تغيير ممارسات المدرس ، المهننة و الموقف التعقلي
كلية علم النفس و علوم التربية
جامعة جينيف ، سويسرا
مونيكا كاتير تيرلير ( العدد 3 )
الاحترافية و الديناميكيات المتناقضة
نسبة إلى علم الاجتماع المهني ، لكي نجعل حرفة من الحرف تلج الاحترافية هذا أمر ينظر إليه كتطور " موضوعي " لهذه الحرفة في اتجاه احترافية أكثر استقلالية ، و خاضعة للمسؤولية ، و مبنية على معارف مبنية ، واضحة وعقلانية و مقتسمة ، و على بروز أشكال تنظيمة جماعية ذاتية . سوف ألتزم نفسي هنا بتقديم تعريف – كلاسيكي – لـ لوموس ((1989 : الممارس للمهنة profession (في مقابل حرفة métier ) هو ذلك الذي اكتسب عن طريق دراسات طويلة الوضع القانوني والقدرة على إنجاز في استقلالية ومسؤولية أعمال ثقافية غير روتينية من أجل الحصول على أهداف في وضعيات معقدة . منقولة إلى مهن التربية ، فإن ذلك يعني ، وفقا لـ دوناي وشارلييه (1990)، أن الممارس :
- يتصرف وفق مشروع واضح ؛
- يأخذ بعين الاعتبار أكبر عدد ممكن من البرامترات الممكنة للوضعية التكوينية المطروحة ؛
- يمفصلها بطريقة نقدية ( النقد الذاتي ) بالإحالة إلى العديد من الشبكات المرجعية ، استنادا إلى نظريات شخصية و جماعية ؛
- يختار بشكل سريع و مدروس استراتيجيات مناسبة لأهداف ومتطلبات أخلاقية ، ويأخذ قرارات و يخطط لانجازها ؛
- يسعى إلى تطوير أليات التعلم ؛
- تكون أكثر ملاءمة ليتفرغ إلى نوع من تنظيم العمل منسجم و الأهداف المنشودة ؛
- ينهل من ذخيرة واسعة من المعارف والأدوات والتقنيات الوسائل الأكثر انسجاما من أجل توفير تنظيم للعمل خدمة للأهداف المسطرة ؛
- يعدل عمله في اللحظة الراهنة التي يراها ضرورية ، بناء على تجربة شخصية ( تعقل في العمل) ؛
- يقوم بتحليل نقدي لأفعاله ونتائجه واستخلاص الدروس في وقت لاحق في الممارسة ( تعقل على العمل) .
إذا تمسكنا بهذا التعريف ، فإن طبيعة مهننة professionnalisation الحرفة هي مسألة امبريقية . ومع ذلك ، في النطاق حيث أن القصد ليس مفهوما علميا ، فلا شيء يمنع الأطراف الاجتماعية الفاعلة من إلتقاط اللفظ ، وتحديده حسب طرقهم الخاصة واستخدامه للدفاع عن مصالحهم . في حين أن الخطاب الضروري و الذي يحث على مهننة حرف التدريس يلوح بطبيعة الحال كوسيلة لمقاومة التحدي المتمثل في العمل الذي أصبح أكثر تعقيدا وصعوبة . ولكن ربما من المرجح أن يكون في المقام الأول جوابا لأنواع من المنطق في وجه العمل المتخذ في السياسات التعليمية الحالية .
و السبب و هو أنه ، من أجل إنجاح الإصلاحات ، و حتى تستطيع الانظمة رفع التحدي و تحقيق درجة كبيرة من الانصاف و الفعالية ، يجب إقناع العمال المعنيين بالأمر بالابتعاد عن الروتين المفيد و المريح . وإقناعهم لتبني ممارسات جديدة : بيداغوجية بنائية و فارقية ، و أسلاك تعلمية متعددة سنوية ، في إطار المدرسة الإلزامية ، و جداول زمنية جديدة ، و دراسات متقدمة في المهارات الأساسية ، و مقاربات ديداكتيكية متمركزة على الوضعيات المشكلة ... في كل المستويات ، نلاحظ زيادة على ذلك ضرورة إيجاد عمل منسق و جماعي كبيرين بين المهنيين في مجال التعليم ، بداخل المدارس و بين هؤلاء ، من أجل تقليص الفوارق في الممارسات ، والعزلة و ضمان ما يكفل تحقيق العلاج المنصف و العادل للطلبة و للتلاميذ ، بغض النظر عن أصلهم و مكان تكوينهم .
في نفس الوقت ، الارتقاء بالمهننة أو تعزيز الطابع المهني - والاستقلالية – لحرف التربية و التعليم يحدث في سياق تكون فيه معظم الإصلاحات الحالية تتوجه حاليا نحو الزيادة الكبيرة في المواءمة للخطط و البرامج كما أيضا نحو استخدام متجانس أكثر للأدوات البيداغوجية الموحدة ، في النهاية ، أن تكون الممارسات أكثر اتساقا . و لهذا الاعتبار فإنه توجد هنا ظاهرة التزامن المستغربة جدا : تنمية و تطوير " بنية تقنية " بيداغوجية تروم إنتاج أدوات ذات مرجعية مشتركة ، بجانب تطور مرفق بخطاب يعزز الاستقلالية ، والتمكين والاستعانة بالمتخصصين من رجال التعليم . هذا التناقض يمكن أن ينجم عنه الاحساس بالضرر و خاصة أن الأدوات البيداغوجية لم يتفاوض بشأنها و لم تناقش من طرف هؤلاء الفاعلين أنفسهم ، الذين يشعرون مرة اخرى بأنهم جردوا من مجالات خبرتهم .
وبالتالي فنحن نعيش الآن حركة تتسم بالتناقض : اللاتمركز " يقنن " المزيد من السلطة والمسؤوليات . فلا يمكننا في الواقع أن نستعمل التعديل النظامي والرقابة من جهة ، و التعديل اللانظامي والاستقلالية ، ثانيا ، لأننا سوف نتموضع في براديغم "الضغط اللين" (Courpasson، 1997) . لقد انتقلت الادارة في التعليم في الحقيقة من الأفعال البيروقراطية الموحدة إلى الاقتراب من الذاتية ، و من الالتزام و تدعيم مراقبة النزاهة و مراقبة القدرات والمسؤوليات المشتركة . إن تطوير الاستقلالية ( تحت جميع أشكالها من مرونة و مسؤولية و تعاون ) ، لكن أيضا الرقابة ( تقديم الحسابات و ليس فقط المصادقة و الامتثال لقاعدة ) ينتج نوعا من الاستقلالية ( الحكم الذاتي ) في الارتهان أو الاعتماد المتبادل l’interdépendance(Chatzis، منير، Veltz وZarifian 1999 رينو، 1997) ، والتي في العمق تغير قواعد اللعب و العلاقات إزاء الحرفة ، مكتسبة في ذات الوقت استقلالية مقيدة و مبادرة ملحة . وفي هذا الصدد ، فإن مراجع الكفايات المنظمة للتكوينات الأولية والمستمرة للمعلمين في معظم البلدان تتداخل فيما يعود للفئات التالية :
- الفعل : تصرف و كفاءة على الانخراط في التنقيب المستمر من أجل تحقيق أفضل للأهداف المنشودة من قبل النظام التربوي .
- التعقل : تصرف و كفاءة لدراسة وتحليل ممارساتنا بطريقة ( نقدية ) النقد الذاتي .
- الاستقلالية : تصرف و كفاءة لاتخاذ مبادرات من أجل التنظيم الذاتي autoorganiser وتقرير المصير .
- الشبكات : تصرف و كفاءة على التواصل ، والتعاون ، وتقديم الحساب للعمل المنجز (فرديا وجماعيا) .
لقد لقيت هذه الاتجاهات دعما من خلال نتائج الدراسات المقارنة الدولية مثل PISA و TIMSS . أنواع العجز الذي كشفته هذه الدراسات أثار بسرعة جدلا واسع النطاق على نجاعة نظم التعليم . على الرغم من أنه يبقى أن نرى ما إذا كان هذا النقاش سيساهم حقا ، في نهاية المطاف ، على تحسين جودة التعليم ، فإن لديه فضيلة في تقوية الحوار الدائر حول الانصاف ودمقرطة التعليم و ، امتداداته ، أي حول مهننة حرف التربية و تنمية التنظيمات المدرسية .
في نفس الوقت ، تبين الدراسات عن المؤسسات (Altrichter وبوتش، 2000؛ Thurler، 2000، هارجريفز، 2004) أن الأبعاد الداخلية - تنظيم العمل المدرسي ، و التعاون المهني ، والقدرة على تصميم وتنفيذ المشاريع ، و ظهور قيادة من اجل التغيير ، والمناخ السائد ، والعلاقات العاطفية والاستعداد لتحمل المخاطر – كل هذه الأشياء تؤثر تأثيرا كبيرا على فعالية الفرد والجماعة بدل التوجيهيات والمتطلبات الصادرة من النظام . شريطة أن الممارسين الذين يشتغلون بصددها يرون أنفسهم كأعضاء يعملون في " منظمات تعلمية " قادرة على إدراك و حل المشاكل الموجودة ، و تحليل أثر الاجراءات المتخذة ، و إقامة ، عند نهاية سيرورة ما ، مستخلص كتاب « للدروس المستفادة » (بروبست، Raub وRomhardt 2000 Thurler، 2005)، مع إبراز وتحديد التجارب و الخبرات "الحرجة " المتعلقة بجوانب معينة من العمل الذي ينبغي أولا منحه اهتماما خاصا .
ومن المهم بشكل خاص أن يسعوا بجميع الوسائل إلى فهم كيف يمكن للثقافة ، وللمناخ ، و للبنية ، و لعلاقات القوة و السلطة بداخل المؤسسة تسهم في تعزيز أو منع تغيير الممارسات ، و أن إرادة التغيير تأتي من الخارج أو الداخل . هذه الأبعاد المختلفة تؤسس مجموعة من الصور النموذجية ، والتي تساهم في جعل المدارس أكثر أو أقل ابتكارية ، أو مدارس محافظة على خلاف ذلك . هذه الصور أو التكوينات لا تعمل مباشرة ، ولكنها تعمل في صمت وراء نوع من التناسق و العلاقة المرتبطة بالنظام التعليمي التي بناها الفاعلون ، معا أو بشكل منفصل . فأي تغيير مقترح بقوة يؤدي بشكل قاطع بالجهات الفاعلة إلى الانخراط في نقاشات غير رسمية ، وأحيانا يؤدي إلى المواجهة الحقيقية . إن نتائج المناقشات والمفاوضة ليست ابدا امرا مفروغا منه ، كما أنه لا يمكننا التنبؤ بالمقاس الذي ستقوم بداخله التوجهات الجماعية من تعديلات لتمثلات وممارسات كل واحد . ( Thurler، 2004).
الاعلان عن الاستقلالية النسبية للمؤسسات و الفاعلين الذين يشكلون جزءا منها و مواكبة هذه العملية و دعمها باستمرار بتحليل ملزم للممارسة يمكن فعلا ، في نهاية المطاف ، أن يقوي البيروقراطية إذا كان هؤلاء الفاعلين لا يفهمون معنى هذه التدابير و لا يطورون المهارات الضرورية للتعامل مع المعضلات الجديدة التي يخلقونها . لأن التجربة تبين أن العديد من المهنيين يعيشون بعنف خاص الجدلية الحاصلة بين انواع المنطق المختلف للفعل أو العمل المذكور أعلاه . فعدم إمكانية احترام بالحرف التعليمات أحيانا غير واقعية او متناقضة يشجعهم على الحفاظ على الوضع الراهن statu quo ، في حين أن الأخذ بعين الاعتبار للعمل الحقيقي ، اليومي ، يؤدي إلى مسارين ربما متكاملين : من جهة ، فهو يقتضي تغيير قواعد اللعبة ، وتطوير طرق جديدة في التصور للتدريس وتحديد الأولويات في المؤسسات التعليمية ؛ و من جهة أخرى ، يجابه المهنيين بوضعهم أمام الرهانات والقضايا والنزاعات الهوياتية التي لا يمكن حلها إلا بالانضمام و التمسك بالنموذج الانعكاسي / التعقلي .
كلية علم النفس و علوم التربية
جامعة جينيف ، سويسرا
مونيكا كاتير تيرلير ( العدد 3 )
الاحترافية و الديناميكيات المتناقضة
نسبة إلى علم الاجتماع المهني ، لكي نجعل حرفة من الحرف تلج الاحترافية هذا أمر ينظر إليه كتطور " موضوعي " لهذه الحرفة في اتجاه احترافية أكثر استقلالية ، و خاضعة للمسؤولية ، و مبنية على معارف مبنية ، واضحة وعقلانية و مقتسمة ، و على بروز أشكال تنظيمة جماعية ذاتية . سوف ألتزم نفسي هنا بتقديم تعريف – كلاسيكي – لـ لوموس ((1989 : الممارس للمهنة profession (في مقابل حرفة métier ) هو ذلك الذي اكتسب عن طريق دراسات طويلة الوضع القانوني والقدرة على إنجاز في استقلالية ومسؤولية أعمال ثقافية غير روتينية من أجل الحصول على أهداف في وضعيات معقدة . منقولة إلى مهن التربية ، فإن ذلك يعني ، وفقا لـ دوناي وشارلييه (1990)، أن الممارس :
- يتصرف وفق مشروع واضح ؛
- يأخذ بعين الاعتبار أكبر عدد ممكن من البرامترات الممكنة للوضعية التكوينية المطروحة ؛
- يمفصلها بطريقة نقدية ( النقد الذاتي ) بالإحالة إلى العديد من الشبكات المرجعية ، استنادا إلى نظريات شخصية و جماعية ؛
- يختار بشكل سريع و مدروس استراتيجيات مناسبة لأهداف ومتطلبات أخلاقية ، ويأخذ قرارات و يخطط لانجازها ؛
- يسعى إلى تطوير أليات التعلم ؛
- تكون أكثر ملاءمة ليتفرغ إلى نوع من تنظيم العمل منسجم و الأهداف المنشودة ؛
- ينهل من ذخيرة واسعة من المعارف والأدوات والتقنيات الوسائل الأكثر انسجاما من أجل توفير تنظيم للعمل خدمة للأهداف المسطرة ؛
- يعدل عمله في اللحظة الراهنة التي يراها ضرورية ، بناء على تجربة شخصية ( تعقل في العمل) ؛
- يقوم بتحليل نقدي لأفعاله ونتائجه واستخلاص الدروس في وقت لاحق في الممارسة ( تعقل على العمل) .
إذا تمسكنا بهذا التعريف ، فإن طبيعة مهننة professionnalisation الحرفة هي مسألة امبريقية . ومع ذلك ، في النطاق حيث أن القصد ليس مفهوما علميا ، فلا شيء يمنع الأطراف الاجتماعية الفاعلة من إلتقاط اللفظ ، وتحديده حسب طرقهم الخاصة واستخدامه للدفاع عن مصالحهم . في حين أن الخطاب الضروري و الذي يحث على مهننة حرف التدريس يلوح بطبيعة الحال كوسيلة لمقاومة التحدي المتمثل في العمل الذي أصبح أكثر تعقيدا وصعوبة . ولكن ربما من المرجح أن يكون في المقام الأول جوابا لأنواع من المنطق في وجه العمل المتخذ في السياسات التعليمية الحالية .
و السبب و هو أنه ، من أجل إنجاح الإصلاحات ، و حتى تستطيع الانظمة رفع التحدي و تحقيق درجة كبيرة من الانصاف و الفعالية ، يجب إقناع العمال المعنيين بالأمر بالابتعاد عن الروتين المفيد و المريح . وإقناعهم لتبني ممارسات جديدة : بيداغوجية بنائية و فارقية ، و أسلاك تعلمية متعددة سنوية ، في إطار المدرسة الإلزامية ، و جداول زمنية جديدة ، و دراسات متقدمة في المهارات الأساسية ، و مقاربات ديداكتيكية متمركزة على الوضعيات المشكلة ... في كل المستويات ، نلاحظ زيادة على ذلك ضرورة إيجاد عمل منسق و جماعي كبيرين بين المهنيين في مجال التعليم ، بداخل المدارس و بين هؤلاء ، من أجل تقليص الفوارق في الممارسات ، والعزلة و ضمان ما يكفل تحقيق العلاج المنصف و العادل للطلبة و للتلاميذ ، بغض النظر عن أصلهم و مكان تكوينهم .
في نفس الوقت ، الارتقاء بالمهننة أو تعزيز الطابع المهني - والاستقلالية – لحرف التربية و التعليم يحدث في سياق تكون فيه معظم الإصلاحات الحالية تتوجه حاليا نحو الزيادة الكبيرة في المواءمة للخطط و البرامج كما أيضا نحو استخدام متجانس أكثر للأدوات البيداغوجية الموحدة ، في النهاية ، أن تكون الممارسات أكثر اتساقا . و لهذا الاعتبار فإنه توجد هنا ظاهرة التزامن المستغربة جدا : تنمية و تطوير " بنية تقنية " بيداغوجية تروم إنتاج أدوات ذات مرجعية مشتركة ، بجانب تطور مرفق بخطاب يعزز الاستقلالية ، والتمكين والاستعانة بالمتخصصين من رجال التعليم . هذا التناقض يمكن أن ينجم عنه الاحساس بالضرر و خاصة أن الأدوات البيداغوجية لم يتفاوض بشأنها و لم تناقش من طرف هؤلاء الفاعلين أنفسهم ، الذين يشعرون مرة اخرى بأنهم جردوا من مجالات خبرتهم .
وبالتالي فنحن نعيش الآن حركة تتسم بالتناقض : اللاتمركز " يقنن " المزيد من السلطة والمسؤوليات . فلا يمكننا في الواقع أن نستعمل التعديل النظامي والرقابة من جهة ، و التعديل اللانظامي والاستقلالية ، ثانيا ، لأننا سوف نتموضع في براديغم "الضغط اللين" (Courpasson، 1997) . لقد انتقلت الادارة في التعليم في الحقيقة من الأفعال البيروقراطية الموحدة إلى الاقتراب من الذاتية ، و من الالتزام و تدعيم مراقبة النزاهة و مراقبة القدرات والمسؤوليات المشتركة . إن تطوير الاستقلالية ( تحت جميع أشكالها من مرونة و مسؤولية و تعاون ) ، لكن أيضا الرقابة ( تقديم الحسابات و ليس فقط المصادقة و الامتثال لقاعدة ) ينتج نوعا من الاستقلالية ( الحكم الذاتي ) في الارتهان أو الاعتماد المتبادل l’interdépendance(Chatzis، منير، Veltz وZarifian 1999 رينو، 1997) ، والتي في العمق تغير قواعد اللعب و العلاقات إزاء الحرفة ، مكتسبة في ذات الوقت استقلالية مقيدة و مبادرة ملحة . وفي هذا الصدد ، فإن مراجع الكفايات المنظمة للتكوينات الأولية والمستمرة للمعلمين في معظم البلدان تتداخل فيما يعود للفئات التالية :
- الفعل : تصرف و كفاءة على الانخراط في التنقيب المستمر من أجل تحقيق أفضل للأهداف المنشودة من قبل النظام التربوي .
- التعقل : تصرف و كفاءة لدراسة وتحليل ممارساتنا بطريقة ( نقدية ) النقد الذاتي .
- الاستقلالية : تصرف و كفاءة لاتخاذ مبادرات من أجل التنظيم الذاتي autoorganiser وتقرير المصير .
- الشبكات : تصرف و كفاءة على التواصل ، والتعاون ، وتقديم الحساب للعمل المنجز (فرديا وجماعيا) .
لقد لقيت هذه الاتجاهات دعما من خلال نتائج الدراسات المقارنة الدولية مثل PISA و TIMSS . أنواع العجز الذي كشفته هذه الدراسات أثار بسرعة جدلا واسع النطاق على نجاعة نظم التعليم . على الرغم من أنه يبقى أن نرى ما إذا كان هذا النقاش سيساهم حقا ، في نهاية المطاف ، على تحسين جودة التعليم ، فإن لديه فضيلة في تقوية الحوار الدائر حول الانصاف ودمقرطة التعليم و ، امتداداته ، أي حول مهننة حرف التربية و تنمية التنظيمات المدرسية .
في نفس الوقت ، تبين الدراسات عن المؤسسات (Altrichter وبوتش، 2000؛ Thurler، 2000، هارجريفز، 2004) أن الأبعاد الداخلية - تنظيم العمل المدرسي ، و التعاون المهني ، والقدرة على تصميم وتنفيذ المشاريع ، و ظهور قيادة من اجل التغيير ، والمناخ السائد ، والعلاقات العاطفية والاستعداد لتحمل المخاطر – كل هذه الأشياء تؤثر تأثيرا كبيرا على فعالية الفرد والجماعة بدل التوجيهيات والمتطلبات الصادرة من النظام . شريطة أن الممارسين الذين يشتغلون بصددها يرون أنفسهم كأعضاء يعملون في " منظمات تعلمية " قادرة على إدراك و حل المشاكل الموجودة ، و تحليل أثر الاجراءات المتخذة ، و إقامة ، عند نهاية سيرورة ما ، مستخلص كتاب « للدروس المستفادة » (بروبست، Raub وRomhardt 2000 Thurler، 2005)، مع إبراز وتحديد التجارب و الخبرات "الحرجة " المتعلقة بجوانب معينة من العمل الذي ينبغي أولا منحه اهتماما خاصا .
ومن المهم بشكل خاص أن يسعوا بجميع الوسائل إلى فهم كيف يمكن للثقافة ، وللمناخ ، و للبنية ، و لعلاقات القوة و السلطة بداخل المؤسسة تسهم في تعزيز أو منع تغيير الممارسات ، و أن إرادة التغيير تأتي من الخارج أو الداخل . هذه الأبعاد المختلفة تؤسس مجموعة من الصور النموذجية ، والتي تساهم في جعل المدارس أكثر أو أقل ابتكارية ، أو مدارس محافظة على خلاف ذلك . هذه الصور أو التكوينات لا تعمل مباشرة ، ولكنها تعمل في صمت وراء نوع من التناسق و العلاقة المرتبطة بالنظام التعليمي التي بناها الفاعلون ، معا أو بشكل منفصل . فأي تغيير مقترح بقوة يؤدي بشكل قاطع بالجهات الفاعلة إلى الانخراط في نقاشات غير رسمية ، وأحيانا يؤدي إلى المواجهة الحقيقية . إن نتائج المناقشات والمفاوضة ليست ابدا امرا مفروغا منه ، كما أنه لا يمكننا التنبؤ بالمقاس الذي ستقوم بداخله التوجهات الجماعية من تعديلات لتمثلات وممارسات كل واحد . ( Thurler، 2004).
الاعلان عن الاستقلالية النسبية للمؤسسات و الفاعلين الذين يشكلون جزءا منها و مواكبة هذه العملية و دعمها باستمرار بتحليل ملزم للممارسة يمكن فعلا ، في نهاية المطاف ، أن يقوي البيروقراطية إذا كان هؤلاء الفاعلين لا يفهمون معنى هذه التدابير و لا يطورون المهارات الضرورية للتعامل مع المعضلات الجديدة التي يخلقونها . لأن التجربة تبين أن العديد من المهنيين يعيشون بعنف خاص الجدلية الحاصلة بين انواع المنطق المختلف للفعل أو العمل المذكور أعلاه . فعدم إمكانية احترام بالحرف التعليمات أحيانا غير واقعية او متناقضة يشجعهم على الحفاظ على الوضع الراهن statu quo ، في حين أن الأخذ بعين الاعتبار للعمل الحقيقي ، اليومي ، يؤدي إلى مسارين ربما متكاملين : من جهة ، فهو يقتضي تغيير قواعد اللعبة ، وتطوير طرق جديدة في التصور للتدريس وتحديد الأولويات في المؤسسات التعليمية ؛ و من جهة أخرى ، يجابه المهنيين بوضعهم أمام الرهانات والقضايا والنزاعات الهوياتية التي لا يمكن حلها إلا بالانضمام و التمسك بالنموذج الانعكاسي / التعقلي .