البيداغوجية العامة
Publié par Roseline et Jean Louiner
البيداغوجية اللاتوجيهية
لفظة لا توجيهية non-directivité قد اخترعت سنة 1942 من طرف طبيب علم النفس و المكون الأمركي كارل رونسون روجيرس ( 1902-1987 ) . ستصبح اللاتوجيهية أحد الأمكنة المشتركة للثقافة التربوية « العصرية » ابتداء من منتصف الثاني للقرن العشرين . « في فترة العصيان الثقافي و الاجتماعي الكبير سنة 1986 ، غذت اللاتوجيهية جزءا لا يتجزأ ، كمكون ينطلق من ذاته ، للمطالبات التحررية الموصوفة و المعلنة تحت شعار « من الممنوع المنع » . السماح و الترخيص ضد المنع و الزجر ، الابداع ضد الشكلنة ، العصامية ضد التلقين : يبدو أن اللاتوجيهة أفرزت اسما لتصور جديد للعلاقات الانسانية ، للعلاقة اتجاه المعرفة و التقاليد ، في العائلة ، في المدرسة ، في المؤسسات ، في المنظمات »
تطالب اللاتوجيهية بمنهاج بحيث أن كل تلميذ ينخرط و يساهم في قرارات القسم « و ذلك بممارسة استقلاليته و إسباغ المعنى على دراسته بفضل توزان مرضي و مقبول بين مستلزماته و حرياته الفردية » ( ج. لونكهي ) هنا ، « من الضروري أن يقدم الاستاذ مساعدة و إنصاتا لكل تلميذ قصد تنمية شخصيته من خلال التعلمات »( روجيرس ). لا نفرض لا البرنامج ، و لا القواعد الداخلية ( عكس ما يحصل في الاستبدادية او في التوجيهية ) : كل شيء هو قابل للتفاوض . جلبريت لونكي ، في معجمه للتربية (2009 ) ، يلخص بيداغوجية اللاتوجه ( أو اللاتوجيهية ) في ست وصايا رفيعة الشأن :
• التوقف عن كل عنف أو قهر إتجاه الفرد ( أو الجماعة ) ؛
• منح الثقة للقدرات الذاتية و المسؤولة ؛
• توطيد مناخ معرفة الغير l’empathie و الاحترام من جهة تشجعيا لكل تلميذ بأن يستدخل أصالة ما يشعر به ، و من جهة اخرى للمدرس في أن يعبر أيضا عن أرائه الخاصة ؛
• الأخذ بعين الاهتمام مكانة المعاش le vécu ، و بإقامة التجارب الشخصية و الاكتشاف عن طريق الذات بدل تكديس المعارف الآتية من المعلم ؛
• استعمال الجماعة ( القسم ) كطاقة تتغيا تغييـر الأشخاص ( تلاميذ ) ، الذين ينتمون إليها ؛
• الابتعاد عن أي نظام ( مذهبي ) بيداغوجي ذي نوايا شمولية .
لكن بالرغم من ذلك ، أثار معارضو اللاتوجيهية أربعة انتقادات ( ج. لونكي ) :
• 1 . انسحاب الأستاذ يحكم على التلاميذ باللجوء إلى سلوكات تفتقر للأصالة stéréotypes ؛
• 2. لا تلقن المعارف كما وكيفا بالقدر الكافي ، بحجة أن التلاميذ قادرون على اكتشافها بأنفسهم ؛
• 3. تدبير الحياة الجماعية تستنزف وقت القسم في العلاقات الاحتمالية و المصادفات ؛
• 4. البيداغوجية الا توجيهية تغرق في المذهبية عندما تكتفي بالتعلم من اجل التعلم بدون النفاذ بشكل ملموس إلى تعلمات قابلة للاستعمال لمتابعة الدراسات في المستقبل و أبعد من ذلك للاندماج في الحياة الاجتماعية و المهنية .
البيداغوجية التحررية
LA PÉDAGOGIE LIBERTAIRE
البيداغوجية التحررية ، بقدر ما تشكل مجموعة من الأدوات ، من الطرائق ، من المنهجيات و المواقف ، فهي تبني نتائجها انطلاقا من استعدادات المجموعة و منشطها لغرض تفعيل سيرورة تربوية تنعم بالحرية . هنا ، نستخدم أصنافا من البيداغوجية المسماة بالنشطة كنوع من « الحيلة » البيداغوجية ، خدمة للاستقلالية التي يجب ان يمتلكها « المتعلمون » . ( انظر Hugues Lenoir ) . البيداغوجية التحررية ، مشكلة وحدة من المبادئ و تنوعا من التطبيقات و أمكنة للتمرن ، تعبر عن رؤية فوضوية للتربية ، بمعنى تربية محركها الأول هو اتخاذ موقف نشيط و حر في فضاء متحرر كلية من الضغوطات . حسب هيوكس لونوار إن إشكالية البيداغوجية التحررية يتواجد في حركة دياليكتيكية بحيث « التربية تبنى من طرف الحرية و الحرية من طرف التربية » . في هذه الحالة ، يجب على التربية أن تهييء المتعلمين للدور المستقبلي كمنتجين واعين ، بفضل تعددية المواد و وفرة التقانيات . المقصود إذا ، هو ليس التعليم فحسب من اجل الفوضى والعصيان لكن أيضا من أجل بناء الوعي ؛ التأهيل لمقاومة أفضل و في النهاية ، لبناء الاشتراكية le socialisme في عالم الحرية . » ( لونوار ). ليس هدف المربي هنا هو تلقين المعرفة الاكاديمية و إنما لتسهيل لدى المتعلمين إنتاج المعارف وفق مراكز اهتماماتهم أو حسب انشغالاتهم الآنية . التربية ، في هذا الصدد ، تريد أن تكون عنصرا مؤسسا للفوضوية .
البيداغوجية التقلـيدانية
PEDAGOGIE TRADITIONNELLE
في تغير حسب المعلمين و الممارسات ، تحيل البيداغوجية التقليدانية مع ذلك إلى المحتويات و إلى المبادئ الميتودولوجية المشتركة ، الملاحظة في البرامج ، أصناف و أساليب التدخل intervention . أولا ، المدرسة التقليدانية هي « مدرسة مستقبلة » ، حيث نقول عنها أن المناولات ، الفردية أو التضامنية كانت تكمن او مازالت تكمن أيضا في الغالب في تقنيات السؤال و الجواب ، الامر الذي يلزم في المقام الأول مجهودا في الذاكرة . لكن سيكون من غير الانصاف الأخذ بهذا التقويم الكاريكاتوري للمدرسة التقليدية التي لم تتوقف عن تفضيل بدون حق دور الذكاء الذي يجب أن يلعبه في التعلمات ، لأن طابعه الأساسي تدقيقا هو أن يكون ذا طابع ثقافي و عقلاني أيضا . هذا الطابع الثقافي و هذه العقلانية تطبعان اللغة ، المفردات و المحتويات : يحددان الترتيب الممنهج للمواد التعلمية المدرسة ، يحاولان تنظيم الميدان كله للمعرفة حسب التقسيمات ، و التقسيمات الصغرى ، و الارتباطات المنطقية و التدريجية . مما يقتضي استعمال الكتاب و عموما ، رغما عن المظاهر ، استعمال نهج استبدادي إن لم يكن دوغمائي يلجأ إلى المنافسة émulation ، إلى العقابles punitions و الذي يسري من طرف سلطة المعلم حيث علاقته مع التلميذ متأسسة على معرفة الواحد ، و جهل الآخر ، على تلقين المعرفة و على حقيقة الواحد على حساب الآخر .
تبني البيداغوجية التقليدية في نظام من المعرفة برنامجا تخطيطيا ، بناء منظما مهيمنا وليس مدمجا للمعارف ؛ تتوافق مع النظام المنطقي لطرائق المنهج الديكارتي ، و لاسيما بتفتيت الصعوبات ، متبعين ترتيبا ، من البسيط إلى المركب : حسب الترتيب الزماني ، فهي تحترم المحور التاريخي لتوالي الظواهر غير القابلة للمعاودة و للأحداث تبعا للأصول .
التربيـة الحديثــة أو المبتكرة
LA PEDAGOGIE NOUVELLE OU RENOVEE
المقتضى الهام هو أن كل الطرائق يجب أن تكون متمركزة على الطفل ، نراقبه ، نعتبره ، نتعامل معه فرديا . نهتم به في شتى الوضعيات و من خلال جميع التعبيرات لكينونته الشاملة ، و هذا ليس فقط إحالة إلى الاختيارات الفلسفية ، إلى المؤشرات السيكولوجية ، لكن من جراء معتقد سياسي و اجتماعي سواء كان ضمنيا أو معلنا بصراحة . انطلاقا من هذا المقتضى تنجم ضرورات أساسية . في البداية طريقة الفرد العارف لا تكمن أبدا في التلقي و لا في امتلاك المعرفة القبلية الموضوعة من قبل السلطة الراشدة بصورة ديداكتيكية ، لكنما تفهم الواقع في شموليته من خلال صوره الطبيعية المعطاة ، مهما كانت هذه الطبيعة . الشوملة و الشكل هما في ارتباط . الأولى تعود للفرد ، إذ تعتبر وظيفة ، نشاط ذهني محدد ، مسيطر عليه ام موجه من طرف الميولات الراجحة ، الدائمة ام المؤقتة للفرد ، و التي تمنح المعاني للمواضيع ، للكائنات ، للاحداث ، للاشارات ، للغة حسب انواع الحافزية و الاهتمامات السائدة ( أنظر ديكرولي ) .
استعيدت نظرية الشكل la forme ، توسعت اليوم عن طريق مفهوم البنية الموسعة لتضم جميع طبائع تنظيم الواقع ( الفزيائي ، البيولوجي ،.. ) و كذلك تنظيم البراكسيس praxis ( مجموع الانشطة المستهدفة تغيير الواقع ) . البنية la structure تعبر عن القانون التكويني المنظم لمعقولية لمجموعة ما . تشتمل على ثلاث خصائص و هي الشمولية ، التحويل و التعديل الذاتي .( انظر بياجي و البنيوية )
بالطبع ، لا أحد يعتقد أن المعلم الذي اعتنق البيداغوجية الحديثة يهتم بوضوح في كل الحالات و الظروف بتخيل و تنظيم سيرورات الفرد العارف وفق طريقة بنيوية . في حالة ما قد يلتجئ إلى هذا ، عليه أن لا يفهم البنية فهما آخر سوى أنها فرضية بحث أو نموذج وظيفي لا يجب خلطها مع الواقع ذاته ، و لا مع مسببات الظواهر حيث أنها لا تشير إلا إلى حقيقتها الداخلية . يبقى مع ذلك أن السيرورات المتقاربة للشوملة و لتفهم الواقع في بنياته الدالة ، توضح و تحدد عموما كذلك بدون تبرير نظري ممارسة البيداغوجي في الطريقة التي تلزمه التفكير في العلاقة أو تموضعات الطفل إزاء المحيط أثناء مزاول أنشطة التفتح و في تنظيم البراكسيس ، لكن أيضا و بصورة ليس أقل دلالة في مشاكل الفهم المعروضة عليه ، وكذا تملك و استعمال اللغات ، سواء كانت من نظام حسابي أو لغوي . من خلال هذه الزواية ، نرى بشكل خاص في دراسة الظواهر الانسانية كيف للنظام الزماني الذي هو من طبيعة تطورية diachronique في البيداغوجية التقليدانية ، أصبح تزامنيا synchronique بالنسبة للبيداغوجية الحديثة .
كما اننا نرى تغييرا آخر على المستوى الايبستمولوجي في التصور و في سيرورة المعرفة . فإذا كان الفرد ، فعلا ، يبحث دائما ، في إطار الملموس ، عما يوصله إلى المفهوم ، إلى الفكرة و إلى القانون ، فإنه يتوقف مع ذلك ليتطابق أولا مع القاعدة الديكارتية التي تستوجب الانطلاق من البسيط إلى المركب عن طريق التجميع la synthèse ، كما نفعل ذلك من الحرف إلى المقطع ، و من المقطع إلى الكلمة ، ثم وصولا إلى الجملة فالنص . إن معرفة التلميذ لا تبنى أبدا بالتكديس المبسط ، و لا أيضا بتوليف الأجزاء او العناصر ؛ تحصل المعرفة الآن عن طريق الملاحظة ، الفهم ، تحليل الواقع المعقد يتم أولا بداخل البنيات الأساسية حيث أن كل عنصر يتحدد داخل مجموعة وفق القوانين التي تنظم هذا العنصر دونما الاستطاعة على إمساك المعنى خارجه . طريقة مثل هاته كما أنها صعبة جدا ، إن لم تكن أكثر خطورة مثلها مثل الحقيقة المعقدة ليست سهلة ، و أن السهولة لا تظهر في الأخير إلا في نقاوة القاعدة المجردة و القانون .
أيضا يجب أن نعتبر أن الاختيار او تحديد الوضعية و الأنشطة يمنحان للمعلم إمكانية دفع التلميذ نحو مثل هذه السيرورة لا تصح ، بصورة تزامنية ، إلا إذا كان الواقع المراد الاشتغال بصدده ، من جانب ، يقدم فائدة من شأنها جلب انتباهه ، إيقاظ حبه في الاستطلاع ، خلق لديه الدهشة و ، من جانب آخر ، تضعه في حركية من الداخل و تدفعه نحو التصرف . ( أنظر جوزيف لايف ، التجديد البيداغوجي ، فرناند ناتان ، 1978 )
Publié par Roseline et Jean Louiner
http://pedagogiegenerale.blogspot.com
Publié par Roseline et Jean Louiner
البيداغوجية اللاتوجيهية
لفظة لا توجيهية non-directivité قد اخترعت سنة 1942 من طرف طبيب علم النفس و المكون الأمركي كارل رونسون روجيرس ( 1902-1987 ) . ستصبح اللاتوجيهية أحد الأمكنة المشتركة للثقافة التربوية « العصرية » ابتداء من منتصف الثاني للقرن العشرين . « في فترة العصيان الثقافي و الاجتماعي الكبير سنة 1986 ، غذت اللاتوجيهية جزءا لا يتجزأ ، كمكون ينطلق من ذاته ، للمطالبات التحررية الموصوفة و المعلنة تحت شعار « من الممنوع المنع » . السماح و الترخيص ضد المنع و الزجر ، الابداع ضد الشكلنة ، العصامية ضد التلقين : يبدو أن اللاتوجيهة أفرزت اسما لتصور جديد للعلاقات الانسانية ، للعلاقة اتجاه المعرفة و التقاليد ، في العائلة ، في المدرسة ، في المؤسسات ، في المنظمات »
تطالب اللاتوجيهية بمنهاج بحيث أن كل تلميذ ينخرط و يساهم في قرارات القسم « و ذلك بممارسة استقلاليته و إسباغ المعنى على دراسته بفضل توزان مرضي و مقبول بين مستلزماته و حرياته الفردية » ( ج. لونكهي ) هنا ، « من الضروري أن يقدم الاستاذ مساعدة و إنصاتا لكل تلميذ قصد تنمية شخصيته من خلال التعلمات »( روجيرس ). لا نفرض لا البرنامج ، و لا القواعد الداخلية ( عكس ما يحصل في الاستبدادية او في التوجيهية ) : كل شيء هو قابل للتفاوض . جلبريت لونكي ، في معجمه للتربية (2009 ) ، يلخص بيداغوجية اللاتوجه ( أو اللاتوجيهية ) في ست وصايا رفيعة الشأن :
• التوقف عن كل عنف أو قهر إتجاه الفرد ( أو الجماعة ) ؛
• منح الثقة للقدرات الذاتية و المسؤولة ؛
• توطيد مناخ معرفة الغير l’empathie و الاحترام من جهة تشجعيا لكل تلميذ بأن يستدخل أصالة ما يشعر به ، و من جهة اخرى للمدرس في أن يعبر أيضا عن أرائه الخاصة ؛
• الأخذ بعين الاهتمام مكانة المعاش le vécu ، و بإقامة التجارب الشخصية و الاكتشاف عن طريق الذات بدل تكديس المعارف الآتية من المعلم ؛
• استعمال الجماعة ( القسم ) كطاقة تتغيا تغييـر الأشخاص ( تلاميذ ) ، الذين ينتمون إليها ؛
• الابتعاد عن أي نظام ( مذهبي ) بيداغوجي ذي نوايا شمولية .
لكن بالرغم من ذلك ، أثار معارضو اللاتوجيهية أربعة انتقادات ( ج. لونكي ) :
• 1 . انسحاب الأستاذ يحكم على التلاميذ باللجوء إلى سلوكات تفتقر للأصالة stéréotypes ؛
• 2. لا تلقن المعارف كما وكيفا بالقدر الكافي ، بحجة أن التلاميذ قادرون على اكتشافها بأنفسهم ؛
• 3. تدبير الحياة الجماعية تستنزف وقت القسم في العلاقات الاحتمالية و المصادفات ؛
• 4. البيداغوجية الا توجيهية تغرق في المذهبية عندما تكتفي بالتعلم من اجل التعلم بدون النفاذ بشكل ملموس إلى تعلمات قابلة للاستعمال لمتابعة الدراسات في المستقبل و أبعد من ذلك للاندماج في الحياة الاجتماعية و المهنية .
البيداغوجية التحررية
LA PÉDAGOGIE LIBERTAIRE
البيداغوجية التحررية ، بقدر ما تشكل مجموعة من الأدوات ، من الطرائق ، من المنهجيات و المواقف ، فهي تبني نتائجها انطلاقا من استعدادات المجموعة و منشطها لغرض تفعيل سيرورة تربوية تنعم بالحرية . هنا ، نستخدم أصنافا من البيداغوجية المسماة بالنشطة كنوع من « الحيلة » البيداغوجية ، خدمة للاستقلالية التي يجب ان يمتلكها « المتعلمون » . ( انظر Hugues Lenoir ) . البيداغوجية التحررية ، مشكلة وحدة من المبادئ و تنوعا من التطبيقات و أمكنة للتمرن ، تعبر عن رؤية فوضوية للتربية ، بمعنى تربية محركها الأول هو اتخاذ موقف نشيط و حر في فضاء متحرر كلية من الضغوطات . حسب هيوكس لونوار إن إشكالية البيداغوجية التحررية يتواجد في حركة دياليكتيكية بحيث « التربية تبنى من طرف الحرية و الحرية من طرف التربية » . في هذه الحالة ، يجب على التربية أن تهييء المتعلمين للدور المستقبلي كمنتجين واعين ، بفضل تعددية المواد و وفرة التقانيات . المقصود إذا ، هو ليس التعليم فحسب من اجل الفوضى والعصيان لكن أيضا من أجل بناء الوعي ؛ التأهيل لمقاومة أفضل و في النهاية ، لبناء الاشتراكية le socialisme في عالم الحرية . » ( لونوار ). ليس هدف المربي هنا هو تلقين المعرفة الاكاديمية و إنما لتسهيل لدى المتعلمين إنتاج المعارف وفق مراكز اهتماماتهم أو حسب انشغالاتهم الآنية . التربية ، في هذا الصدد ، تريد أن تكون عنصرا مؤسسا للفوضوية .
البيداغوجية التقلـيدانية
PEDAGOGIE TRADITIONNELLE
في تغير حسب المعلمين و الممارسات ، تحيل البيداغوجية التقليدانية مع ذلك إلى المحتويات و إلى المبادئ الميتودولوجية المشتركة ، الملاحظة في البرامج ، أصناف و أساليب التدخل intervention . أولا ، المدرسة التقليدانية هي « مدرسة مستقبلة » ، حيث نقول عنها أن المناولات ، الفردية أو التضامنية كانت تكمن او مازالت تكمن أيضا في الغالب في تقنيات السؤال و الجواب ، الامر الذي يلزم في المقام الأول مجهودا في الذاكرة . لكن سيكون من غير الانصاف الأخذ بهذا التقويم الكاريكاتوري للمدرسة التقليدية التي لم تتوقف عن تفضيل بدون حق دور الذكاء الذي يجب أن يلعبه في التعلمات ، لأن طابعه الأساسي تدقيقا هو أن يكون ذا طابع ثقافي و عقلاني أيضا . هذا الطابع الثقافي و هذه العقلانية تطبعان اللغة ، المفردات و المحتويات : يحددان الترتيب الممنهج للمواد التعلمية المدرسة ، يحاولان تنظيم الميدان كله للمعرفة حسب التقسيمات ، و التقسيمات الصغرى ، و الارتباطات المنطقية و التدريجية . مما يقتضي استعمال الكتاب و عموما ، رغما عن المظاهر ، استعمال نهج استبدادي إن لم يكن دوغمائي يلجأ إلى المنافسة émulation ، إلى العقابles punitions و الذي يسري من طرف سلطة المعلم حيث علاقته مع التلميذ متأسسة على معرفة الواحد ، و جهل الآخر ، على تلقين المعرفة و على حقيقة الواحد على حساب الآخر .
تبني البيداغوجية التقليدية في نظام من المعرفة برنامجا تخطيطيا ، بناء منظما مهيمنا وليس مدمجا للمعارف ؛ تتوافق مع النظام المنطقي لطرائق المنهج الديكارتي ، و لاسيما بتفتيت الصعوبات ، متبعين ترتيبا ، من البسيط إلى المركب : حسب الترتيب الزماني ، فهي تحترم المحور التاريخي لتوالي الظواهر غير القابلة للمعاودة و للأحداث تبعا للأصول .
التربيـة الحديثــة أو المبتكرة
LA PEDAGOGIE NOUVELLE OU RENOVEE
المقتضى الهام هو أن كل الطرائق يجب أن تكون متمركزة على الطفل ، نراقبه ، نعتبره ، نتعامل معه فرديا . نهتم به في شتى الوضعيات و من خلال جميع التعبيرات لكينونته الشاملة ، و هذا ليس فقط إحالة إلى الاختيارات الفلسفية ، إلى المؤشرات السيكولوجية ، لكن من جراء معتقد سياسي و اجتماعي سواء كان ضمنيا أو معلنا بصراحة . انطلاقا من هذا المقتضى تنجم ضرورات أساسية . في البداية طريقة الفرد العارف لا تكمن أبدا في التلقي و لا في امتلاك المعرفة القبلية الموضوعة من قبل السلطة الراشدة بصورة ديداكتيكية ، لكنما تفهم الواقع في شموليته من خلال صوره الطبيعية المعطاة ، مهما كانت هذه الطبيعة . الشوملة و الشكل هما في ارتباط . الأولى تعود للفرد ، إذ تعتبر وظيفة ، نشاط ذهني محدد ، مسيطر عليه ام موجه من طرف الميولات الراجحة ، الدائمة ام المؤقتة للفرد ، و التي تمنح المعاني للمواضيع ، للكائنات ، للاحداث ، للاشارات ، للغة حسب انواع الحافزية و الاهتمامات السائدة ( أنظر ديكرولي ) .
استعيدت نظرية الشكل la forme ، توسعت اليوم عن طريق مفهوم البنية الموسعة لتضم جميع طبائع تنظيم الواقع ( الفزيائي ، البيولوجي ،.. ) و كذلك تنظيم البراكسيس praxis ( مجموع الانشطة المستهدفة تغيير الواقع ) . البنية la structure تعبر عن القانون التكويني المنظم لمعقولية لمجموعة ما . تشتمل على ثلاث خصائص و هي الشمولية ، التحويل و التعديل الذاتي .( انظر بياجي و البنيوية )
بالطبع ، لا أحد يعتقد أن المعلم الذي اعتنق البيداغوجية الحديثة يهتم بوضوح في كل الحالات و الظروف بتخيل و تنظيم سيرورات الفرد العارف وفق طريقة بنيوية . في حالة ما قد يلتجئ إلى هذا ، عليه أن لا يفهم البنية فهما آخر سوى أنها فرضية بحث أو نموذج وظيفي لا يجب خلطها مع الواقع ذاته ، و لا مع مسببات الظواهر حيث أنها لا تشير إلا إلى حقيقتها الداخلية . يبقى مع ذلك أن السيرورات المتقاربة للشوملة و لتفهم الواقع في بنياته الدالة ، توضح و تحدد عموما كذلك بدون تبرير نظري ممارسة البيداغوجي في الطريقة التي تلزمه التفكير في العلاقة أو تموضعات الطفل إزاء المحيط أثناء مزاول أنشطة التفتح و في تنظيم البراكسيس ، لكن أيضا و بصورة ليس أقل دلالة في مشاكل الفهم المعروضة عليه ، وكذا تملك و استعمال اللغات ، سواء كانت من نظام حسابي أو لغوي . من خلال هذه الزواية ، نرى بشكل خاص في دراسة الظواهر الانسانية كيف للنظام الزماني الذي هو من طبيعة تطورية diachronique في البيداغوجية التقليدانية ، أصبح تزامنيا synchronique بالنسبة للبيداغوجية الحديثة .
كما اننا نرى تغييرا آخر على المستوى الايبستمولوجي في التصور و في سيرورة المعرفة . فإذا كان الفرد ، فعلا ، يبحث دائما ، في إطار الملموس ، عما يوصله إلى المفهوم ، إلى الفكرة و إلى القانون ، فإنه يتوقف مع ذلك ليتطابق أولا مع القاعدة الديكارتية التي تستوجب الانطلاق من البسيط إلى المركب عن طريق التجميع la synthèse ، كما نفعل ذلك من الحرف إلى المقطع ، و من المقطع إلى الكلمة ، ثم وصولا إلى الجملة فالنص . إن معرفة التلميذ لا تبنى أبدا بالتكديس المبسط ، و لا أيضا بتوليف الأجزاء او العناصر ؛ تحصل المعرفة الآن عن طريق الملاحظة ، الفهم ، تحليل الواقع المعقد يتم أولا بداخل البنيات الأساسية حيث أن كل عنصر يتحدد داخل مجموعة وفق القوانين التي تنظم هذا العنصر دونما الاستطاعة على إمساك المعنى خارجه . طريقة مثل هاته كما أنها صعبة جدا ، إن لم تكن أكثر خطورة مثلها مثل الحقيقة المعقدة ليست سهلة ، و أن السهولة لا تظهر في الأخير إلا في نقاوة القاعدة المجردة و القانون .
أيضا يجب أن نعتبر أن الاختيار او تحديد الوضعية و الأنشطة يمنحان للمعلم إمكانية دفع التلميذ نحو مثل هذه السيرورة لا تصح ، بصورة تزامنية ، إلا إذا كان الواقع المراد الاشتغال بصدده ، من جانب ، يقدم فائدة من شأنها جلب انتباهه ، إيقاظ حبه في الاستطلاع ، خلق لديه الدهشة و ، من جانب آخر ، تضعه في حركية من الداخل و تدفعه نحو التصرف . ( أنظر جوزيف لايف ، التجديد البيداغوجي ، فرناند ناتان ، 1978 )
Publié par Roseline et Jean Louiner
http://pedagogiegenerale.blogspot.com