أي تكوين للمدرسين
وأية بيداغوجية
في مدرسة ديمقراطية؟
Roger Gal
Où en est la pédagogie ? , 1964
الشيء الأكثر أهمية هو أن يتطور لدى معلم المستقبل ، بالإضافة إلى حبه لمهنته وللأطفال، الرغبة والقدرة في التحسين والتجويد باستمرار . ألن يكون هذا الاهتمام والرغبة كافيتين ، فنكون إذاك قد قمنا بما هو أساسي . لأن أفضل طريقة ، بمجرد ما تتوافق مع ذاتها و ما إن تقنع بالتكرار، حتى يُحكم عليها سريعا بان تصبح طريقة عمل ميكانيكية ، باردة وبلا روح . تعاود السقوط في مستوى التقانة والوصفات .
عكس ذلك ، أن نقدم للمربي مهمة التفكير في طريقته ، مقاصده وأدواته ، و مراقبة النتائج بصفاء وتطوير الوسائل فإن هذا يؤدي حتما إلى التقدم و إلى الحياة . و يسمح له بالحفاظ على هذا الموقف النشط و الحيوي ، هذه القدرة على البقاء شابا طوال حياته ، معاودة اكتشاف الدهشة في كل مرة ، والرغبة في المعرفة والتعجب من الشباب .
المشاركة في التجارب المنظمة و القابلة للمقارنة مع بعضها البعض بدءا من سنوات التدريب ، ثم الاختبار، ثم في بعض أوقات معينة من تجربة التدريس ، بالتعاون مع متخصصي البحث ، في ارتباط مع المدارس العادية ، والمعاهد البيداغوجية و مختلف المفتشين ، تحت قيادة السلطات المسؤولة أو المجلس البيداغوجي التي ينسق العمل مع ترك المؤسسات التي ترغب في ذلك القدرة على القيام بنفسها ، تحت المراقبة ، بتلك التجربة المحددة ، كل ذلك يمكن أن يخلق في أي بلد جوقة من البحث و يحدث تقدما مستمرا في التربية . سوف ندعم كيفما كان الحال روح البحث والتطوير داخل هيئة التدريس برمتها .
إذا لم نقم بذلك ، واذا كنا لا نشرك معلمي المستقبل في اختبار طرقهم المختلفة ، وأفضل من ذلك أيضا في التجارب التي تلزمهم النفاذ إلى روحها ، فإنهم سيتبنون الاخيرة التي عاشوا ممارستها او يعودون إلى تلك التي بقيت معلقة في الذكرى و التي حققت معهم فعلا نجاحا . إنهم يحملون شعورا أنه لا يوجد هناك أي شيء آخر. أو ربما ، عن طريق التربصات الامبيريقية ، سوف يحصلون على واحدة من الطرق و يصبحون مقتنعين بأنه ليس هناك أفضل من هذا ؛ متأكدون من أنفسهم ، فهم لا يغيرون من ذلك أبدا .
ضد خطر هذا " التحجر" للبيداغوجية ، فالتجريب وحده فقط يمكن ان يكشف أن التدريس و الموقف التدريسي يحتمان التغيير باستمرار تبعا للتلاميذ الذين يقدم إليهم هذا العمل ، و البيئات التي يعيشون فيها ، والظروف المحلية أو الآنية ، و المصالح المتمظهرة ، والصعوبات التي يصطدم بها التلاميذ ، والظروف الأكثراعتيادية للصف . هذه القدرة على التكيف والانفتاح ، مضاف إليها التفكير النقدي والخيال المبدع ، بإمكان الكل أن يكون أفضل الضمانات في النجاح و يقدم على أي حال التكفل على أن كل واحد يعطي أقصى ما يمكن أن يعطيه. وماذا يمكن أن نتوقع أكثر؟
البيداغوجية و الديمقراطية
نحن ندخل عصر حضارات الطبقة الشعبية de masse ، وهذا هو الحدث الذي لا جدال فيه . (...) واليوم الجماهير، نتيجة التحولات التقانية ، الاقتصادية والاجتماعية ، انتقلت من الطابق السفلي للوجود إلى طليعة العمل في الواجهة . إنها تطمح ان تلعب دورا و تنتفع من عوائد الثقافة. إنها تجبرنا على المسير قدما نحو وحدة الحضارة .
ولكننا ما زلنا مستمرين ، في فرنسا و في العديد من البلدان ، متمسكين بمدرستين ، واحدة للشعب ، التعليم الابتدائي أكثر أو أقل امتدادا من قبل الدراسات المهنية ، ذو قصدية منفعية في الأساس ، والآخر للنخبة ، التربية الثانوية ، منزهة من حيث المبدأ، الوحيدة فقط التي تم لها الاعتراف بكرامة الثقافة.
من المؤكد و الصحيح أن المواهب المختلفة للتلاميذ تبرر في نظر المحافظين هذا الفصل بين الموهوبين وغير الموهوبين . و البيداغوجية لا يمكنها إلا أن تقبل معطيات علم النفس التفاضلي différentielle . و المصيبة هي أن الموهوبين يتواجدون تقريبا في جميع الطبقات الاجتماعية ، وأقل بكثير في طبقات اجتماعية أخرى . لذلك ربما ألا يكفي تقديم منح دراسية للتلاميذ الموهوبين ، المنحدرين من اوساط متواضعة ، و التعويل على تكافؤ الفرص في البداية التي لم تكن سوى مساواة كاذبة . إنما المشكلة تكمن في إيجاد الوسائل لرفع من شأن الثقافة ، ثقافة من درجة عالية في بعض المناحي غير تلك الموجودة في ثقافة الثانوي ، ولكن في أشكال و قوالب ملائمة ، كافة الشباب ، وإذا لم ننجح في الشباب، فإن أكبر عدد ممكن من البالغين خلال حياتهم العملية .
لأن هنا هذا هو الشرط الأول من أية ديمقراطية حقيقية ، لأن الديمقراطية – هو فعلها المنبثق من الإيمان - يفترض مواطنين و مواطنات على قدم المساواة و ايضا قادرين بأنفسهم على تشكيل فكرة عن المشاكل الاقتصادية ، والاجتماعية ، و المؤسساتية ، والسياسية كما تحدث على المستوى الوطني والدولي . وهذا يتضمن على الاقل معلومة دقيقة حول مختلف العناصر لهذه المشاكل ، طرق التفكير (تفكير نقدي ، قدرات في التحليل و الحكم ، الخ.) التي تسمح بتحديد درجة الخطأ أو الحقيقة ، والدعاية ، و مقاومة تحمل انزياحات العواطف ، وأخيرا ، الفضائل اللازمة لنظام ديمقراطي : الانضباط الطوعي ، و الشعور بالمسؤوليات ، والتضامن ، كل هذا يعتبر من المقومات الأساسية لكل حياة ديمقراطية.
هل تعطي التربية هذه المعلومة ، وهذه الطرق وهذه الفضائل ؟ هل تعطيها لجميع الأفراد ؟ هل نحضر بما فيه الكفاية لفهم المشاكل الاقتصادية ، والاجتماعية ، والقانونية ، والسياسية ، و جميع شبابنا ؟ قليل هم أولئك الذين استفادوا من تكوين اقتصادي واجتماعي ، بما انه غير مدرج إلا في بعض الدراسات الاحترافية المهنية . و فضلا عن ذلك هل يتلقون المزيد من المعارف التقانية بدلا من تدريب موجزعلى المشاكل الاقتصادية ، في تاريخهم ، وقضاياهم الراهنة في العالم . وبأي المناهج نقدم هذا التكوين وغيره ؟ اليست أقرب من التدريس الدوجماطيقي ، الستاتيكي، الاستبدادي ، بدلا من التفكير الحر والانضباط الواعي ، اكثر تمظهرا من النشاط الأناني عوض التضامن المعاش في العمل اليومي ؟ طرح هذه الأسئلة هو إثارة واحد من أكبر مشاكل البيداغوجية المعاصرة . ونحن مضطرون للقيام بذلك ، لأن الجواب الذي نقدمه لهذه المشاكل يتحكم في توجه الطرائق و المنهجيات و البحث نفسه . بل لعل هذا هو البيداغوجية الصحيحة ، تلك التي تجيز تحديد المشاكل الحقيقية وفرضيات البحث .
ٌٌ
Roger Gal
ٌٌ
وأية بيداغوجية
في مدرسة ديمقراطية؟
Roger Gal
Où en est la pédagogie ? , 1964
الشيء الأكثر أهمية هو أن يتطور لدى معلم المستقبل ، بالإضافة إلى حبه لمهنته وللأطفال، الرغبة والقدرة في التحسين والتجويد باستمرار . ألن يكون هذا الاهتمام والرغبة كافيتين ، فنكون إذاك قد قمنا بما هو أساسي . لأن أفضل طريقة ، بمجرد ما تتوافق مع ذاتها و ما إن تقنع بالتكرار، حتى يُحكم عليها سريعا بان تصبح طريقة عمل ميكانيكية ، باردة وبلا روح . تعاود السقوط في مستوى التقانة والوصفات .
عكس ذلك ، أن نقدم للمربي مهمة التفكير في طريقته ، مقاصده وأدواته ، و مراقبة النتائج بصفاء وتطوير الوسائل فإن هذا يؤدي حتما إلى التقدم و إلى الحياة . و يسمح له بالحفاظ على هذا الموقف النشط و الحيوي ، هذه القدرة على البقاء شابا طوال حياته ، معاودة اكتشاف الدهشة في كل مرة ، والرغبة في المعرفة والتعجب من الشباب .
المشاركة في التجارب المنظمة و القابلة للمقارنة مع بعضها البعض بدءا من سنوات التدريب ، ثم الاختبار، ثم في بعض أوقات معينة من تجربة التدريس ، بالتعاون مع متخصصي البحث ، في ارتباط مع المدارس العادية ، والمعاهد البيداغوجية و مختلف المفتشين ، تحت قيادة السلطات المسؤولة أو المجلس البيداغوجي التي ينسق العمل مع ترك المؤسسات التي ترغب في ذلك القدرة على القيام بنفسها ، تحت المراقبة ، بتلك التجربة المحددة ، كل ذلك يمكن أن يخلق في أي بلد جوقة من البحث و يحدث تقدما مستمرا في التربية . سوف ندعم كيفما كان الحال روح البحث والتطوير داخل هيئة التدريس برمتها .
إذا لم نقم بذلك ، واذا كنا لا نشرك معلمي المستقبل في اختبار طرقهم المختلفة ، وأفضل من ذلك أيضا في التجارب التي تلزمهم النفاذ إلى روحها ، فإنهم سيتبنون الاخيرة التي عاشوا ممارستها او يعودون إلى تلك التي بقيت معلقة في الذكرى و التي حققت معهم فعلا نجاحا . إنهم يحملون شعورا أنه لا يوجد هناك أي شيء آخر. أو ربما ، عن طريق التربصات الامبيريقية ، سوف يحصلون على واحدة من الطرق و يصبحون مقتنعين بأنه ليس هناك أفضل من هذا ؛ متأكدون من أنفسهم ، فهم لا يغيرون من ذلك أبدا .
ضد خطر هذا " التحجر" للبيداغوجية ، فالتجريب وحده فقط يمكن ان يكشف أن التدريس و الموقف التدريسي يحتمان التغيير باستمرار تبعا للتلاميذ الذين يقدم إليهم هذا العمل ، و البيئات التي يعيشون فيها ، والظروف المحلية أو الآنية ، و المصالح المتمظهرة ، والصعوبات التي يصطدم بها التلاميذ ، والظروف الأكثراعتيادية للصف . هذه القدرة على التكيف والانفتاح ، مضاف إليها التفكير النقدي والخيال المبدع ، بإمكان الكل أن يكون أفضل الضمانات في النجاح و يقدم على أي حال التكفل على أن كل واحد يعطي أقصى ما يمكن أن يعطيه. وماذا يمكن أن نتوقع أكثر؟
البيداغوجية و الديمقراطية
نحن ندخل عصر حضارات الطبقة الشعبية de masse ، وهذا هو الحدث الذي لا جدال فيه . (...) واليوم الجماهير، نتيجة التحولات التقانية ، الاقتصادية والاجتماعية ، انتقلت من الطابق السفلي للوجود إلى طليعة العمل في الواجهة . إنها تطمح ان تلعب دورا و تنتفع من عوائد الثقافة. إنها تجبرنا على المسير قدما نحو وحدة الحضارة .
ولكننا ما زلنا مستمرين ، في فرنسا و في العديد من البلدان ، متمسكين بمدرستين ، واحدة للشعب ، التعليم الابتدائي أكثر أو أقل امتدادا من قبل الدراسات المهنية ، ذو قصدية منفعية في الأساس ، والآخر للنخبة ، التربية الثانوية ، منزهة من حيث المبدأ، الوحيدة فقط التي تم لها الاعتراف بكرامة الثقافة.
من المؤكد و الصحيح أن المواهب المختلفة للتلاميذ تبرر في نظر المحافظين هذا الفصل بين الموهوبين وغير الموهوبين . و البيداغوجية لا يمكنها إلا أن تقبل معطيات علم النفس التفاضلي différentielle . و المصيبة هي أن الموهوبين يتواجدون تقريبا في جميع الطبقات الاجتماعية ، وأقل بكثير في طبقات اجتماعية أخرى . لذلك ربما ألا يكفي تقديم منح دراسية للتلاميذ الموهوبين ، المنحدرين من اوساط متواضعة ، و التعويل على تكافؤ الفرص في البداية التي لم تكن سوى مساواة كاذبة . إنما المشكلة تكمن في إيجاد الوسائل لرفع من شأن الثقافة ، ثقافة من درجة عالية في بعض المناحي غير تلك الموجودة في ثقافة الثانوي ، ولكن في أشكال و قوالب ملائمة ، كافة الشباب ، وإذا لم ننجح في الشباب، فإن أكبر عدد ممكن من البالغين خلال حياتهم العملية .
لأن هنا هذا هو الشرط الأول من أية ديمقراطية حقيقية ، لأن الديمقراطية – هو فعلها المنبثق من الإيمان - يفترض مواطنين و مواطنات على قدم المساواة و ايضا قادرين بأنفسهم على تشكيل فكرة عن المشاكل الاقتصادية ، والاجتماعية ، و المؤسساتية ، والسياسية كما تحدث على المستوى الوطني والدولي . وهذا يتضمن على الاقل معلومة دقيقة حول مختلف العناصر لهذه المشاكل ، طرق التفكير (تفكير نقدي ، قدرات في التحليل و الحكم ، الخ.) التي تسمح بتحديد درجة الخطأ أو الحقيقة ، والدعاية ، و مقاومة تحمل انزياحات العواطف ، وأخيرا ، الفضائل اللازمة لنظام ديمقراطي : الانضباط الطوعي ، و الشعور بالمسؤوليات ، والتضامن ، كل هذا يعتبر من المقومات الأساسية لكل حياة ديمقراطية.
هل تعطي التربية هذه المعلومة ، وهذه الطرق وهذه الفضائل ؟ هل تعطيها لجميع الأفراد ؟ هل نحضر بما فيه الكفاية لفهم المشاكل الاقتصادية ، والاجتماعية ، والقانونية ، والسياسية ، و جميع شبابنا ؟ قليل هم أولئك الذين استفادوا من تكوين اقتصادي واجتماعي ، بما انه غير مدرج إلا في بعض الدراسات الاحترافية المهنية . و فضلا عن ذلك هل يتلقون المزيد من المعارف التقانية بدلا من تدريب موجزعلى المشاكل الاقتصادية ، في تاريخهم ، وقضاياهم الراهنة في العالم . وبأي المناهج نقدم هذا التكوين وغيره ؟ اليست أقرب من التدريس الدوجماطيقي ، الستاتيكي، الاستبدادي ، بدلا من التفكير الحر والانضباط الواعي ، اكثر تمظهرا من النشاط الأناني عوض التضامن المعاش في العمل اليومي ؟ طرح هذه الأسئلة هو إثارة واحد من أكبر مشاكل البيداغوجية المعاصرة . ونحن مضطرون للقيام بذلك ، لأن الجواب الذي نقدمه لهذه المشاكل يتحكم في توجه الطرائق و المنهجيات و البحث نفسه . بل لعل هذا هو البيداغوجية الصحيحة ، تلك التي تجيز تحديد المشاكل الحقيقية وفرضيات البحث .
ٌٌ
Roger Gal
ٌٌ