ملتقى السماعلة
مرحبا بك بيننا زائرنا الكريم، تفضل بالانضمام الينا
https://smaala.forumactif.com/


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى السماعلة
مرحبا بك بيننا زائرنا الكريم، تفضل بالانضمام الينا
https://smaala.forumactif.com/
ملتقى السماعلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ننهي إلى علم الجميع أن الإشهار خارج عن سيطرة الإدارة
اسالكم الله أن تدعوا بالنصر لأهلنا في غزة

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

المدرسة في مواجهة التعقيد . مع فيليب بيرينو . الفصل 1 .

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

مبشور

مبشور
كبير مشرفي القسم التربوي
كبير مشرفي القسم التربوي

المدرسة في مواجهة التعقيد

فليب بيرينو Philippe Perrenoud
كلية علم النفس و علوم التربية
جامعة جينيف – سويسرا
1993
الموجز :
1 )- هجوم المنتناقضات
2 )- ما يجعل التعقيد اليوم في ازدياد
3 )- بعض الاستراتيجيات بدون معنى
4)-المواجهة الحقيقية للتعقيد
5 )- رؤساء المؤسسات في مواجهة التعقيد
المراجع
----------------------------------------------------------------
مهما تكن طبيعة البشر والنظم الاجتماعية فهي تتسم بالبساطة ، ومهما تكن أعمال و مهام محترفي التربية و رؤساء الادارات فهي ليست بالأمر الهين ، لا أحد يغامره شك في هذا الموضوع .
ماذا ينتج حينما نتحدث عن التعقيد ؟ بالطبع ، إن الكلمة غذت جزءا من الموضة و ترفع من قيمة هؤلاء الذين يدافعون عنها . لكن ماذا نقصد من وراء ذلك بالضبط ؟
فبل أن نعطي للكلمة تعريفا أكثر دقة و شمولية ، سأتناول مسألة التعقيد من جانبها الوجداني، و ذلك عن طريق استعارة . فالعالم المعقد هو عالم يشبه تمثيلية إيمائية pantomime غامضة و يلفها الكتمان و السر بعض الشيء . نعيش أحيانا بعض اللحظات حيث نظن أننا نفهم معانيها ، و لحظات أخرى حيث نشعر فيها بالغبطة والسرور، نكون أسياد موقف وأصحاب معنى ، إذن أذكياء جدا .
و خاصة إذا انتابنا إحساس بأن المتفرجين الاخرين لا يفقهون شيئا و أننا لقادرون على إدخال الدهشة عليهم بالشرح او التفاخر عليهم بكل لطف قائلين لهم أن هذا الموضوع ليس في متناول أي أحد كان ... و هناك لحظات أخرى حيث لا نكون متيقنين من الفهم على وجه الاطلاق ، نبحث عن من يفسر لنا معنى الأحداث في خفية و بعيدا من الأعين. لكن من اجل هذه الغاية ، لا بد من التحلي بالجرأة في طرح المخاوف و المخاطرة حتى لا نوصف بالحمق . و الحال الأجدر لنا هو الموت !
و هناك بعض اللحظات ، في الأخير ، حيث لا نفهم أي شيء تماما ، بحيث لا نقوم بأية محاولة قط . نريد أن نعتقد أننا لسنا الوحيدين في هذه الوضعية ، فنلتفت يمينا و شمالا لنبحث عن علامة استفهام عند الجيران ، شراكة في التعقيد . لكن مع الآسف ، لا شيء من هذا القبيل ! الكل يتظاهر بالمتابعة و الاستماع ، فهذا ليس وقت اللعب والمهزلة .
كمثل الحفل الإيمائي ، فإن تمثيلية العالم تقلقنا في بعض الأحيان ، تمدنا بشعور أننا متجاوزين . الشيء الذي يضعنا في عزلة طويلة جدا مادمنا لا نجرؤ القول بصوت عال : « أنا لا أفهم شيئا ! و أنت ؟ » يتحدث المتفرج ، في المسرح ، مع نفسه أحيانا و يقول : « و إذا ما تم تسليط الضوء علي ، لو طلب مني رأيي ، ترى كيف سيكون مصيري؟ » غير أن ، ماعدا في المسارح المتقدمة التي تريد نقل الحفل إلى القاعة ، فإننا لا نخسر شيئا . إن مسرح الحياة هو أقل نعومة ، فهو لا يخدمك أبدا . في الحياة ، لا بد من التصرف ، هو إما الفهم او التظاهر بالفهم إذن . و بالأخص إذا كنت مسؤولا ، أي ذاك المبحوث عنه عندما تنكمش الآلة .
كونك مسؤولا بمؤسسة ، يعني ، بفضل تقسيم العمل ، هو أن تصير محكوما بالتعقيد . الأفضل هو التحقق من ذلك عندما تصبح رئيس مؤسسة بنفسك. او استبدال المهنة في حالة اكتشاف الأمر قبل فوات الآوان . و بالرغم من سيطرتنا على التعقيد كما ينبغي ، كفاعل رئيسي للدورالاحترافي ، فإنه ليس من السهولة بمكان مجابهة التعقيد كل يوم . الأفضل هو تدجينه إذن، و قبل ذلك التحدث عنه ! و الاعتراف بوجود التعقيد هنا في العالم ، لكن ايضا في علاقتنا مع العالم ، من جهة تأسيسا وفق متناقضاتنا ، وازدواجيتنا ، وعدم استقرارنا و حدودنا الشخصية ، و من جهة أخرى حسب الاختلافات و الصراعات بين الفاعلين فيما يتعلق بالوضع و بالقرارات المتخذة .
إن التحدث عن التعقيد هو إذن التحدث عن الذات و عن الاخرين في مواجهة الواقع . هو المساءلة حول تصورنا و حالة تحكمنا في العالم ، و خاصة العالم الاجتماعي . هو إذن اتخاذ إجراءات و قياسات لأدوات الفهم و الاستيعاب ، الاستباق و الفعل .

1) هجوم المتناقضات
ما هو التعقيد la complexité ؟ إدغار موران مع محللين اخرين للأنظمة العضوية الحية ، يميزونه عن المضاعفات ( العراقيل) la complication :
يطرح التعقيد أولا كاستحالة في التبسيط ؛ يبرز هنا من حيث ان الوحدة المعقدة تفرز انبثاقاتها ، وحيث التباينات و الوضوح و الاشراقات تضمحل و تتلاشى ، وحيث الفوضى تعكر صفاء الظواهر ، وحيث تفاجئ الذات – الملاحظة ذاتها الخاصة في موضوع ملاحظتها ، و حيث تجعل التعارضات التمذهبية مفعول المنطق وسريانه و كذا الاستدلال في حالة شرود و هذيان ...
فالتعقيد ليس هو المضاعفات . ما هو مضاعف ( او معرقل ) يمكن ان يختزل في مبدإ بسيط مثل ربطة خيوط ملتوية أو عقدة بحار . بالطبع ، العالم يتصف بالعراقيل ، لكن لو ما كان سوى معرقلا ، أي مختلفا ، متعالقا بين مكوناته ، الخ. ، سنقتصر حينذاك بإجراء الاختزالات المعروفة جيدا (...) المشكل الحقيقي إذن ليس هو تحويل مضاعفات وعراقيل السيرورات و استبدالها إلى قواعد أساسية بسيطة . التعقيد هو ما يوجد في الأساس ( موران ، 1977 ، ص : 377 و 378 )
و يضيف :
كمثل هذا الارتباط في المفاهيم المنفصلة يجعلنا نقترب من النواة الاصلية للتعقيد الذي هو ، ليس فقط مرتبط بين المنعزل / المبعد ، لكن في الترابطية لما كان يعتبر في عداد العدو . يمثل التعقيد ، في هذا المعنى ، هجوم الأعداء في قلب الظواهر المنظمة ، هجوم المتناقضات او المتضادات في قلب النظرية . إن مشكل التفكيرالمعقد أصبح ابتداءا من الآن هو التفكير الجماعي ، خال من اللاتساوق ، فكرتان مع ذلك متضادتان ( موران Morin 1977 ، ص : 379 ).
ها هنا يلوح ما هو أكثر تجريدية . و بالفعل ، إن التفكير بصدد التعقيد هو في البداية عمل فلاسفة العلوم او الباحثين – الفزيائيين ، الفلكيين ، البيولوجيين ، السيكولوجيين او السوسيولوجيين – الذي يحاولون فهم لماذا يقاوم الواقع نمادجهم ، لماذا لا يكفي تبسيط الواقع ، و اختزاله في تركيب قانوني داخلي أو جزيئات بسيطة من أجل استيعابه . هل هذه المقاربة الإيبستمولوجية للتعقيد لديها أدنى علاقة مع الاحساس بالتعقيد الذي يتعقب الفاعلين داخل تنظيماتهم أو مجتمعاتهم العصرية ؟ نعم ، بالرغم من أن هؤلاء الفاعلين ليس لديهم الوقت الكافي او الوسائل لتوضيح ما يفهمونه بكل وضوح .
حول ثلاث نقط على الأقل أقوال إدغار موران Edgar Morin بإمكانها تسليط الضوء على الفعل الاجتماعي العادي ، و لا سيما في العالم المدرسي :
- التعقيد هو ما يوجد في الأساس ، و هو عنصر مؤسس لماهية الأشياء ، و للتفكير ، وللفعل ، و للتنظيم ؛ الشيء الذي يعني أننا لا نستطيع إبعاده او تجاهله ؛
- - التعقيد يتكون من الانفجار او هجوم الأعداء في قلب الظواهر المنظمة ؛
- -- للتغلب و التحكم في التعقيد ، يجب ان نقبل و نتوصل إلى نوع من التفكير الجماعي حول هذه المتناقضات ؛
في ميدان التربية ، ما هي التناقضات ؟ هاك بعض منها : بين الشخص و المجتمع ، الوحدة و التنوع ، التبعية و الاستقلال ، الثابت و المتغير ، الانفتاح و الانغلاق ، الانسجام و الصراع ، المساواة و التميز . كل تناقض يعمل في مستويات مختلفة من التنظيم المدرسي ، أي في حجرة القسم ، لأن هنا بقاعة الدرس ما يمكن نسج أهم ما يوجد في العلاقة البيداغوجية ، في المؤسسة ، في النظام التربوي بأكمله . لا يسعني هنا إلا بالتذكير بالخطوط العريضة .


1.1)- بين الشخص و المجتمع
في مجتمع حيث قيم الفرد فيه تحتل الصدارة ، فإن التربية تعتبر كاستهلاك أو استثمار للشخص خدمة لتفوقه و لنجاحه الخاص ، و لسعادته ، و لتوازنه . في نفس الوقت ، فالأسر والمؤسسات والمجتمع غير مستعدة لترك مراقبة « التنشئة » للاجيال القادمة . فالرهانات هي كبيرة و صعبة : لا بد من المحافظة على التقاليد ، و القيم ، ونظام الأشياء ، لكن أيضا ، و بشكل أكثر واقعية ، يجب ان نضمن السير العادي للمؤسسات ، و نقوم بتجديد اليد العاملة المؤهلة ، و نسهر على حقوق و امتيازات الكبار و السلطة الحاكمة .
إن هذا الضغط يسكن دائما حياة التربية و لا يمكنها التحرر منه « بصفة نهاية » . يعتبر هذا أحد مكونات التعقيد في الأساس . يتمظهر هذا الضغط في الحوار المجتمعاتي حول غايات و مقاصد النظام التربوي . فنجده حاضرا بداخل المؤسسات ، ليس فقط بين الشباب و عالم الكبار ، لكن بين عالم الكبار أنفسهم ، الذين لا يتقاسمون نفس الايديولوجية و لا يتواجدون في نفس الساحة . أخيرا ، في قاعة الدرس ، مع كل يوم تولد مساومة هشة بين احترام الأشخاص – في احتياجاتهم ، إيقاعاتهم ، طرق تفكيرهم - و مستلزمات البرنامج ، و العمل ، و التقويم ، و الزمن ، و التعايش .


2.1)- بين الوحدة و التنوع
إن أساس التربية و التعليم هو قيادة المتعلم نحو مقاسمة ثقافة ما ، هو القبول بموروث ، هو الانصهار في قالب إذن ، هو ان نقبل بنوع من التنميط لمعارفه ، لطرقه في التفكير ، و الاحساس ، و التواصل . لقد تطورت المدرسة كألة عظيمة في توحيد المعيار في التاريخ ، و أحيانا لكي نجعل من الديمقراطية حاجة ممكنة ، نسهل تعايشا مبنيا على التوافق الحر و التعاقد الاجتماعي بدل العنف ، في بعض الأحيان لكي نستبدل الهمجيات البربرية القديمة بتركيبات توتاليتارية تراقب اولا النفوس . إن هذا الانشغال و هذا الهم في التوحيد أضعف شيئا فشيئا التنوع في انماط الحياة و العقل ، على حساب لغة مدرسية ، و فكر أورثودوكسي ، و عقلانية مثالية ، و حس و سلوك اخلاقي منظمين ، و ثقافة الجماهير .
من الواجب على النظام التربوي و المؤسسات و المدرسين البحث عن السبل المؤدية إلى الوحدة و التنوع ، سواء فيما يتعلق بالمسارات و تكوين التلاميذ أو الممارسات البيداغوجية ، القيم و التمثلات المهنية .



3.1) – بين التبعية و الاستقلالية
إن العلاقة البيداغوجية هي علاقة لا تماثلية في الأساس ، لأن المعلم يتحكم في المعرفة التي لا يزال المتعلم لم يتقنها بعد و التي لا يقدر في واقع الأمر الحكم على أحقيتها و منفعيتها . ينبني التعليم l’instruction في الغالب الأعم على الكلام المأثور : « إن هذا من أجل مصلحتك . ستشكرني عما قريب » . هل يوجد هناك ما هو أكثر تبعية و خضوعا من اتباع شخص ما بدون معرفة أين يقودك ؟ و الحال ان العلاقة البيداغوجية تمتلك في ذات الوقت ميلا في العمل نحو فقدان و ذوبان ذاتها : يحقق المعلم مبدئيا هدفه الاسمى حينما لا يحتاجه التلميذ . من التبعية إلى التعلم الذاتي ، فإن الطريق مفروش بالمتناقضات و الشكوك . المتناقضات مثل : من الصعب بالنسبة للمعلم ، و لو على مستوى الرمز ، الانتحار على الطريقة اليايانية hara – kiri ، والتملص من السلطة بكل اطمئنان ؛ كما يصعب على التلميذ مواجهة الحرية و المسؤولية ، و عدم التخفي و التستر وراء نظام الطفولة و الأمية . أمثلة للشكوك : لا نعرف أبدا بالضبط ما هي أحسن اللحظات و أفضلها للتقدم خطوة أخرى نحو التعلم الذاتي او الاستقلالية ، يمكننا أن نخطئ باستمرار بالزيادة تارة و بالنقصان تارة أخرى : أهو التهكم الطفولي أم منح المزيد من الثقة العمياء ؟ هل نلجأ إلى معاملة القاصرين أم معاملة الكبار ؟ هل نمارس الضغط و الاكراه أو نقبل حرية الاختيار ؟
إنك لتجدن نفس المتناقضات بين المهنيين . كونك مدرسا هو في الآن نفسه فاعل لتنظيم و حرفي ( أو مناضل ) في صمت . لا يوجد أي مدرس « وجد فائدة لنفسه » ، لكن بعضهم انخرط في علاقة بيداغوجية بكل قواه ، هواية ، مشروع ، أخلاقيات هي من صميم ذاته . هؤلاء المنخرطون لا يتوقفون إذن عن الكتابة و التأليف في دفاتر تحملاتهم و مشاريعهم التربوية الخاصة بهم . حتى بالنسبة لهؤلاء الذين لديهم علاقة اكثر تبعية و ليونة اتجاه المقاصد التربوية الرسمية فهم يحتاجون لبعض من الحرية و الاستقلالية اثناء مهامهم ، دونما الاستطاعة و لا القدرة على الابتعاد كلية عن المناهج المقررة أو المطلوبة . في مستوى اخر ، نجد الفرق البيداغوجية و المؤسسات تبحر هي أيضا بكل وضوح بين الاستقلالية و التبعية إزاء الانظمة الأكثر اتساعا .


4.1)- بين الثابت و المتحول
كونك مربيا أو مدرسا هو معناه السماح للمتعلم بالتغيير بدون افتقاد لهويته ، هو المصالحة و التوفيق بين الثبات و التحول . يجب على النظام المدرسي ، أيضا ، أن يتجدد بدون خسارة ، ان يتشرب بمعارف جديدة ، بمناهج جديدة ، بتكنولوجيات جديدة و ذلك في ظل الموروث ، و لا يفهم من هذا أبدا أن كل ما أحدثناه فيما مضى لا فائدة ترجى منه . على صعيد المجتمع ، تتأرجح التربية و التعليم بين إعادة الانتاج و التغيير ، بين تلقين الموروث و التهيؤ للمجتمع الحديث ، بين الاستمرارية مع الماضي و استباق المستقبل . إن طبيعة المدرسة ذاتها توجد في ملتقى القديم و الجديد ، إن على مستوى الاشخاص أوعلى مستوى النظام ، فالمدرسة إذن هي موجودة في صلب الحوار المنبثق دائما بين المحافظين و الجدد .


5.1) – بين الانفتاح و الانغلاق
إن البنية المفتوحة موجودة إلى الآبد على حافة الهاوية : فائقة الانفتاح ، ستفقد هويتها ، انسجامها و تذوب في محيطها . فائقة الانغلاق ، ستصاب بالخناق ولا تتجدد وتتلاشى تبعا لذلك كمنظومة . و هذا ما بينه بياجي Piaget كتوازن يفترض البناء الدائم بين استيعاب للواقع حسب مخططاتي العملياتية و التفكيرية و التلاؤم لمخططاتي إزاء العالم ، بفضل التجربة .
التربية و التعليم ، والميديا أيضا ، هي أدوات للانفتاح و الانغلاق لمجتمع ما على حد سواء . إن المجتمعات ذي الثقافة غير الملقحة بأي تهجين تتحجر ، و المجتمعات المنفتحة في وجه جميع الرياح تصبح مجمعات ثقافية ، توابع للمجتمعات المهيمنة . الامر الذي يستدعي القيام باختيارات ملموسة جدا ، مثلا في طريقة تدريس التاريخ ، و الجغرافية ، و اللغات ، و الآداب ، و الفلسفة ، و حتى العلوم أيضا . ما بين الحمائية المفرطة و الانفتاح الزائد ، أين يوجود الخط الناصف ؟
و ينطبق الامر بالمثل على مؤسسة او فريق بيداغوجي . في غياب انغلاق إلى حد ما ، لا توجود هوية قوية ، و لا احساس بالانتماء ، و لا أمان . لكن في الوجه المقابل ...
و هذا يصح مفعوله كثيرا على الأشخاص ، المتعلمين او المدرسين .



6.1)- بين الانسجام و الصراع
تحمل التربية معها حلم التوافق والانسجام . ألا تجيز المعرفة والعقل والمحاججة التعايش السلمي و احتمال الفوارق و التضامن الذكي و مقاسمة القيم الانسانية ؟ وعلى الرغم من ذلك ، بدون صراعات ، ليس هناك وجود لتعلمات رئيسية ، ولا وجود لتغييرات مجتمعية . إن التناوب يتجسد دائما من طرف جزء آخر من ذاتي او من طرف شخص آخر الذي يقاوم إن لم يكن شخصيتي ، فهو يقاوم على الأقل أفكاري .
محكوم على المدرسة ان تحيا مع تضارب و تطاحن في القيم ، و المناهج ، و النظريات ، و المواقف المعرفية ، و السلطة . إنها تعمل على تجاوز هذه الاشياء مع العلم أن أشياء اخرى ستنبثق و ترى النور...


7.1)- بين المساواة و الاختلاف
هذا التناقض مما لا شك فيه هو الأكثر حداثة . إن الاهتمام والتركيز على تكافؤ الفرص و المساواة لم يكن حاضرا منذ بداية النظم المدرسية . في عصر الثورة الفرنسية ، ما كان هنالك أناس يطرحون موضوعا بصدد أن يتلقى كل أحد منهم تعليما متساويا نسبة لظروفه الاجتماعية الدقيقة . إن موضوع دمقرطة التعليم و تكافؤ الفرص لم يرا النور إلا بعدما حل القرن الواحد و العشرين فقط ، و في منتصفه الثاني بالأحرى . ننتظر من المدرسة اليوم أن تقدم نفس الثقافة الأساسية للجميع . كيف يمكن لنا التوفيق بين مقتضيات المساواة و تكافؤ الفرص مع التنوع الحاصل في المصالح ، و الكفاءات ، و مختلف أشكال الوعي ؟ هل نستطيع إحداث توجيهات متساوية ؟ هل من الممكن تنويع أشكال الامتياز و التميز ( بيرينو Perrenoud ، 1991 / b ) والاختيارات والشعب ، بدون استدخال الهراركيات المتضمنة ؟
كل ما يتمظهر على مستوى البرامج و البنيات المدرسية فهو متواجد في قاعة الدرس : هل يجب إعطاء نفس الدروس و الواجبات للجميع ؟ هل نقوم بتقييم الجميع بنفس المعايير ؟ هل نفرض على الأطفال نفس الايقاعات للعمل ، نفس انماط التواصل ، نفس القيم ، نفس العلاقات المحددة إزاء المعرفة ام نفرض ذلك على المراهقين بشتى اختلافاتهم ؟ و في حالة احترام هذه التفاوتات ، ألا نخاطر بسجن كل واحد داخل ظرفيته و نسعى في استفحال الميز أمام الثقافة ؟
***
في كل هذه المداخلات و السجلات ، نلاحظ ، حسب عبارة موران Morin ، « هجوم الاعداء في قلب الظواهر المنظمة » . يفهم من العدو بمعناه الواسع أي المضاد المتواجد بين قوى مختلفة ، سواء في عمق الأشخاص أو المنظمات ، سواء على مستوى القيم او بناءات متعددة للعالم ، مصالح او مشاريع . إنما الأعداء هم الأساس ، فهم يبعثون من جديد بلا توقف و مثل سيزيف Sisyphe ، أصبحنا محكومين على مطاردتهم كل صباح و مساء .

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى