ملتقى السماعلة
مرحبا بك بيننا زائرنا الكريم، تفضل بالانضمام الينا
https://smaala.forumactif.com/


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى السماعلة
مرحبا بك بيننا زائرنا الكريم، تفضل بالانضمام الينا
https://smaala.forumactif.com/
ملتقى السماعلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ننهي إلى علم الجميع أن الإشهار خارج عن سيطرة الإدارة
اسالكم الله أن تدعوا بالنصر لأهلنا في غزة

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

منبـر لمـن لا منبـر لـه . رقم 5 المنهـاج الدراسي .. بين التنقيح و التجريب . مبشور محمد

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

مبشور

مبشور
كبير مشرفي القسم التربوي
كبير مشرفي القسم التربوي

المنهـاج الدراسي بين التنقيـح و التجريب


أغتنم هذه الفرصة للتحدث قليلا عن " المشروع المنقح للمنهاج الدراسي "  الخاص بالسنوات الأربع الاولى للتعليم الابتدائي المثبت في الموقع الالكتروني للوزارة ، المحور الذي يخص التعلمات الأساسية .  بدءا من الآن ، سيخضع هذا البرنامج الدراسي للتجريب في الأقسام الابتدائية اللأولى أي الدخول المدرسي الحالي و سيكون تعميمه رسميا في الدخول المدرسي المقبل لسنة 2016 .   تبدو مكونات هذا البرنامج الدراسي تقريبا شبه عادية و مألوفة لدى البعض مع بعض التجديدات و التغييرات الهيكلية المهمة التي ألحقت به و كذا الحدوفات و التنقيحات في الشكل و المضمون  الأمر الذي أكسبه قيمة مضافة يجب التحقق منها ميدانيا ، علما أن هذا التجريب  لن يشمل سوى %  10  من المدارس المنتقاة حسب كل اكاديمية على حدة إن صح القول . بالطبع ، ستطرح عدة  تساؤلات عند باقي المؤسسات الأخرى غير المشاركة في  هذه العملية .

في هذا السياق ، لا بد من ذكر أن " الميثاق الوطني " للتربية و التعليم  كان و لا يزال هو المنطلق و المرجعية  لسلسلة من الاصلاحات المهمة و التجديدات التربوية  متوخيا  استكمال بقية الأوراش المفتوحة التي لم تر النور . كما أن للمجلس الأعلى للتعليم  إسهاماته في بلورة رؤية استراتيجية بعيدة المدى في هذا الشأن ( 2015 – 2030 ) . و بناء على هذه المعطيات ، تم إحداث " مشروع " منقح للمنهاج الدراسي يضفي دلالات جديدة على وظائف المدرسة و عمل المدرس(ة) كما جاء في تقديم الوثيقة . و نحن نرى أنه  تغيير مهم جدا قام على تحيين مختلف مكونات المنهاج الدراسي ، عمل يستحق كل التشجيع و التقدير  .  

الهدف من التجريب هو القيام فقط ببعض التصويبات اللازمة و الممكنة لتجويد البرنامج و تفادي بعض الصعوبات و الاخطاء المحتملة في المستويات المستهدفة حصريا ( المستويات 1 و2 و 3 و4 ) .  المطلوب  فعله الآن هو أجرأة هذه البرامج و إقحام بعض التدخلات التربوية و البيداغوجية التي تمس الممارسة في الصميم  و مواجهة التحديات المعقودة على الاصلاح الجديد لبلوغ الأهداف التربوية المنتظرة مع بذل أقصى المجهودات و التضحيات  . و أيضا يامل البرنامج تعميق بعض بنود الاصلاح المذكورة في الميثاق كتعزيز اللغات الأجنبية على سبيل المثال ، و الدفع بالتنشئة الاجتماعية نحو الآفاق و انفتاح المؤسسة على المحيط  و الاهتمام بالرياضيات و العلوم ..

باختصار ، يكاد يحس المتتبع بأن هناك فعلا أرادة سياسية حقيقية للاصلاح و أن " تخفيفا " ما قد حصل ؟!   رغم أن 34 أسبوعا في السنة لم يطرأ عليها اي تغيير ..  فالقصد كان بالأولى تخفيفا على مستوى الكيف أي تدبير زمن التعلمات بحيث أصبح عدد " الوحدات الديداكتيكية " في المستويات الأربعة الأولى للتعليم الابتدائي  هو فقط  6 وحدات في العربية و الفرنسية بدل 9 وحدات كما كان في السابق . من الأكيد ان مثل هذا التغيير او التخفيف يمكن اعتباره نقطة  إيجابية إلى حد ما ، هو نوع من إعادة الانتشار فقط لأسابيع السنة وفقا لعدة اعتبارات و اجتهادات و مطالب قامت بها السلطات الادارية و القوى الحية  بما أن 6 وحدات في السنة يمكن تدبيرها بشكل معقول و بسهولة و فعالية  أثناء مزاولة مهنة التدريس .
و أيضا ، لا يجب ان ننسى ان الوحدات الديداكتيكية (6) المقترحة – في الاقسام الابتدائية الستة –  لم يتم اختيارها بطريقة عشوائية فحسب ، و إنما تبعا للنمو السيكولوجي الطبيعي للمتعلم  و كذلك ضرورات الحياة العامة للتنشئة الاجتماعية فنجد مثلا في :

- السنة الأولى (1 ) المحيط  المباشر : ( الأسرة – المدرسة – الملابس و الوقاية الصحية – الحي و القرية – المحيط – الالعاب )
- السنة الثانية (2) المحيط المباشر و المحلي : ( العائلة – الحياة المدرسية – الأطعمة و الصحة – المدينة / القرية  )
- السنة الثالثة (3) المحيط المحلي و الجهوي : ( عالم الأصدقاء – الحياة التضامنية – الوقاية ضد الأخطار – المهن و الحرف )
- السنة الرابعة (4) المحيط الجهوي و الوطني : ( الحضارة المغربية – الحياة الثقافية و الفنية – الترفية – الفلاحة و الصناعة و التجارة -  الغابة – السياحة )

 يمكن القول جزافا أن البرامج الدراسية المخففة أو المنقحة هاته هي برامج افتراضية قابلة للتنزيل حيثما وجدت هنالك إرادة حقيقية وعمل دؤوب و تواصل مثمر بين جميع الأطراف . و الملاحظ أن العناوين التي تصدرت التوزيعات السنوية  لكل البرامج ليست دروسا بل يجب تحضيرها و تنقيحها إن امكن حسب الحاجة و الظرفية . ثم من المؤكد ان التجريب ذي المصداقية يمكن ان يسهم في تسليط الضوء على بعض نقط القوة و الضعف و سد الثغرات المحتملة لكي تغدو هذه العملية الاصلاحية جاهزة و مقبولة في نهاية المطاف و يتم المصادقة عليها مباشرة في شهر يونيو (2016 )  . سيكون الأمر مختلفا تماما بسبب هذه الشراكة النسبية غير المنتظرة  الملقاة على عاتق بعض المدرسات و المدرسين ، وهذه مسؤولية كبيرة من الممكن ان يسهم فيها حتى الجميع إذا كان ممكنا .

كيفما كان الحال ، لإحداث الفارق النوعي المطلوب و الذهاب بعيدا بمنظومة الاصلاح – رغم الصعوبات و الاشكالات المطروحة –  و العمل على إنجاحه في هذه الظرفية الخاصة ، فلا بأس من فتح باب الحوار و المناقشة بصدد بعض المفاهيم البيداغوجية الأساسية  التي مازالت عالقة غير مستقرة كبيداغوجية الادماج و علاقتها مع الكفايات ، و الأوراش المفتوحة كمشروع المؤسسة الذي لم ينطلق بعد و هو الآن في مفترق الطرق إن لم نقل في تنافسية مشبوهة و غير معلنة مع البرنامج الجديد . بتعبير آخر ، ألا يمكن اعتبار البرنامج الدراسي " الجديد " نوعا من مشروع المؤسسة ؟ إذا كان الجواب بالنفي ، فكيف يمكن التوفيق بين المشروعين إذن ؟ أتمنى أن  تكون هذه الورقة مدخلا متواضعا لإثارة مثل هذه القضايا الحساسة تجعل من الممارسات و الممارسين يبدون وجهات نظرهم في الموضوع  :

- مبادئ المقاربة البيداغوجية وفق مدخل الكفايات : لا تزال « الكفايات » جاثمة على صدورنا و هي في الحقيقة  كمثل حكاية " الخيمياء " لـ بولو كيولو : (  ذلك الراعي الصغير الذي سافر من بلاد الاندلس متجها نحو اهرامات الفراعنة باحثا عن « الكنز» .. )  . من الصعب جدا العثور على الكنز إلا بعدما نؤمن أولا بوجود هذا " الكنز " على مستوى الاعتقاد   .. ثم يحدث تواصل في بذل المجهودات و قراءة الأحداث و تأويل الرموز التي سوف نجدها لا محالة في طريقنا نحو الكنز.. أو.. الحلم  . تماما نفس الحلم الذي يسعى إليه الخيميائي لما يريد تحويل الحديد إلى معدن نفيس  كالذهب ؟؟ و بلغتنا العارفة : الدروس كفايات . يجب المزيد من التوضيح و الحفر في هذا المفهوم المتعلق بالتدريس وفق مدخل الكفايات ، لكن الباب مفتوح لكل نموذج بيداغوجي مفتوح و متجدد راكمته المدرسة الوطنية المغربية من ممارسات تربوية عديدة و متنوعة تتجه نحو الانتاجية و الارتقاء بالمتعلم(ة) حسب المواصفات المطلوبة . بالاضافة إلى المضامين المعرفية التي نتقنها ، بالطبع توجد هناك مهارات و قيم و مواقف .. لماذا لا نهتم إلا بالفعل المعرفي تحديدا ؟ و نسقط باقي الأفعال المهمة الاخرى؟  و في هذا الباب ، لقد تمت صياغة « كفاية » في نهاية كل مستوى دارسي بالنسبة لكل مادة دراسية . فلا يكفي التركيز فقط على المضامين  لأنه يوجد هنالك ملمح المتعلم (ة) و مواصفاته في نهاية سلك التعليم .. مواصفات عامة مرتبطة بالقيم و الكفايات و المضامين و المقاييس الاجتماعية . إن مفاهيم الوضعية / المسألة ، و العائق ، و التعقيد ، و الموبلة ، و الادماج ، و التقويم التكويني ، و معايير و مؤشرات الجودة و الاتقان .. كل هذه المفاهيم تصب في هذا الاتجاه أي نحو إنماء الكفايات . من الصعب تصور التدريس العام ( وليس التكوين المهني ) بدون كفايات فإن هذه الاخيرة تعتبر صمام  أمان و رمز كل جودة و فعالية . السؤال المطروح هو كيف الوصول إلى الكفايات : الفهم ، و التحليل ، و التركيب ، و الحجاج ، و النقد ، و البحث ،الخ .  عكس بلجيكا التي تنهج أسلوب الادماج الذي عرف تجربة سيئة في مدارسنا ، لدى فرنسا تقنية مختلفة بعض الشيء يمكن الأخذ بها و الاستئناس بها  : 1) التعلم في السياق – 2)  التعلم مع هدم السياق  – 3) التعلم في سياقات جديدة . يرتكز هذا الأسلوب الفرنسي  بقوة على البيداغوجية الفارقية نظرا لنجاعتها و خصوبتها  التنظيرية و أيضا بسبب امتلاك البلد القوة المادية و البشرية و العلمية .


- إرساء الموارد : هي نقطة البداية  أو ما يسمى عرفا بالدروس . و لعل استبدال التسمية هنا يوجد ما يبرره ، إذ أن الموارد عكس الدروس تشمل عالم الطفل داخليا و خارجيا . أما الدروس المعتادة فإنها تكتفي بل ترتكز حصريا و بصفة عامة على اتباع الخطوات الميتودلوجية المقترحة في المقررات الدراسية. هذا أمر مطلوب لا شك فيه لكنه غير كاف . فإذا كنا غير قادرين في نهاية حصة درس ما على تقويم التعلمات بشكل عقلاني و صريح و ذلك لعدة اعتبارات و أسباب موضوعية و ذاتية و احيانا إدارية صرفة ، و ان هذه الدروس لا ترقى إلى مصاف النضج و الاكتمال لهذه الأسباب ؛ فإنه آن الأوان لتبني نهج جديد يقطع مع مفهوم الدرس كوحدة ديداكتيكية معيارية أي التخلي نهائيا عن بيداغوجية الأهداف .  يتحدث محمد الدريج عن التعليم « الهادف » ، ذلك التعليم الذي يفضي في نهاية المطاف إلى منتوجات ذات مواصفات محددة و مؤشرات معروفة . فإذا كان المثل الشائع يقول : ( جميع الطرق تؤدي إلى روما )  هو كلام مقبول على أي حال ، فإن جميع الدروس لا تؤدي حتما إلى الكفاية و التجربة شاهدة على ذلك . و السبب في ذلك يرجع للكفايات التي تحتل مكانة الأهداف دون ربط مفهوم الهدف بتصور « تقني » تجزيئي للعملية التربوية . لذا فإن التخطيط المحكم و الاستراتيجية الواضحة تفرضان نفسهما بقوة ، هنا ،  لإحداث الفارق . لصياغة أو أجرأة الكفايات ، يجب اتباع الخطوات التالية :

- 1)- مجموع الاجراءات الخاصة : تنتج المهارة
- 2)- مجموع المهارات المدمجة  : تنتج القدرة
- 3)- مجموع القدرات المدمجة  : تنتج الكفاية
- 4)- مجموع الكفايات المدمجة المرتبطة بتكوين الشخصية : تنتج التكيف مع الحياة .

 هذه الترسيمة توضح مدى تسلسل منطق الكفايات و الهدف الذي تنشده بدون لبس أو غموض : التكيف مع الحياة. للتلقين / أو التبليغ جانب مهم في هذه العملية لا يجب نكرانه بأي حال من الأحوال . باختصار ، الكفاية حسب الدريج هي إمكانية غير مرئية ، لكنها تتضمن انجازات / و أداءات . الدرس ، هنا ، ما هو إلا تعلة و ما خفي هو أكبر . المهم في النهاية هو أن يكون التلميذ قادرا على حل وضعية معقدة نسبيا ما و متفردة تماما للتيقن انه حقا استفاد من تعلمه . لكن عامل الزمن أحيانا كان يقف في وجه التعلم فتنعدم الكفاية بعد سقوط الارساء. أظن أن الجميع متفق على أن زمن التعلم هو العائق و على هذا الأساس ، و اعتمادا على « الوحدة الديداكتيكية » في البرمجة الجديدة للتعلمات ، لقد تم تخصيص :

 ست (6) وحدات ديداكتيكية في كل سنة من السنوات الأربعة ( 1 و2 و3 و4 ) عربية و فرنسية
 الغلاف الزمني للوحدة الديداكتيكية هو 5 أسابيع ( 4 أسابيع للتعلم  الفعلي + 1 أسبوع للتقويم و الدعم )
 تنتظم السنة الدراسية في أسدوسين
 مدة كل أسدوس سبعة عشر أسبوعا ( 17 ) من الدراسة الفعلية
 المدة الزمنية للحصة الواحدة لا تقل عن 1 ساعة ( 55 دقيقة )



البيداغوجية المفترضة : البيداغوجية فن وعلم .  نصيب الفن فيها يغطي مساحة كبيرة جدا مقابل الممارسات البيداغوجية المبنية على قواعد علمية و ميدانية معترف بها عالميا . و نقصد بالذكر البيداغوجية الصريحة التي تطبق الآن في أمريكا الشمالية و كندا . اولا يجب أن نعترف بعدم وجود نظرية بيداغوجية في الموضوع و أن كل ما هنالك هو فقط مقاربات و تقنيات أكثر أقل تحكما في قوانين التعلم .  و مع ذلك في هذا الميدان ، كممارسين ، لا بد من إيجاد  طريقة ما تجعل المتعلم بوجه عام ، و الطفل على الاخص ، في قلب الاهتمام و التفكير و الفعل خلال العملية التربوية التكوينية مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الطفل المغربي . كيف الوصول إلى ذلك ؟  أي خطة يجب اتباعها تكون مدروسة و معلنة باتفاق الجميع .. ما هي الأساليب و التقنيات التي من شأنها مساعدتنا في تحقيق ما نصبو إليه ؟ في واقع الامر، يجب أن ننظر إلى الكفايات  كمحطات نهائية ، شاملة و مدمجة للمعارف و لمختلف مجالات الشخصية. بلغة العصر نقول : الاستثمار .

- البيداغوجية البنائية : جان بياجي هو الأب الروحي للبنائية غير أنه لم يكن مربيا و لا بيداغوجيا . لقد كانت اهتماماته منصبة بالأساس على الذات الابيستيمية ، من هنا كانت الصعوبات في تطبيق قوانينه السيكولوجية على باقي أطفال العالم . أما الفرد ، عكس ذلك ، المتجذر في التاريخ و المتفاعل مع المحيط أو المجتمع الذي يتبادل معه التأثير( تحديد منطقة القرب من النمو على حد تعبير فيكوتسكي الروسي) فهو شخص قادر على بناء تعلماته  . هذه الرؤية الجديدة  ما كانت  معروفة  في سويسرا بسبب الحرب الباردة القائمة انذاك . أما الرؤية السوسيوبنائية فإنها تنظر إلى القسم كأنه عبارة عن « مجتمع » حي يزخر بالتفاعلات و التجاذبات  لكن هذا « المجتمع » غير طبيعي .. الذي لم يتجاوب بسهولة مع هذه الرؤية (السوسيوبنائية ) و بالتالي بدأت تفقد شيئا فشيئا بريقها في الآونة الأخيرة بسبب طابعها الفلسفي الوجودي الذي لا يقدر عليه بتاتا الطفل .

و في هذا السياق ، فقط للاشارة، من الصعوبة بمكان أن يبني التلميذ (ة)  تعلماته في بداية تقديم الدرس( !) على أساس «الوضعيات» المفترضة في الكراسة . كيف يمكن أن يبني مفاهيمه و تعلماته لوحده أو مع أقرانه كأن يستبق مثلا في طرح الفرضيات أو القيام بالتخمينات أو مجرد تقديم أسئلة استكشافية تدور حول رهانات الموضوع و معنى التعلمات .  و الحق يقال أن مثل هذه القدرات غير متوفرة حتى مع التلاميذ المتفوقين بالاحرى مع الضعاف بسبب قلة الخبرة و التداريب .. و.. ، و مع ذلك نستمر في تقديم مثل هذه الوضعيات التحفيزية (!) في بداية كل حصة : لكن الأستاذ (ة) هو من يجيب في أغلب الاحيان عن الأسئلة التي يطرحها و يضع النقط الحسنة . من الممكن فعلا للبيداغوجية البنائية ان تقدم لنا الحل لو التزمنا بشروطها الصعبة ، لو طورنا أساليب و تقنيات أخرى تضمن الحد الادنى من التعلمات الاساسية المطلوبة بطرق واستراتيجيات مختلفة عما نفعله .  


- بيداغوجية المحتويات : أو أساليب التلقين و الالقاء و نقل المعرفة .. هذا أمر مفروغ منه . لكن إعادة النظر في مفهوم « التلقين » هو أساسي لمواكبة التغيير و بالأخص في البرامج الدراسية الجديدة و المنقحة التي أفردت حصصا زمنية مهمة لارساء الوحدة الديداكتيكية (  25 يوم / 30 يوم ) . هذا لا يعني أبدا أن التلقين يجب أن يستمر طول هذه المدة .. أهداف مضمرة و منهاج متنافر و استهداف الكم . عندما لا يترك التلقين هامشا من الحرية و المبادرة و نقد الذات و تأهيل الشخصية و التحفيز و حل المشكلات، فإنه لا يصبح ترويضا فحسب بل يسهم في تنمية شخصية غير سوية تكون خطرا على المجتمع .  بالاضافة إلى ذلك ، من الضروري محاربة ما يسمى بـ « الثقل المعرفي الزائد » الآتي من هذه البيداغوجية نفسها والذي لا يخدم بل يعيق عملية التعلم و ينسفها من الأساس ؛  فلا يعرف المتعلم (ة) كيفية معالجة هذا الكم الهائل من المعارف و المعلومات التي تنزل عليه من حيث لا يدري و بلا توقف . و لهذه الأسباب لا نجد معنى للتقويم المعمول به ( مسار ) المبني هكذا على احتساب اعتباطي لمعدلات المواد التعلمية ، كما ان أغلبية المدرسات و المدرسين يشتكون من معضلتين كبيرتين تقف في وجه التلاميذ وهما : عدم « الفهم » و قلة « التذكر» و النتائج المترتبة عن  ذلك من عدم نقل و تحويل التعلمات في سياقات أخرى .! و هذا هو الأهم .

- بيداغوجية الوضعيات : تنص الوثيقة على مبدإ اعتماد المداخل البيداغوجية الثلاث للمنهاج : - مدخل القيم ؛ - مدخل التربية على الاختيار ؛ -  مدخل الكفايات . يتم التركيز في مدخل الكفايات على إعطاء معنى للتعلمات و إضفاء النجاعة و الفعالية على الممارسة التعليمية التعلمية و الاهتمام بحاجات المتعلم (ة) . و للمزيد من التوضيح ، إعطاء معنى للتعلمات يعني إذن اعتماد وضعيات و مهمات مركبة و دالة يتفاعل معها الطفل بكل تلقائية . هل هذا ممكن ؟  كيف ؟ و متى ؟ لنتعرف على الوضعية .

- خصائص الوضعيات – المشكلة :
1) – تنتظم الوضعية - المشكلة حول تجاوز العائق ( طبيعة العائق )
2) – ينتظم العمل حول وضعية ملموسة ، تسمح فعلا للتلميذ (ة) بصياغة فرضياته و تكهناته .
3) – ينظر التلاميذ إلى الوضعية التي اقترحت عليهم كلغز حقيقي يجب حله ؛ يكونون قادرين على الاستثمار: وهذا شرط  لكي يحصل نقل الوصاية la dévolution /المشكلة أصبحت « قضيتهم »
4) – لا يمتلك التلاميذ ، في البداية ، وسائل الحل المبحوث عنه ، بسبب وجود العائق الذي يجب تجاوزه للوصول إليه . إن الحاجة إلى الحل هي التي تدفع التلميذ إلى إعداد او امتلاك جماعيا الوسائل العقلية التي ستصبح ضرورية لبناء الوضعية .
5) – يجب أن تتسم الوضعية بمقاومة كافية لكي يستثمر التلميذ(ة) من خلالها معارفه السابقة و كذلك تصوراته ، بالشكل الذي يؤدي إلى مساءلة هذه المعارف و إيجاد أفكار جديدة .
6) – لا يجب أن يكون الحل مع ذلك صعب المنال من قبل التلاميذ . الوضعية - المشكلة ليس وضعية ذات طابع إشكالي . يجب على النشاط ان يقام في منطقة القرب من النمو ، مناسب للتحدي العقلي المراد مواجهته و استبطان « قواعد اللعبة »
7) – استباق النتائج و التعبير الجماعي عنه يحدث قبل البحث الفعلي عن الحل ، « المخاطرة » من طرف كل تلميذ (ة) هي جزء من « اللعبة »
Cool – العمل بالوضعية - المشكلة يتم هكذا حسب اسلوب الحوار العلمي داخل القسم ، محفزين الصراعات السوسيومعرفية المحتملة .
9) – المصادقة على الحل و تصحيحه لا يقدمه المدرس (ة) من الخارج ، و لكن ينبع من أسلوب التشكل البنائي للوضعية نفسها .
10)- إعادة الفحص و المعاينة للمسلك المتبع هو فرصة للرجوع التعقلي ، ذو طابع ميتامعرفي ( ما وراء المعرفة ) ؛ يساعد التلاميذ في تحديد الاستراتيجيات التي استخدموها بطريقة استكشافية ، و تحويلها إلى إجراءات مستقرة ، جاهزة و مهيأة للوضعيات – المشكلة الجديدة .

على ما يبدو من الصعب جدا ، للوهلة الأولى ، الانطلاق من الوضعيات – المشكلة في بداية " الدرس" لأن ليس هناك دروس بمعنى الكلمة و إنما سلسلة من الاجراءات الخاصة تنمو و تتطور إلى أن تصل إلى مرحلة من النضج . ثم  تأتي الوضعيات- المشكلة لتلعب دور التجنيد و الرقابة والاستثمار . أما  الاغراءات التحفيزية و التعليمات الرسمية التي تنادي بأهمية اتباع خطوات الوضعية في بداية كل درس فإنه من الممكن ان تكون وضعيات بدون « مشكلة » لتسهيل مأمورية التلاميذ..  كتقديم أمثلة بسيطة و التمرن عليها و تخزينها في الذاكرة و استدعائها بكل مرونة و يسر .. و هذا ما تسعى إليه البيداغوجية الصريحة في المقام الأول .  



- البيداغوجية الصريحة explicite :  ( أو التعليم المباشر ) يريد تحقيق المهام التالية ( او الاجابة عن هذه الأسئلة ): ماذا أفعل؟ أين ؟ متى ؟ لماذا أٌقوم بذلك ؟ كيف يتم ذلك ؟ ترتكز البيداغوجية  الصريحة  على التعليمات المباشرة بلا غموض . تنطلق من البسيط إلى المعقد و تستخدم ميكانيزمات التكرار و المراجعة قصد استهداف الذاكرة البعيدة المدى و تخزين المعلومات و ضمان بقائها و تطورها إلى كفايات او خبرات ميدانية في نهاية مسار التعلم :

- تعليمات ممنهجة
- تقديم منظم للمعارف
- تصحيح الأخطاء من طرف المدرس
- اللجوء إلى التكرار
- استدعاء الذاكرة
- تنمية و تطوير الميكانيزمات التلقائية
- التعرف و التحكم في أكبر عدد من الأفعال و الاحداث
- التمارين

إنها بيداغوجية طموحة و جذابة . منهجيتها متقدمة جدا مقارنة مع الطرق التعليمية المعروفة سابقا لأنها تتوخى الملاءمة و التوفيق بين  حدين  يبدوان متعارضين غير قابلين للدمج : المضامين الضرورية بجبروتها من جهة ، و الكفايات الأساسية بتعقيداتها من جهة اخرى . كما أنها تولي اهتماما متميزا بكيفية تدبير المادة التعلمية وفق أحسن الأساليب المتطورة علميا ( العلوم المعرفية ) و كذلك تدبير الفصل تنظيما على مستوى الفرد و الجماعة .. كل هذا لا يخلو من التشويق و الاعجاب .  في هذا السياق ، يظل التشبت والالتصاق  بـ " مشروع المؤسسة " هو الأفضل و الحل الامثل لتفادي سوء تدبير التعلمات اثناء تنزيل المقرارت و البرامج الدراسية و جوانب أخرى أكثر حساسية و خطورة كـ : استقلالية المؤسسة و التدبير عبر النتائج و الاهتمام بالحياة المدرسية و الدورات التدريبية في البيداغوجية و ديداكتيك المواد و تقنيات التنشيط و استغلال التكنولوجية الحديثة ،الخ . نتمنى أن نكون صادقين مع أنفسنا لاعادة ترتيب البيت الداخلي من جديد على أسس متينة من المحبة والتعاون و الرقي و الاضطلاع بالرسالة .

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى