حــوار مع فيليـب ميريو حول « الطرق في البيداغوجية »
إذا كان الجميع يعرف معنى كلمة " بيداغوجية " ، فإنه على ما يبدو ، مع ذلك ، حينما نتحدث عن" الطريقة البيداغوجية "، فإننا نشعر بالغموض وبالضبابية . هذه العبارة تشمل عدة معاني . هل يمكنكم توضيح لنا هذا الامر؟
صحيح أن عبارة " الطريقة البيداغوجية " تغطي حقائق مختلفة جدا : و نتحدث أيضا عن " الطريقة الشاملة " لتعلم القراءة و "الطرق النشطة " أو حتى عن " طريقة الوضعيات المشاكل ". نقول عن المدرس أن لديه " طرق جيدة " للإشارة إلى أنه يعرف كيف يحافظ على الانضباط في فصله الدراسي أو المدرب أنه شخص يعرف كيف يقدم " طرق عمل فعالة " !
في الواقع مفهوم الطريقة تعبرعن ثلاث حقائق مختلفة ، ولكنها تتموضع في استمرارية مع بعضها البعض : أولا، فهي تشير إلى " تيار بيداغوجي " متميز بالأهداف التي يسعى إلى تعزيزها و بكل الممارسات التي ينادي باستخدامها لتحقيق ذلك : لذا يمكننا أن نتحدث ، على سبيل المثال ، عن " طريقة فريني" . هناك إلهام مركزي - يتعلم الطفل و هو نشط من خلال عمل يحمل معنى بالنسبة له – مطبعة المدرسة ، والمراسلة المدرسية ، و تحقيقات ، ملفات التصحيح الذاتي ، و " براءات الاختراع "، ومجلس التعاون ، الخ
ولكن أيضا يمكننا أن نتحدث عن " الطريقة " بشكل أكثر دقة لنشير بالذات إلى نوع من الأنشطة التي تتميز بالأدوات التي تنفذها. وهكذا يمكن القول أن التعليم بمساعدة الكمبيوتر هو طريقة بيداغوجية ؛ الأمر الذي لا يعني بالطبع أن كل البرانم التعليمية المستخدمة مبنية على نفس المبدإ وأن جميع المدربين الذين يستخدمونها لديهم نفس المشاريع التربوية : برنام المحاكاة لا يستدعي نفس القدرات ولا يسهل نفس التعلمات مقارنة مع التشاور مع قاعدة البيانات ...
وعلاوة على ذلك ، يمكن للتدريس بمساعدة الكمبيوتر أن يكون وسيلة لتعزيز التنشئة الاجتماعية ، كما يتضح من بعض التجارب الأمريكية حيث يأتي المراهقون إلى العمل بحرية في غرف الاعلاميات و يستدعون المدرسين عندما يرغبون في ذلك واضعين قبعتهم على الطاولة : يعتبرونهم « شخص ـ مورد » و يتتبعون عملهم جيدا بطريقة تدريجية ، أكثر انتباها ، أكثرا حتراما للآخرين. ولكن كما هو معروف – و المناقشات المستقبلية هناك جاءت لتذكرنا - أن تكنولوجيا المعلومات يمكن أن تستخدم أيضا كوسيلة لعزل الفرد عن رفاقه ، و المضي في بناء ردود الفعل مشروطة ، وحتى إنشاء حقيقي لإنظمة التدجين .
وأخيرا ، بالمعنى الضيق ، يمكن للمرء أن يتحدث عن " طريقة بيداغوجية " للإشارة إلى نشاط معين ، أداة دقيقة ، وسيلة محددة من أجل تعلم محتوى معرفي خاص : سوف يتخذ معلم ما طريقة جيدة لتمكين التلاميذ التمييز بين الأفعال الصحيحة و الأفعال المعتلة ، مثل قرين في شركة سوف يرصد الحركة المناسبة و الدقيقة التي ، في وقت محدد ، تسمح له بالوصول إلى " الموهبة " التي من شأنها أن تصلح القطعة الكاملة . إن بهذا المعنى هو الذي يجعلنا كثيرا نتحدث عن " أساليب العمل " للإشارة إلى طريقة معينة للقيام بتعلم قصيدة ، و استذكار خريطة جغرافية أو مراجعة اختبار الرياضيات ... ولكن ، هنا أيضا ، لا ينبغي لنا أن نعتقد أن " الطريقة "، حسب هذا المعنى ، هي " محايدة " : فهي ليست محايدة من حيث فعاليتها (ولكن الجميع يدرك ذلك بسرعة ) و لا من حيث أهدافها التي تسعى لتحقيقها : هناك طريقة لتعلم الدرس الذي يجعل الشخص يتعلم لوحده في استقلالية ، يسمح له الدرس باستخدام معارفه في وضعيات وظروف أخرى ... وهناك طريقة لتعلم الدرس باختزاله إلى نفع مدرسي صرف الذي ننساه بسرعة في مرة واحدة حينما يحقق نقطة جيدة .
بدءا من الآن ، هل عبارة " الطريقة البيداغوجية " هي عبارة دقيقة و كيف نجد أنفسنا من خلالها ؟ كيف يمكن اختيار الطرق الصحيحة عندما نكون مدربين أو مدرسين ؟
قلتَ قبل قليل أن الجميع يعرف ما تعنيه كلمة " بيداغوجية ". أنا لست متأكدا من ذلك . لست متأكدا أيضا أن جميع الباحثين متفقون على تعريف واحد . ولكن بالنسبة لي ، البيداغوجية ، على وجه التحديد هي الجهد الدائم و المستمر لقطع ذهابا وإيابا سلسلة المعنى التي تنطلق من الأهداف الأكثر عمومية وسخاء إلى التقنيات الأكثر دقة التي تعبر عنها ، وفقا لتعبير جميل من دوليني ، في " أدنى بادرة " . التفكير البيداغوجي هو المساءلة الدائمة لقضيتين مكتملتين للغاية : كيف أجسد في كل يوم مقاصدي البيداغوجية ؟ وكيف أحيل أعمالي اليومية للأغراض و الغايات التي تنقلها ضمنيا أعمالي وتكون في خدمتهم ؟
لأنه لا ينبغي أن نفترض أن " المشاريع البيداغوجية " (التي تتوافق بشكل عام مع العبارات الجميلة مثل " نمو الطفل " أو " الوصول إلى الحكم الذاتي " ) إنما وضعت لِتَتَحَقَّقَ عن طريقة المعجزة في الأفعال ... في بعض الأحيان ، يتساءل المرء إن لم تعلن عن الأغراض و الغايات لكي لا ننجزها على وجه التحديد ! لذلك عندما نتحدث عن استقلالية المتعلم ، يجب علينا أن نسأل باستمرار كيف و بأي وسائل يمكننا الوصول إلى ذلك ؛ يجب استكشاف مختلف ميادين التدريب ، ومشاهدة ما يحدث هناك كل لحظة ، و كيف تدار أخطاء التقويم ، و ما وضعية المداولة الجماعية ، و مكان ما تبقى للمتعلمين في تدبير المكان والزمان ، و بأي وسائل و أدوات سوف نكون قادرين و بالتدريج على دفعهم على التخلي عن المساعدة التكوينية التي كانت ضرورية لهم في بعض الأوقات . في المقابل ، عندما نشتغل في العمل اليومي ، مهما كان هذا العمل صغيرا أو كبيرا ، يجب مساءلة الانسجام مع ما قمنا به ، وما نريد أن نقوم به ، ما نعتقد في فعله أو ما أعلنا القيام به ...
و لهذا السبب ، أخيرا ، فان صيغة " الطريقة البيداغوجية " ليست صيغة سيئة ، شريطة أن نقبل أن أي مشروع بيداغوجي يعني البحث المستمر عن الطرق القادرة على تجسيده وأن أي طريقة تحمل ، بشكل ضمني ، مشروعا بيداغوجيا ، نوع من العلاقة إزاء المعرفة والسلطة ، ملمح الانسان و المجتمع اللذان نريد تكوينهما وتشجيعهما .
هل هذا يعني أن الوسائل الملموسة يمكن استخلاصها من الاغراض و الغايات و أنه يكفي أن نعرف أين نريد الذهاب لكي تتوفر لدينا بسرعة الوسائل لتحقيق ذلك ؟
بالتأكيد لا . خاصية البيداغوجية ، هو أن الأهداف لا تحمل في حد ذاتها الطرق القادرة على تجسيدها . الطرق ، لا بد من اختراعها باستمرار . يجب إلتقاطها هنا وهناك مع القلق الدائم لاتساقها و انسجامها مع النوايا و المقاصد الحقيقية .
ولكن أليس هذا مثبط للمعلمين الشباب والمكونين ؟ كيف يمكن أن يخترعوا كل شيء ؟ وكيف يمكن ان يجدوا أنفسهم في ظل كتلة من المقترحات التي تتواجد في السوق اليوم ؟
فمن غير المشجع في حالة ما إذا تموضعنا في منظور ميكانيكي : إذا كان يعتقد أحدنا بوجود هناك طريقة جيدة مماثلة لهدف ما و مصممة خصيصا لهذا التلميذ بعينه . كيف ، إذن نعثر على هذه الطريقة السحرية العجيبة ؟ ينبغي أن نتوفر على هذا الكم الهائل من البيانات بداهة أن نعلق الفعل البتة ، لأننا لن يكون على استعداد للقيام به... سنفتقر دائما إلى معلومات الفنية أو النفسية أو أيضا البيداغوجية .
شخصيا ، أعتقد أن هذا المفهوم للطريقة الصحيحة بصيغة المفرد هي ، في وقت واحد، خطيرة ومستحيلة التنفيذ . أعتقد بدلا من ذلك في ما سماه ميشيل دي سيرتو بـ " الفرصة " : نحن نعيش حالات التي تظهر صعوبات ؛ نستدعي ، إذن ، في كل مرة ، ذاكرتنا و حكمنا ، و نحاول بعض الاشياء على وعي و بينة للتقريب الذي نتواجد فيه ، لكن مصممين على أن يجد هذا التقريب في اتخاذ القرارات صدى في الاختبار مع النتائج الأخرى المحصل عليها .
وبمجرد ما يختار المدرب أهدافه ويقرر أن يقترح طريقة معينه ، فإنه لا يكفي، إذن ، أن يضعها موضع التنفيذ ؟
بالتأكيد لا . السمة الأساسية للبيداغوجي تصير اذاً قدرته على التعديل réguler . في أول الأمر، سوف يستخدم ذاكرته (كل ما استطاع أن يقرأه أو يراه ، ما لاحظه من كيفية رد فعل الناس على اقتراح ما ، اعتمادا على الكيفية التي قدمت بها هذه الاقتراحات و العمر، وما إلى ذلك) ، و سوف يحاول الاغتراف مما يعرفه في السابق - أو ما يستطيع أن يتخيله بنفسه - أدوات منسجمة مع أغراضه و مع الوضعية الديداكتيكية التي يتكفل بإنجازها – هذا هو الذي يهم ، اعتمادا على محتويات معينة التي يقوم بمعالجتها ، إكراهات محددة . ثم بعد ذلك ، ينطلق : ينطلق مع بعض الأفكار حول الفعالية الممكنة لما يقترحه ... ولكن ، حسب التعريف ، فهو لا يعرف ماذا سوف يحدث عند تلامذته ؛ لأن ، حتى إذا كانت لديه تجربة كبيرة ، فالمواقف التربوية هي متفردة و فصلان دراسيان ، و تلميذان ، لا يتشابهان نفسيهما تماما ، لا يتفاعلان بنفس الطريقة تماما . قد يكون عمل المجموعة معد إعداد جيدا، مبني بمنتهى الدقة ، ويشمل التمارين الفردية المسبقة ، وضعية الاشتغال ضامنة للتعبير ومشاركة الجميع ... و يمكن أن نمر جانبا عما كنا نبحث عنه !
و في هذا الوقت بالذات الذي يجب أن لا نتردد في إعادة النظر في مقترحنا و افتحاصه ، مع التلاميذ إن كان ممكنا أو مع الأشخاص المعنيين ، في البحث عن السبب لماذا لم نتوفق : هل هذا لا يتناسب مع طريقتهم في العمل ؟ هل يندرج بطريقة سيئة في برنامجهم العام للدرس ؟ هل المجموعات غير منظمة ؟ هل صيغت التعليمات بشكل خاطئ ؟ هل كان التلاميذ يفضلون ، في موضوع ما ، العمل شخصيا أو، على العكس، كانوا ينتظرون مساهمة استعراضية ؟ و لماذا ؟ إذا وضعنا كل هذه الأسئلة مع الأشخاص في التكوين ، فإننا لا نضيع وقتنا ، على العكس من ذلك ! نأخذ الواقع بعين الاعتبار الذي يفرز هذه الأسئلة و نتعامل معها ، بلا انفصام ، على محتويات التدريس ، مواصفات تعلم التلاميذ والمقترحات المنهجية للمعلم . نتصارع مع مادة تعلمية صعبة نريد كلنا امتلاكها .. و نتكيف ، و ننوع ، نثري أنفسنا و نثري البيداغوجية بأكملها . نتدرب معا في ممارسة الحكم البيداغوجي : و هكذا نتجنب ، في الآن نفسه ، الإفراط في الشعور بالذنب ( " أنا لا أعرف كيف أواجه هذا الامر .. لن أصل أبدا !" ) أو إلقاء اللوم على التلميذ ( " ليس له مكانة هنا ... لا بد من استبعاده ! )) . البحث المنهجي يصبح حقا مغامرة جماعية حيث يجد الجميع تدريجيا مكانته الحقيقية .
في كتابك الأخير(التربية بين القول والفعل) ، قلتم أن البيداغوجي يجب أن يشتغل على مقاومة الفرد ليكون فردا صالحا ؟ كيف يمكن أن يفعل ذلك ؟
أعتقد أن هذا المفهوم لـ " المقاومة " هو مركزي على الاطلاق في الفعل البيداغوجي : الآخر ، التلميذ ، البالغ في التكوين ، يقاومون دائما بمشروعية خططي لتثقيفهم و تربيتهم ، بمعنى ، يريدون و يقررون حاجتهم بأنفسهم . فهو لا يرغب أبدا في الوقت المناسب ما تم برمجته في التعلم ، لا يتعلم حقا بالطريقة التي أُدَرِّسُ بها له ، يمتلك تصورات التي تعيق فهم ما أريد أن يدرسه ، لا يقبل طريقتي في التفكير ، تجاربه مختلفة عن تجاربي ولا يضع نفس الأشياء بنفس الكلمات . ثم ، يود أن يقرر بنفسه في تعليمه الخاص و" مشروعه الشخصي" يصطدم في كثير من الأحيان بالمشروع الذي وضعناه رهن إشارته . ولكن إذا كان من الممكن أن يقرر تعليمه الخاص بنفسه فهو إذن من المتعلمين بالفعل !
هناك إذن مقاومة ، و من هذه المقاومة ، ولدت ما أسميه " اللحظة البيداغوجية "، أي هذه اللحظة حيث أسمع فيها أن الآخر لا " يريد السير"، " لا يدخل في لعبتي " يتقوقع في صمته ، يخرس ، أو يتفاعل مع العنف . و الحال في هذه اللحظة حيث يمكن كل شيء أن ينقلب : إما أن المعلم يريد كسر هذه المقاومة وجميع الوسائل ستكون جيدة لهذا الغرض ، من الإغواء إلى الاقصاء.. أو يوافق المعلم على العمل ومع هذه المقاومة و يعيد التفكير في طرقه و أساليبه البيداغوجية . الطرق البيداغوجية تأتي ، بطبيعة الحال ، كوسائل لتجعل من العلاقة البيداغوجية فرصة حقيقية للتلاقي و مقاسمة الإنسانية .
إذا كان الجميع يعرف معنى كلمة " بيداغوجية " ، فإنه على ما يبدو ، مع ذلك ، حينما نتحدث عن" الطريقة البيداغوجية "، فإننا نشعر بالغموض وبالضبابية . هذه العبارة تشمل عدة معاني . هل يمكنكم توضيح لنا هذا الامر؟
صحيح أن عبارة " الطريقة البيداغوجية " تغطي حقائق مختلفة جدا : و نتحدث أيضا عن " الطريقة الشاملة " لتعلم القراءة و "الطرق النشطة " أو حتى عن " طريقة الوضعيات المشاكل ". نقول عن المدرس أن لديه " طرق جيدة " للإشارة إلى أنه يعرف كيف يحافظ على الانضباط في فصله الدراسي أو المدرب أنه شخص يعرف كيف يقدم " طرق عمل فعالة " !
في الواقع مفهوم الطريقة تعبرعن ثلاث حقائق مختلفة ، ولكنها تتموضع في استمرارية مع بعضها البعض : أولا، فهي تشير إلى " تيار بيداغوجي " متميز بالأهداف التي يسعى إلى تعزيزها و بكل الممارسات التي ينادي باستخدامها لتحقيق ذلك : لذا يمكننا أن نتحدث ، على سبيل المثال ، عن " طريقة فريني" . هناك إلهام مركزي - يتعلم الطفل و هو نشط من خلال عمل يحمل معنى بالنسبة له – مطبعة المدرسة ، والمراسلة المدرسية ، و تحقيقات ، ملفات التصحيح الذاتي ، و " براءات الاختراع "، ومجلس التعاون ، الخ
ولكن أيضا يمكننا أن نتحدث عن " الطريقة " بشكل أكثر دقة لنشير بالذات إلى نوع من الأنشطة التي تتميز بالأدوات التي تنفذها. وهكذا يمكن القول أن التعليم بمساعدة الكمبيوتر هو طريقة بيداغوجية ؛ الأمر الذي لا يعني بالطبع أن كل البرانم التعليمية المستخدمة مبنية على نفس المبدإ وأن جميع المدربين الذين يستخدمونها لديهم نفس المشاريع التربوية : برنام المحاكاة لا يستدعي نفس القدرات ولا يسهل نفس التعلمات مقارنة مع التشاور مع قاعدة البيانات ...
وعلاوة على ذلك ، يمكن للتدريس بمساعدة الكمبيوتر أن يكون وسيلة لتعزيز التنشئة الاجتماعية ، كما يتضح من بعض التجارب الأمريكية حيث يأتي المراهقون إلى العمل بحرية في غرف الاعلاميات و يستدعون المدرسين عندما يرغبون في ذلك واضعين قبعتهم على الطاولة : يعتبرونهم « شخص ـ مورد » و يتتبعون عملهم جيدا بطريقة تدريجية ، أكثر انتباها ، أكثرا حتراما للآخرين. ولكن كما هو معروف – و المناقشات المستقبلية هناك جاءت لتذكرنا - أن تكنولوجيا المعلومات يمكن أن تستخدم أيضا كوسيلة لعزل الفرد عن رفاقه ، و المضي في بناء ردود الفعل مشروطة ، وحتى إنشاء حقيقي لإنظمة التدجين .
وأخيرا ، بالمعنى الضيق ، يمكن للمرء أن يتحدث عن " طريقة بيداغوجية " للإشارة إلى نشاط معين ، أداة دقيقة ، وسيلة محددة من أجل تعلم محتوى معرفي خاص : سوف يتخذ معلم ما طريقة جيدة لتمكين التلاميذ التمييز بين الأفعال الصحيحة و الأفعال المعتلة ، مثل قرين في شركة سوف يرصد الحركة المناسبة و الدقيقة التي ، في وقت محدد ، تسمح له بالوصول إلى " الموهبة " التي من شأنها أن تصلح القطعة الكاملة . إن بهذا المعنى هو الذي يجعلنا كثيرا نتحدث عن " أساليب العمل " للإشارة إلى طريقة معينة للقيام بتعلم قصيدة ، و استذكار خريطة جغرافية أو مراجعة اختبار الرياضيات ... ولكن ، هنا أيضا ، لا ينبغي لنا أن نعتقد أن " الطريقة "، حسب هذا المعنى ، هي " محايدة " : فهي ليست محايدة من حيث فعاليتها (ولكن الجميع يدرك ذلك بسرعة ) و لا من حيث أهدافها التي تسعى لتحقيقها : هناك طريقة لتعلم الدرس الذي يجعل الشخص يتعلم لوحده في استقلالية ، يسمح له الدرس باستخدام معارفه في وضعيات وظروف أخرى ... وهناك طريقة لتعلم الدرس باختزاله إلى نفع مدرسي صرف الذي ننساه بسرعة في مرة واحدة حينما يحقق نقطة جيدة .
بدءا من الآن ، هل عبارة " الطريقة البيداغوجية " هي عبارة دقيقة و كيف نجد أنفسنا من خلالها ؟ كيف يمكن اختيار الطرق الصحيحة عندما نكون مدربين أو مدرسين ؟
قلتَ قبل قليل أن الجميع يعرف ما تعنيه كلمة " بيداغوجية ". أنا لست متأكدا من ذلك . لست متأكدا أيضا أن جميع الباحثين متفقون على تعريف واحد . ولكن بالنسبة لي ، البيداغوجية ، على وجه التحديد هي الجهد الدائم و المستمر لقطع ذهابا وإيابا سلسلة المعنى التي تنطلق من الأهداف الأكثر عمومية وسخاء إلى التقنيات الأكثر دقة التي تعبر عنها ، وفقا لتعبير جميل من دوليني ، في " أدنى بادرة " . التفكير البيداغوجي هو المساءلة الدائمة لقضيتين مكتملتين للغاية : كيف أجسد في كل يوم مقاصدي البيداغوجية ؟ وكيف أحيل أعمالي اليومية للأغراض و الغايات التي تنقلها ضمنيا أعمالي وتكون في خدمتهم ؟
لأنه لا ينبغي أن نفترض أن " المشاريع البيداغوجية " (التي تتوافق بشكل عام مع العبارات الجميلة مثل " نمو الطفل " أو " الوصول إلى الحكم الذاتي " ) إنما وضعت لِتَتَحَقَّقَ عن طريقة المعجزة في الأفعال ... في بعض الأحيان ، يتساءل المرء إن لم تعلن عن الأغراض و الغايات لكي لا ننجزها على وجه التحديد ! لذلك عندما نتحدث عن استقلالية المتعلم ، يجب علينا أن نسأل باستمرار كيف و بأي وسائل يمكننا الوصول إلى ذلك ؛ يجب استكشاف مختلف ميادين التدريب ، ومشاهدة ما يحدث هناك كل لحظة ، و كيف تدار أخطاء التقويم ، و ما وضعية المداولة الجماعية ، و مكان ما تبقى للمتعلمين في تدبير المكان والزمان ، و بأي وسائل و أدوات سوف نكون قادرين و بالتدريج على دفعهم على التخلي عن المساعدة التكوينية التي كانت ضرورية لهم في بعض الأوقات . في المقابل ، عندما نشتغل في العمل اليومي ، مهما كان هذا العمل صغيرا أو كبيرا ، يجب مساءلة الانسجام مع ما قمنا به ، وما نريد أن نقوم به ، ما نعتقد في فعله أو ما أعلنا القيام به ...
و لهذا السبب ، أخيرا ، فان صيغة " الطريقة البيداغوجية " ليست صيغة سيئة ، شريطة أن نقبل أن أي مشروع بيداغوجي يعني البحث المستمر عن الطرق القادرة على تجسيده وأن أي طريقة تحمل ، بشكل ضمني ، مشروعا بيداغوجيا ، نوع من العلاقة إزاء المعرفة والسلطة ، ملمح الانسان و المجتمع اللذان نريد تكوينهما وتشجيعهما .
هل هذا يعني أن الوسائل الملموسة يمكن استخلاصها من الاغراض و الغايات و أنه يكفي أن نعرف أين نريد الذهاب لكي تتوفر لدينا بسرعة الوسائل لتحقيق ذلك ؟
بالتأكيد لا . خاصية البيداغوجية ، هو أن الأهداف لا تحمل في حد ذاتها الطرق القادرة على تجسيدها . الطرق ، لا بد من اختراعها باستمرار . يجب إلتقاطها هنا وهناك مع القلق الدائم لاتساقها و انسجامها مع النوايا و المقاصد الحقيقية .
ولكن أليس هذا مثبط للمعلمين الشباب والمكونين ؟ كيف يمكن أن يخترعوا كل شيء ؟ وكيف يمكن ان يجدوا أنفسهم في ظل كتلة من المقترحات التي تتواجد في السوق اليوم ؟
فمن غير المشجع في حالة ما إذا تموضعنا في منظور ميكانيكي : إذا كان يعتقد أحدنا بوجود هناك طريقة جيدة مماثلة لهدف ما و مصممة خصيصا لهذا التلميذ بعينه . كيف ، إذن نعثر على هذه الطريقة السحرية العجيبة ؟ ينبغي أن نتوفر على هذا الكم الهائل من البيانات بداهة أن نعلق الفعل البتة ، لأننا لن يكون على استعداد للقيام به... سنفتقر دائما إلى معلومات الفنية أو النفسية أو أيضا البيداغوجية .
شخصيا ، أعتقد أن هذا المفهوم للطريقة الصحيحة بصيغة المفرد هي ، في وقت واحد، خطيرة ومستحيلة التنفيذ . أعتقد بدلا من ذلك في ما سماه ميشيل دي سيرتو بـ " الفرصة " : نحن نعيش حالات التي تظهر صعوبات ؛ نستدعي ، إذن ، في كل مرة ، ذاكرتنا و حكمنا ، و نحاول بعض الاشياء على وعي و بينة للتقريب الذي نتواجد فيه ، لكن مصممين على أن يجد هذا التقريب في اتخاذ القرارات صدى في الاختبار مع النتائج الأخرى المحصل عليها .
وبمجرد ما يختار المدرب أهدافه ويقرر أن يقترح طريقة معينه ، فإنه لا يكفي، إذن ، أن يضعها موضع التنفيذ ؟
بالتأكيد لا . السمة الأساسية للبيداغوجي تصير اذاً قدرته على التعديل réguler . في أول الأمر، سوف يستخدم ذاكرته (كل ما استطاع أن يقرأه أو يراه ، ما لاحظه من كيفية رد فعل الناس على اقتراح ما ، اعتمادا على الكيفية التي قدمت بها هذه الاقتراحات و العمر، وما إلى ذلك) ، و سوف يحاول الاغتراف مما يعرفه في السابق - أو ما يستطيع أن يتخيله بنفسه - أدوات منسجمة مع أغراضه و مع الوضعية الديداكتيكية التي يتكفل بإنجازها – هذا هو الذي يهم ، اعتمادا على محتويات معينة التي يقوم بمعالجتها ، إكراهات محددة . ثم بعد ذلك ، ينطلق : ينطلق مع بعض الأفكار حول الفعالية الممكنة لما يقترحه ... ولكن ، حسب التعريف ، فهو لا يعرف ماذا سوف يحدث عند تلامذته ؛ لأن ، حتى إذا كانت لديه تجربة كبيرة ، فالمواقف التربوية هي متفردة و فصلان دراسيان ، و تلميذان ، لا يتشابهان نفسيهما تماما ، لا يتفاعلان بنفس الطريقة تماما . قد يكون عمل المجموعة معد إعداد جيدا، مبني بمنتهى الدقة ، ويشمل التمارين الفردية المسبقة ، وضعية الاشتغال ضامنة للتعبير ومشاركة الجميع ... و يمكن أن نمر جانبا عما كنا نبحث عنه !
و في هذا الوقت بالذات الذي يجب أن لا نتردد في إعادة النظر في مقترحنا و افتحاصه ، مع التلاميذ إن كان ممكنا أو مع الأشخاص المعنيين ، في البحث عن السبب لماذا لم نتوفق : هل هذا لا يتناسب مع طريقتهم في العمل ؟ هل يندرج بطريقة سيئة في برنامجهم العام للدرس ؟ هل المجموعات غير منظمة ؟ هل صيغت التعليمات بشكل خاطئ ؟ هل كان التلاميذ يفضلون ، في موضوع ما ، العمل شخصيا أو، على العكس، كانوا ينتظرون مساهمة استعراضية ؟ و لماذا ؟ إذا وضعنا كل هذه الأسئلة مع الأشخاص في التكوين ، فإننا لا نضيع وقتنا ، على العكس من ذلك ! نأخذ الواقع بعين الاعتبار الذي يفرز هذه الأسئلة و نتعامل معها ، بلا انفصام ، على محتويات التدريس ، مواصفات تعلم التلاميذ والمقترحات المنهجية للمعلم . نتصارع مع مادة تعلمية صعبة نريد كلنا امتلاكها .. و نتكيف ، و ننوع ، نثري أنفسنا و نثري البيداغوجية بأكملها . نتدرب معا في ممارسة الحكم البيداغوجي : و هكذا نتجنب ، في الآن نفسه ، الإفراط في الشعور بالذنب ( " أنا لا أعرف كيف أواجه هذا الامر .. لن أصل أبدا !" ) أو إلقاء اللوم على التلميذ ( " ليس له مكانة هنا ... لا بد من استبعاده ! )) . البحث المنهجي يصبح حقا مغامرة جماعية حيث يجد الجميع تدريجيا مكانته الحقيقية .
في كتابك الأخير(التربية بين القول والفعل) ، قلتم أن البيداغوجي يجب أن يشتغل على مقاومة الفرد ليكون فردا صالحا ؟ كيف يمكن أن يفعل ذلك ؟
أعتقد أن هذا المفهوم لـ " المقاومة " هو مركزي على الاطلاق في الفعل البيداغوجي : الآخر ، التلميذ ، البالغ في التكوين ، يقاومون دائما بمشروعية خططي لتثقيفهم و تربيتهم ، بمعنى ، يريدون و يقررون حاجتهم بأنفسهم . فهو لا يرغب أبدا في الوقت المناسب ما تم برمجته في التعلم ، لا يتعلم حقا بالطريقة التي أُدَرِّسُ بها له ، يمتلك تصورات التي تعيق فهم ما أريد أن يدرسه ، لا يقبل طريقتي في التفكير ، تجاربه مختلفة عن تجاربي ولا يضع نفس الأشياء بنفس الكلمات . ثم ، يود أن يقرر بنفسه في تعليمه الخاص و" مشروعه الشخصي" يصطدم في كثير من الأحيان بالمشروع الذي وضعناه رهن إشارته . ولكن إذا كان من الممكن أن يقرر تعليمه الخاص بنفسه فهو إذن من المتعلمين بالفعل !
هناك إذن مقاومة ، و من هذه المقاومة ، ولدت ما أسميه " اللحظة البيداغوجية "، أي هذه اللحظة حيث أسمع فيها أن الآخر لا " يريد السير"، " لا يدخل في لعبتي " يتقوقع في صمته ، يخرس ، أو يتفاعل مع العنف . و الحال في هذه اللحظة حيث يمكن كل شيء أن ينقلب : إما أن المعلم يريد كسر هذه المقاومة وجميع الوسائل ستكون جيدة لهذا الغرض ، من الإغواء إلى الاقصاء.. أو يوافق المعلم على العمل ومع هذه المقاومة و يعيد التفكير في طرقه و أساليبه البيداغوجية . الطرق البيداغوجية تأتي ، بطبيعة الحال ، كوسائل لتجعل من العلاقة البيداغوجية فرصة حقيقية للتلاقي و مقاسمة الإنسانية .