التعليم . الكفايات : بعض الملاحظات الدقيقة
بقلم : أ. المصمودي CPGE مكناس
إن محاولة فهم دلالة مفهوم « الكفاية » أصبح تقريبا ضربا من الخيال وسبب ذلك هو انتشار الكتابات و التعريفات في أي مكان . الشغالة ، سيكولوجيا العمل ، الديداكتيك ، علوم التربية ، مختلف مجالات التكوين ، المقاولة ، الموارد و العلوم الانسانية ، كل قطاع على حدة ، مذكور هنا فقط على سبيل المثال ، يستخدم مفهوم « الكفاية compétence » مقترنا بخصوصيته و منتظراته . إذن من الواضح تماما أن تصبح الكفاية صيغة متعددة المعاني و غريبة . أن نحاول التقرب من « معانيها » يمر أيضا و بالتأكيد عبر التفقد لبعض الميادين التي ساهمت في التطورات و التحولات التي مازالت تنشطها .
أصبحت كلمة كفاية جزءا من الموضة ، إنها حفلة اجتذاب « hit parade » ( م. رومانفيل ، 1996 ) تعابير بيداغوجية رسمية . ما هي مصادرها ؟ إحالة إلى أي معنى حينما نجدها تستخدم في المقاولة ، في الورشة أو في الادارة ؟ هل احترمت خصائص تعريفها الأول عندما تقوم المدرسة بتبنيها ؟ من أين تستقي دقتها و ملاءمتها نسبة إلى عالم المدرسة ؟ ..
بعض الميادين الاستعمالية
لنبدأ ببعض التعاريف :
أ- اشتقاق الكلمة : competens جاءت من compèré ، ظهرت هذه الكلمة في القرن الثاني عشر في اللغة اللاتينية ، مصدرها هند – أوروبية ، pet او pot التي تعني « السلطة » le pouvoir .
ب- في السوسيولوجيا ، تحيل « الكفاية » إلى التحليل لمشروعية السلطة . غالبا ما نسمع مسؤولا يتحدث عن أن مثل هذا الفعل لا ينبع من كفاياته . يعني أن الأمر لهو خارج من دائرة سلطته التي منحته « المنصب » أو ظيفته .
ت- في علوم التربية ، « الكفاية » هي خاصية الفرد التي تشهد على القدرة في إنجاز بعض المهام .
في اللسنيات ، يقابل تشومسكي « الكفاية compétence» مع « الانجاز performance » ، أي ذلك الشيء الذي نقدر على تحقيقه ( كفاية ) مقارنة مع ما هو ملاحظ ، أي ما تم إنجازه في الحقيقة ( performance )
ثم بعض المؤلفين المنتمين إلى ميادين مختلفة :
1. كويلفيك ، سيكولوجي العمل ، الذي نسبة إليه « كفاية العمال سينظر إليها كمجموعة من الموارد المتاحة لمواجهة وضعية جديدة أثناء العمل . تتكون هذه الموارد من المعارف المخزنة في الذاكرة و من الوسائل المنشطة و المنظمة لها . إن مفهوم « الكفاية » إذا حسب معناه (...) يتعارض مع مفهوم « الانجازية » الذي هو ترجمة كلية أو جزئية للكفاية أثناء مهمة معطاة ( كويلفيك ، 1991 ).
2. دو مونتمولان ، الذي يمثل نظرة الشغالة ergonomes . بالنسبة لهؤلاء المختصين في العمل إن استخدام مفهوم « الكفاية » يسمح بـ « تسليط الضوء على ما يفسر أنشطة العامل l’opérateur . (...) الكفايات ، بالنسبة للشغالة ، هي المعارف المستخدمة من طرف العامل في مختلف وضعيات العمل (...) . كل عامل يمتلك منها نصيبا يساوي عدد الوضعيات التي يجدها في عمله (...) . في كل حالة معروضة عليه نراه يستخدم معارف خاصة ، و بالتالي في كل مرة يغير في آن واحد كفايته حسب الوضعية . هنا مرة اخرى يلتقي التحليل مع المعارف النظرية ( المعارف التصريحية و الاجرائية ، التي تقبل عموما للتلفظ ) ، و معارف الفعل d’action ( الدرايات ، أعمال روتيتية في النهاية عموما صعبة التلفظ ) . يجب ان نضيف هنا المعارف الفوقية méta ، ضرورية من اجل التصرف الحقيقي . المراد من هذا التعبير هو معارف العامل حول معارفه الشخصية ، (1996 ) .
3 . إيف شوارتز (1995 ) . بالنسبة لهذا السوسيولوجي ، تلوح الكفاية في اللحظة حيث أن « التأهيل كعنصر معدل على وجه الحصر ، كنقطة مرجعية في ميدان العلاقات و الخصومات و المنافسات الاجتماعية يبدأ في الدخول في أزمة » مصحوبا بضياع المعالم فيما يتعلق بتحديد مناصب العمل ، تصنيفها و الأجر المترتب عن ذلك . إذن « نموذج الكفايات » سوف يمثل جوابا عن التحولات لأنظمة العمل التي بداخلها ستتخذ بعين الاعتبار العلاقات بين العمل و المعارف التي يمتلكها الفرد ( جيلبيرت دو تيرساك ، 1996 ) .
4 . بالنسبة للعلوم المعرفية . الحوارات المتعلقة بمفهوم الكفاية ليست حديثة العهد . لا يسعنا سوى التذكير ببيداغوجية عبر الاهداف و بناء المرجعيات . نفس الشيء حتى بالنسبة للديداكتيك . الديداكتيكيون في مختلف المواد التعلمية اشتغلوا كثيرا حول هذا المفهوم لأجل استيضاح الكفايات ، تصنيفها و بناء عدة تحت تعابير « أن يكون قادرا على » كل ذلك من أجل أجرأتها في التعليم . مؤخرا ، تم اللجوء إلى ديداكتيك الشغل علها تحدد الكفايات المجندة في وضعيات العمل ( باستري ، 1999).
5 . فيليب بيرينو (1998 ) الذي بالنسبة إليه ، و بنفس الطريقة ، لا يوجد تعريف واضح و متقاسم للكفاية لأنها تقبل استعمالات عديدة ، يقترح تعريفه للكفاية في الميدان التربوي : الكفاية هي « قدرة التصرف l’agir بفعالية في نوع من الوضعيات المحددة ، قدرة تنبني على معارف لكنها لا تختزل فيها » ، لذلك فأن المعارف حددت من طرف الكاتب كـ « تمثلات للواقع (...) تم بناؤها و تخزينها بفضل تجاربنا و تكويننا » . في حالة تشغيل الكفاية ، يقوم الفرد بعمليات ذهنية معقدة ( إقامة علاقات ، تأويلات ، إزاحات و استدلالات ) . « إن بناء الكفايات هو إذا غير قابل للانفصال عن بناء شيمات chèmes الموبلة للمعارف بدراية ، في الوقت الحقيقي ، خدمة للفعل الناجح .
التذكير بهذه المقاربات الخمسة لا يحمل لا الرغبة في العروج حول اللبس اللغوي الذي تبرزه كلمة « الكفاية » كلما تم الحديث عنها و لا الادعاء حصر كل الميادين العلمية و غير العلمية التي تحاول دراسة استخدامها بكل موضوعية و شفافية .
لكن من اللازم مع ذلك أن نشير أن كلمة « كفاية » ، في بعدها الحالي ، هو من اختراع عالم الشغل .
« الكفاية » في المقاولة :
أ)- معرفة / تصرف :
منذ الثمانينات ، لقد حدث انزلاق لغوي لمفهوم « التأهيل » la qualification و حل في محل « الكفاية » . العولمة ، والتنافسية بلا حد و تضييق سوق العمل زعزعت هذا الأخير ، جاعلة من الحصول على دبلوم و امتلاك بعض التأهيلات أشياء ناقصة بغية العثور على منصب شغل . زيادة على هذا لا بد أن تكون « كفؤا » ، أكثر كفؤا من الآخرين . فضلا عن ذلك ، يصرح مارسيل ستروبن ( 1998 ) بصدد هذا الموضوع أنه « بفضل التعارض مع التلقين المدرسي الكلاسيكي للمعارف و بفصل التعارض مع « المنطق » القديم للتأهيل إذ حققت أصالة الكفايات ذاتها . ثم ، بفضل الاحالة إلى عملية تحديث المقاولات إذ جعلت ضرورة الاختراع أوالابداع أمرا مبررا » . منذ أن أصبح المفهوم أحد المعايير لتشغيل العمال ، غذا تعريفه إذا مفروضا من طرف فاعليه الساهرين عليه ، خاصة أولئك الذين يهتمون بالعمل و بالعمال . إن في صميم هذه الحركية يتموضع كي لوبطريف (1997) مقترحا الثالوث « معرفة – تصرف ، إرادة – تصرف ، قدرة – تصرف » الذي يحيل إلى توليف الموارد الملائمة من طرف الفرد ( معرفة – تصرف ) ، و الاخذ بعين الاعتبار حافزيته و انخراطه ( إرادة – تصرف ) و كذلك وجود السياق الذي من شأنه تفعيل الكفايات ( قدرة – تصرف ) .
كانت التايلورية le taylorisme تحدد الفرد الكفء على أنه هو من كان يتقن بدراية التعليمات و المهام المقيدة . ثورة هذا المفهوم أعادت من جديد تعريف الكفاية و الفرد الكفء . إن استدخال عامل الانسان l’humain كأحد المكونات أصبح أمرا رئيسيا ، بات بدءا من الآن شيئا لا مناص منه لمن أراد أن يكون مؤثرا ( عامل ، مدير ، رب عمل ، رئيس ..) كفؤا من أن يذهب إلى ما وراء ما هو مقيد و مسجل و يواجه الصعوبات و متغيرات و صدف وضعيات العمل . الفعل l’action يجب أن يكون بالرغم من ذلك فعلا ملائما و مقيسا . لا يكفي أن تريد و تقدر على التصرف ، لكن أيضا أن تختار ، تنتقي و تؤالف.
ب) – معرفة توليفية :
الكفاية غير مستقرة بطبيعتها . الكفاية حالة مؤقتة لأننا أكفاء في زمن حل المشكلة ، و اكثر من ذلك ، في حالة ما إذا كانت هذه الأخيرة قد وجدت حلا بالفعل . لو ظهرت نفس المشكلة و أن الفرد ، لسبب من الأسباب ، لم يقدر على حلها ، في هذه الأثناء هنا فإنه لا يعد كفؤا . من الممكن إذا امتلاك مقومات و عناصر الكفاية ، وكذا الأدوات لكي نكون أكفاء لكن دون امتلاك الكفاية ذاتها . الكفاية تبنى على الدوام . يؤكد كي لوبطرف ( فبراير 2002 ) أقوالنا عندما يحدد « الكفاية » كمعرفة – توليف . ماذا نؤلف ؟ نتحدث عن « الموارد » . كلمة لديها امتياز قدرة تجميع تحت تعريفها مختلف الألفاظ : معارف ، مواقف ، قدرات ، درايات ، حسن التواجد ... لكي تكون كفؤا يجب أن تبني ، في كل مرة تعرض امامك مشكلة ، بصحبة هذه الموارد ، أفضل صيغة ممكنة ، تلك التي تسمح لك بإيجاد أفضل الحلول بأقل تكلفة ( في الزمن و في الجهد و الطاقة = النجاعة ) . لا يكفي إذا الانتقاء لكن أن تؤالف ، أن تنظم و مطلبك يكون داخل نظام من التناسبية . لنقدم مثالا لسائق سيارة . إن الزيادة في السرعة ، والفرملة ، و تغيير و استبدال السرعة ، والتحكم في المقود ، و معرفة قانون السير و تطبيقه هي معارف و مهارات لن يكون بمقدورها ضمان كفاية السياقة في أحسن حدود حالات التحكم الفردية . لا بد ، أمام مشكل ما ، من وجود عائق على سبيل المثال ، استخراج مظهر أو رسم خارجي ( توليف combinaison) الذي لا يحمل بالكاد جميع هذه المعارف ، لكن فقط تلك التي تسمح بالابتعاد عن التصادم . نقص في السرعة ، الفرملة ، الانتقال إلى التوقف الحساس للسرعة ، تحويل المقود جهة الشمال او اليمين ، كل هذه الحركات المقامة في احسن الأوقات ( متى ؟ ) ، بمقادير صحيحة ( كم ؟ ) و مرتبة جيدا الواحدة تلو الاخرى أو الواحدة مع الاخرى ( من ؟ ) من الممكن أن تعكس كفاية السائق الذي يتمكن من اجتناب العائق . إن نفس الموارد تستعمل دائما من طرف السائقين كلما لاح هناك خطر لكن هذا ليس معناه أن الحادثة دائما قد تم اجتنابها . الكم المتزايد المتردي ، التوقيت غير المناسب timing و / أو الترتيب غير المرضي للأفعال كل هذا يعاقب السائق و يجعله غير كفء . بشكل عام نشكو من عدم الكفاية إما لأننا لا نتوفر على الموارد الضرورية ، و إما لأننا لم نصل تماما إلى استثمارها .
أبعاد الكفاية :
1- البعد الجماعي للكفاية collective : لما نتحدث عن الكفاية ، يحضر ببالنا الفرد l’individu . نحيل دائما مرجعيتنا في الحكم و الموضوعية إلى المدرس الكفء ، إلى الطبيب الكفء او البناء الكفء . و مع ذلك فكلمة « كفاية » تبين بوضوح المقاربة البراكماتية و النفعية ، أي أنه لا يمكن دراستها دون الأخذ بعين الاعتبار البرامترات الواقعية للوضعيات المعاشة . و الحالة هذه ، هذه الوضعيات الحياتية هي معقدة في الغالب و تتطلب العديد من تدخلات الاشخاص في نفس الوقت . يتحدث لوبطريف (2002) بصدد هذا الموضوع عن البعد الجماعي للكفاية . من هنا يعلن الكاتب على ان موبلة الموارد من طرف الفرد يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الموارد الخارجية عنه ، بمعنى موارد الآخرين و السياق le contexte . « التصرف وفق الكفاية يفترض إذا معرفة التفاعل مع الأخر » هكذا يختتم الكاتب قوله .
2- البعد « الفوقي » méta للكفاية : أو البعد التعقلي حسب لوبطرف ( أبريل 2002 ) . المقصود من ذلك هو ضرورة فهم التبريرات للنجاح . أن تكون قادرا على النجاح هذا امر غير كاف . و هذا قصور فضلا عن ذلك للصيغ مثل « ان تكون قادرا على .. » التي تتضمن عموما كل المواصفات و الاشكال للفعالية و النجاح ، بما فيها الصدف ، المحاولة و الخطأ ، المرامقة و التربص . إن هذه التجوالات في الامكنة التي تحيل في التدريس إلى بعض المقاربات البيداغوجية ليست ابدا تعني الكفاية ( من الواجب إذا إبعادها ) . أن تكون كفءا هو ليس فقط أن تكون قادرا على التصرف و النجاح لكن أيضا مقدرة تحليل و تفسير كيفية الفعل ( لوبطرف 2002 ) . بدون هذا الاستيعاب للعلة و الكيفية للسلوك الكفء ، فإن ضمان معاودة إنتاج هذا السلوك في سياقات مغايرة سوف يظل ضعيفا .
للتوضيح :
الكفاية لا تصرف عن طريق فعل « امتلك avoir» . ليست مادة أو محتوى بإمكاننا الانفراد به أو امتلاكه . إن عبارة من قبيل « لدي كفاية » غير صحيحة . يمكننا الحصول على الموارد ، على المعارف ، على المعلومات ، على المواقف التي يجب استخدامها بطريقة صحيحة لو أردنا أن نكون أكفاء أمام وضعية او وضعيات تحمل مشاكل للحل . الكفاية ، كما قلنا ، هي حالة . إذن يجب دائما على الكلمة أن تتبع بفعل « الكينونة être » : أنا كفء أو لست كفؤا . الشخص الذي يمتلك موارد لكنه لم يتمكن في تفعيل هذه الموارد في وضعية عمل كي يكون فعالا ( حل المشاكل المعروضة ) فهو يعتبر شخصا « عارفا » لكن بدون « كفاية » .
الفاعلون البيداغوجيون و خاصة منهم الذين يعملون في ميدان التعليم يفهمون بلا شك أثر هذا التوضيح حول طرقهم في مناولة مفهوم « الكفاية » . إن البرامج المستعملة في مختلف المواد التعلمية بمضامين تعليمية وفق « الكفاية » يجب إعادة النظر فيها . من الضروري على الكفايات أن تترجم الحالات المستهدفة في أخر بعض المراحل الدارسية . إنه نوع من المواصفات المرتقبة . في أخر التمدرس الاساسي ( السنة 9 ) على سبيل المثال . ما هو مقترح على المتعلم بتعبير المحتوى هو الادوات و الوسائل التي يجب عليه تعلمها أيضا لغرض الموبلة حتى يصير في عداد الأكفاء . إنه سجل من الموارد ذات الطبيعة المتنوعة غير أنها ليست بالتأكيد كفايات .
ثانوية حسان بن ثابت
جمعية رياضية - مراكش المغرب
بقلم : أ. المصمودي CPGE مكناس
إن محاولة فهم دلالة مفهوم « الكفاية » أصبح تقريبا ضربا من الخيال وسبب ذلك هو انتشار الكتابات و التعريفات في أي مكان . الشغالة ، سيكولوجيا العمل ، الديداكتيك ، علوم التربية ، مختلف مجالات التكوين ، المقاولة ، الموارد و العلوم الانسانية ، كل قطاع على حدة ، مذكور هنا فقط على سبيل المثال ، يستخدم مفهوم « الكفاية compétence » مقترنا بخصوصيته و منتظراته . إذن من الواضح تماما أن تصبح الكفاية صيغة متعددة المعاني و غريبة . أن نحاول التقرب من « معانيها » يمر أيضا و بالتأكيد عبر التفقد لبعض الميادين التي ساهمت في التطورات و التحولات التي مازالت تنشطها .
أصبحت كلمة كفاية جزءا من الموضة ، إنها حفلة اجتذاب « hit parade » ( م. رومانفيل ، 1996 ) تعابير بيداغوجية رسمية . ما هي مصادرها ؟ إحالة إلى أي معنى حينما نجدها تستخدم في المقاولة ، في الورشة أو في الادارة ؟ هل احترمت خصائص تعريفها الأول عندما تقوم المدرسة بتبنيها ؟ من أين تستقي دقتها و ملاءمتها نسبة إلى عالم المدرسة ؟ ..
بعض الميادين الاستعمالية
لنبدأ ببعض التعاريف :
أ- اشتقاق الكلمة : competens جاءت من compèré ، ظهرت هذه الكلمة في القرن الثاني عشر في اللغة اللاتينية ، مصدرها هند – أوروبية ، pet او pot التي تعني « السلطة » le pouvoir .
ب- في السوسيولوجيا ، تحيل « الكفاية » إلى التحليل لمشروعية السلطة . غالبا ما نسمع مسؤولا يتحدث عن أن مثل هذا الفعل لا ينبع من كفاياته . يعني أن الأمر لهو خارج من دائرة سلطته التي منحته « المنصب » أو ظيفته .
ت- في علوم التربية ، « الكفاية » هي خاصية الفرد التي تشهد على القدرة في إنجاز بعض المهام .
في اللسنيات ، يقابل تشومسكي « الكفاية compétence» مع « الانجاز performance » ، أي ذلك الشيء الذي نقدر على تحقيقه ( كفاية ) مقارنة مع ما هو ملاحظ ، أي ما تم إنجازه في الحقيقة ( performance )
ثم بعض المؤلفين المنتمين إلى ميادين مختلفة :
1. كويلفيك ، سيكولوجي العمل ، الذي نسبة إليه « كفاية العمال سينظر إليها كمجموعة من الموارد المتاحة لمواجهة وضعية جديدة أثناء العمل . تتكون هذه الموارد من المعارف المخزنة في الذاكرة و من الوسائل المنشطة و المنظمة لها . إن مفهوم « الكفاية » إذا حسب معناه (...) يتعارض مع مفهوم « الانجازية » الذي هو ترجمة كلية أو جزئية للكفاية أثناء مهمة معطاة ( كويلفيك ، 1991 ).
2. دو مونتمولان ، الذي يمثل نظرة الشغالة ergonomes . بالنسبة لهؤلاء المختصين في العمل إن استخدام مفهوم « الكفاية » يسمح بـ « تسليط الضوء على ما يفسر أنشطة العامل l’opérateur . (...) الكفايات ، بالنسبة للشغالة ، هي المعارف المستخدمة من طرف العامل في مختلف وضعيات العمل (...) . كل عامل يمتلك منها نصيبا يساوي عدد الوضعيات التي يجدها في عمله (...) . في كل حالة معروضة عليه نراه يستخدم معارف خاصة ، و بالتالي في كل مرة يغير في آن واحد كفايته حسب الوضعية . هنا مرة اخرى يلتقي التحليل مع المعارف النظرية ( المعارف التصريحية و الاجرائية ، التي تقبل عموما للتلفظ ) ، و معارف الفعل d’action ( الدرايات ، أعمال روتيتية في النهاية عموما صعبة التلفظ ) . يجب ان نضيف هنا المعارف الفوقية méta ، ضرورية من اجل التصرف الحقيقي . المراد من هذا التعبير هو معارف العامل حول معارفه الشخصية ، (1996 ) .
3 . إيف شوارتز (1995 ) . بالنسبة لهذا السوسيولوجي ، تلوح الكفاية في اللحظة حيث أن « التأهيل كعنصر معدل على وجه الحصر ، كنقطة مرجعية في ميدان العلاقات و الخصومات و المنافسات الاجتماعية يبدأ في الدخول في أزمة » مصحوبا بضياع المعالم فيما يتعلق بتحديد مناصب العمل ، تصنيفها و الأجر المترتب عن ذلك . إذن « نموذج الكفايات » سوف يمثل جوابا عن التحولات لأنظمة العمل التي بداخلها ستتخذ بعين الاعتبار العلاقات بين العمل و المعارف التي يمتلكها الفرد ( جيلبيرت دو تيرساك ، 1996 ) .
4 . بالنسبة للعلوم المعرفية . الحوارات المتعلقة بمفهوم الكفاية ليست حديثة العهد . لا يسعنا سوى التذكير ببيداغوجية عبر الاهداف و بناء المرجعيات . نفس الشيء حتى بالنسبة للديداكتيك . الديداكتيكيون في مختلف المواد التعلمية اشتغلوا كثيرا حول هذا المفهوم لأجل استيضاح الكفايات ، تصنيفها و بناء عدة تحت تعابير « أن يكون قادرا على » كل ذلك من أجل أجرأتها في التعليم . مؤخرا ، تم اللجوء إلى ديداكتيك الشغل علها تحدد الكفايات المجندة في وضعيات العمل ( باستري ، 1999).
5 . فيليب بيرينو (1998 ) الذي بالنسبة إليه ، و بنفس الطريقة ، لا يوجد تعريف واضح و متقاسم للكفاية لأنها تقبل استعمالات عديدة ، يقترح تعريفه للكفاية في الميدان التربوي : الكفاية هي « قدرة التصرف l’agir بفعالية في نوع من الوضعيات المحددة ، قدرة تنبني على معارف لكنها لا تختزل فيها » ، لذلك فأن المعارف حددت من طرف الكاتب كـ « تمثلات للواقع (...) تم بناؤها و تخزينها بفضل تجاربنا و تكويننا » . في حالة تشغيل الكفاية ، يقوم الفرد بعمليات ذهنية معقدة ( إقامة علاقات ، تأويلات ، إزاحات و استدلالات ) . « إن بناء الكفايات هو إذا غير قابل للانفصال عن بناء شيمات chèmes الموبلة للمعارف بدراية ، في الوقت الحقيقي ، خدمة للفعل الناجح .
التذكير بهذه المقاربات الخمسة لا يحمل لا الرغبة في العروج حول اللبس اللغوي الذي تبرزه كلمة « الكفاية » كلما تم الحديث عنها و لا الادعاء حصر كل الميادين العلمية و غير العلمية التي تحاول دراسة استخدامها بكل موضوعية و شفافية .
لكن من اللازم مع ذلك أن نشير أن كلمة « كفاية » ، في بعدها الحالي ، هو من اختراع عالم الشغل .
« الكفاية » في المقاولة :
أ)- معرفة / تصرف :
منذ الثمانينات ، لقد حدث انزلاق لغوي لمفهوم « التأهيل » la qualification و حل في محل « الكفاية » . العولمة ، والتنافسية بلا حد و تضييق سوق العمل زعزعت هذا الأخير ، جاعلة من الحصول على دبلوم و امتلاك بعض التأهيلات أشياء ناقصة بغية العثور على منصب شغل . زيادة على هذا لا بد أن تكون « كفؤا » ، أكثر كفؤا من الآخرين . فضلا عن ذلك ، يصرح مارسيل ستروبن ( 1998 ) بصدد هذا الموضوع أنه « بفضل التعارض مع التلقين المدرسي الكلاسيكي للمعارف و بفصل التعارض مع « المنطق » القديم للتأهيل إذ حققت أصالة الكفايات ذاتها . ثم ، بفضل الاحالة إلى عملية تحديث المقاولات إذ جعلت ضرورة الاختراع أوالابداع أمرا مبررا » . منذ أن أصبح المفهوم أحد المعايير لتشغيل العمال ، غذا تعريفه إذا مفروضا من طرف فاعليه الساهرين عليه ، خاصة أولئك الذين يهتمون بالعمل و بالعمال . إن في صميم هذه الحركية يتموضع كي لوبطريف (1997) مقترحا الثالوث « معرفة – تصرف ، إرادة – تصرف ، قدرة – تصرف » الذي يحيل إلى توليف الموارد الملائمة من طرف الفرد ( معرفة – تصرف ) ، و الاخذ بعين الاعتبار حافزيته و انخراطه ( إرادة – تصرف ) و كذلك وجود السياق الذي من شأنه تفعيل الكفايات ( قدرة – تصرف ) .
كانت التايلورية le taylorisme تحدد الفرد الكفء على أنه هو من كان يتقن بدراية التعليمات و المهام المقيدة . ثورة هذا المفهوم أعادت من جديد تعريف الكفاية و الفرد الكفء . إن استدخال عامل الانسان l’humain كأحد المكونات أصبح أمرا رئيسيا ، بات بدءا من الآن شيئا لا مناص منه لمن أراد أن يكون مؤثرا ( عامل ، مدير ، رب عمل ، رئيس ..) كفؤا من أن يذهب إلى ما وراء ما هو مقيد و مسجل و يواجه الصعوبات و متغيرات و صدف وضعيات العمل . الفعل l’action يجب أن يكون بالرغم من ذلك فعلا ملائما و مقيسا . لا يكفي أن تريد و تقدر على التصرف ، لكن أيضا أن تختار ، تنتقي و تؤالف.
ب) – معرفة توليفية :
الكفاية غير مستقرة بطبيعتها . الكفاية حالة مؤقتة لأننا أكفاء في زمن حل المشكلة ، و اكثر من ذلك ، في حالة ما إذا كانت هذه الأخيرة قد وجدت حلا بالفعل . لو ظهرت نفس المشكلة و أن الفرد ، لسبب من الأسباب ، لم يقدر على حلها ، في هذه الأثناء هنا فإنه لا يعد كفؤا . من الممكن إذا امتلاك مقومات و عناصر الكفاية ، وكذا الأدوات لكي نكون أكفاء لكن دون امتلاك الكفاية ذاتها . الكفاية تبنى على الدوام . يؤكد كي لوبطرف ( فبراير 2002 ) أقوالنا عندما يحدد « الكفاية » كمعرفة – توليف . ماذا نؤلف ؟ نتحدث عن « الموارد » . كلمة لديها امتياز قدرة تجميع تحت تعريفها مختلف الألفاظ : معارف ، مواقف ، قدرات ، درايات ، حسن التواجد ... لكي تكون كفؤا يجب أن تبني ، في كل مرة تعرض امامك مشكلة ، بصحبة هذه الموارد ، أفضل صيغة ممكنة ، تلك التي تسمح لك بإيجاد أفضل الحلول بأقل تكلفة ( في الزمن و في الجهد و الطاقة = النجاعة ) . لا يكفي إذا الانتقاء لكن أن تؤالف ، أن تنظم و مطلبك يكون داخل نظام من التناسبية . لنقدم مثالا لسائق سيارة . إن الزيادة في السرعة ، والفرملة ، و تغيير و استبدال السرعة ، والتحكم في المقود ، و معرفة قانون السير و تطبيقه هي معارف و مهارات لن يكون بمقدورها ضمان كفاية السياقة في أحسن حدود حالات التحكم الفردية . لا بد ، أمام مشكل ما ، من وجود عائق على سبيل المثال ، استخراج مظهر أو رسم خارجي ( توليف combinaison) الذي لا يحمل بالكاد جميع هذه المعارف ، لكن فقط تلك التي تسمح بالابتعاد عن التصادم . نقص في السرعة ، الفرملة ، الانتقال إلى التوقف الحساس للسرعة ، تحويل المقود جهة الشمال او اليمين ، كل هذه الحركات المقامة في احسن الأوقات ( متى ؟ ) ، بمقادير صحيحة ( كم ؟ ) و مرتبة جيدا الواحدة تلو الاخرى أو الواحدة مع الاخرى ( من ؟ ) من الممكن أن تعكس كفاية السائق الذي يتمكن من اجتناب العائق . إن نفس الموارد تستعمل دائما من طرف السائقين كلما لاح هناك خطر لكن هذا ليس معناه أن الحادثة دائما قد تم اجتنابها . الكم المتزايد المتردي ، التوقيت غير المناسب timing و / أو الترتيب غير المرضي للأفعال كل هذا يعاقب السائق و يجعله غير كفء . بشكل عام نشكو من عدم الكفاية إما لأننا لا نتوفر على الموارد الضرورية ، و إما لأننا لم نصل تماما إلى استثمارها .
أبعاد الكفاية :
1- البعد الجماعي للكفاية collective : لما نتحدث عن الكفاية ، يحضر ببالنا الفرد l’individu . نحيل دائما مرجعيتنا في الحكم و الموضوعية إلى المدرس الكفء ، إلى الطبيب الكفء او البناء الكفء . و مع ذلك فكلمة « كفاية » تبين بوضوح المقاربة البراكماتية و النفعية ، أي أنه لا يمكن دراستها دون الأخذ بعين الاعتبار البرامترات الواقعية للوضعيات المعاشة . و الحالة هذه ، هذه الوضعيات الحياتية هي معقدة في الغالب و تتطلب العديد من تدخلات الاشخاص في نفس الوقت . يتحدث لوبطريف (2002) بصدد هذا الموضوع عن البعد الجماعي للكفاية . من هنا يعلن الكاتب على ان موبلة الموارد من طرف الفرد يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الموارد الخارجية عنه ، بمعنى موارد الآخرين و السياق le contexte . « التصرف وفق الكفاية يفترض إذا معرفة التفاعل مع الأخر » هكذا يختتم الكاتب قوله .
2- البعد « الفوقي » méta للكفاية : أو البعد التعقلي حسب لوبطرف ( أبريل 2002 ) . المقصود من ذلك هو ضرورة فهم التبريرات للنجاح . أن تكون قادرا على النجاح هذا امر غير كاف . و هذا قصور فضلا عن ذلك للصيغ مثل « ان تكون قادرا على .. » التي تتضمن عموما كل المواصفات و الاشكال للفعالية و النجاح ، بما فيها الصدف ، المحاولة و الخطأ ، المرامقة و التربص . إن هذه التجوالات في الامكنة التي تحيل في التدريس إلى بعض المقاربات البيداغوجية ليست ابدا تعني الكفاية ( من الواجب إذا إبعادها ) . أن تكون كفءا هو ليس فقط أن تكون قادرا على التصرف و النجاح لكن أيضا مقدرة تحليل و تفسير كيفية الفعل ( لوبطرف 2002 ) . بدون هذا الاستيعاب للعلة و الكيفية للسلوك الكفء ، فإن ضمان معاودة إنتاج هذا السلوك في سياقات مغايرة سوف يظل ضعيفا .
للتوضيح :
الكفاية لا تصرف عن طريق فعل « امتلك avoir» . ليست مادة أو محتوى بإمكاننا الانفراد به أو امتلاكه . إن عبارة من قبيل « لدي كفاية » غير صحيحة . يمكننا الحصول على الموارد ، على المعارف ، على المعلومات ، على المواقف التي يجب استخدامها بطريقة صحيحة لو أردنا أن نكون أكفاء أمام وضعية او وضعيات تحمل مشاكل للحل . الكفاية ، كما قلنا ، هي حالة . إذن يجب دائما على الكلمة أن تتبع بفعل « الكينونة être » : أنا كفء أو لست كفؤا . الشخص الذي يمتلك موارد لكنه لم يتمكن في تفعيل هذه الموارد في وضعية عمل كي يكون فعالا ( حل المشاكل المعروضة ) فهو يعتبر شخصا « عارفا » لكن بدون « كفاية » .
الفاعلون البيداغوجيون و خاصة منهم الذين يعملون في ميدان التعليم يفهمون بلا شك أثر هذا التوضيح حول طرقهم في مناولة مفهوم « الكفاية » . إن البرامج المستعملة في مختلف المواد التعلمية بمضامين تعليمية وفق « الكفاية » يجب إعادة النظر فيها . من الضروري على الكفايات أن تترجم الحالات المستهدفة في أخر بعض المراحل الدارسية . إنه نوع من المواصفات المرتقبة . في أخر التمدرس الاساسي ( السنة 9 ) على سبيل المثال . ما هو مقترح على المتعلم بتعبير المحتوى هو الادوات و الوسائل التي يجب عليه تعلمها أيضا لغرض الموبلة حتى يصير في عداد الأكفاء . إنه سجل من الموارد ذات الطبيعة المتنوعة غير أنها ليست بالتأكيد كفايات .
ثانوية حسان بن ثابت
جمعية رياضية - مراكش المغرب