم في الطحين . الثقة ؛ ذلك هو الوجه الآخر للشك و الريبة ؛ تبنى الكفاية عندما تلقى تأكيدا من الخبير و هي تتشكل و تبنى و لا تحمل العيب و نقائص كثيرة . يطالب الآباء بقوة بأسئلة من اختيار متعدد أو بإجراءات أخرى أكثر موضوعية مظهريا بسبب عدم منح الثقة في الحكم المهني للمدرس . لو قال الآباء : « يعرف المدرس ما يقول . لقد لاحظ ابني عن قرب . يدرك حقيقة ابني و انا أثق فيه » لو كان الآباء يحملون إزاء المدرس ذات العلاقة المتواجدة لدى الطبيب حينما يقوم بالتشخيص سيكونون بدون شك مخدوعين في الغالب لأن لا أحد معصوم من الخطأ غير ان عدد ساعات العمل و الجهد والطاقة ستكون موفرين في أغلب الحالات . في الطب نفسه ، من الممكن ان يحصل المريض على طلب تشخيص آخر في حالة وجود رهانات كبيرة مثلا في عملية جراحية مهمة و الطبيب نفسه يطلب رأيا أخر . من الطبيعي أن لا نثق دائما في الخبراء . من هنا ينبثق الحذر و الاحتراس . توجد هنا خطوة لا يمكن تجاوزها . الالحاح و توخي المزيد من الموضوعية بتفويض التقويم إلى إجراءات أوتوماتيكية قد يؤدي إلى الباب المسدود . البديل هو منح الثقة للمدرسين الذين يمتلكون رؤية بناءة و الذين يعرفون استقراء الكفايات و المعارف انطلاقا من مؤشرات واضحة . فإذا كان النظام التربوي يريد تقوية و غرس الثقة و وضعها في يد خبرة المدرسين بشأن موضوع التقويم ، يجب وضع المزيد من الموارد ، المزيد من الوسائل و المزيد من التكوين تحت رهن إشارتهم .
الوجه الآخر للقضية كما أرها هو رهانات التقويم . للنظام بعض التبعات يتحملها لو استطاع وضع الثقة في المدرسة الأساس . لا أتحدث عن الدراسات العليا حيث الاصطفاء هناك يأخذ معنى مختلفا . أن يكون الهدف الرئيسي هو تكوين الجميع ، معنى ذلك أن التقويم لن يصبح منظورا إليه كأداة تختار و تصطفي لكن تساعد في التعلم و يقل الاحتدام والتصادم . جزء من مستهلكي المدرسة الذين هم الآباء لديهم إحساس بصراع المصلحة بين التقويم و المهن المدرسية المخصصة لأولادهم . شكوكهم إزاء أحكام المدرسين هي جزء من الدفاع ضد سلطة المدرسة التي ترغب في إبعاد أولادهم من بعض الشعب أو الأسلاك التكوينية . باختصار ، لا يمكننا في آن واحد تهديد الاطفال والأسر بالتهميش و بالاقصاء و بالتنحي دون معاقبة ، و من جهة أخرى وضع ثقة الآباء في رجال المؤسسة التي تهددهم . يوجد هنا فضاء للعمل بالنسبة للمدرسة في حالة ما إذا رغبت التموقع بجانب التكوين بكل صدق و وضوح بدل الانتقاء la sélection .
سؤال : في مستوى أخر ، في إشارة إلى ما يجري في الابتدائي و في الاعدادي فإن الأمر لا ينطلق تماما بنفس الوتيرة . و نفس الخطاب يمكن قوله بالنسبة لكيبيك . إن ظروف العمل لا تتشابه في مدارس الاعدادية و في مدارس الابتدائية . فالصورة التي يحملها المدرسون عن أنفسهم هي في تغيير مستمر ! من إطار إلى إطار آخر . و أيضا المهمات ليست ذات المهمات . إذن ، هل يجوز لنا أن نعتقد بأن مدرسي الابتدائي و الاعدادي لا توجد لديهم نفس الاستعدادت لتقويم الكفايات ؟ من المؤكد أن لديكم علما بالسياق الكيبيكي لكن تعرفون جيدا السياق المدرسي بسويسرا على وجه التحديد . هل قمتم بمعيانات تتعلق بالتقويم لأساتذة الابتدائي و الاعدادي ؟
جواب : أعتقد أنني أشاهد نفس الاختلافات النوعية في كل مكان مع تباينات مرتبطة بمفهوم التمدرس الاعدادي و تكوين أساتذة الاعدادي . إنني أرى التشابهات المتزايدة بكثرة بدل الاختلافات الهائلة من بلد إلى بلد أخر كما أعرفه . بصورة حصرية ، هذا الامر ناتج عن ظروف العمل في التعليم الاعدادي و خاصة أثناء تقسيم الزمن المدرسي للمواد التعلمية . كما انه من الصعب جدا القيام بالتقويم التكويني و إنماء الكفايات عندما نشتغل في ست ، ثمان او عشرة حجرات بمعدل ساعة واحدة ، ساعتان أو أربع ساعات داخل قاعة الدرس . فالتقويم التكويني و الملاحظة المستمرة تفترض بالحري نوعا من التعايش الدائم بذات المكان المخصص للانشطة . يشق على الاستاذ ملاحظة التلاميذ أثناء عملهم في مادة التاريخ ، و في مادة الرياضيات أو في مادة البيولوجيا عندما يقضي معهم ساعة في يوم الاثنين صباحا و ساعة في يوم الخميس بعد المساء . هذا تحد مستحيل مواجهته و صعب التطبيق . كأن نتعرف بكل دقة على عدد من التلاميذ الذين نقابلهم إلا قليلا . إن ظروف العمل و استعمال الزمن و اختصاصات أساتذة التعليم الاعدادي كل هذا يمثل عوائق رئيسية في وجه تقدم ونمو و تقويم الكفايات ما عدا ربما في المواد الأساسية تلك التي على الأقل تتوفر على 4 أو 5 ساعات من العمل أسبوعيا داخل القسم . الحل ، إذا ما كان هنالك حلا لكن سوف يحدث اضطرابا و بلبلة لعدد من الناس و في مقدمتهم المدرسين طبعا ، هو على الأرجح نتجه نحو الحد من تخصصات عمل اساتذة الاعدادي و القطع مع استعمال الزمن الاسبوعي . لو اشتغل أستاذ البيولوجيا أسبوعا كاملا مع نفس التلاميذ سيتمكن من مساعدتهم في تنمية الكفايات و مراقبتهم أثناء العمل بصورة مغايرة تماما بدل تقديم نفس عدد ساعات التدريس المتشعشعة بمعدل ساعتين في الأسبوع طيلة منتصف السنة . إن الاصلاح المنهاجي يطرح مشكلا بنيويا و تنطيميا في العمل بالتعليم الاعدادي إلا أن لا أحد لديه الفائدة في قول هذه الأمور بفظاظة . في اعتقادي أننا سائرون نحو تناقضات من الصعب التغلب عليها .
ثم أيضا هناك قضية أخرى تخص تكوين مدرسي الاعدادي بسويسرا و في العديد من البلدان الأوروبية و هذا التكوين ليس في المستوى المطلوب على كل حال إذا ما قارناه بنظيره في الابتدائي و المتعلق بالعمليات التعلمية للمعارف و كفاءة التقويم في النهاية . طالما أن مدرسي الاعدادي يتلقون تكوينا أغلبيته مواد تعلمية des disciplines أي تكوينا متمركزا حول المادة المراد تدريسها و ليس على العمليات التعليمية – التعلمية ، فإن قدرتهم في التقويم ستظل ناقصة لأن الأفكار و المفاهيم الضرورية و المساعدة لفهم العوائق التي تعترض طريق التلاميذ سوف لن تصبح لا معروفة و لا مستوعبة . لنأخذ أحد الامثلة الأكثر استعمالا و تطبيقا . اليوم يدرك مدرسي الابتدائي لماذا تظهر بعض العوائق الكلاسيكية على مستوى العد الحسابي ، و بناء الفضاء ، و بعض عمليات الجبر او دراسة المجموعات . لست متيقنا من ان أستاذا و هو يدرس التلاميذ عمرهم 14 سنة يمتلك من الوسائل و الأدوات المفاهيمة المتكافئة ( في الديداكيتيك ، في نظرية التعلمات ) ما يجعله قادرا على فهم فكرة العدد السالب و الجذر المربع أو التماس المتعذر لفئة من تلامذته . لا أعتقد ان ثقافة رياضياتية موسعة تكفي لاستيعاب صعوبات التعلم ؛ فهي احيانا تضع ستارا و سدا منيعا حيال هذا الفهم و الاستيعاب و لماذا لا يفهم التلاميذ . جميع المناهج التي تتبنى الكفايات ، جميع المقاربات البنائية و جميع الالحاحات على التقويم التكويني تقتضي التوجه نحو إعطاء المزيد من الأهمية للتكوين الديداكتيكي و السيكوبيداغوجي للأساتذة .
سؤال : و الآن في نهاية هذا الحوار ، أود أن أستبق المستقبل ، مستقبل التقويم بكل واقعية . ما هي الأفخاخ ؟ لأن هذه الأفخاخ موجودة بكل تأكيد ؛ أفخاخ تقويم الكفايات ؟ ما هي الأفخاخ الرئيسية التي تنصحوننا باجتنابها ؟
فيليب بيرينو : لا أدري إن كان لدي جواب محدد بشأن ذلك . قبل تجنب الأفخاخ من الضروري أن ننتقل إلى الفعل ! ما أراه في تقويم الكفايات بالأحرى هو الموانع و المعيقات . سيكون الفخ إذن هو الرجوع إلى الوراء و القهقري صوب التقويم لأننا لا نحسن أي شيء أفضل و انفع من التقويم . في الحقيقة ليس ذلك بسبب التقويم ذاته لكن على الأرجح مكمن الخلل راجع للصعوبات في تنمية الكفايات و تدبير المشروعات و خلق وضعيات حبلى بالاشكاليات و في خلق فضاءات للقرار و العمل بداخل القسم . بيد أن لا التمدرس و لا تكوين المدرسين يتمتعان بصحة جيدة .
إذا كان إنماء الكفايات يعني التغيير في نظام « تدبير القسم » ، الشيء الذي تزداد صعوبته في الاعدادي أكثر مما في الابتدائي؛ و إذا فشلنا في الأمر إما لأن الأساتذة لم يتفقوا ، وإما لانعدام تكوينهم ، و إما بسبب تنظيم العمل الذي يستحيل معه التقدم ؛ إذن سوف نختزل مفهوم الكفاية في بعض الدرايات les habiletés و نختزل تقويم الكفايات في تقويم هذه الدرايات . سنقوم بذلك لأول وهلة و لسوف ينطلق التقويم مظهريا لكنه سيجانب طموحات المنهاج المتوجه نحو الكفايات . ربما هذا هو الفخ الرئيس . و أجده ينطبق على أنطمة عدة لأن في الأخير هذه الانظمة تفتقد للوسائل لبلوغ مراميها و طموحاتها و تتسرع كثيرا . بطبيعة الحال ، إن البحث عن الوسائل غير مرحب به في ظل الأزمة المالية و انتظار الوقت لا يسمح بالحصول على النتائج قبل الانتخابات المقبلة .
منعطف خطير جدا تعرفه هذه الانظمة التربوية ؛ هذا تشاؤم أحمله كسوسيولوجي ؛ أن نشاهد جميعا هذه الطموحات و هي تتقهقر بدون أن نصرح بذلك هذا يعنى اللعب بالكلمات . في مثل هذه الظروف ، لا يعد ضربا من المستحيل كون البرامج المتبناة عبر الكفايات تنمي الدرايات منزوعة السياق و ذات صلة ضعيفة بالوضعيات المعقدة : هذا هو ما تتقنه المدرسة لأنها لم تجد الوسائل أو لم ترغب في ركوب المخاطر لفعل شيء آخر بسبب غياب تام و كلي للتساؤل بصدد الادوات والوسائل . إذا كان لا بد من الاشتغال بالمشروعات ، إذا كان من اللازم العمل بواسطة المسائل ، إذا كان استعمال الحوارات و الانشطة الاجتماعية يعد حاجة ملحة و عملا مطلوبا ، فإنه من الواجب التحلي بالشجاعة و مواجهة نظرة الآباء . لا بد من الخروج من المدرسة . الأمر الذي يحدث فوضى في عالم يمتاز بالتنظيم البالغ . إننا نطالب من التلاميذ بالمزيد من العمل في بعض الأحيان و أيضا من الأساتذة على أكبر تقدير لأن طريقة المشروع على سبيل المثال لا تتلاءم بالكامل و لا تتماشى و العمل الاعتيادي في القسم . في حالة ما إذا وقع تراجع أمام هذه التحديات من الممكن أن نبتعد تدريجييا و بدون وعي عن وحي البرامج المعتمدة على الكفايات و لا نستبقي سوى المفرادات المعجمية . إن ما أتيت على ذكره بعد حين هو فخاخ الاصلاح . فهو لا يهتم بالتقويم أصلا . من المؤكد أننا لو اتجهنا نحو التقويم الحقيقي للكفايات من خلال نوع من الملاحظات المستمرة أي وفق نهج التدريب coaching الخاص بالشخص الرياضي المتدرب ، بأستاذ الموسيقى الذي يشتغل مع ، يلاحظ كيف ، يناقش و يصدر حكما صائبا و سديدا بشأن الكفايات و طبيعتها و نموها ؛ فإن فخ الاعتباطية l’arbitraire سيظل يشكل خطورة لدى بعض عدد من المدرسين الذين سوف يبالغون في التقدير اتجاه قدراتهم التقويمية و يقترفون بعض التظلمات . لا بد من التحلي بأخلاق تقويم الكفايات و ذلك بفضل التكوين و اتخاذ إجراءات المراجعة و المساعدة . نرجع لموضوع الاتهام . لا يجب تغذيته أكثر من اللازم و ندافع عنه لكن لا بد من التكهن بحقوق الطعن و المراجعة في حالة حدوث الشطط مهما كان الأمر .
هناك فخ آخر : إننا نختصر ما نقوم بتدريسه حتى نمهر في تقويمه أو بعبارة أخرى ، إن الدرايات سوف تضعف مفهوم الكفاية شيئا فشيئا . يوجد تناقض حقيقي بين العمل بالكفايات المعقدة حيث لا يدري المدرس أثناء سيرورتها مسبقا فيماذا يفكر أو يقوم به – سوف يكتشفه بمعية التلاميذ – موفرا بذلك الوقت و الوسائل . بإمكاننا وضع الثقة في دور النشر و التوزيع و منتجون آخرون ينتمون للطبقة الايديولوجية لينتجوا فهرسا من 127 وضعية معيارية قابلة للتصدير في أخر الأمر . ستكون هذه الوضعيات كذلك ملقنة مثلها مثل التمارين مع المغاطس و القطارات ! الفخ الاساسي الذي يترقب إشكالية البنائية كلها هو : كيف نصنع وضعيات حية وضعيات تدوم مع ذلك أربعون أسبوعا في السنة ، ثلاثون ساعة في الأسبوع ؟
آخر فخ : هو الاستسلام للاغراء إزاء التقكير التبسيطي . مثلا أن نستقرأ من كلامي عبارة قد توحي أو يفهم من خلالها أنني ضد الاصلاحات ، ضد منهاج الكفايات أو ضد البنائية لأنني أحاول وضع المشاكل و حدود المقاربات بشكل جلي و واضح . فإنه لا يوجد أكثر سوءا اليوم من الرجوع إلى الفكر الأبيض و الأسود حول التربية و لا يوجد أكثر حزنا من أن نشاهد بعض الباحثين و هم يساهمون في ذلك .
عدل سابقا من قبل مبشور في 15/6/2011, 15:29 عدل 1 مرات (السبب : تصويب)