لا حديث عن الكفايات...إذا لم نحدث في آن
واحد نقلا ديداكتيكيا واقعيا و استشرافيا
النقل الديداكتيكيla transposition didactique هو سلسلة من التحولات الميكانيكية العاملة على نقل المعارف و الممارسات و الثقافة الشائعة لمجتمع ما إلى ما يخطط له من أهداف و برامج مدرسية ثم ما نجده فعليا داخل المحتويات المدرسية ، و أخيرا – في أحسن الأحوال – ما يبنى بداخل رأس مجموعة من التلاميذ ! ( فيري Verret ، 1965 ؛ شوفالار Chavallart ،1991 ؛ أرساك Arsac ؛ رسكي و كايو Raisky et Caillot ، 1996 ).
لو أردنا الاشتغال بالكفايات ، فإنه من الضروري الرجوع إلى أصل هذه السلسلة احتمالا و نطرح عدة أسئلة تخص طبيعة الوضعيات التي سوف تواجه الناس في مجتمع الغد و بعد الغد . صممت المدرسة في أغلب الأحيان ، ولمدة من الزمان ، و اليوم أيضا ، من طرف المثقفين و رجال السلطة و العلم الذين كان لديهم انطباع بـ« معرفة الحياة » . فعلا ، إنهم يبنون حياتهم عن طريق الألفة و بمحض الإرادة واضعين رؤية اعتباطية للطبقات الشعبية ، تلك التي يجب « تأذيبها » . في القرن 19 م ، أقامت الطبقة الحاكمة مشروعا إنسانيا كاريكاتوريا ضخما يمتاز بالتقدير القصد من وراءه التنشئة الاجتماعية و تخليق الطبقات التي ندعوها بـ « الخطيـرة » ( شوفالار Chevellard ،1978 ) . ربما كان في ذلك الحين إمكانية للتوسع في تحديد البرامج المدرسية منطلقين من التجربة الحياتية للطبقات المتعلمة ، لأن التربية كان ينظر إليها وقتئذ كوسيلة تحريضية للأفراد لكسب القيم و المعارف الأساسية لمجتمع هو في طور التقدم و النماء . لا يعمل البرنامج على تمرير الثقافة و القيم البورجوازية إلى التربية فحسب ، وإنما أيضا تاريخ موجز و معياري ذو فائدة عملية يخص الطبقات الشعبية . بروز ملامح الطبقة الوسطى بدأ يتراءى في الأفق ..
لا يزال هذا النموذج من الفكر موجودا في وقتنا الراهن . غير أن ، لو استبدلنا المنظور ، لو قلنا لأنفسنا من الواجب على المدرسة إعداد رجال المستقبل يكون الهدف منه هو مجابهة الوضعيات التي تنتظرهم بالفعل في عشر سنين ، عشرين أو ثلاثين سنة ، لا بد أن نتساءل عن ماهي المنتظرات . هل يمتلك المثقفون المنظرون للتعقيد داخل « البيوتات » أدنى فكرة عما يؤسس الحياة العادية للناس المتواجدين في المجتمع الذي يعلن عن ذاته ؟
هل تنهل البرامج المدرسية من معين معرفة المجتمع ؟ إننا نشك في ذلك . كيف يدبر برنامجا مدرسيا ؟ نجمع الخبراء حول مائدة ، يناقشون و يفاوضون النصوص . من أين يستقون افكارهم ؟ بداخل رؤوسهم ، في تجارب المدرسة ، في المعارف ، في العمل ، ليس قطعا بواسطة الدارسة المنهجية الموضوعية لحياة الناس المتنوعة . عندما يلتقطون شيئا ما من حياة الناس ، فإن ذلك يتم بكل تأكيد – مثل باقي كل الكائنات ، عندما نغيب أدوات التقصي – في شبكاتهم المعرفية الكبرى ، أي في الاوساط الاجتماعية القريبة من أسرهم و ذويهم . لنأخذ مثالا : في الوقت الحاضر، لا يعني العمل أي شيء بالنسبة لفئة من الناس : صناع البرامج ( الذين يشتغلون إلى حدود % 150 ) هل باستطاعتهم تصور حياة مكونة من حرف صغيرة تسمح بالعيش في الحدود المعقولة ؟ هل باستطاعتهم النظر أننا نرغب العيش بهذه الصورة و نحيا سعداء حتى ؟
إذا أردنا بالفعل التكوين بوساطة الكفايات تمشيا مع وضعيات الحياة الحقيقية / المعاشة ، فلا نفعل كأنما نعرفها . فلنسلك بالأولى طريق البحث المنهجي . لكن القول بأنه من الواجب معرفة تدبير التعقيد فهذا مجرد كلام فارغ لا معنى له. أي صنف من التعقيد يقابل الناس في حياتهم الآن و غدا بالملموس ، أي في العمل ، خارج العمل أو بين حرفتين ؟ إننا نعيش مثلا في عصر لا نستطيع ترك حقيبتنا دقيقتين في مستودع القطار دون أن ينتابنا خوف من سرقتها . كانت لدينا فيما مضى علاقات اجتماعية حسنة مع الآخر ، لكن اليوم ، في المدن ، كل أحد منا مدعو بأن يحمي ممتلكاته ، و السبب هو أنه لا بد من التعايش مع أناس لا نستطيع الثقة فيهم . لنفكر في وضعيات ملموسة ، في العلاقات المجتمعية التي تتطور في المدينة ، في العمارات ، في العمل : عناصر عديدة يمكن ان نستخرج منها التعقيد الملموس و الكفايات التي يتطلبها ذاك التعقيد .
لا أعتقد ان المدرسة مستعدة لكي تعرف المجتمع الذي تسعى أو تظن أنها تربيه . إننا ندرك أكثر الأشياء عن حياة الناس و ذلك بمشاهدة شاشة التلفاز في مكان قراءة البرامج المدرسية . لا يشاهد رجال المدرسة التلفزيون عن طيب خاطر ، فهم ينتقدونه و يضغطون على الزر لأن مشهد العالم غير ممتع ! تجهل المدرسة الكثيرعن حياة تلامذتها . يخال أنها أقيمت هنالك كي تجهل كل شيء عن المجتمع بدعوى أنها تعلمه و تربيه . يوجد هناك نوع من الصم و غياب الألفة ( إثنولوجية و سوسيولوجية ) مع التيارات العميقة التي تجتاح العالم الذي نعيش فيه . كلما رغبنا في إصلاح البرامج ، نظل سجناء المختصين و نضع غمامة على أنفسنا ، لأننا في عجلة من أمر النصوص المعدة للنشر . فنعيد الكرة مرة ثانية ، كالمعتاد ، على نفس البنى ، إيديولوجية في الأساس ، على نفس البديهيات المشتركة ، بدل القيام بعمل التقصي و النقل الديداكتيكي المنطلق من الممارسات المجتمعية المشهودة لها .
إن علماء المستقبل يشكلون خطرا بالغ الأهمية بكل تأكيد و تجارب السنوات العشر الأخيرة تشهد بذلك . بالفعل ، من الممكن أن تساهم المتغيرات التكنولوجية الآنية و المستقبلية في تأثيت الديكور العام جزئيا : الميديا ، القرص التفاعلي ، الحقيقة الافتراضية ، الشبكة العالمية ، التواصل الكبير ، النظم الخبيرة القادرة على تدبير الانشطة الانسانية . إن نصيب من الاستباق و الدراسات التحليلية يتغذى مما يمكن توقعه من تطور في التكنولوجية ، مع نصيب من التبسيط ( و المجازفة ) و ما يستتبع من ذلك . بعد مضي خمسة عشر سنة ، كان من المفروض على التلاميذ تعلم لغة الحاسوب (Le basic ) ، لكن الآن ، من المحتم علينا أجميعن التدرب على الشبكات المعلوماتية لـ « الابحار في الانترنيت » . نفس الشيء يمكن أن ينطبق على التعلمات السياقية التي لا مستقبل لديها في الأفق القريب. لا فائدة مرجوة من الاستباق التكنولوجي إذا ما بقينا ملتصقين بالوسائل الظرفية الآنية ، التي من الممكن ان يلحقها زمن التطور قبل أن تغذو برامج متبناة ! لم يتوقع أي أحد منذ ثلاثين سنة مدى الانتشار للمعلوماتية الدقيقة في كل الأنشطة الانسانية و اللاتمركزها . كنا نحلم بالاخ الاكبر ( التقويم التكويني ) Big Brother ، معلوماتية متمركزة ، و هي تراقب كل أحد عن كثب : في حين أفشلت الأنترنيت خطط التشريعات ، والحدود ، والبوليس ... لقد أظهرت التجربة ، في الميدان ذاته ، أننا نستطيع إعداد أفضل أصناف التفكير و معالجة المعلومات . ما ينبغي القيام به هو عمل جبار بصدد التكنولوجيات محاولة منا استقراء منها طبيعة الكفايات التي نود بناءها في المدرسة .
والحياة كذلك تتغير في عدة مستويات . ألم يحن الوقت لندرك ذلك ؟ أن نطرح عنا الفكر الفلسفي و المثالي الذي يتربع صياغة البرامج المدرسية و نضع في مكانه النقل الديداكتيكي الذي أساسه التحليل المستقبلي و الواقعي للوضعيات المعيشية . ليس المقصود هو أن نصير منفعيين إلى هذا الحد . فأغلبية الناس لديها الكثير من المشاكل العاطفية و الميتافيزيقية و مشاكل العمل و السكن و المال على حد سواء . السؤال المطروح بالأحرى هو التعرف الفعلي أين تتجلى و تكمن مواجهة الناس في آواخر القرن العشرين و في بدايته . في هذا المقام ، ليس من نافلة القول إذا لاحظنا التطور الحاصل في التقاليد الأسرية ، و الجنسية ، و السياسية ، والتحولات في ميدان العمل . جزء من العلوم الاجتماعية – الانتروبولوجية ، السوسيولوجية ، العلوم السياسية ، الديموغرافية و الاقتصاد – ، تساهم في دراسة حياة الناس و التجمعات البشرية و يمكنها أن تمد يد المساعدة للأنظمة التربوية من أجل تخيل مستقبل أفضل .
لا نثق في المستقبليين ، غير أن بعض التيارات القوية تتمايز فيما بينها . كيف لنا الحصول على موارد النقل الديداكتيكي انطلاقا من هذه المعارف التي تمر في فلك تلك الممارسات و الثقافات الجديدة . كيف النظر إليها على مستوى التفكير على أنها عائلات من الوضعيات المستدعية لكفايات محددة ؟ للإجابة ، يجب بدون شك القطع مع فكرتين مبسطتين :
1)- الفكرة الأولى هو إعداد التلاميذ انطلاقا من رؤى تم تحديدها بدقة لما هو منتظر ؛ ولا واحدة من هذه الرؤى يمكن لها أن تتحقق .
2)- الفكرة الثانية تختزل التكوين في عدد من الكفايات المستعرضة او العامة جدا ، بحيث ينجم عنها كل الأفعال الناجحة ، و ذلك بالاشتقاق و التعميم .
لمواجهة الوضعيات المتنوعة ، لا بد من أن تكون الكفايات كذلك . لن تبن بمجرد تحويل الخطاطات العامة للمنطق ، و للتحليل ، وللحجاج و اتخاذ القرار . من الصعب على المدرسة تنويع العالم و هي لا تشتغل عليه بكل وضوح ، في ربط للمعارف و الدرايات فيما بينهما أثناء وضعيات إن لم تكن حقيقية ، على الأقل تكون وضعيات واقعية ، تغيير منزل ، تخيل مجمع سكني ، إحداث تعاونية ، اتباع حمية غذائية ، تأثيت ، القيام بجولة في أوروبا مع الاقتصاد في النفقات ، الوقاية من السيدا و عدم التقوقع حول الذات دون الاغتراب ... مشاكل كثيرة يجد الأفراد أنفسهم أمامها بدون حل ، ليس ذلك بسبب النقص في المعارف الأساسية لكن بسبب المنهجيات ، و التداريب حول المشكلات ، والتفاوض ، و التخطيط أو بكل بساطة البحث عن المعلومات و المعارف المناسبة .
إذا كانت الكفايات المستعرضة صعبة الفهم و التحديد ، و هذا اعتراف ، فإنه بإمكاننا تدعيم المواد التعلمية و تقطيعاتها كما أسست في البداية . فوق هذا كله ، إذا كانت الكفايات هي من طبيعة و جنس المواد التعلمية disciplinaires فلماذا لا نحافظ على استعمالات الزمان و التخصص المتداول ؟ معتبرين بعض الكفايات معدة للبناء و التشكل هي مـواد تعلمية فالأمر لا غبار عليه شريطة أن نقبل أن المادة المعنية لا تستدعي فقط حقلا من المعارف المرجعية ، لكن أيضا تشمل التطبيقات « الأمكنة ، الأجسام ، المجموعات ، الادوات ، الميكانيزمات ، الاجراءات ، النصوص ، الهيراركات التي تجيز تفعيل مثل هذه الأنشطة » لاتور Latour 1966 ).
هناك كفايات أخرى غير مستعرضة في الحقيقة . تجد نفسها في ملتقى اثنين او ثلاث مواد تعلمية . بما أن أستاذ العلوم و أستاذ الفرنسية يؤديان معا بالاقتران نشاطا حول تحرير الكتابة العلمية ( تقارير التجارب ، اكتشاف الملاحظات ) ، فإن النشاطين ينميان كفاية ، بعيدة من أن تكون مستعرضة ، لكنها غير منتمية لا إلى العلوم بحق ، و لا إلى الآداب بحق. إذا كان لزاما التخلي عن فرضية الكفايات المستعرضة التي تهيمن و باستمرار على كل المواد التعلمية و جميع أوجه الحياة ، من الممكن الذهاب بعيدا شيئا ما فنصوغ تقابلات علائقية بين المواد المجاورة و المتقاربة ، تلك التي تسيطر على حقول أكثر قربا ، كالبيولوجية و الكيمياء ، أو التاريخ و الاقتصاد . من الممكن أيضا ، كما في المثال المقدم ، مزاوجة بين مواد تعلمية بحيث تقدم إحدى المواد أدوات التحكم في التعبير لغرض التواصل الجيد و الأخرى تساهم في بناء المحتويات . هذه محاولات غير جادة و طموحة للغاية ، فهي تلتمس من المختصين بالرغم من ذلك روح المغامرة و العمل خارج دائرة الاختصاص و حسب نموذج العمل بالمشكلات التي تتجاوزهم في بعض المناحي . من الممكن على سبيل المثال أن يكون أستاذ الفيزياء أقل كفاءة من بعض تلامذته فيما يخص أمور الكتابة ؛ من المرجح أن يشعر أستاذ الفرنسية بالضعف في مادة الفيزياء ،هو الذي اختار بالضبط الآداب لأنه يكره « الرياضيات ». إذن كلاهما وجب عليهما تجاوز هذا العائق حول التصورات التي يحملانها اتجاه شرعيتهما و سخريتهما الممكنة للحدوث أمام الناظرين لعدم التحكم في بعض المعارف أفضل من التلاميذ .
بإمكاننا أن نستلهم في هذا الميدان ما يجري في بعض الاعداديات التجريبية ، بحيث نترك النصف من الوقت المدرسي فقط لمحتوى المواد التعلمية منظمة حسب شبكة زمانية اعتيادية . اما بالنسبة للباقي ، يتم العمل عن طريق المشروعات الحرة ، والأساتذة هم بمثابة منشطين و اشخاص- مورد . المعارف التعلمية حاضرة و لا تغيب أبدا ، لكنها مجندة في ثنايا المشروع ، أي غير مكتملة ، غير مخططة لها ، غير ممنهجة ، باختصار ، إنها أقل جدية ، هذا ما سيقولونه بلا شك المالكون لنص المعرفة و الذين يقرؤونه في أحسن نظام . بالمقابل ، ستكون المعارف معبأة في وضعيات بحيث تصير أكثر دقة ووضوحا ، بحيث تنقلب مواضيع الامتحانات إلى أدوات و وسائل ، و بحيث نحرز على المعنى و الدلالة...
لا حديث عن الكفايات...إذا اكتفينا
بسلك دراسي في انتظار السلك الآتي
تاريخيا ، تحدد دائما البرامج وفق نوعية الانتظارات المقبلة للتدريس . تحددها الشعب الممتازة تدقيقا . انطلاقا من هذا التصور ، فإن كل الأقسام الثانية بدءا من الاعدادي تعتبر « تحضيرية » : التطابق و التلاؤم مع انتظارات سلك الدراسة الجامعية يعد أمرا ضروريا و ملزما بدل التفكير والتأمل في أمور الحياة . بالنسبة لهؤلاء الذين وصلوا إلى الدراسات الجامعية أم لم يلتحقوا بالشعب المختارة فالأمر لا يساوي أية قيمة . نلاحظ ان هذا المنطق يجري بشكل مقصود في خط مستقيم من شأنه إبراز النخبة و استباق القدر معلنين عن أفضل التلاميذ . تعتقد بعض الأنظمة التربوية اليوم كذلك أن إبقاء اللاتينية كمادة تعلمية أساسية تقدم للتلاميذ من 12 سنة او 13 سنة ، بدعوى أن هؤلاء الذين يدرسون الكلاسيكيات يتحتم عليهم التدرب على اللغات و الثقافات اليونانية – اللاتينية في اقرب وقت ممكن ، ليصبحوا المدافعين الأقوياء من أجل رفاهية و ازدهار الجيل المقبل ...
إن مأمورية المدرسة الإبتدائية لا تعد للحياة تبعا لهذا المنطق ، إنها تهيئ للاعدادي الذي بدوره يهيئ لليسي ثم بعد ذلك للجامعة حيث غايتها هو تحضير البحوث . يفهم من هذا الخطاب أنه من الواجب تجاهل بشكل قصدي أن ثلاثة أرباع من هؤلاء الذين يتخرجون من الجامعة لا يقومون بالبحوث ، و أن كل هؤلاء الذين أنهوا دراستهم في الليسي لا يلتحقون بالجامعة ،الخ . للخيال حياة قاسية ! إننا لا نرجع للوضعيات الحياتية طيلة البرنامج كله ، بل للمرحلة المقبلة فقط للتمدرس . إذن تشتغل المدرسة في حلقة مفرغة و اهتمامها منصب أكثر حول النجاح في الامتحانات او إحراز القبول داخل الأسلاك الجامعية بدل استعمال المعارف المدرسية في الحياة الواقعية . لهذا السبب نرى أنه بإمكان المدرس القيام بمهنة التدريس و لا يشعر أبدا أنه مضطر او مطالب بأن يتساءل حول حقيقة الكفايات المناسبة المكونة للتلاميذ في الأفق البعيد للتمدرس . يقع كل هذا كأنما هذه المسألة هي من اختصاص المدرسين العاملين في سافلة المقرر ، القريبين من « ولوج الحياة العملية ».
بالطبع ، إن استعمال المعارف في الحياة الواقعية قضية تطرح بشكل أفضل في التكوين المهني . لكن لا بد من أن نشير مع ذلك إلى نقطتين دقيقتين :
بناء الكفايات لا يتمركز دائما في الأوتوماتيكية ، كما بين ذلك طارديف Tardif (1996 )
تكتفي الكفايات المستهدفة في هذه المرحلة التدرب على حرفة
من الذي يهتم بكل ما يتجاوز العمل المستأجر ، والبطالة ، والثقافة ، والرياضة ، والترفيه و الأعمال الصغيرة ، و الحياة الخاصة و السياسية ، و الحياة التشاركية الخ، في نهاية الأمر ؟ إننا نسير في اتجاه داخل مجتمع سيصبح فيه ، عاجلا أم آجلا ، العمل مهمشا بالنسبة للكبار . ربما يقتضي منا الابتعاد عن الخط المستقيم الذي يرسم ثلاثية « الثقافة العامة – التكوين المهني – المهنة » كسيناريو وحيد و جدير بالاهتمام ...
في حالة ما إذا رغبنا تنمية الكفايات و ليس المعارف ، وجب علينا طبعا ان نخلق وضعيات نسميها « الوضعيات – المسائل » ( او " الوضعيات – المفتوحة " ، هذا مفهوم مجاور ) . إنها وضعيات حيث لا نحصل على حلها بتطبيق خوارزمية سهلة مباشرة و رائعة . المدرس هنا ليس مجبرا على ايجاد الحل بالقوة ، يبحث عن الحل بمعية التلاميذ . فنحن بعيدون كل البعد عن التمارين المدرسية ، التي تلزم الاشتغال المحكم فقط على العمليات الملائمة و المضبوطة . بداخل هذه الوضعيات المفتوحة ، إننا نطور الكفايات لأننا نستثمر الكفايات ! لذا نجد انفسنا في الوضعية التي وصفها مريو Meirieu « نشتغل حول ما نجهله كي نتعلم إتقانه » . بكل بداهة إن الأمر يفترض تموضع المهام في المنطقة القريبة من النماء ZPD ، و أن لا يشعر التلاميذ بأنهم متجاوزين كلية . فالأستاذ هو الذي يقدم المؤشرات ، يضع المرتكز و السند ليكون سدا منيعا ضد الإحساس بالضعف و اليأس . ليس من الممنوع عليه إنجاز بعض العمليات الصعبة التي تعتبر ممرات ضرورية ، غير أنها تستوجب قدرا هائلا من الطاقة و الوقت من جانب التلاميذ حتى لتكاد الأنشطة تضيع في مهب الريح إن لم تنجز بعض عملياتها .
إن العمل بالوضعيات – المسائل هو عمل معرفي و اجتماعي في آن واحد ، إنه لمن الصعب جدا أو من النادر جدا مواجهة التعقيد بمفردنا أثناء مرحلة التعلم . ليس العمل بالمجموعات دائما أمر مسهل في كل الوجوه ، يصطدم التعاون ذاته بشتى الإكراهات ، لكن طريقة المشروع بالفريق لديها من الحظوظ ما يجعلها تنحو نحو هذا الاتجاه .
الاشتغال بـ « الوضعيات – المسائل »، التي اقترحت من طرف ميريو Meirieu 1989 – 1990 ، أصطولفي Astolfi 1992 ، و ديداكتيكيون آخرون يستحيل الأخذ بها في ظل الوسائل التقليدية الموجودة الآن والتي صممت لمنظور مختلف . فلا حاجة لنا لكنانيش التمارين أو البطاقات الضائعة لأول وهلة ، نحن في حاجة لوضعيات مثيرة و ممتعة و واقعية في آن ، آخذين السن و مستوى التلاميذ بعين الاعتبار ، والزمن الذي نتوفر عليه ، والكفايات المراد تطويرها . زيادة على ذلك ، فإن هذه الوسائل تعتبر أفكار ، خطاطات لوضعيات و ليست أنشطة معدة « مفتاح في اليد ». في حين بإمكاننا تجنيد التلاميذ في مهام تقليدية قائلين « خذوا كتبكم و انجزوا تمرين رقم 54 في الصفحة رقم 10 » . لا يمكن ترسيخ منهجية تدور حول الوضعية – المسألة بصورة أحادية ، سلطوية و اقتصادية . إن الأساتذة الذين يؤمنون ببناء المعارف و الكفايات معا عن طريق حل المسائل إنما يفتحون نقاشا ، يضعون لغزا ، يوحون بمشروع يستفيد منه الجميع ، بدل أن نحدد لكل واحد ، في مكانه ، مهمة فردية القلم – الورقة .
يمكن أن يتم تدعيم مثل هاته الطرائق بفضل الوسائل المنتجة على صعيد ما ، لكنها ستكون مختلفة عما يوجد عند البائع المختص للكتب المدرسية ، فهي قد صممت و أنتجت على يد أناس يعتنقون المقاربة بالكفايات ، التي تتطلب ديداكيتكات مغايرة . كل تطور في هذا المنحى مآله الاصطدام مع سلطة النشر و التوزيع المدرسي ، تلك السلطة التي تجمع أرباحا هائلة ! من خلال البرامج ذات مفاهيم المستوى و الدرجة . أما الوسائل المقيدة و المتجهة نحو الكفايات فأمرها شاق و ثمنها غال في الصنع ، و السبب هو عدم تكراريتها و ضرورة استحضار الابداع و الخيال من قبل مؤلفيها أكثر بكثير من التلفيق و التكديس . بالتزامن مع ذلك ، أعداد السحب سوف تتقلص ، و السر في ذلك ، هو النموذج الواحد لكل مستوى كاف في حد ذاته . إذن لا يحدث بسهولة إعادة إبداع و خلق الوسائل التعليمية المرتبطة وظيفيا ببيداغوجية الوضعيات – المسائل و الكفايات : إنها تصطدم بالمصالح الاقتصادية الكبرى . إن محاولة كتابة البرامج الجديدة تغمض العين عموما لكيلا ترى جمود النظام الحاصل في التوصيف الخاص للأدوات المدرسية ، للفضاءات المدرسية ، للمعدات و أدوات اخرى .
هذه ليست الصعوبة الأولى . انطلاق الوضعيات – المسائل مرهون بانخراط التلاميذ في العملية ، في علاقة اتجاه المهمة المختلفة عما كان في السابق و الذي كنا نكتفي به في التمارين المدرسية المنزوعة السياق و لا رهان لها ، بحيث نطرحها جانبا طلبا في السلامة ، و نقطة جيدة ؛ ثم نستمر في واجب و عمل آخر . نحن نقول إنها وضعية متميزة تمر من خلال علاقة اخرى بين المدرسين بشكل حتمي ، تقترب من تلك التي نشاهدها في البيداغوجيات المؤسساتية و طرائق المشروع ، أي معاودة توزيع السلط بداخل القسـم . تماما ، لا يمكننا أن نتصور أن طرائق المشروع المتمركزة على الوضعيات المعقدة قد تدفع بالمعلم الذي تبنى هذا التصور بـ « شحن » تلامذته في مركب المهمة كما دأب فعله في الدروس التقليدية . إنه القسـم ، هنا ، هو الذي ينتج مشاريعه و كذا الوضعيات التي يطمح في مواجهتها . إنه لتحدي ديداكتيكي و بيداغوجي جديد من نوع آخر ، بحيث أن فئة من المدرسين اليوم لا ترغب فيه أو لا تقدر على مجابهته.
لا نجاح لمثل هاته البيداغوجية في ظل غياب تخطيط مرن . عندما نشتغل بالمشاريع و بالوضعيات ، إننا نعلم متى يبتدئ النشاط ، و نادرا متى وكيف سينتهي ، لأن الوضعية تحمل معها ديناميتها الخاصة بها . لناخذ مثالا : تنظيم حفل صمم على إثر بحث في الحي لا يلزم أربعة أسابيع فقط ، كما جاء في بداية التوقعات ، لكن شهرين . تم التخلي أثناءهما عن عديد من الامور الأخرى . للمشاريع مقتضيات خاصة لبلوغ النجاح . تفقد المشاريع معناها لو منحناها الأولوية في بعض مراحلها الحرجة . إذن أجزاء اخرى من البرنامج تداس بالأقدام و تقتضي المرونة الكبيرة .
تؤدي المقاربة بالكفايات إلى القليل من الأعمال ، الإلتصاق بأقل عدد من الوضعيات القوية و الخصبة ، تلك التي تنتج التعلمات التي تدور في فلك المعارف المهمة . الأمر الذي يحتم الحداد على أكبر جزء من المحتويات نحن لا زلنا اليوم نراها ضرورية . هل تسمح البرامج الجديدة للاعدادي القيام بهذا التخفيف ؟ إننا نشك في ذلك ، كما تم توضيحه كريستيان ديوران Christian Durand . سيكون من الأفضل قضاء أكبر الاوقات مع عدد محدود من الوضعيات المعقدة ، بدل المكوث وقت وجيز جدا برفقة أكبر عدد من المواضيع نتقدم فيها بسرعة كبيرة كي نطوي الصفحة الاخيرة من البرنامج في آخر يوم من السنة الدراسية .
و اخيرا ، هناك قطيعة في التعاقد الديداكتيكي الكلاسيكي القديم حيث يمتلك المعلم ، بمقتضاه ، المعرفة و يتصرف فيها و يراقب استحكاماتها لدى التلاميذ . إن هذا التعاقد يستلهم معانيه الكبيرة من البيداغوجية التشاركية ، و من العمل داخل الورشات ، و من الوضعيات التي بداخلها يواجه الفريق الصعوبات ولا أحد من أعضاء هذا الفريق لقادر على السيطرة عليها ابتداءا . إذن تستبدل لعبة القط و الفأر بأشكال من التعاون الهادف في إنجاح هذه المؤسسة الطموحة .( يتبـع )
واحد نقلا ديداكتيكيا واقعيا و استشرافيا
النقل الديداكتيكيla transposition didactique هو سلسلة من التحولات الميكانيكية العاملة على نقل المعارف و الممارسات و الثقافة الشائعة لمجتمع ما إلى ما يخطط له من أهداف و برامج مدرسية ثم ما نجده فعليا داخل المحتويات المدرسية ، و أخيرا – في أحسن الأحوال – ما يبنى بداخل رأس مجموعة من التلاميذ ! ( فيري Verret ، 1965 ؛ شوفالار Chavallart ،1991 ؛ أرساك Arsac ؛ رسكي و كايو Raisky et Caillot ، 1996 ).
لو أردنا الاشتغال بالكفايات ، فإنه من الضروري الرجوع إلى أصل هذه السلسلة احتمالا و نطرح عدة أسئلة تخص طبيعة الوضعيات التي سوف تواجه الناس في مجتمع الغد و بعد الغد . صممت المدرسة في أغلب الأحيان ، ولمدة من الزمان ، و اليوم أيضا ، من طرف المثقفين و رجال السلطة و العلم الذين كان لديهم انطباع بـ« معرفة الحياة » . فعلا ، إنهم يبنون حياتهم عن طريق الألفة و بمحض الإرادة واضعين رؤية اعتباطية للطبقات الشعبية ، تلك التي يجب « تأذيبها » . في القرن 19 م ، أقامت الطبقة الحاكمة مشروعا إنسانيا كاريكاتوريا ضخما يمتاز بالتقدير القصد من وراءه التنشئة الاجتماعية و تخليق الطبقات التي ندعوها بـ « الخطيـرة » ( شوفالار Chevellard ،1978 ) . ربما كان في ذلك الحين إمكانية للتوسع في تحديد البرامج المدرسية منطلقين من التجربة الحياتية للطبقات المتعلمة ، لأن التربية كان ينظر إليها وقتئذ كوسيلة تحريضية للأفراد لكسب القيم و المعارف الأساسية لمجتمع هو في طور التقدم و النماء . لا يعمل البرنامج على تمرير الثقافة و القيم البورجوازية إلى التربية فحسب ، وإنما أيضا تاريخ موجز و معياري ذو فائدة عملية يخص الطبقات الشعبية . بروز ملامح الطبقة الوسطى بدأ يتراءى في الأفق ..
لا يزال هذا النموذج من الفكر موجودا في وقتنا الراهن . غير أن ، لو استبدلنا المنظور ، لو قلنا لأنفسنا من الواجب على المدرسة إعداد رجال المستقبل يكون الهدف منه هو مجابهة الوضعيات التي تنتظرهم بالفعل في عشر سنين ، عشرين أو ثلاثين سنة ، لا بد أن نتساءل عن ماهي المنتظرات . هل يمتلك المثقفون المنظرون للتعقيد داخل « البيوتات » أدنى فكرة عما يؤسس الحياة العادية للناس المتواجدين في المجتمع الذي يعلن عن ذاته ؟
هل تنهل البرامج المدرسية من معين معرفة المجتمع ؟ إننا نشك في ذلك . كيف يدبر برنامجا مدرسيا ؟ نجمع الخبراء حول مائدة ، يناقشون و يفاوضون النصوص . من أين يستقون افكارهم ؟ بداخل رؤوسهم ، في تجارب المدرسة ، في المعارف ، في العمل ، ليس قطعا بواسطة الدارسة المنهجية الموضوعية لحياة الناس المتنوعة . عندما يلتقطون شيئا ما من حياة الناس ، فإن ذلك يتم بكل تأكيد – مثل باقي كل الكائنات ، عندما نغيب أدوات التقصي – في شبكاتهم المعرفية الكبرى ، أي في الاوساط الاجتماعية القريبة من أسرهم و ذويهم . لنأخذ مثالا : في الوقت الحاضر، لا يعني العمل أي شيء بالنسبة لفئة من الناس : صناع البرامج ( الذين يشتغلون إلى حدود % 150 ) هل باستطاعتهم تصور حياة مكونة من حرف صغيرة تسمح بالعيش في الحدود المعقولة ؟ هل باستطاعتهم النظر أننا نرغب العيش بهذه الصورة و نحيا سعداء حتى ؟
إذا أردنا بالفعل التكوين بوساطة الكفايات تمشيا مع وضعيات الحياة الحقيقية / المعاشة ، فلا نفعل كأنما نعرفها . فلنسلك بالأولى طريق البحث المنهجي . لكن القول بأنه من الواجب معرفة تدبير التعقيد فهذا مجرد كلام فارغ لا معنى له. أي صنف من التعقيد يقابل الناس في حياتهم الآن و غدا بالملموس ، أي في العمل ، خارج العمل أو بين حرفتين ؟ إننا نعيش مثلا في عصر لا نستطيع ترك حقيبتنا دقيقتين في مستودع القطار دون أن ينتابنا خوف من سرقتها . كانت لدينا فيما مضى علاقات اجتماعية حسنة مع الآخر ، لكن اليوم ، في المدن ، كل أحد منا مدعو بأن يحمي ممتلكاته ، و السبب هو أنه لا بد من التعايش مع أناس لا نستطيع الثقة فيهم . لنفكر في وضعيات ملموسة ، في العلاقات المجتمعية التي تتطور في المدينة ، في العمارات ، في العمل : عناصر عديدة يمكن ان نستخرج منها التعقيد الملموس و الكفايات التي يتطلبها ذاك التعقيد .
لا أعتقد ان المدرسة مستعدة لكي تعرف المجتمع الذي تسعى أو تظن أنها تربيه . إننا ندرك أكثر الأشياء عن حياة الناس و ذلك بمشاهدة شاشة التلفاز في مكان قراءة البرامج المدرسية . لا يشاهد رجال المدرسة التلفزيون عن طيب خاطر ، فهم ينتقدونه و يضغطون على الزر لأن مشهد العالم غير ممتع ! تجهل المدرسة الكثيرعن حياة تلامذتها . يخال أنها أقيمت هنالك كي تجهل كل شيء عن المجتمع بدعوى أنها تعلمه و تربيه . يوجد هناك نوع من الصم و غياب الألفة ( إثنولوجية و سوسيولوجية ) مع التيارات العميقة التي تجتاح العالم الذي نعيش فيه . كلما رغبنا في إصلاح البرامج ، نظل سجناء المختصين و نضع غمامة على أنفسنا ، لأننا في عجلة من أمر النصوص المعدة للنشر . فنعيد الكرة مرة ثانية ، كالمعتاد ، على نفس البنى ، إيديولوجية في الأساس ، على نفس البديهيات المشتركة ، بدل القيام بعمل التقصي و النقل الديداكتيكي المنطلق من الممارسات المجتمعية المشهودة لها .
إن علماء المستقبل يشكلون خطرا بالغ الأهمية بكل تأكيد و تجارب السنوات العشر الأخيرة تشهد بذلك . بالفعل ، من الممكن أن تساهم المتغيرات التكنولوجية الآنية و المستقبلية في تأثيت الديكور العام جزئيا : الميديا ، القرص التفاعلي ، الحقيقة الافتراضية ، الشبكة العالمية ، التواصل الكبير ، النظم الخبيرة القادرة على تدبير الانشطة الانسانية . إن نصيب من الاستباق و الدراسات التحليلية يتغذى مما يمكن توقعه من تطور في التكنولوجية ، مع نصيب من التبسيط ( و المجازفة ) و ما يستتبع من ذلك . بعد مضي خمسة عشر سنة ، كان من المفروض على التلاميذ تعلم لغة الحاسوب (Le basic ) ، لكن الآن ، من المحتم علينا أجميعن التدرب على الشبكات المعلوماتية لـ « الابحار في الانترنيت » . نفس الشيء يمكن أن ينطبق على التعلمات السياقية التي لا مستقبل لديها في الأفق القريب. لا فائدة مرجوة من الاستباق التكنولوجي إذا ما بقينا ملتصقين بالوسائل الظرفية الآنية ، التي من الممكن ان يلحقها زمن التطور قبل أن تغذو برامج متبناة ! لم يتوقع أي أحد منذ ثلاثين سنة مدى الانتشار للمعلوماتية الدقيقة في كل الأنشطة الانسانية و اللاتمركزها . كنا نحلم بالاخ الاكبر ( التقويم التكويني ) Big Brother ، معلوماتية متمركزة ، و هي تراقب كل أحد عن كثب : في حين أفشلت الأنترنيت خطط التشريعات ، والحدود ، والبوليس ... لقد أظهرت التجربة ، في الميدان ذاته ، أننا نستطيع إعداد أفضل أصناف التفكير و معالجة المعلومات . ما ينبغي القيام به هو عمل جبار بصدد التكنولوجيات محاولة منا استقراء منها طبيعة الكفايات التي نود بناءها في المدرسة .
والحياة كذلك تتغير في عدة مستويات . ألم يحن الوقت لندرك ذلك ؟ أن نطرح عنا الفكر الفلسفي و المثالي الذي يتربع صياغة البرامج المدرسية و نضع في مكانه النقل الديداكتيكي الذي أساسه التحليل المستقبلي و الواقعي للوضعيات المعيشية . ليس المقصود هو أن نصير منفعيين إلى هذا الحد . فأغلبية الناس لديها الكثير من المشاكل العاطفية و الميتافيزيقية و مشاكل العمل و السكن و المال على حد سواء . السؤال المطروح بالأحرى هو التعرف الفعلي أين تتجلى و تكمن مواجهة الناس في آواخر القرن العشرين و في بدايته . في هذا المقام ، ليس من نافلة القول إذا لاحظنا التطور الحاصل في التقاليد الأسرية ، و الجنسية ، و السياسية ، والتحولات في ميدان العمل . جزء من العلوم الاجتماعية – الانتروبولوجية ، السوسيولوجية ، العلوم السياسية ، الديموغرافية و الاقتصاد – ، تساهم في دراسة حياة الناس و التجمعات البشرية و يمكنها أن تمد يد المساعدة للأنظمة التربوية من أجل تخيل مستقبل أفضل .
لا نثق في المستقبليين ، غير أن بعض التيارات القوية تتمايز فيما بينها . كيف لنا الحصول على موارد النقل الديداكتيكي انطلاقا من هذه المعارف التي تمر في فلك تلك الممارسات و الثقافات الجديدة . كيف النظر إليها على مستوى التفكير على أنها عائلات من الوضعيات المستدعية لكفايات محددة ؟ للإجابة ، يجب بدون شك القطع مع فكرتين مبسطتين :
1)- الفكرة الأولى هو إعداد التلاميذ انطلاقا من رؤى تم تحديدها بدقة لما هو منتظر ؛ ولا واحدة من هذه الرؤى يمكن لها أن تتحقق .
2)- الفكرة الثانية تختزل التكوين في عدد من الكفايات المستعرضة او العامة جدا ، بحيث ينجم عنها كل الأفعال الناجحة ، و ذلك بالاشتقاق و التعميم .
لمواجهة الوضعيات المتنوعة ، لا بد من أن تكون الكفايات كذلك . لن تبن بمجرد تحويل الخطاطات العامة للمنطق ، و للتحليل ، وللحجاج و اتخاذ القرار . من الصعب على المدرسة تنويع العالم و هي لا تشتغل عليه بكل وضوح ، في ربط للمعارف و الدرايات فيما بينهما أثناء وضعيات إن لم تكن حقيقية ، على الأقل تكون وضعيات واقعية ، تغيير منزل ، تخيل مجمع سكني ، إحداث تعاونية ، اتباع حمية غذائية ، تأثيت ، القيام بجولة في أوروبا مع الاقتصاد في النفقات ، الوقاية من السيدا و عدم التقوقع حول الذات دون الاغتراب ... مشاكل كثيرة يجد الأفراد أنفسهم أمامها بدون حل ، ليس ذلك بسبب النقص في المعارف الأساسية لكن بسبب المنهجيات ، و التداريب حول المشكلات ، والتفاوض ، و التخطيط أو بكل بساطة البحث عن المعلومات و المعارف المناسبة .
إذا كانت الكفايات المستعرضة صعبة الفهم و التحديد ، و هذا اعتراف ، فإنه بإمكاننا تدعيم المواد التعلمية و تقطيعاتها كما أسست في البداية . فوق هذا كله ، إذا كانت الكفايات هي من طبيعة و جنس المواد التعلمية disciplinaires فلماذا لا نحافظ على استعمالات الزمان و التخصص المتداول ؟ معتبرين بعض الكفايات معدة للبناء و التشكل هي مـواد تعلمية فالأمر لا غبار عليه شريطة أن نقبل أن المادة المعنية لا تستدعي فقط حقلا من المعارف المرجعية ، لكن أيضا تشمل التطبيقات « الأمكنة ، الأجسام ، المجموعات ، الادوات ، الميكانيزمات ، الاجراءات ، النصوص ، الهيراركات التي تجيز تفعيل مثل هذه الأنشطة » لاتور Latour 1966 ).
هناك كفايات أخرى غير مستعرضة في الحقيقة . تجد نفسها في ملتقى اثنين او ثلاث مواد تعلمية . بما أن أستاذ العلوم و أستاذ الفرنسية يؤديان معا بالاقتران نشاطا حول تحرير الكتابة العلمية ( تقارير التجارب ، اكتشاف الملاحظات ) ، فإن النشاطين ينميان كفاية ، بعيدة من أن تكون مستعرضة ، لكنها غير منتمية لا إلى العلوم بحق ، و لا إلى الآداب بحق. إذا كان لزاما التخلي عن فرضية الكفايات المستعرضة التي تهيمن و باستمرار على كل المواد التعلمية و جميع أوجه الحياة ، من الممكن الذهاب بعيدا شيئا ما فنصوغ تقابلات علائقية بين المواد المجاورة و المتقاربة ، تلك التي تسيطر على حقول أكثر قربا ، كالبيولوجية و الكيمياء ، أو التاريخ و الاقتصاد . من الممكن أيضا ، كما في المثال المقدم ، مزاوجة بين مواد تعلمية بحيث تقدم إحدى المواد أدوات التحكم في التعبير لغرض التواصل الجيد و الأخرى تساهم في بناء المحتويات . هذه محاولات غير جادة و طموحة للغاية ، فهي تلتمس من المختصين بالرغم من ذلك روح المغامرة و العمل خارج دائرة الاختصاص و حسب نموذج العمل بالمشكلات التي تتجاوزهم في بعض المناحي . من الممكن على سبيل المثال أن يكون أستاذ الفيزياء أقل كفاءة من بعض تلامذته فيما يخص أمور الكتابة ؛ من المرجح أن يشعر أستاذ الفرنسية بالضعف في مادة الفيزياء ،هو الذي اختار بالضبط الآداب لأنه يكره « الرياضيات ». إذن كلاهما وجب عليهما تجاوز هذا العائق حول التصورات التي يحملانها اتجاه شرعيتهما و سخريتهما الممكنة للحدوث أمام الناظرين لعدم التحكم في بعض المعارف أفضل من التلاميذ .
بإمكاننا أن نستلهم في هذا الميدان ما يجري في بعض الاعداديات التجريبية ، بحيث نترك النصف من الوقت المدرسي فقط لمحتوى المواد التعلمية منظمة حسب شبكة زمانية اعتيادية . اما بالنسبة للباقي ، يتم العمل عن طريق المشروعات الحرة ، والأساتذة هم بمثابة منشطين و اشخاص- مورد . المعارف التعلمية حاضرة و لا تغيب أبدا ، لكنها مجندة في ثنايا المشروع ، أي غير مكتملة ، غير مخططة لها ، غير ممنهجة ، باختصار ، إنها أقل جدية ، هذا ما سيقولونه بلا شك المالكون لنص المعرفة و الذين يقرؤونه في أحسن نظام . بالمقابل ، ستكون المعارف معبأة في وضعيات بحيث تصير أكثر دقة ووضوحا ، بحيث تنقلب مواضيع الامتحانات إلى أدوات و وسائل ، و بحيث نحرز على المعنى و الدلالة...
لا حديث عن الكفايات...إذا اكتفينا
بسلك دراسي في انتظار السلك الآتي
تاريخيا ، تحدد دائما البرامج وفق نوعية الانتظارات المقبلة للتدريس . تحددها الشعب الممتازة تدقيقا . انطلاقا من هذا التصور ، فإن كل الأقسام الثانية بدءا من الاعدادي تعتبر « تحضيرية » : التطابق و التلاؤم مع انتظارات سلك الدراسة الجامعية يعد أمرا ضروريا و ملزما بدل التفكير والتأمل في أمور الحياة . بالنسبة لهؤلاء الذين وصلوا إلى الدراسات الجامعية أم لم يلتحقوا بالشعب المختارة فالأمر لا يساوي أية قيمة . نلاحظ ان هذا المنطق يجري بشكل مقصود في خط مستقيم من شأنه إبراز النخبة و استباق القدر معلنين عن أفضل التلاميذ . تعتقد بعض الأنظمة التربوية اليوم كذلك أن إبقاء اللاتينية كمادة تعلمية أساسية تقدم للتلاميذ من 12 سنة او 13 سنة ، بدعوى أن هؤلاء الذين يدرسون الكلاسيكيات يتحتم عليهم التدرب على اللغات و الثقافات اليونانية – اللاتينية في اقرب وقت ممكن ، ليصبحوا المدافعين الأقوياء من أجل رفاهية و ازدهار الجيل المقبل ...
إن مأمورية المدرسة الإبتدائية لا تعد للحياة تبعا لهذا المنطق ، إنها تهيئ للاعدادي الذي بدوره يهيئ لليسي ثم بعد ذلك للجامعة حيث غايتها هو تحضير البحوث . يفهم من هذا الخطاب أنه من الواجب تجاهل بشكل قصدي أن ثلاثة أرباع من هؤلاء الذين يتخرجون من الجامعة لا يقومون بالبحوث ، و أن كل هؤلاء الذين أنهوا دراستهم في الليسي لا يلتحقون بالجامعة ،الخ . للخيال حياة قاسية ! إننا لا نرجع للوضعيات الحياتية طيلة البرنامج كله ، بل للمرحلة المقبلة فقط للتمدرس . إذن تشتغل المدرسة في حلقة مفرغة و اهتمامها منصب أكثر حول النجاح في الامتحانات او إحراز القبول داخل الأسلاك الجامعية بدل استعمال المعارف المدرسية في الحياة الواقعية . لهذا السبب نرى أنه بإمكان المدرس القيام بمهنة التدريس و لا يشعر أبدا أنه مضطر او مطالب بأن يتساءل حول حقيقة الكفايات المناسبة المكونة للتلاميذ في الأفق البعيد للتمدرس . يقع كل هذا كأنما هذه المسألة هي من اختصاص المدرسين العاملين في سافلة المقرر ، القريبين من « ولوج الحياة العملية ».
بالطبع ، إن استعمال المعارف في الحياة الواقعية قضية تطرح بشكل أفضل في التكوين المهني . لكن لا بد من أن نشير مع ذلك إلى نقطتين دقيقتين :
بناء الكفايات لا يتمركز دائما في الأوتوماتيكية ، كما بين ذلك طارديف Tardif (1996 )
تكتفي الكفايات المستهدفة في هذه المرحلة التدرب على حرفة
من الذي يهتم بكل ما يتجاوز العمل المستأجر ، والبطالة ، والثقافة ، والرياضة ، والترفيه و الأعمال الصغيرة ، و الحياة الخاصة و السياسية ، و الحياة التشاركية الخ، في نهاية الأمر ؟ إننا نسير في اتجاه داخل مجتمع سيصبح فيه ، عاجلا أم آجلا ، العمل مهمشا بالنسبة للكبار . ربما يقتضي منا الابتعاد عن الخط المستقيم الذي يرسم ثلاثية « الثقافة العامة – التكوين المهني – المهنة » كسيناريو وحيد و جدير بالاهتمام ...
في حالة ما إذا رغبنا تنمية الكفايات و ليس المعارف ، وجب علينا طبعا ان نخلق وضعيات نسميها « الوضعيات – المسائل » ( او " الوضعيات – المفتوحة " ، هذا مفهوم مجاور ) . إنها وضعيات حيث لا نحصل على حلها بتطبيق خوارزمية سهلة مباشرة و رائعة . المدرس هنا ليس مجبرا على ايجاد الحل بالقوة ، يبحث عن الحل بمعية التلاميذ . فنحن بعيدون كل البعد عن التمارين المدرسية ، التي تلزم الاشتغال المحكم فقط على العمليات الملائمة و المضبوطة . بداخل هذه الوضعيات المفتوحة ، إننا نطور الكفايات لأننا نستثمر الكفايات ! لذا نجد انفسنا في الوضعية التي وصفها مريو Meirieu « نشتغل حول ما نجهله كي نتعلم إتقانه » . بكل بداهة إن الأمر يفترض تموضع المهام في المنطقة القريبة من النماء ZPD ، و أن لا يشعر التلاميذ بأنهم متجاوزين كلية . فالأستاذ هو الذي يقدم المؤشرات ، يضع المرتكز و السند ليكون سدا منيعا ضد الإحساس بالضعف و اليأس . ليس من الممنوع عليه إنجاز بعض العمليات الصعبة التي تعتبر ممرات ضرورية ، غير أنها تستوجب قدرا هائلا من الطاقة و الوقت من جانب التلاميذ حتى لتكاد الأنشطة تضيع في مهب الريح إن لم تنجز بعض عملياتها .
إن العمل بالوضعيات – المسائل هو عمل معرفي و اجتماعي في آن واحد ، إنه لمن الصعب جدا أو من النادر جدا مواجهة التعقيد بمفردنا أثناء مرحلة التعلم . ليس العمل بالمجموعات دائما أمر مسهل في كل الوجوه ، يصطدم التعاون ذاته بشتى الإكراهات ، لكن طريقة المشروع بالفريق لديها من الحظوظ ما يجعلها تنحو نحو هذا الاتجاه .
الاشتغال بـ « الوضعيات – المسائل »، التي اقترحت من طرف ميريو Meirieu 1989 – 1990 ، أصطولفي Astolfi 1992 ، و ديداكتيكيون آخرون يستحيل الأخذ بها في ظل الوسائل التقليدية الموجودة الآن والتي صممت لمنظور مختلف . فلا حاجة لنا لكنانيش التمارين أو البطاقات الضائعة لأول وهلة ، نحن في حاجة لوضعيات مثيرة و ممتعة و واقعية في آن ، آخذين السن و مستوى التلاميذ بعين الاعتبار ، والزمن الذي نتوفر عليه ، والكفايات المراد تطويرها . زيادة على ذلك ، فإن هذه الوسائل تعتبر أفكار ، خطاطات لوضعيات و ليست أنشطة معدة « مفتاح في اليد ». في حين بإمكاننا تجنيد التلاميذ في مهام تقليدية قائلين « خذوا كتبكم و انجزوا تمرين رقم 54 في الصفحة رقم 10 » . لا يمكن ترسيخ منهجية تدور حول الوضعية – المسألة بصورة أحادية ، سلطوية و اقتصادية . إن الأساتذة الذين يؤمنون ببناء المعارف و الكفايات معا عن طريق حل المسائل إنما يفتحون نقاشا ، يضعون لغزا ، يوحون بمشروع يستفيد منه الجميع ، بدل أن نحدد لكل واحد ، في مكانه ، مهمة فردية القلم – الورقة .
يمكن أن يتم تدعيم مثل هاته الطرائق بفضل الوسائل المنتجة على صعيد ما ، لكنها ستكون مختلفة عما يوجد عند البائع المختص للكتب المدرسية ، فهي قد صممت و أنتجت على يد أناس يعتنقون المقاربة بالكفايات ، التي تتطلب ديداكيتكات مغايرة . كل تطور في هذا المنحى مآله الاصطدام مع سلطة النشر و التوزيع المدرسي ، تلك السلطة التي تجمع أرباحا هائلة ! من خلال البرامج ذات مفاهيم المستوى و الدرجة . أما الوسائل المقيدة و المتجهة نحو الكفايات فأمرها شاق و ثمنها غال في الصنع ، و السبب هو عدم تكراريتها و ضرورة استحضار الابداع و الخيال من قبل مؤلفيها أكثر بكثير من التلفيق و التكديس . بالتزامن مع ذلك ، أعداد السحب سوف تتقلص ، و السر في ذلك ، هو النموذج الواحد لكل مستوى كاف في حد ذاته . إذن لا يحدث بسهولة إعادة إبداع و خلق الوسائل التعليمية المرتبطة وظيفيا ببيداغوجية الوضعيات – المسائل و الكفايات : إنها تصطدم بالمصالح الاقتصادية الكبرى . إن محاولة كتابة البرامج الجديدة تغمض العين عموما لكيلا ترى جمود النظام الحاصل في التوصيف الخاص للأدوات المدرسية ، للفضاءات المدرسية ، للمعدات و أدوات اخرى .
هذه ليست الصعوبة الأولى . انطلاق الوضعيات – المسائل مرهون بانخراط التلاميذ في العملية ، في علاقة اتجاه المهمة المختلفة عما كان في السابق و الذي كنا نكتفي به في التمارين المدرسية المنزوعة السياق و لا رهان لها ، بحيث نطرحها جانبا طلبا في السلامة ، و نقطة جيدة ؛ ثم نستمر في واجب و عمل آخر . نحن نقول إنها وضعية متميزة تمر من خلال علاقة اخرى بين المدرسين بشكل حتمي ، تقترب من تلك التي نشاهدها في البيداغوجيات المؤسساتية و طرائق المشروع ، أي معاودة توزيع السلط بداخل القسـم . تماما ، لا يمكننا أن نتصور أن طرائق المشروع المتمركزة على الوضعيات المعقدة قد تدفع بالمعلم الذي تبنى هذا التصور بـ « شحن » تلامذته في مركب المهمة كما دأب فعله في الدروس التقليدية . إنه القسـم ، هنا ، هو الذي ينتج مشاريعه و كذا الوضعيات التي يطمح في مواجهتها . إنه لتحدي ديداكتيكي و بيداغوجي جديد من نوع آخر ، بحيث أن فئة من المدرسين اليوم لا ترغب فيه أو لا تقدر على مجابهته.
لا نجاح لمثل هاته البيداغوجية في ظل غياب تخطيط مرن . عندما نشتغل بالمشاريع و بالوضعيات ، إننا نعلم متى يبتدئ النشاط ، و نادرا متى وكيف سينتهي ، لأن الوضعية تحمل معها ديناميتها الخاصة بها . لناخذ مثالا : تنظيم حفل صمم على إثر بحث في الحي لا يلزم أربعة أسابيع فقط ، كما جاء في بداية التوقعات ، لكن شهرين . تم التخلي أثناءهما عن عديد من الامور الأخرى . للمشاريع مقتضيات خاصة لبلوغ النجاح . تفقد المشاريع معناها لو منحناها الأولوية في بعض مراحلها الحرجة . إذن أجزاء اخرى من البرنامج تداس بالأقدام و تقتضي المرونة الكبيرة .
تؤدي المقاربة بالكفايات إلى القليل من الأعمال ، الإلتصاق بأقل عدد من الوضعيات القوية و الخصبة ، تلك التي تنتج التعلمات التي تدور في فلك المعارف المهمة . الأمر الذي يحتم الحداد على أكبر جزء من المحتويات نحن لا زلنا اليوم نراها ضرورية . هل تسمح البرامج الجديدة للاعدادي القيام بهذا التخفيف ؟ إننا نشك في ذلك ، كما تم توضيحه كريستيان ديوران Christian Durand . سيكون من الأفضل قضاء أكبر الاوقات مع عدد محدود من الوضعيات المعقدة ، بدل المكوث وقت وجيز جدا برفقة أكبر عدد من المواضيع نتقدم فيها بسرعة كبيرة كي نطوي الصفحة الاخيرة من البرنامج في آخر يوم من السنة الدراسية .
و اخيرا ، هناك قطيعة في التعاقد الديداكتيكي الكلاسيكي القديم حيث يمتلك المعلم ، بمقتضاه ، المعرفة و يتصرف فيها و يراقب استحكاماتها لدى التلاميذ . إن هذا التعاقد يستلهم معانيه الكبيرة من البيداغوجية التشاركية ، و من العمل داخل الورشات ، و من الوضعيات التي بداخلها يواجه الفريق الصعوبات ولا أحد من أعضاء هذا الفريق لقادر على السيطرة عليها ابتداءا . إذن تستبدل لعبة القط و الفأر بأشكال من التعاون الهادف في إنجاح هذه المؤسسة الطموحة .( يتبـع )