رسالة إلى متمدرس
دونبس تينيلاك Denis Tillinac
أحد قدماء " كسالى التمدرس " ، كاتب ، عضو في المجلس الأعلى للتربية بفرنسا.
" عزيزي المتمدرس ،
اطمئن ، سوف لن أخصك بدرس في الأخلاق و السبب : لم أكن يوما قط سعيدا أمام قمطر و حتى أعترف لك بكل شيء : لقد لزمت طيلة تمدرسي لعب دور الكسول المعاقب دوما ، المتسكع في أغلب الأحيان ، المطرود بالمناسبة . لقد سئمت كل شيء ، و الدرس لم يعد يستحملني و أكن للمعلمين و للأساتذة حقدا بليـغا .
و بالرغم من ذلك ، بفعل النضج و التراجع ، وزنت حظي كوني كابدت هذا العقاب بدءا من دار الحضانة و وصولا إلى القسم الأعلى . أولا ، بدون البكالوريا ، لا شيء مما كنت أحلم به بإمكانه أن يتحقق . فالنجاح خارج أسوار المدرسة نادرا ما يحدث بسبب الزمن الذي لا يتوقف . ماعدا ربما إذا امتلكت موهبة مثل موهبة زيدان أو ماكاليلي .
صل إلى الباكلوريا و انجح فيها ، و إن لم تفعل فإنك سترى أبواب حياتك موصدة في وجهك ، بدون رجعة . الباكلوريا أو ما يعادلها .
ثم بعد ذلك ، بنفس النضج و التراجع ، أدركت أن هؤلاء المعلمون العاملون بالمدرسة المكرهون ، أنا مدين لهم بأذواقي ، باكتشافاتي ، بحياتي المتواضعة ، بتنشئتي ، بثقافتي . فبدون ترديدات القصائد ، التي ترهقني كثيرا ، بدون الدروس الكئيبة في الاملاء و النحو بمنعرجاته الصعبة ، ما كان لي أن أعرف فن التعبير ، لا على ظهر ورقة ، و لا أمام ميكروفون ، و لا حتى بداخل قرارة نفسي . من المهم معرفة فنون التعبير عن الذات في جميع الظروف . بدون أبجديات الأخلاق الابتدائية حيث تكفل بها هؤلاء المعلمون بتقطيرها لي - رغم و ضد إرادتي - ما كنت لأصير إلا وحشا غابويا و عنيفا . إذن ، لا إجتماعي . و الوحوش ، من الأفضل أن نسرحها في الحدائق العمومية ، و الأفدح هو سجنها .
طبعا ، لقد نسيت كل ما تعلمته تقريبا . لا ضير ، بتعلمه ، بدأت دواليب أم رأسي تشتغل في المكان الصحيح . فيما بعد ، من خلال تجوالي و التودد إلى قطيطات الشارع و التحدث مع صديق ، سمحت لي آثار هذه الماكينة الذهنية بأن أفهم أي عالم أنا أعيش فيه و حتى لا يعتقد في بأنني معتوه بالكامل . من المهم أيضا تأطير ما يحيط بنا كيفما كان الحال ، الكائنات و اهوائها ، الأمكنة و ذكرياتها .
إننا نتمتع جيدا رجالا و نساء بإنسانيتنا على حد سواء . المعرفة تنسى ؛ ما يمكث هو ترسب ثمين . لنفترض أنك أقل مني تمدرسا كما كنت في السابق ، فاهتم بالأساسيات : الرياضيات ، الفرنسية ، التاريخ . أما الباقي فإنه سيأتي فضلا عن ذلك . بما أنك تشاهد التلفاز ، فأنت مطلع على ما يحل و يرتحل ، بما ينقضي و يضمحل . و عليه فلتحاول أن تكون أقل راهينية فيما يخص قراءاتك و نمطية سلوكك قدر الامكان . إن التقنيات تتبدل و تتغير ، مثل الموضة ، مثل الرياح . الحكم البليغة و المؤلفات الكلاسيكية فهذه تدوم و لا يلحقها التبدل و التغيير . و كذلك الفضائل الكبرى . هل تأذن لي بتعدادها ؟ : معنى الشرف ، المجانية ، الاخلاص ، الترفيه ، نكران الذات ، الرفعة و السمو ، العواطف الرقيقة ، الأسى و المرح . بفضل هذا العتاد و المتاع ، سوف تنحث طريقك - و حاصل الكلام ، إنهم معلمي و معلموك الذين يلقنون ، سواء أكانوا مسيحيين ام لائيكيين ، يساريين أم رجعيين . إجمالا ، فهم لم يقوموا بهذا بدون تعب و مشقة ، و يستحقون التقدير الكبير في عالم ، حيث يدفعنا فيه الاشهار و التلفاز دفعا نحو التمركز حول الذات الأقل صفاء . لهذا السبب ، أنا ، أحد الكسالى طيلة التمدرس ، أعتز أيما اعتزاز و بالتناقض بمهنة ابنتي ، التي اختارت بان تصبح معلمة . و لهذا السبب أدعوك بأن تحترم أساتذتك ، بل أن تنصت إليهم ، مهما كان الملل و ضجر أستاذيتهم . عندما تغادر المدرسة ، سوف تحصل فقط على التكوين ، أو المعلومات . هذا شيء مهم . لكن أساتذتك هم بالنسبة إليك ضرورة حيوية "
المرجع : صحيفة لاكروا " la Croix " رقم 37536 . السبت 3 شتنبر 2006 . ص: 5